الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفوض بيبي 1969(ايتوري سكولا): الوجه الناعم المزيف للسلطة

بلال سمير الصدّر

2021 / 10 / 30
الادب والفن


هو التعاون الأول بين ايتوري سكولا والممثل الايطالي أوغو توغنازي،وهذا الأنتقال أو التحول من فيتوريو غاسمان إلى أوغوتو توغنازي يشكل نقلة نوعية في الشكل الفيلمي الذي سوف يقيمه سكولا لاحقا،فالفيلم بحد ذاته هو انتقال من كوميديا سطحية رخيصة الى لهجة اكثر حرفية واكثر شعرية واكثر تعبيرا عن روح المخرج بحد ذاته.
وهذا لايعني انتهاء التعاون بين فيتوريو غاسمان والمخرج ايتوري سكولا،بل سيحققان فيلما هو من أكبر واهم أفلام ايتوري سكولا على الاطلاق:نحن نحب بعضنا البعض ولهذا حكاية أخرى سنسردها لاحقا.
يبدا الفيلم تقريبا من خلال تعريف المفوض بيبي للمدينته الصغيرة:
مدينة هادئة مكرسة للعمل والعائلة فيها خمسة وعشرون مصنعا بين الكبير والصغير...في بعض الاحيان هناك احتجاجات صغيرة،ولكن لاشيء يذكر في ازعاج الأوامر العامة....نسمع خطب نارية واحتجاجات مدوية وبعض التصفيق ومن ثم تعود الحياة كما كانت من قبل...
الاسياد يبقو هم الاسياد والعمال يبقو هم العمال....
ويتابع المفوض(أوغو توغنازي):مدينتنا كاثوليكية فيها كنائس بعضها كبير وبعضها صغير...أنها المدينة التي تصنع اشارة الصليب(المقصود اشارة الصلاة المسيحية)...يظهر فجأة عامل مسن:
اعمل اعمل...يا اللعنة انهم يقبضون عليك فقط من اجل ان يجعلو منك تعمل كالكلب...
هل هو فيلم عن السلطة...هل بيبي هو وجه السلطة...؟
هو فيلم عن السلطة التي تفضح نفسها،عن الفساد السلطوي المتواري خلف سلطة أقل شانا وقوة منه
)...مشاغب فوضوي مجنون يكتب على مؤخرة دراجته النارية:Parigiهناك (
في حال حصول حادث أنا دائما على حق....
إذا هل هو صراع بين الفوضوية والسلطة...بين العنصر الاجتماعي المحتج وسلطة كبت العواطف؟!
الفوضوي بحد ذاته معبر عن شكل العصر،عن الحالة الاجتماعية السياسية لواقع عام 1969
انه عام 1969 والامور ليست جيدة....
الأكواخ تنهار والفلل تنمو....(تآكل الطبقة الوسطى)
الفاتيكان لم يدفعو الضرائب ولكن انت تفعل ذلك،والأسقف يشتري مرسيدس للاسراع الى مقصورته
أولاد عام 1949 قاموا بواجب الخدمة العسكرية وحصلوا على الاهتياج...مساكين
ويتابع الفوضوي:نحن في عام 1969 وكل شيء مقرف ولكن في عام 1970 ستسوء الأمور أكثر
هذه السلطة،هي سلطة الاعتراض والتعبير المتاحة في ذلك العصر،حتى ضمن الشكل الفيلمي ف(باريجي) يمثل السلطة الرابعة ايضا،أو صوت الاحتجاج السلمي الذي لايلتفت اليه أحد...
يتجه الفيلم الى موضوع أكثر ضيقا،واكثر تمحورا حول قضية بعينها حين يبدأ بيبي بالتحقيق عن فيلا )Zaccarin Villaمشبوهة تدعى(
التي تعمل في الدعارة لتقود التحقيقات الغير معقدة الى شبكة كاملة من الدعارة يقودها صفوة المجتمع أو كما يدعوهم بيبي (الرجال المحترمين في المجتمع)،منهم حتى الكنيسة نفسها،ومن خارج هذا التيار الواقعي ذو العلاقة الواضحة بالسياسة،تبرز المشكلة الجنسية كمحرك اساسي للمجتمع برمته،فكل طبقات المجتمع تفكر في شيء واحد وتسقط مهزومة أمام الشهوة الجنسية ومكبوتاتها،وحتى الهموم الاجتماعية الكبرى لاتستطيع ان تخلص الانسان من الرغية...من التحرك صوب رحم الرغبة،ولكن،من الممكن ان نصلي صلاة سريعة قبل هذا التحرك(الواعي) تعبيرا عن طلب المغفرة والشعور بالندم قبل ان نقوم بالفعل نفسه...
بيبي ذو سلطة مطلقة على نفسه،تتحرك رغباته وشهواته نحو الخيال...نحو تمثيل المشهد من دون ان تخرج من قوقعة الكبت،فالسلطة مقياس للقانون،مقياس أن تبقى رغبة قتل (باريجي) بطريقة همجية ضمن الخيال فقط....
تطلب منه السلطة نفسها التوقف عن تحقيقاته...فماذا سيحدث؟
هل سيثور بيبي على السلطة التي هو أحد اعمدتها...هل سيثور على فساد مجتمعه...؟
لن تكون النهاية مثالية،فبيبي يستسلم بسرعة،ويفضا ان لايخوض في افكار ثورية مثالية تحلق بالسحاب،فهو يفضل-كما يقول-أن تكون نهايته في جزيرة معزولة مليئة بالمسرات.
نهاية الفيلم ليست سلبية على الاطلاق،فبيبي هو العنصر الأوسط غير المتلاقي مع فساد المجتمع وفساد السلطة....هو الوجه الناعم المزيف للسلطة
وحين تكشر الفوضوية عن انيابها وعن غاياتها بتحقيق التساوي والتعادل بينها وبين الفئات التي تعتبرها منحطة أو دنيئة،يبقى لها ذلك ا|لأثر الملموس في الوعي الاجتماعي...
الفوضوية تخطر بيبي أن عشيقته السرية منذ خمس سنوات (ماتيلدا) ليست الا طرفا غير مباشر في شبكة الدعارة التي طالت المجتمع برمته...
ماتيلدا تعمل في مجال الدعارة
ان كان الموضوع تقليدي وتمت معالجته باكثر من طريقة،إلا ان الفيلم جيد ويستحق المشاهدة

3/9/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتبره تشهيرا خبيثا.. ترمب غاضب من فيلم سينمائي عنه


.. أعمال لكبار الأدباء العالميين.. هذه الروايات اتهم يوسف زيدان




.. الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت في مهرجان -كان- بفستان بـ-ألو


.. مهرجان كان 2024 : لقاء مع تالين أبو حنّا، الشخصية الرئيسية ف




.. مهرجان كان السينمائي: تصفيق حار لفيلم -المتدرب- الذي يتناول