الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا صحة نفسية آمنة بدون توافق شخصي

الحسين المحجوبي

2021 / 10 / 28
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


إن فهم الإنسان والتواصل معه وبناء علاقة إيجابية معه أساسها الحوار والتواصل والتوافق، أمر لا يمكن أن يتم خارج دائرة فهم الجوانب المتحكمة في شخصيته. كالجانب الجسمي والجانب العقلي المتعلق بالتفكير والجانب الانفعالي المتعلق بالعواطف والأحاسيس والجانب الاجتماعي المتعلق بالعلاقات الاجتماعية. فهم هذه الجوانب أمر في غاية الأهمية، فهي تعكس شخصية الإنسان وطبعه ومزاجه، إنها أسوار تحيط بالشخص مشكلة عالم شخصيته في الأخير، فهذه الجوانب يؤثر بعضها في بعض، فالجانب الجسمي يؤثر في الجانب العقلي، وهذا الأخير يؤثر في الجانب العاطفي، والجانب العاطفي يؤثر في الجانب الاجتماعي وهكذا دواليك. فالشخص إذن، هو حصيلة تفاعل كل هذه الجوانب والمكونات سلبا كانت أو إيجابا، وأي خلل فيها يجعل الإنسان يعيش اضطرابا نفسيا، الأمر الذي يجعل الناس يصدرون أحكام مسبقة عن شخصية المضطرب، من قبيل فلان قلق، متوتر، غريب الأطوار، حزين، عصبي...إلخ.
إن الاستقرار النفسي هو الذي يؤدي إلى صحة نفسية آمنة، وغيابه يؤدي إلى اعتلالها، فيصاب الإنسان بالاضطراب، والإنسان المضطرب نفسيا، في تقديرنا الشخصي هو إنسان لم يستطع تحقيق التوافق والانسجام بينه وبين ذاته، ولا تحقيق التوافق الاجتماعي، أقصد التعامل مع الآخرين والتفاعل معهم، ولا تحقيق التوافق المهني، أقصد علاقته بعمله أو مهنته وتمسكه بها من عدمه. وعدم تحقيق هذه التوافقات، تجعل المضطرب نفسيا يشعر بعدم الراحة واللاستقرار واللاطمئنان، يصاحبه شعور سيء يتمثل في الضجر والقلق والتعاسة والملل والمعاناة... فتكون النتيجة للأسف، شقاء الذات وتعاسة الآخرين الذين يتعامل معهم في محيطه (الأسرة مثلا). هذا من جهة، ومن جهة أخرى قد يكون الاضطراب النفسي نتيجة المواقف التي يمر بها الإنسان في دروب هذه الحياة، كالخلافات الأسرية، أو الأزمات الاقتصادية أو الحرمات من تلبية الحاجات العضوية كالجنس مثلا...إلخ.
كل هذه الأسباب وغيرها كثير يحاول الشخص الذي لا يعيش توافقا شخصيا، التحايل عليها ومحاولة الظهور بمظهر الإنسان السوي/العادي/الطبيعي، لكن، أين يكمن المشكل؟ وهل يملك القدرة على الصمود أمام الهزات النفسية التي يتعرض لها؟ أكيد الجواب سيكون لا، لأن كثرة الشكاوى التي تصدر عنه وتصريفه لكبته بطريقة غير سوية، لأنه عاجز عن توجيه طاقته بشكل إيجابي هو ما يكشف عن الاضطراب الذي يعيشه، وعن عدم التوافق والانسجام بين الجوانب الشخصية التي تحدثنا عنها سلفا، وهو أيضا ما يسمح لنا بتكوين أحكام عن نمط شخصيته، فعندما ننعت شخصا بالقلق أو المتوتر فلأننا لا حظنا تبدلا على مستوى سلوكه، وعندما نسأله عن سبب ذلك، فهو غالبا ما يتحايل علينا ببعض الإجابات التي لا علاقة لها بأصل المشكل. بل ما يزيد من حدة تفاقمه، في نظرنا هو غياب ثقافة البوح وامتلاك الشجاعة على الاعتراف به، الأمر الذي يزيد من هوته وربما قد يؤدي إلى نتائج عكسية غير مرغوب فيها، هذا الكلام له ما يبرره في الواقع، فمثلا الانسان الذي يعاني من حرمان جنسي نتيجة خلاف مع زوجته أو العكس، غالبا ما يتم تحوير ونقل هذا الصراع الجنسي إلى مستويات لا علاقة لها به، كالصراع على نظافة المنزل أو الأكل، أو تربية الأبناء... وبالتالي يتم تصريف هذا الحرمان بطريقة سلبية قد تكون لها نتائج عكسية على الأبناء أو الأسرة ككل، فتكون النتيجة للأسف كما سبقت الإشارة إلى ذلك سلفا، شقاء الذات وتعاسة الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف