الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكارغيرمترابطة ..و لكنها مرتبطه (3)

محمد حسين يونس

2021 / 11 / 1
العولمة وتطورات العالم المعاصر


.
منذ طفولتي و علاقتي غير ودوده مع السلطة سواء كانت هذه السلطة والدى ، مس مارى المشرفة علي حضانة نوتردام ، الشيخ عباس مدرس العربي بمدرسة الإلهامية ، أحمد بك زكي ناظر مدرسة فاروق الاول ، د. كمال الدين سامح ،د. يحي عيد ، د. نصرى كامل أساتذة العمارة بهندسة عين شمس .
و عندما أصبحت مهندسا ، لم أتوقف عن مشاكسة رؤسائي ، ونقدهم بشدة و الشكوى من إسلوب عملهم
حتي في الكلية الحربية كنت طالبا غير سلس الإنقياد مع الصف ضباط الطلبة .. كذلك في مدرسة المهندسين العسكريين .. أو عملي بعد ذلك كضابط أو مهندس و إستشارى .. كنت لا أقبل دائما الفكر السائد .. و لا أتحرك مع القطيع ..و أبحث عن حلول خارج الصندوق .
لهذا التمرد و المشاكسة تاريخ طويل معي لم يتوقف أبدا .. غير من مسارات حياتي في أحيان كثيرة .. و خسرت بسبب السباحة عكس التيار .. كثير من الفرص التي سنحتة لأصبح .. واحدا من الحكام .. أو علي الأقل الأغنياء المتيسرين .
أنظر خلفي اليوم بعد أن بلغت من العمر أرذله .. و أجدني مقتنعا بما تم و جرى .. السبب في ذلك أنني عندما وعيت قليلا و بدأت أقرأ و أتعلم من الوسط الثقافي شديد الثراء الذى عاصرناه في ستينيات القرن الماضى ..كان سلامة موسي هو أستاذى .و كانت كلمات كتبه تحفر بذاكرتي بعمق بحيث لا تنسي .
من درر الأستاذ التي تركت بصماتها بشدة علي حياتي .. كان كتاب (( مشاعل الطريق للشباب )) حيث وجدت في الفصل السادس و العشرون تعبير (( السخط المقدس )) ..عندما قرأت ماذا قصد به الأستاذ عرفت أن .. مشاكساتي و عدم رضاى ليست عيبا يجب التخلص منه إنما هي دليل علي الحيوية والشباب .
فلنقرأ ما كتبه لنا الأستاذ سلامة :-
(( كنت أتحدث مع أحد الامريكيين فقلت له أننا أمة متسامحة .. و لكنه علي غير ما إنتظرت لم يمدح هذه الصفة التي كنت أعدها ميزتنا إذ قال (( إنكم تتسامحون أكثر مما يجب )) .
نعم نحن نسكت كثيرا و كان يجب أن نصرخ ساخطين لاعنين .. هذا السخط يجب أن نحسه حين نجد الفاقة السوداء و نعاني الجوع و نعيش في ظلام مع أن بلادنا غنية و لكنها مسلوبة
هذا السخط المقدس هو الذى يجب أن نحسه حين نجد الاستبداد يعلو و الحق ينخفض و يداس ..
إن علينا أن نحد من تسامحنا و أن نسخط علي أحوالنا التعسة و أن نرفض الفقر و المرض ما دمنا قادرين)).
وعيت هذا الحديث في عشرينيات عمرى و لازلت في ثمانينياته أتمثله .. فأنا علي الدوام غير راض .. و ساخط مهما كانت الظروف سواء الصعبة منها أو المتيسرة .
إسخطوا تصحوا... إجعلوا السخط دافعا للتقدم والتغيير .. و مارسوه في كل الأزمنة .
كيف نسخط . .. هل نخرج للشارع نهتف ((أحا ..أحا .. لا تتنحي )) أم ((يا سادات إحية إحية كيلو اللحمة بقي بجنية )) أم (( الشعب يريد تغيير النظام )) أم نحول كلمات أغنية عبد الحليم حافظ (( و اللي شبكنا يخلصنا )) لتصبح نشيدا قوميا لا نمل من ترديده .
كيف نعبر عن سخطنا .. هل نكون منظمات المجتمع المدني التي تنشر بين الناس ثقافة مقاطعة الخدمات والبضائع و المواد التي ترتفع قيمتها بسبب قوانين حكومة الإنجازات و دلاديلها في البرلمان .
فلا ندخن و لا نشرب بيرة و لا نستخدم الكهرباء بشرائح كبيرة ولا نركب مترو الانفاق .. و نترك لهم عيش الدعم و مواد التموين التي يذلوننا بأنهم يحسنون علينا بأسعارها المخفضة .
هل نتوقف عن شراء الفاكهة مرتفعة الثمن حتي تتلف عند الفكهاني و اللحمة المغالي في سعرها حتي تبور ..و المساكن ذات القيمة المليونية .. لتبقي خالية .. و نغلق التلفزيون ماكينة الدعاية الحكومية التي لا تتوقف عن الحديث عن (الإنجازات ) حتي لو كانت أكبر سجن في الوجود سيعقبه بناء سبعة أو ثمانية أخرى مشابهه ..
ولا نشترى الجريدة حتي تتتوقف عن أن تكون نشرة دعاية للحكام .. و لا ندفع الضرائب و الرسوم و التأمينات .. التي تزيد الحكومة في جبايتها بمائة مليار جنية سنويا .. و نتملص من التبرعات الإجبارية ..و ندور حول بوابات تحصيل ثمن المرور في الشوارع .
هل نسخط بفضح المرتشين و مستغلي النفوذ و الذي يمنح ابنه فرص غير متوفرة لزملائه.. فنقدم للرأى العام مأساة عدوانهم علي المجتمع بالصوت و الصورة.. و بالمسندات للنيابة .. و نعريهم بين الناس في الجامع و الكنيسة و النادى و المدرسة و الجامعة والانترنيت و نقاطعهم هم و أزواجهم و أبناؤهم و جيرانهم و المستفيدين منهم كما لو كانوا من مرضي الجذام.

إذا ما حولنا السخط (المقدس ) لعمل مجتمعي ..فهل نكون في الحي الذى نسكن به جماعات ترفع القمامة .. و تصلح الشوارع .. و ترم المرافق ..و تقدم الجوائز لانظف حارة و أجمل بلكونه و أفضل حديقة ..ونراقب من يرمي القمامة و نمسك به و نجرسه جرسه علنية و نحرج السادة مسئولي الحي العجزة الذين يتقاعسون عن الاهتمام بنظافة المكان إلا إذا سرت إشاعة بأن التشريفة ستمرمنه.
السخط الايجابي الفردى و الجماعي الذى يدفع للإبتكار و الاختراع و التغيير .. هو الذى يحفز شباب الامة نحو كسر المألوف .. و العمل الاجتماعي و السياسي النشط ..
و هكذا تتقدم الامم عندما يقرر جمهوراليابان تنظيف الاستاد بعد الماتش أو المسرح بعد الحفلة وعدم التسامح مع ترك المكان غير مرتب
..أو يقوم الفرنسي بحمل كيس بلاستيك و مجرفة لجمع ما يخرجة كلبه أثناء حركته في الشارع و عدم التسامح مع قذارة الطريق ..
أو يسوق الالماني سيارته علي الطرق كما لو كان يسير في طابور مع عدم التسامح مع فوضي التكاتك و الموتسيكلات و الميكروباصات .
نحن في حاجة لان نسخط علي عادتنا غير الحضارية وعلي ما وصلنا إلية من عشوائية و علي نظم حكمنا غير الديموقراطية .. و علي الإنفاق السفية علي القصور و المدن الفاخرة .. و لا نتسامح معها
علينا أن ننشر (هذا السخط) بين الناس كما نشر الاخوان من قبل الحجاب و نشر السلفيون النقاب .. و نشر الموظفون .. ((كل سنة و إنت طيب فين شاى الرجالة ))..ونشر الضباط ليكملوا قصورهم و سجونهم ((إتبرع لصندوق تحيا مصر)).

بعد غزو السلطان سليم لمصر وسيطرة الانكشارية التركية علي البلاد في 23 يناير 1517..ذاب أغلب المماليك بعائلاتهم داخل الكتلة السكانية للشعب .. تاركين مقاليد الحكم و السيطرة للولاة العثمانيون وحلفائهم من خونة العربان الذين ارشدوا عن مكان طومان باى .
من هؤلاء الولاة جاء محمد علي الكبير الذى استقل بحكم مصر .. مع مطلع القرن التاسع عشرليخرج بمركبها من برك و مستنقعات العثمانلي ,..إلي البحار الغربية العليا.
ماذا حدث للمصريين بعد أن غادروا قمقم الإنكشارية و إطلعوا علي شموس المعرفة الأوربية ..و هل تغيروا كثيرا ... خلال القرنين التاليين .( 1805 – 2021).
سكان الوادى في ذلك الزمن طبقا لبيانات الحملة الفرنسية التي سبقت محمد علي بسنوات خمس ..التي وردت في كتاب وصف مصر .. كانوا2.442.000 نسمة منهم 2.100.000 يعيشون في 3600 قرية بالريف في سكون ..متمسكين بالارض وحرف الاجداد وتقاليد دامت لالاف السنين .. ولا أريد أن أقول (متخلفين عن العصر بقرن ).
باقي العدد كانوا يعيشون في المدن خليط من النوبيينن، اليونانيين، العرب،المغاربة، الاكراد، الشراكسة، الاتراك، بالاضافة الي من ظل باقيا بالاسكندرية بعد تدميرها بواسطة جنود إبن العاص .. من أحفاد الرومان،اليهود،الفينقيين، و الاحباش.. يتحدثون بأكثر من لغة ..غير مترابطين لكل طائفة تقاليدها و أحيائها السكنية ..و النابه منهم يتعلم التركية ( ثم الفرنسية ) ليتعايش مع المحتلين .
هذا التعداد لم يكن يشمل العربان الذين لا يعيشون في مدن أو قرى فلم يكن من السهل اخضاعهم للحصر و هم يتجولون في تجمعات منفصلة حول الطرق الرئيسية أو يهربون في الصحارى ..يمارسون مهنة الأجداد بأعمال النهب والسلب وفرض الاتاوات علي الفلاحين وقوافل المسافرين .
وان قدر عددهم بحوالي130.000 فرد تقريبا .. ليصبح اجمالي تعداد مصر في ذلك الزمن 2.572.000 يشكل العربان منهم 5%... أى أن سكان مصر في ذلك الزمن( مطلع القرن التاسع عشر ) لم يكونوا بالتأكيد عربا .
في يناير 2021 أى بعد حوالي قرنين فقط من هذا التعداد تضاعف حجم المصريون لما يقارب من أربعين ضعف ليتعدوا المائة مليون .. في حين أن الأرض التي يعيشون عليها .. لم تزد بنفس القدر ..إن لم تكن قد قلت بسبب التجريف و بناء المدن و المساكن علي الأراضي الزراعية .
محمد علي قضي علي قدرة وتأثير المماليك بمذبحة القلعة و لكنه لم يستطع أن يحد من خطورة العربان أو إستمالتهم .. فبقوا شوكة في جانب كل الحكام التاليين حتي اليوم .
و هكذا دخلت بمصر الي الزمن المعاصر بعد أن كون الوالي الجديد جيشا حديثا بقيادة ولدية طوسن وابراهيم حقق انتصارات قد تكون الوحيدة التي تمت بواسطة جيوش المصريين منذ زمن تحتمس الثالث و حتي اليوم .
تحديث مصر استلزم الخروج بها من اطار القبائلية والعشائرية الضيقة الي رحاب المواطنة الواسع الأمر الذى بدأ مع محمد علي ونضج في زمن اسماعيل باشا بحيث أن عدد من رؤوس العربان اغراهم تملكهم لأقطاعيات وحملهم لالقاب (باشا)أو(بك) فاستقروا في الصعيد يديرون املاكهم ويدخلون البرلمان ويلعبون سياسة مع الوفد وغيرة من احزاب.
لكن أغلبه العرب ظل علي حالة خلال القرنين الماضيين يهيم في تجمعات قزمية محدودة التأثير يعيش علي مهنة اجدادة من سلب ونهب و بيع المخدرات وفرض اتاوات علي الجيران و الوافدين .

النهضة الحقيقية التي اعلت من قيمة المواطنة جاءت مع مطلع القرن العشرين وبداية عصر التنوير والمشاركة في التيار الاقتصادى و التغير الفكرى والسلوكي العالمي ..لتتوقف النعرات العشائرية ويحل محلها الإنتماء المكاني ..للقرية /الحي/ المدينة/ الوطن .
ثورة 1919 أذابت كل عناصر الامة في بوتقة واحدة تناضل في سبيل الاستقلال ..بحيث لم يكن هناك من يسال مواطنا عن دينة أو قبيلتة أو عشيرتة انما كان السؤال الاقرب عن موطنة فهناك الاسكندرانية والبورسعيدية والمنايفة والاسايطة والواحيين
لقد تقدمنا كثيرا علي درب المعاصرة ..بعد حربين عالميتين .. كانت مدنا فيها و بعدها ..درة من درر الدنيا .. في التمدن و النظافة ..و التطور .. بحيث لجأ إليها أعداد غفيرة من اليهود و الأجانب الناجين من الحكم الفاشيستي في إيطاليا و المانيا و أوروبا علي العموم .. فغيروا من طبيعة المدن الرئيسية لتصبح متروبوليتانية .. تضم العديد من الأجناس و اللغات و الأديان يعيشون في مودة و تسامح ناتج ..عن دستور عادل و قوانين .. حديثة معاصرة .
ثم تدور الأيام دورة كاملة .. لنعود مع حكم العسكر إلي ما كنا علية في زمن المماليك ..و تبدأ النكسات تتوالي علي نمط الحياة المعاصرة الليبرالية
بوقف الانشطة الحزبية ، ثم تعطيل الدستور، ثم طرد الاجانب واليهود ، ثم قيادة العسكر للمجتمع ،ثم ظهرت القومية العربية في زمن كان العالم فيه يتخلص من تلك الافكارالقومية المهزومة اثر إنتهاء الحرب وسقوط العنصريين .. و إنتصار الأفكار التي تؤدى للسوق الحر وحقوق الانسان .
أعقب القومية العربية بعد هزيمة 67.. الجامعة الاسلامية لتكون مصر الهدف و الرجاء للسلفيين لنجاح أفكار مثل العودة للخلافة .. و تطبيق الشريعة .. و تحويل المجتمع ليتشبه بأيام المسلمين الأوائل شكلا و موضوعا .
مع حكم السادات الذى اعلن أنة رئيس مسلم لدولة مسلمة وسماحة للتيارات الوهابية بالنمو والسيطرة فقدت حكوماتة المتتالية قدرتها علي حماية المواطنيين عموما وغير المسلمين بالخصوص ليبحث كل مصرى عن تجمع يحمية .
احد هذة التجمعات كان لرجال الاعمال تعبيرا عن نفوذهم الاقتصادى ثم السياسي ، كذلك كان هناك تجمع للشلل التي تتبادل المصالح.. ثم تجمعات العائلات ( كان يحكم مصر عشرين عائلة ) التي تحرص علي أن يكون لها ممثلين في أجهزة السلطة (جيش، امن، قضاء) .. و نفوذ وظيفي و مالي .
ثم التجمعات الدينية الملتفة حول مشاريع خدمية منها المسلم ( اخوان وجماعات ) ومنها القبطي (كنائس ومهاجرين ) ..
وهكذا كان علي المواطنة أن تتاكل لصالح العصبية .. لينتكس كفاح شعب من أجل التغيير دام لقرون ... و تتحول مدننا إلي ما كانت علية في زمن المماليك و العثمانين .. أقرب للريف منها للتمدن ... قذرة غير أمنة .. عنصرية شديدة التخلف
ثم تحدث التوهه الكبرى
فالمصرى اليوم أصبح بعد الذوبان الواسع للإصول منذ زمن محمد علي أصبح غير قادر علي تتبع روابطه العائلية أو التاريخية غير قادر علي الجزم بأنة حفيد للفراعنة ،الهكسوس، الفرس ،اليونان، الرومان ،العرب، الاكراد، المغاربة، النوبيين،الحبش، الاتراك، الشراكسة، السوريين، الفينقين، أو حتي الفرنسيين .. .. و هو في نفس الوقت وحيد أمام بغي الحكام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إحكي يا تاريخ
عدلي جندي ( 2021 / 11 / 1 - 19:43 )
قول وعيد وزيد
احكي يا تاريخ
الصحوة ليها مواعيد
احكي يمكن نصحي تاني من جديد
إحكي واللي يزعل يغور بعيد
هي مش ناقصة بهدلة وتهديد
احكي وقول كمان و كمان يمكن ترجع بهية زي زمان


2 - حال مصر
على سالم ( 2021 / 11 / 2 - 02:42 )
استاذ محمد لاشك انك تملك موهبه نادره فى وصف مصر واوجاع مصر والامها وعذابها بشكل يستحق التقدير والاعجاب , الغريب هنا هو حاله السلبيه والانسداد العقلى لجموع الشعب الميت والذى ليس له اى وزن او فهم , ارجع واقول ان كارثه مصر فى تشكيل عصابى مجرم وسادى متوحش , هذا التشكيل يتكون من عصابه الجيش المجرم اللص العربيد وعصابه الدين الفاسده الكاذبه المهلباتيه ,العصابتين هم اساس الكوارث والمحن ويعملوا مع بعض بشكل مكثف ويوزعوا الادوار بينهم بطريقه خبيثه قذره , عصابه الدين عملها الاساسى هو تخدير العقول وجعل الناس بهايم وتنابله وجهله , الدين هنا هو لمنع الشكوى والتذمر ودائما الاذعان والسكوت والثوره على الظلم , انا متأكد ان عصابه الدين هى اكثر فجرا وخسه من عصابه الجيش البلطجى السادى , عندما تصور عصابه الدين ان الله يبارك الجيش الفاسد واعطاء الرعيه الانطباع ان الله الاسلامى يعطى القدسيه والحق للجيش الغوغائى ان يفعل مابدا له من اجرام وبلطجه وسرقه وعربده , المصيبه هنا ان الله يبارك الجيش الفاسد فى فساده وعهره واستبداده , هنا نحن فى اشكاليه ومعضله صعبه