الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي في المشرق العربي .. نشأته وتمويله , فصائله , آيديولوجياته , نجاحاته , أخطائه وسلبياته .....!!!!!

زياد عبد الفتاح الاسدي

2021 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الاسلام السياسي في المشرق العربي
نشأته وتمويله , فصائله , آيديولوجياته , نجاحاته , أخطائه وسلبياته .....!!!!!
في البداية اود ان الفت انتبهاه القراء الاعزاء بأنني تطرقت في سنوات سابقة لهذا الموضوع .. ولكن نظراً للمُستجدات والاحداث التي شهدتها المنطقة ولا سيما في السنوات الاخيرة ودور مُختلف فصائل وتنظيمات الاسلام السياسي في هذه الاحداث فقد رأيت أن أتطرق من جديد لهذا الموضوع على نحوٍ أوسع وأكثر شمولاً وبرؤية أكثر واقعية .
الجزء الاول :
التاريخ والنشأة :
تشكلت التنظيمات الاسلامية المُبكرة في المشرق العربي (قبل ظهورها على المسرح السياسي) خارج اطار المؤسسات الدينية الشرعية ... حيث تزامنت البدايات الاولى لنشأة هذه التنظيمات مع خضوع دول العالم الثالث لهيمنة الرأسمالية الصناعية الغربية مع دخولها مرحلة الامبريالية (الاستعمار والتوسع والهيمنة) بما يشمل بلدان العالم العربي والمشرق العربي على وجه التحديد (مصر وبلاد الشام ) .. وهنا يعود تفسير ظاهرة الاسلام السياسي ونشوء التيارات و الاحزاب الاسلامية خارج اطار المؤسسات الدينية في أهم أسبابها الى ما يلي :
1 . سيطرة وتأثير الاقتصاد والثقافة الغربية على التحولات الثقافية والاجتماعية والطبقية في العالم العربي ولا سيما في سنوات مابعدا الحرب العالمية الاولى وما سببه ذلك من تراجع للدور الذي يمكن أن تلعبه الثقافة والتراث الاسلامي في التطور الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات العربية والاسلامية الحديثة .
2 . ولكن في أسباب أخرى يُفسر بعض الباحثين ظهور الحركات والاحزاب الاسلامية على أنها رد فعل للتجزئة المُفرطة التي تعرض لها العالم العربي من قبل الغرب (ولا سيما في مشرقه) مع اندحار إمبراطورية الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى ثم الهزيمة التي لحقت بجيوش الدول العربية الخاضعة للهيمنة الاستعمارية في حرب فلسطين عام 1948.
3 . ومن جهة اخرى فقد فسر بعض الاكاديميين والباحثين ظاهرة التمدد والانتشار التنظيمي للحركة الاخوانية وغيرها من قوى الاسلام السياسي وخاصة حزب التحرير الاسلامي على أنها محاولة لاعادة نظام الخلافة الاسلامية الذي تميز بتوحيد العرب والمسلمين تحت راية الاسلام وما حققته دولة الخلافة عبر مراحل التاريخ الاسلامي المبكر من انتصارات وفتوحات وأمجاد .
4 . ومن جهة أخرى فقد ربط بعض الباحثين الظهور القوي لقوى الاسلام السياسي (وهذا ربما من أهم الاسباب) بسلسلة الضربات والهزائم والانتكاسات التي تعرضت لها احزاب اليسار القومي والماركسي والانظمة القومية وفصائل حركة التحرر الوطني في المشرق العربي ( وتحديداً المقاومة الفلسطينية) , وذلك بدءاً من هزيمة حزيران عام 1967 ومروراً بأحداث أيلول 1970 وسقوط النظام القومي الاشتراكي في مصر بوفاة الرئيس عبد الناصر , ليتلوها إخفاقات حرب اكتوبر 1973, ثم إندلاع الحرب الاهلية اللبنانية عام 1975 وتورط حركة المقاومة الفلسطينية بقيادة عرفات في هذه الحرب الاهلية والطائفية المُدمرة , وما تلاها من دخول الجيش السوري الى لبنان عام 1976 وتورطه في الصراع الدموي المُسلح ليس فقط في بداية الحرب مع المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية بل حتى مع مختلف القوى اليمينية المُسلحة وعلى رأسها الكتائب والقوات اللبنانية ولسنوات عديدة حتى انتهاء هذه الحرب عام 1990 .. وقد تخلل هذه الحرب كما نعلم الاقتحام الاسرائيلي لجنوب لبنان وحصار بيروت عام 1982 .. ثم رحيل الآلاف من نخبة المقاتلين في حركة فتح والمقاومة الفلسطينية عن لبنان وحدود المواجهة مع الكيان الصهيوني بين عامي 1982 و1983 .. حيث قام حينها ياسر عرفات باتخاذ قرار الترحيل وتنفيذه .. لتتلقى بذلك المقاومة الفلسطينية وحركة التحرر الوطني العربية ضربة وهزيمة قاسية لم تتعافى منها الى يومنا هذا .... وكان لهذا التراجع والانكسار حسب راي العديد من الباحثين ومراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية سبباً في تراجع شعبية التيار القومي والاشتراكي الذي سيطر على الساحة السياسية واستحوذ على ولاء الجماهير ولا سيما في العقود الاولى التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ... ولهذا التفسير على أية حال ما يُؤكده ويدعمه في تلك الفترة بعد أن فقدت الشعوب العربية وتحديداً في المشرق العربي ثقتها بحركة التحرر العربية والفلسطينية , وكذلك بقوى اليسار وبالانظمة القومية والاشتراكية الممسكة بزمام السلطة في كلٍ من مصر وسوريا والعراق .. حيث ظهر في تلك الفترة في أوساط الشارع العربي المُتدين الاعتقاد السائد بأن الابتعاد عن الدين ورفع راية الاسلام كان السبب الرئيسي في الانكسار والتراجع والهزائم التي شهدها المشرق العربي .. وهذا ما أفسح المجال حينها للاحزاب والتيارات الاسلامية العربية للنمو والانتشار السريع .
الدعم والتمويل :
يجب أن لا يغيب عن أذهاننا أن تنظيمات وأحزاب الاسلام السياسي ومنذ بداية انتشار الحركة الاخوانية قد تلقت الكثير من الدعم والتمويل ولا سيما في خمسينات القرن الماضي وبشكلٍ رئيسي من السعودية ودول حلف بغداد (ايران والعراق وتركيا وباكستان) وذلك بعلم وتوجيه الاستعمار البريطاني .. كما أن التيارات الاسلامية بمجملها (الاخوان ومُختلف المنظمات السلفية والجهادية) تلقت منذ الحرب الافغانية ضد الاتحاد السوفييتي في ثمانينات القرن الماضي وخلال وبعد حرب الخليج (1990-1991) الكثير من الدعم والتمويل من قبل الانظمة الخليجية بعلم الغرب وتشجيعه وذلك بغية توجيه هذه الجماعات بفكرها الديني لمحاربة واضعاف احزاب اليسار القومي والماركسي والاطاحة بالانظمة القومية العربية كما حدث في مصر خلال فترة حكم عبد الناصر وكما حدث في العراق بسقوط حكم البعث القومي وكما حدث ولم يزل يحدث حالياً في سوريا .
فصائل الاسلام وتاريخ تأسيسها :
من المهم جداً في هذا الاطار الاشارة الى أن تأسيس جماعة الاخوان المسلمين في مصر من قبل الشيخ حسن البنا عام 1928 قد شكل البدايات الاولى لنشوء وظهور التنظيمات الاسلامية على الساحة السياسية في المشرق العربي .. حيث شكل ظهور الحركة الاخوانية في مصر المنبع لمعظم حركات الاسلام السياسي المتعاقبة والتي ظهرت على المسرح السياسي بمراحل زمنية متلاحقة .... ويمكننا القول أن جميع العوامل التي ساهمت بظهور وانتشار تنظيمات الاسلام السياسي بما فيها التمويل , قد ساهمت أيضاً بشكل أو بآخر وبمراحل متفاوتة في ظهور وانتشار هذا التنظيم أو ذاك من التنظيمات الاسلامية المعاصرة :
1 . في مصر : بعد عقود من الزمن على ظهور وتأسيس الحركة الاخوانية عام 1928 .. تأسست في مصر ما عُرف بالجماعة الاسلامية عام 1972
2 . في سوريا وفلسطين ولبنان : تأسست جماعة الاخوان المسلمين في سوريا كامتداد للتنظيم الاساسي في مصر عام 1945 بقيادة مصطفى السباعي . وتبع ذلك تأسيس حزب التحرير الاسلامي في القدس عام 1953 .
وقد ظهرت الحركة الاسلامية في فلسطين المُحتلة منذ عام 1948 بقيادة الشيخ عبدالله نمر درويش عام 1971 والتي انقسمت عام 1995 الى جناح الشيخ رائد صلاح وجناح ابراهيم صرصور ... وتأسست حركة الجهاد الاسلامي في أوائل الثمانينات بقيادة الدكتور فتحي الشقاقي ليخلفه بعد ذلك الراحل رمضان شلح ثم أمينها العام الحالي زياد نخالة . أما حركة المقاومة الاسلامية (حماس) فقد تشكلت عام 1987 والتي كانت تُعتبر امتداداً طبيعياً لجماعة الاخوان المسلمين في مصر وساهم في تأسيسها كل من الشيخ احمد ياسين وابراهيم اليازوري وعبد العزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وغيرهم .
3 . في تونس : تأسست حركة النهضة الاسلامية التي تمثل تيار الاخوان المسلمين في تونس عام 1972 كأهم تنظيم اسلامي في تونس .
4 . في الاردن : تأسست جبهة العمل الاسلامي في الاردن عام 1992 في أعقاب حرب الخليج ..وكان تأثيرها في الحياة السياسية يتراوح بين القوي أحياناً والمحدود أحياناً اخرى .
5 . في العراق : ظهرت في العراق العديد من المُؤسسات الدينية والفقهية السنية وكذلك التابعة للمذهب الشيعي ولا سيما في النجف الاشرف .. أما أول أحزاب الاسلام السياسي فقد تأسست عام 1960 على أثر صدور قانون الأحزاب السياسية مع تاسيس الحزب الإسلامي العراقي الذي سرعان ما تم حظره من قبل عبد الكريم قاسم وبعد ذلك قيادة حزب البعث في العراق ... ولكن بعد عقود ظهرت على نحوٍ علني بعض الاحزاب الاسلامية بعد سقوط حكم الرئيس صدام حسين وكان من أهم هذه الاحزاب على الاطلاق حزب الدعوة الاسلامية الذي ينشط في إطار المذهب الشيعي عام 2003 . وفي نفس العام أسس قسم من الاخوان المسلمين في العراق واجهة سياسية باسم الحزب الإسلامي العراقي برئاسة الدكتور محسن عبد الحميد . ولكن من الهام جداً الاشارة الى تشكيل فصائل المقاومة الاسلامية المُسلحة التابعة للحشد الشعبي في العراق والتي تنشط أغلبيتها الساحقة في إطار المذهب الشيعي .. حيث تشكلت هذه الفصائل في معظمها عام 2014 بعد سيطرة تنظيم الدولة على محافظة نينوى واجزاء كبرى من العراق .. وقد تشكلت حينها بشكلٍ رئيسي من المتطوعين تحت قيادة وإشراف شيوخ الدين وقادة العشائر الشيعية في العراق .. حيث وصل تعداد هذه الفصائل الى ما يزيد عن ستين فصيلاً والتي تم تأسيسها وفق فتوى الجهاد الكفائي الذي أصدرته المرجعية الدينية لآية الله السيستاني في النجف الشرف عام 2014 .
ومن الجدير بالذكر في ختام تعداد فصائل السلام السياسي بوجود العديد من التنظيمات والاحزاب الاسلامية بالاضافة لما سبق والتي تاسست في فترات زمنية مُتفرقة بالاضافة , ولكن لا يتسع للاسف المجال لذكرها جميعاً .
في النهاية يمكننا القول أنه بعد مضي أكثر من ثمانية عقود على البدايات الاولى لظهور التنظيمات الاسلامية المعاصرة بعد تأسيس جماعة الاخوان المسلمين في مصر أن هذه التنظيمات قد نمت وتطورت وانقسمت الى اتجاهات فكرية وفقهية ومذهبية متعددة ومتباعدة وتبنت منهجيات مختلفة في العمل السياسي والاجتماعي واتجه بعضها نحو الراديكالية والتطرف وممارسة العنف والارهاب . واذا استعرضنا التصنيف الرئيسي لهذه الحركات والتنظيمات فسنجد في مقدمتها جماعات الاخوان المسلمين بتسمياتهم المختلفة وهي في معظمها جماعات اسلامية معارضة تسعى لتطبيق الشريعة الاسلامية وتنادي بالاصلاح السياسي والاجتماعي من منظور اسلامي ولها امتداد تنظيمي في بعض حركات المقاومة كحركة حماس في فلسطين وقوات الفجر في لبنان ... كما يشمل هذا التصنيف التيارات السلفية المختلفة والتي تتبنى المنهج السلفي الذي يدعو الى التمسك بسلف الامة الاسلامية من الرسول والصحابة والتابعين وفهم القرآن والسنة والاحاديث الصحيحة ورفض كل ما هو دخيل وغريب عن الاسلام وتعاليمه . ومن التيارات السلفية التي يصعب الفصل فيما بينها بالكامل السلفية الوهابية والسلفية الفقهية العلمية والسلفية الجهادية أوالتكفيرية وينطوي تحت هذه الاخيرة العديد من المنظمات الراديكالية والتكفيرية المتطرفة . ويشمل التصنيف أيضاً الحركات والتيارات الاصولية في الاسلام ومن أهم تنظيماتها حزب التحرير الاسلامي الذي يرفض الديمقراطية والرأسمالية الغربية وينادي باعادة انشاء دولة الخلافة الاسلامية كحل جذري لكل مشاكل الشعوب العربية والاسلامية . كما توجد أيضاً بالاضافة لما ذكرناه تنظيمات مقاومة اسلامية قد لا تندرج تحت أحد هذه التصنيفات الرئيسية كحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين وحزب الله في لبنان وفصائل الحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إخفاقات أكتوبر
طاهر مرزوق ( 2021 / 10 / 31 - 12:17 )
الأستاذ / زياد
بعد التحية والسلام,
مقال جيد يضع النقط على الحروف بالنسبة للإسلام السياسى الذى أشترك مع الأستعمار فى أستمرار تخلف الدول العربية وخاصة مصر وبلاد الشام حيث كانوا فى طليعة النهضة والتقدم.
أوردت فى المقال عبارة إخفاقات حرب أكتوبر 1973، لم أفهم المعنى المقصود خاصة ان المعلن الذى نقرأه ونسمعه يقول بأنه انتصار تاريخى، فما هى تلك الأخفاقات التى وقعت خاصة وقارئ مثلى لا يعرف عنها شئ؟ مع خالص الشكر


2 - جمال الدين الافغاني مؤسس الاصولية الاسلامية
منير كريم ( 2021 / 10 / 31 - 14:01 )
تحية للاستاذ الكاتب المحترم
مقال ممتع ومفيد . اسمح لي بان اضيف ملاحظة
يظن البعض ان جمال الدين الافغاني مصلح ومجدد او مطور للدين , الا ان مشروعه كان بعث الدين الاسلامي والحضارة الاسلامية لمجابهة الحضارة الغربية وهذا هو جوهر الاصولية كنظرية ماضوية معادية للحضارة الحديثة وقيم العصر . وقد انتقل هذا المشروع الى محمد عبدة ثم الى رشيد رضا استاذ حسن البنا وعلى يد البنا تجسد مشروع الافغاني بتنظيم اصولي هو تنظيم الاخوان المسلمين , وقد شدد سيد قطب على فكرة الحاكمية التي استعارها من ابي الاعلى المودودي
والمدرسة الديوباندية الاصولية في الهند
اما الاصولية الشيعية فهي ليست اكثر من تقليد للاصولية السنية بشكل شيعي اذ حلت ولاية الفقيه محل الحكمية الالهية
الفرع الثاني للاسلام السياسي هي السلفية ا(الوهابية) والتي تعود لابن تيمية
لا اختلاف جوهري بين السلفية والاصولية فهما متفقتان تماما بالاهادف ومختلفتان بالجزئيات
شكر لك


3 - فراغ منذ ظهر الاسلام
خلف البهات ( 2021 / 10 / 31 - 19:51 )
توقعت مقالا ينصف منطقة الشرق الاوسط بدلا من تبرير انهياراتها المتتالية فهي منطقة فارغة بسبب الاسلام ولم يكن مشروع ايزنهاور سوي وضع العنوان المناسب لها والذي برهن به الشرق الاوسط بتوجهات القوميين العرب وهزائمهم الفادحة ثم الاسلام السياسي بواسطة فلول كل الحركات السياسية بما فيها اليساريين علي صحة القول بالفراغ علي جميع المستويات.
خلف البهات

اخر الافلام

.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا


.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع




.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا


.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع




.. محتجون يحرقون مائدة فصح رمزية أمام منزل #نتنياهو #سوشال_سكاي