الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الفقر شرٌ لابدّ منه؟!

صادق الازرقي

2021 / 11 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يؤدي الفقر الى مشكلات كبيرة تحيق بالنوع البشري، اذ ان أذاه وتبعاته ليست مقصورة على الافراد، بل تشمل بشرّها عموم المجتمع؛ لذلك اعطى الفلاسفة والمفكرون لمفهوم العدالة الاجتماعية، وما يرتبط بها من اسس اقتصادية الاهمية القصوى، وعدوا تحقيقها الاساس لاستقرار البلدان والمجتمعات.
وينقل عن أرسطو قوله "العدل مألوف وبه قوام العالم"، ويتبع ذلك بالقول "الظلم مؤذن بخراب العمران"، وعن مثل هذا يتحدث ابن خلدون في مقدمته الشهيرة اذ يشدد على ان اساس الحضارة والعمران يقوم على تمتع سكان المدينة بالقدر الأكبر من الثروة، والنصيب الأوفى من السلطان، وهي كما يرى أهم الأسباب و أقواها، التي تساعد على تطور ّر المجتمعات ّ وتقدمها في سيرورتها البشرية، وان الظلم وغياب العدل أهم أسباب الانهيار، فهو مؤذن بخراب الحضارة، بحسب ابن خلدون؛ اما الفيلسوف كارل ماركس فطرح شعاره الشهير في رؤيته للمجتمع المقبل "من كل حسب قدرته ، لكل حسب حاجته" وهو الشعار الذي استفادت منه حتى الانظمة الرأسمالية بمحاولة انتشال الناس من الفقر ومنح الاعانات المالية للعاطلين و تأمينهم صحيا ودعم السكان للحصول على المنازل، وغيرها من المميزات.
ما دفعنا الى تلك المقدمة هو ما صرحت به وزارة التخطيط العراقية قبل ايام عن انخفاض نسب الفقر في العراق في سنة 2021، بحسب المتحدث باسم الوزارة الذي قال ان "نسبة الفقر كانت 20% في عام 2019 فيما ارتفعت في عام 2020 بسبب جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية لتصل الى ما يقارب الـ 31% الا ان هذه النسبة انخفضت خلال العام الحالي الى ما دون الـ 30% وذلك يرجع الى ارتفاع أسعار النفط وعودة الحياة الى طبيعتها بشكل او بآخر" على حد قوله.
ولنا في هذا قولين، اولا: الغريب في الموضوع هو الارقام، فماذا يعني ان تنخفض نسبة الفقر بمقدار1% فقط في عام كامل، فهل ننتظر 30 عاما اخرى بأمل انخفاض النسبة من 30% حتى القضاء على الفقر؟! واذا كان الامر يجري بتلك الصيغة البطيئة (مع ارتفاع سعر برميل النفط وتجاوزه حاجز 80 دولارا للبرميل) فمتى نرتقي بحال الفقراء الذين تكاثروا وسيتكاثرون بصورة ملفتة، ونجزم ان نسبة الفقر اعلى من النسب المعلنة بكثير، وتوقع المتحدث باسم الوزارة ان تنخفض النسبة في العام المقبل "الى نسب اقل من ذلك"، الامر الثاني الغريب هو ان الوزارة ادرجت من ضمن اسباب التحسن بحسب قول المتحدث باسمها "استئناف الكثير من المشاريع فضلا عن وجود القطاع الخاص وبعض الأنشطة الاقتصادية الجيدة.."، وباعتقادنا فان هذا الامر غير واقعي وغير منطقي، اذ لم نشهد في الافق أي مشاريع تشغل الطاقات البشرية الهائلة وتمد الفقراء وجلهم من الشباب بنسغ الحياة الضروري لإنعاشهم والارتقاء بأوضاع عائلاتهم، كما ان الاقتصاد العراقي لم يزل يعتمد بصورة شبه كلية على النفط وهو ما يثير الشكوك في مستقبل البلد؛ اذ ليس بمقدورنا توقع أي شيء بشأن مساعي الدول الصناعية للبحث عن بدائل للنفط، كما ان الدول في مسعى يومي لتفعيل "اقتصاداتها" المتعددة وتحريكها وابتكار موارد اضافية؛ لأنها تدرك اهمية ذلك في معالجة مشكلة الفقر وتزويد سكانها بما يمدهم في حياتهم بغض النظر عن تواجد النفط وغيره من الثروات الحالية من عدمه.. فهل ان الفقر في العراق هو شر لابد منه وعلى السكان ان يتعايشوا معه؟ نأمل ان يجري الامر بخلاف ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح