الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسونامي القرداحي: انحسار المد العروبي

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 10 / 28
الصحافة والاعلام



زلزلت تصريحات وزير الإعلام اللبناني الجديد السيد جورج قرداحي المشهد الإقليمي، المتداعي أصلاً، بفعل ما سًمّيت بـ"ثورات الربيع العربي"، التي خلخلت البنى التقليدية العربية الكلاسيكسية بشقيها الجمهوري الاستعرابي العسكري الديكتاتوري الاستخباراتي التي تحكمها جوقات مغامرة من المستعربين، فيما أبقت على "عروش العائلات" الملكية والأميرية والسلطانية، في الشق العربي، دون أن تمسها بأي أذى والتي تسيطر عليها عائلات وقبائل عربية أصيلة من سكان جزيرة العرب الأقحاح، وتسببت تصريحاته بتداعيات ارتدادية تسونامية عميقة أحدثت موجات عائية في مستنقع العلاقات، المتوترة أصلاً، بين العرب والمستعربين وأدت لأزمة دبلوماسية خانقة بين تكتل إقليمي وازن، هو مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وبين ما باتت تعرف بـ"دويلة" الطوائف والعشائر والسلالات وأمراء الحروب، أو ما كانت تـُعرف سابقاً بـ"سويسرا الشرق"ـ أو لبنان الأخضر وما شابه من تنميق زاه يعكس الحالة المتقدمة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً التي وصل إليه هذا البلد في أوج صعود وتمكن المارونية السياسية وقبل أن يتحول البلد لاحقاً، ومع صعود الخمينية السياسية، إقليمياً، إلى شبه إمارة إسلامية تديرها عمائم قم وطهران بالوكالة الحصرية والتفويض الإلهي المقدس.
وكل ما فعله الوزير المسكين، هو أن أدلى بدلوه، وأبدى رأيه، بقضية "مركزية" جديدة (الحمد لله بات عند العرب والمستعربين عشرات القضايا المركزية يقضون أوقاتهم السعيدة بها)، وباتت هذه القضية تشغل وتهجس العرب والمستعربين معاً، بتداخلاتها وتشعباتها، وامتداداتها الخمينية، وتشكل محاور واستقطابات وتحالفات، ألا وهي قضية الحرب في اليمن، أو على اليمن، والبعد "الحوثي" (الإيراني)، فيها، وما يشكله من صداع وحساسة لـ"العرب" الأقحاح، فيما تتباين مواقف المستعربين منها، بين مع، وضد، وواقف على الحياد، تماماً ككل قضاياهم "المركزية" التي باتت بالعشرات والحمد والشكر لله، وهي موضع، تناحر، وتخندق، وتراشق لفظي، وتخوين بين هذا وذاك.
ولا تهم كثيراً تصريحات الوزير اللبناني، كما أسلفنا، وليست بجديدة، عليه، فقد أدلى بمثلها سابقاً، فيما يخص سوريا، وما يجري في هذا البلد، منذ عشر سنوات، بخطاب، وموقف، لا يتفق، ولا يتسق، مع موقف "عرب" الجزيرة، أولياء نعمته السابقين، في مجموعة mbc) ) الإعلامية، المملوكة لأمراء سعوديين، حيث ولدت وتألقت وتشكـّلت نجوميته و"أثرى" فيها، ومنها، وقفز بسببها، بعد ذلك، ونط إلى المركب السيلسي، قدر ما يغازل، ويحابي جبهة وشطراً من "المستعربين"، ومن في حكمهم من موالي و"أشياع" إيران، الذين وقفوا، ودعموا موضوع توزيره، وصعوده السياسي، واستمد منهم زخم وقوة هذا التصريح، بما يشبه نوعاً من العرفان، ورد الجميل.
لبنان الرسمي، أي عون، وميقاتي، الذي يعرف البئر، وغطاءه، طبعاً، سارع على الفور، للترقيع والتنصل لاحتواء الزلزال الإعلامي، وهو الأدرى بالبنية والتركيبة السياسية للحكومة و"العهد" الحالي، الذي لا "يهش" و "لا ينش" أمام سطوة وزهوة العمائم، ويدرك تماماً أن "الغلطة بكفرة"، وهو العارف بموازين القوى على الأرض، والتي لا تميل أبداً لصالح "العرب"، ولكن لا بد من الحفاظ على "شعرة معاوية"، واستدراك ما يمكن استدراكه، من مسلسل الانهيار الجاري في العلاقات بين العرب والمستعربين، والذي لا يمكن وقفه-أي الانهيار- ومنع حدوثه، ولكن يمكن تأخيره بعض الشيء، والحد من أثاره وارتداداته على مستويات أخرى.
لا يخفى على أحد، ها هنا، المرجعية والحضور الإيراني "الفارسي" (العجمي) القوي بدل العربي، إن في التصريحات، أو في القضية "الحوثية" وتغولها يمنياً وسيطرتها، وتضمينات كل ذلك في الموجة القرداحية، التي ربما كانت "مطلوبة" (كثمن سياسي يتوجب عليه دفعه وتقديم أوراق اعتماده بعد طلاقه البائن مع عرب الجزيرة)، أو مقصودة من خلاله لإحراج وإهانة آخرين، ،وكل ما يعنيه ذلك من انهيار للبعد القومي والعروبي، فهكذا تصريحات، وعلى هذا المستوى متحدياً ومستفزاً بها لمحور إقليمي وضارباً به، وفي هذا الوقت الدقيق والحساس، والتي تعبر بالمحصلة عن تموضع لبنان الحالي، وتخندقه واصطفافه رسمياً على لسان وزير إعلام مفوض، لا تأتي عادة من فراغ، وليست جهلاً أو مصادفة، ولا بريئة على الإطلاق.
ستمر عاصفة التصريحات القرداحية، كما مرّت سابقاتها، من عواصف وزلازل بركانية وإعلامية طغت في زمن ما وسطعت في سماء المنطقة، لتؤكد على شيء واحد ووحيد، وهو أن الانقسامات والافتراقات والخلافات حيال جميع قضايا المنطقة، والإقليم، حادة وعميقة جداً، وتعكس حسابات المصالح الخاصة، وتحالفات كل فريق، قبل، وأكثر مما تولي أي اهتمام واعتبار لما كانوا يسمونه بـ"المصلحة"، و"الشأن القومي"، فحين تحضر المصلحة في السياسة، يسقط كل بعد إيديولوجي.
وسلامتكم يارب من فيروس المصالح والإيديولوجيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعلم الكبيرررر
شكيب ابو سالم ( 2021 / 10 / 28 - 19:35 )
معللللللللم حرووف من ذهب...

اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب