الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية السيطرة الإعلامية ودورها في حياة الشعوب

ضيا اسكندر

2021 / 10 / 31
الصحافة والاعلام


ممّا لا شك فيه أن الذي يملك الإعلام في هذا العصر، يعني أنه يحكم العالم فعلياً؛ ولا نبالغ حين نقول إن الامبراطوريات الإعلامية الكبرى، التي يسيطر اليهود على جميع مجالس إدارتها، لهي قادرة على الوصول بمنتجاتها ورسائلها وأفكارها إلى كل شخص في هذه الدنيا. فالأمر صار يتعلق بصناعة السياسات والتوجهات التي يتم طبخها سلفاً في غرف صناعة القرار، التي يهيمن عليها رجال الأعمال الكبار عبر امتلاكهم لوسائل الإعلام. والتي خُصّصت لها أكبر الميزانيات لإدراكهم مدى تأثير الإعلام على ذهنية المتلقّي وجعله عبداً مدمناً لما تروّجه من سلع وخدمات ونمط حياة. وكانت البداية في أمريكا؛ فكلنا يعلم هوليود وعالم السينما الذي اكتسح القارات الخمس، واللوبي الإعلامي الصهيوني ونفوذه السّامّ لدى أهم مراكز أبحاث رسم السياسات وصنع القرارات؛ حيث كان جانب الإبهار والتصوير الدعائي في السينما للأفكار الأمريكية والصهيونية الصريحة منها والمبطّنة. ثم جاءت «ديزنى» والشخصيات الكرتونية، لتتغلغل في أذهان الأطفال والأجيال الناشئة. وتسهم في نشر الثقافة الاستهلاكية التي تمجّد الأنظمة الرأسمالية وتهتك عرض خصومها.
ومن المعروف أن الكثير من دول العالم التي بدأت تشقّ طريقها نحو نادي الدول العظمى، لديها كنوز فنية من سينما وموسيقى وشعر.. وغيرها من الفنون ذات الشعبية الكبيرة. ومع ذلك، وبسبب ضحالة وتخلّف إعلامها، لم تتمكّن من المنافسة وإيصال تراثها إلى شعوب العالم. مَن منّا يعرف مثلاً عن النتاج الصيني لهذه الأنواع من الفنون؟ من المؤسف أن الصين التي تحتل الصدارة في العالم اقتصادياً، وحتى في ميادين كثيرة أخرى، لا تملك رغم كل تطورها وازدهارها من وسائل الإعلام الضخمة، ربما باستثناء وكالة أنباء "شينخوا". وهذا التقصير غير مبرر وغير مفهوم، ويجب ألّا يستمر.
ومَن منا لا يعلم أن أهمية الإعلام لا تكمن فقط في توصيفه للحدث، بل في صناعته أيضاً وبجدارة. والذي تجلّى بمنتهى الوضوح في العقدين الأخيرين؛ لا سيما فيما سُمِّي بوقائع الربيع العربي. من هنا أرى بأن «النضال الإعلامي» لا يقلُّ أهمية في هذا العصر عن باقي الأنشطة والنضالات الأخرى. وهذا ما فطنت إليه تاريخياً جميع الدول والأنظمة الاستبدادية، ومارست أبشع الأساليب لإسكات الصوت الآخر المناوئ لسياساتها وممارساتها. وعملت على تحجيمه وتشويهه بتلفيق شتى أنواع التهم الظالمة بحقه لإضعافه وتقليص نفوذه.
إن القوى المناهضة للعربدة الرأسمالية المتوحشة تتعزّز مكانتها على المسرح الدولي. وقد بتنا قاب قوسين من أفول القطبية الأمريكية الأحادية، وصولاً إلى عالم متعدد الأقطاب. ومن غير المقبول ولا المعقول، ألّا تتعاون هذه القوى على الصعيد الإعلامي كتعاونها الاستراتيجي في باقي المجالات الأخرى، لخلق امبراطورية إعلامية موازية، تتمكّن من خلالها من إشاعة منظومة القيم التي تُعنى بشأن الفرد وبحقوقه المشروعة.
وبتقديري أن السينما والتلفزيون وباقي المنابر الإعلامية الأخرى الحديثة؛ من فيسبوك وتويتر ويوتيوب وتيليغرام وغيرها.. يمكنها الإسهام في تعريف العالم بقضايا الإنسانية العادلة خير تعريف.
أخيراً، أورد المثال الإيجابي التالي على أهمية الإعلام ودوره في حياة الشعوب؛ ففي عام 1975 تم اغتيال المناضل معروف سعد، بينما كان يقود مظاهرة لصيّادي السمك في لبنان. وفي اليوم التالي كانت الكثير من الجدران في مناطق مختلفة من لبنان، كُتِبَ عليها «معروف سعد - z – ما زال حياً» تيمّناً بالفيلم الشهير للمخرج اليوناني الفذّ كوستا غافراس (z – ما زال حياً). وهذا مثال على مدى تأثير السينما وغيرها على الرأي العام. فقد غدا عنوان فيلم غافراس بمنزلة الشعار السياسي، استُخدِم في التظاهرات والاحتجاجات التي أعقبت اغتيال المناضل معروف سعد.
من هنا أقول إن مسلسلاً تلفزيونياً أو فيلماً سينمائياً يتحدث بصدق وحرفية عن قضية ما، ويُروَّج له إعلامياً، يمكن أن يكون تأثيره أهم من كل خطاباتنا وأبحاثنا ومقالاتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط