الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال بحجم كارثة جسر الائمة

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2006 / 8 / 24
حقوق الانسان


تداخلت مواسم الفجيعة في ذاكرتنا وشاطرت ايامنا محافل الندب والعزاء وغدت مآسينا ملهاة لوكالات الانباء وفذلكات المحللين ومنظري الاخبار.
حتى اصبح الرثاء لطيورنا الراحلة الى السماء يوميا طقس بلا فجيعة لتكراره طقس لا يحرك مشاعر الذين يديرون العالم بوحشية.
في ذكرى جسر الائمة تحديدا والتي تعد الابرز من بين اكبر الكوارث الانسانية في تاريخ العراقيين عموما وتاريخ الشيعة منهم على وجه الخصوص،لا معنى لاستذكارها السنوي دون ان نعيد التساؤل الذي ظل معلقا من العام الماضي ومفاده :من المسؤول عما جرى؟ ولماذا جرى؟
لربما تشكل الاجابة الجدية والمخلصة لهذا السؤال اعادة اعتبار لملائكة الجسر الذين صعدوا للسماء قبل ان يبلغوا باب الحوائج في مواكب لا تنقطع من هجرات الموت والقتل والعنف الارهابي.
كان من الممكن ان يكون جسر الائمة رمزا وطنيا يربط الضفاف العراقية وتنوعاتها المذهبية، كان من الممكن ان يكون مسافة مشتركة لمدرستي الكاظم الثائر وأبي حنيفة الفقيه المتسامح، كان من الممكن ان يكون الجسر معبرا جديدا لتاريخ اخر يغاير تاريخ الاحقاد الطائفية وذكرياتها المؤلمة.
اصبح الجسر بدلا من ذلك مسرحا اخر لنكبة عراقية جديدة وجرحا مضافا من جراحات الشيعة.
ولذا فنحن لا نملك ذخيرة من كلمات العزاء او بطاقات المواساة لنقدمها لاهالي الضحايا دون اعادة السؤال ذاته وبوجع ومرارة اكبر تماهي كل الفواجع والنكبات ما قبل الجسر وما بعده سؤال يندمج مع صراخ الثكالى لافواج الارامل واليتامى ويتوحد مع نشيجهم ويشهد على وصاياهم الاخيرة بالاقتصاص من سدنة القتل الطائفي والتكفيري مجرمي هذا العصر .
لا يملك المثقف العراقي في مثل هذه المواسم واستذكارها غير سؤاله البريء والحيادي عن جدوى استمرار الجريمة لانه لا ينتمي لواحدة من طوائف القتل وعصابات الموت واحزاب الوجاهة والنفوذ المستمرة بأدوارها الاجرامية دون وازع او ضمير.
سؤال بحجم مأساة الجسر وحجم ما قرأناه من ثقافات وادب.
سؤال يلجم مشاريعنا الابداعية ويفقدها الجدوى والمعنى سؤال يبدد اسطورة (المثقف الجبان) واللامبالي ازاء جراحات شعبه وآلام امته واوجاعها.
سؤال لايهاب تربص القتلة وغدرهم ولايهاب سطوة الاحزاب الحاكمة ولايهاب الارادات الاجنبية واجندتها الغامضة والمتحولة
لايهاب الا تلك الارواح التي تحلق يوميا لسماوات مفتوحة لها على الدوام.
لايهاب الا التركة الثقيلة على ضمائرنا ومسؤوليتنا الثقافية اذا كنا ندرك فعلا حجم هذه التركة وطبيعة تلك المسؤولية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟