الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجرم حرب يموت

محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)

2021 / 10 / 28
القضية الفلسطينية


مجرم حرب آخر يموت.. هكذا دون محاكمة ودون إدانة.. مجرم حرب وقاتل أطفال ونساء وشيوخ ، يموت حتف أنفه، لو كنّا نعيش زمناً نظيفاً غير هذا الزمن، لكان هذا المجرم، ربما، أكمل سنوات عمره الطويلة (94) في زنزانة تليق به وبأمثاله، بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية. نعم.. مات "بن تسيون كوهين"، أحد قادة حركة الإرغون وأحد الذين شاركوا في ارتكاب مجزرة دير ياسين، الذي قال ذات مرة: "لو أمكن القيام بثلاث أو أربع مجازر أخرى مثل دير ياسين لما بقي عربي واحد في البلاد".
ولد بن تسيون كوهين في القدس في العام 1927، وكان والداه، يوسف وحنّة، من بين أوائل المهاجرين في البلاد من منطقة القوقاز. درس في أفضل مدارس القدس ثم تطوع في العام 1942 للعمل في سلك الشرطة المحلية الخاصة بحماية المستوطنات اليهودية، ثم ليلتحق بعد ذلك، في العام 1943، بالجيش البريطاني كمقاتل، خلال الحرب العالمية الثانية، في وحدة كوماندوز تابعة للبحرية البريطانية في ساحات إيطاليا ومالطا، ونشط أثناء خدمته في الترويج للأدبيات الصهيونية، التي حصل عليها من الوكالة اليهودية، بين الصهاينة اليهود في إيطاليا.
انضم كوهين إلى منظمة الإرغون في العام 1946، بعد اناء خدمته إبان الحرب، فارك في القتالي ض القوات البريطانية مستخدماً اسماً مستعاراً "جيورا" وارتقى إلى رتبة قائد سريّة في منطقة القدس وشارك في معظم المعارك في المدينة ومنها معارك شعفاط ومليحة بالإضافة إلى اقتحام البلدة القديمة وجبل صهيون وحي "يمين موشيه" الذي يطل على البلدة القديمة، ومع اقتراب موعد انتهاء الانتداب البريطاني قاد كوهين في التاسع من نيسان- أبريل هجوماً على قرية دير ياسين، غربي مدينة القدس، مع قوة من مقاتلي الإرغون، وعناصر من حركة ليحي، وأسفر الهجوم حسب بعض التقديرات عن مقتل حوالي 100 مدني فلسطين بينهم نساء وأطفال وشيوخ.
يروي كوهين، في شهادته المكتوبة الموجودة في أرشيف معهد جابوتنسكي، عن الاستعدادات للمعركة، والتي تضمنت مناقشة مع أعضاء عصابة الإرغون وليحي (المعروفة أيضاً باسم عصابة شتيرن) بشأن مصير سكان دير ياسين، فيقول: "كان ثمة خلافات في الرأي بخصوص السجناء والنساء وكبار السن والأطفال، غير أن أغلبية الآراء أجمعت على ضرورة القضاء على جميع الرجال في القرية وعلى أي قوة معارضة أخرى، سواء كانوا من كبار السن أو النساء أو الأطفال".. ثم يتابع: "يمكننا، وفقاً لهذه الآراء، رؤية الرغبة القوية في الانتقام بعد أن ضربنا العدو".. ويتابع كوهين شهادته فيشرح كيف أمر جنوده بإلقاء القنابل اليدوية وفتح نيران الأسلحة الآلية الرشاشة، قبل دخول منازل القرية، ولعل هذا التكتيك كان هو السبب في حصول عدد كبير من القتلى من النساء والأطفالـ بالإضافة إلى المقاتلين العرب المسلحين، ويضيف بأن جنوده تقدموا باتجاه القرية زحفاً على بطونهم، قبل أن تبدأ الكلاب، فجأةً، بالنباح، ليتلو ذلك صراخ بين السكان.
بعد أن أصيب كوهين برصاصة في ركبتيه، أمر "بخلع القفازات"، كما يقول في مقابلة في فيلم "ولد في دير ياسين" من إخراج نيتا شوشاني. ويتابع كوهين القول بأنه أصدر تعليماته بالقول:" لا أريد أحد حيّاً، لا امرأة ولا رجل، لا تبقوا على أحد، فجروا ما استطعتم من المباني على من فيها، بعد أن تطلقوا عليه مباشرة بعد التفجير، سوف تجدوهم هنام مصدومين، أطلقوا النار في جميع الاتجاهات يميناً ويساراً". وعندما أصيب أحد رجاله، اعتقل كوهين سبعة فلسطينيين وأمرهم بنقل الجندي الجريح على حمّاله، لضمان عدم إصابة أحد من المهاجمين بنيران القناصة العرب. علماً أنه كان قد أعطى أوامر سابقة بـ "التعامل" مع السجناء الذين يحاولن الفرار.
كما يذكر في شهادته المكتوبة قصصاً عن المقاتلين العرب الذين قتلهم، فيقول:" رأيت رجلاً عربياً يرتدي زياً عسكرياً يقنص رجالنا. أخذت بندقية من أحد الجنود الذي يقف بجانبي. كانت المسافة بيني وبين القناص حوالي 30 متراً. لم يلاحظني. وجهت سلاحي نحوه، نحو رأسه، بمنتهى الدقة، وهوووب.. أرديته من الطلقة الأولى فمات من فوره. فجاء عربي آخر لسحبه، فعاجلته برصاصة في صدره فخر قرب زميله. لقد قضينا على كل عربي وقف في طريقنا في تلك المرحلة، خشية أن تتطور المعركة في صفوفنا الخلفية".
يتحدث كوهين، مع نيتا شوشاني، عن التأثير الكبير للقتال في دير ياسين على العرب في جميع أنحاء البلاد، وبدأ هروب العرب. وكيف فرّوا من حيفا، ويافا، من كل مكان. كل ذلك بسبب الخوف من أن يحصل لهم ما حصل في دير ياسين". ويتابع " لو قمنا بثلاث أو أربع عمليات مثل دير ياسين في ذلك الوقت، لما بقي أي عربي في البلاد. ما رأيك في وجد هذا العددي من اللاجئين في لبنان والأردن وسوريا؟ من السبب في ذلك؟ هناك يهودي واحد يستطيع أن يقول أنه كان السبب وراء كل هذا.. ثم يضيف" كنتُ أنا القائد في دير ياسين".
ويقول كوهين قبيل وفاته: " سوف يبقى رأسي مرفوعاً عالياً، حتى يومنا هذا، وأعترف بأنني كنت عضواً في الحركة السرية وتمكنت من طرد البريطانيين، وهزمت النازيين والعرب".
انخرط كوهين، بعد تفكيك الإرغون وحلّها في العام 1948، في العمل على تشجيع الهجرة اليهودية، وترأس دائرة الهجرة في الوكالة اليهودية في تركيا، ثم خدم في جهاز الموساد، حيث شارك في جلب جماعات من اليهود المغاربة. كما عمل، لاحقاً، مشاريع لصالح شركة الدفاع رافائيل. وشارك في بناء ميناء كيشون في حيفا، وميناء حيفا وساهم في بناء الصناعة الكهروكيميائية في إسرائيل. كما كان مدير الصيانة لمرافق شركة الأسمدة والكيماويات التي أصبحت الآن جزءً من شركة الكيماويات الإسرائيلية.
تعتمد المادة على ما ورد في صحيفة هآرتس:
https://www.haaretz.com/israel-news/.premium-commander-of-deadly-1948-operation-at-deir-yassin-dies-at-94-1.10305564








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة