الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لابد أن نعتذر للكبير (شكسبير) 3

سامي عبد الحميد

2021 / 11 / 3
الادب والفن


3-3
ومن (تاجر البندقية) ناخذ الأمثلة التالية: "لا تنفري من سمرة اديمي، فإنها مسحة من جدار الشمس لي في مسقط رأسي، على انك لو جئتني بأبهى رجل من اهل هذه الأقاليم الشمالية التي لا تكاد اشعة النهار تذيب صقيعها لوافقته النصاد، واشهدتك من منا دمه اشد احمراراً؟"، "ان ابهج غلافٍ لظاهره يحتوي على اشنع شيء. هكذا تخدعنا زينات الناس في الغالب من الامر. أتوجد في القضاء دعوى سيئة لا يتولى الدفاع فيها منطيق مقنع يغطي معايبها بتأثير فصاحته؟ ايوجد في العقائد خطأ مهلك لايجهد احد المتنطسين العابسين ان يحلله بنصوص قاطعه ويخبئ ما به من السم تحت ازهار يزينه بها؟ و"جمال الرحمة ان تكون خياراً لا اضطراراً فهي كماء السماء ينهمل بالخير ويهطل باليمن عفواً ممن وهب، وبركة لمن كسب، فاذا كانت الرحمة عفواً صادراً عن مقدره فهنالك بهاء قدرتها وازدهار جلالها. اما تراها اذا تحلى بها الملك القائم كانت طاقته ازين من التاج وفي يده اقوى من صولجان الأمر والنهي".
لقد اخترت هذه الجمل البليغه من المسرحيات الأكثر تداولاً من غيرها في مسارح العالم. وبعد هذا ألم يكن (يان كوت) مصيباً عندما وضع عنوان (شكسبير معاصرنا) لكتابة الشهير حيث ان المضامين التي تطرق اليها الشاعر الكبير في تراجيدياته وكوميدياته تبقى حية في كل زمان ومكان؟ ثم الم يقع هذا المخرج او ذاك، في هذا البلد، وذاك في خطأ عندما يحتوي على نصوص مسرحياته فيقطعها اوصالاً ويحذف منها ما يشاء بادعاء خائب ان رؤيته اوحت له بذلك او انه يقرأ تلك النصوص قراءة جديدة.
أتذكر هنا ما قاله، يوماً من الأيام، الدكتور كمال نادر، وهو الباحث في ادب شكسبير، نعم ما قاله عنا نحن المخرجين المسرحيين العراقيين كوننا نمجد شكسبير ونعشق مسرحياته ولكن ما ان نتصدى لها حتى نطعنها طعناً وحشياً فنميت عبقريته وابداعه. وهذا ما فعلناه جميعاً بدرجة او أخرى، وبعلم او جهل، وعن قصد نزيه او قصد سيئ، ولذلك فلا بد لنا ان نعتذر له وهو الخالد في قبره في مدينته (سترارتفورد ايون ايفن).
هكذا فعل (صلاح القصب) حين وضع احداث مسرحية (هاملت) في بيئة افريقية او مكسيكية وعندما شطر بعض شخصياتها الى شطرين. وهكذا فعلت انا عندما وضعت المسرحية نفسها في بيئة بدوية عربية. وكلانا حذف من النص الشكسبيري ما حذف من مشاهد وجمل. وكذلك ما فعل (صلاح القصب) عندما قدم (ماكبث) في حدائق قسم الفنون المسرحية بدلاً من القلعة، واغتال (الملك دانكن) بحادث مروري وليس بخنجر ماكبث، وما فعلته انا مع المسرحية نفسها عندما قدمتها في كاتدرائية واقحمت في النص الأصلي مشاهد من مسرحيات أخرى لمؤلفين مختلفين تحمل ثيمات مشابهة. لعب (صلاح) لعبته مع (العاصفة) ولم يلتزم بمعطيات النص الشكسبيري وكذلك مع (الملك لير) حيث حذف منه مقاطع كثيرة مع ان العرض كان قد نجح نجاحاً باهراً.. ومثلما حرّف (صلاح) في (العاصفة) فقد حرفت انا الاخر في (انطوني وكليوباترا) حين وضعتها بين نصين مختلفين في عرض واحد هما (قيصر وكليوباترا) لبرناردشو و(مصرع كليوباترا) لاحمد شوقي، وكان آخر تجريف وتجريف لمسرح شكسبير قد حدث في مسرحية سميث (حصان الدم) لجبار جودي التي زعم انه اعدها عن (ماكبث) وهو في الحقيقة لم يفعل الا ان اختار عشوائياً مقاطع معينة من المسرحية بدون رابط مقنع وأضاف لها كلاماً من محتوياته.
واختتم ملاحظاتي هذه بكلمة للاديب الدكتور لويس عوض نشرها بعد مشاهدته لعرض إنكليزي لمسرحية (ماكبث) حيث يقول : ".. ولكي احض الناس حضاً على الاستمساك بحقهم في الانسحاب في صمت بين الفصول اذا كان ما يرونه او يسمعونه مصدر تعذيب لهم، فالادب والفن لم يخلقا ليكونا من أدوات التعذيب.. من اجل هذا انسحبت بعد مشاهدة الفصل الثالث من مأساة (ماكبث) العظيمة لشكسبير لان ما رأيته كان كافياً لاقناعي بأني رأيت عرضاً بالغاً في السوء لمسرحية بالغة في الروعة". وهكذا فإن الاعتذار من شكسبير وارد عندما تكون عروض مسرحياته سيئة او محّرفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي