الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم السعودي الذي يلعق الهزائم في اليمن والاقليم يستثمر تصريحات قرداحي للتصويب على حزب الله وتفجير الحكومة اللبنانية

عليان عليان

2021 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الحكم السعودي الذي يلعق الهزائم في اليمن والاقليم يستثمر تصريحات قرداحي للتصويب على حزب الله وتفجير الحكومة اللبنانية
قبل أن أتعرض لأبعاد الهجمة السعودية على لبنان هذه الأيام، أنحني كغيري من الوطنيين والقوميين والتقدميين العرب، احتراماً وتقديراً لوزير الإعلام جورج قرداحي على موقفه القومي الأصيل من قضية العدوان على اليمن، وعلى موقفه القومي الأصيل من سورية ومن القضية الفلسطينية، ورفضه مقايضة هذا الموقف مع أمراء النفط بالمال والموقع والامتيازات .
لم تنتظر الحكومة السعودية كثيراً، لتكشف عما وراء احتجاجها العرمرم على تصريحات وزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي"، الذي وصف فيها الحرب على اليمن بأنها حرب عبثية، وأن حركة أنصار الله هي في وضعية الدفاع عن اليمن وعن نفسها، حين أطلق وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان" تصريحاته وعلى المكشوف، بأن الهدف من شن الهجوم على الوزير "قرداحي" هو التصويب على حزب الله، حين أدلى بتصريحات واضحة "في أن أصول الأزمة الحالية في العلاقات مع لبنان تعود إلى "هيمنة حزب الله" وأنّ "المملكة ليس لها رأي فيما إذا كانت الحكومة اللبنانية يجب أن تبقى أو ترحل".
ولم يكتف بالتوصيف، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حين طالب بتحرير وإعادة هيكلة النظام السياسي في لبنان، دون أن يشرح ماهية إعادة الهيكلة، متجاهلاً حقيقة أن الحزب رقم سياسي وحاسم في المعادلة السياسية اللبنانية، ورقم حاسم في المعادلة الإقليمية بحكم دوره المركزي في المقاومة، ولسان حال فيصل بن فرحان يقول بضرورة إخراج الحزب والمقاومة والكتلة الديمغرافية الكبيرة التي يمثلها خارج البلاد في سياق عملية تطهير عرقي ومذهبي.
ما يجب الإشارة إليه هنا، أن التصويب على حزب الله في هذه الأزمة، لا يمكن عزله عما يجري في الإقليم، ودون تنسيق السعودية مع الكيان الصهيوني ومع الإدارة الأمريكية (أولاً)، ومع دول أعضاء مجلس التعاون الخليجي (ثانياً)، وخاصة الامارات والبحرين والكويت التي اتخذت ذات الموقف السعودي بطرد السفير اللبناني واستدعاء سفرائها من بيروت.
فشل بن سلمان وأدواته في جر حزب الله لحرب أهلية
و"فشة الغل" في تصريحات فيصل بن فرحان، مردها الفشل الذريع الذي منيت به مملكة آل سعود في جر حزب الله إلى حرب أهلية، عندما تم قتل ثلاثة من أنصار الحزب في ضاحية خلدة من قبل ميليشيات حملت اسم " العشائر العربية " تابعة لسعد الحريري، وعندما تعالى حزب الله على جراح كمين الطيونة ، الذي راح ضحيته سبعة مواطنين على صلة بحزب الله وحركة أمل على يد قناصين من حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع.
لقد سعت حكومة محمد بن سلمان لاستثمار تصريحات جورج قرداحي التي سبق وأن أدلى بها في مطلع شهر آب (أغسطس) الماضي، أي قبل أن توكل إليه حقيبة وزارة الإعلام بترشيح من تيار المردة بزعامة رئيسه سليمان فرنجية، في سياق التصويب على حزب الله، عبر المطالبة الضمنية بإقالة الوزير قرداحي، وفي سبيل ذلك مارست أسلوباً فاشياً ممثلاً بتعميق الحصار الاقتصادي والسياسي على لبنان من خلال استدعاء سفيرها في بيروت والطلب من السفير اللبناني بمغادرة الرياض خلال 24 ساعة، ومنع صادرات لبنان من المنتوجات الزراعية من دخول السعودية.
محمد بن سلمان يستثمر تصريحات قرداحي للتعويض عن هزائمه المتكررة
والحكم السعودي بهذه البهلوانيات، يمارس عملاً استعراضياً فوقياً بهدف النيل من هيبة حزب الله وحلفائه هذا (أولاً) و (ثانياً) وهو الأهم للتورية وللتعويض عن مجمل قضايا الخسارة والضعف والهوان الذي تعاني منها المملكة السعودية بقيادة محمد بن سلمان، متمثلةً بما يلي:
1-الهزائم النكراء والمتواصلة التي تعرضت لها ولا زالت تتعرض لها السعودية، على يد اللجان الشعبية والجيش اليمني، خاصةً هذه الأيام التي يترقب فيها العالم تحرير مدينة مأرب الاستراتيجية بعد أن تم تحرير 11 مديرية من أصل 13 مديرية من محافظة مأرب.
2- هزيمتها السابقة في سورية واندحار وتحطيم التنظيم الذي سهرت على دعمه وتسليحه "جيش الاسلام" بزعامة إسلام علوش، وسعيها الآن لإقامة علاقات مع دمشق بذريعة حرصها الكاذب على سورية من التدخل التركي وغيره.
3- موقفها المهزوز إثر قيام الإدارة الأمريكية بسحب منظومة باتريوت الصاروخية الدفاعية من السعودية، ما أدى إلى انكشاف وضعها الدفاعي أمام الصواريخ والمسيرات اليمنية التي سبقت وأن دكت أهم المواقع النفطية السعودية.
4- تعرية دورها في حصار لبنان اقتصادياً، بعد أن تمكن حزب الله في حل مشكلة النفط (الديزل والبنزين) عبر استجرار ناقلات النفط من إيران، وتوزيعه بالمجان على المؤسسات الخيرية والمستشفيات الحكومية، وبسعر الكلفة للقطاع الخاص.
5- اضطرارها في ضوء الخلل في موازين القوى لصالح اليمن ومجمل أطراف محور المقاومة، للدخول في مفاوضات مع إيران، وتراجعها عن العنتريات في خطابها السياسي حين هدد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2017 بنقل الحرب إلى إيران بعد التفجيرات التي ضربت طهران في ذلك العام، والتي لم تتكرر لاحقاً.

توقيت الحملة السعودية واستهدافاتها
كما أن توقيت الموقف والإجراءات السعودية، جاء أيضاً مضبوطاً على الفترة التي تم فيها استدعاء سمير جعجع من قبل المخابرات العسكرية اللبنانية، للتحقيق معه بشأن كمين الطيونة، إثر اعتراف عدد من الموقوفين بأنهم يتبعون ميليشيا حزب القوات اللبنانية.
وهذا التوقيت يستهدف الهروب بمسألة التحقيق مع جعجع إلى الأمام، وشغل الأوساط الرسمية اللبنانية بقضية الأزمة التي افتعلتها السعودية، ولفتح الباب أمام تسويات تحول دون محاكمة جعجع بوصفه المخطط لكمين الطيونة، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار بأن سمير جعجع هو الأداة الرئيسة لولي العهد السعودي لإشعال الفتن والحرب الأهلية، بعد أن طرح نفسه بديلاً لحليفه سعد الحريري، عندما تم احتجازه في الرياض قبل أربع سنوات وأجبر على الإدلاء ببيان استقالته.
لقد استثمر الحكم السعودي تصريحات قرداحي لتحقيق الأهداف التالية:-
1- لتفجير الحكومة اللبنانية بعد فشله في تفجير الساحة اللبنانية، ولدفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى تقديم استقالته ومن ثم انفراط عقد الحكومة، التي جاءت بعد مخاض طويل إثر الخلاف على عدد الوزراء بين التيار الوطني بزعامة جبران باسيل وبين الرئيس المكلف آنذاك سعد الحريري، وبعد تخلي الأخير عن خطاب التكليف.
2- وبهدف خلق حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار والاحتقان والحيلولة دون إقامة الانتخابات النيابية في السابع والعشرين من شهر آذار (مارس) 2022 بعد أن بات واضحاً وفق العديد من التقديرات أن ميزان القوى الانتخابي يميل مجدداً لصالح حزب الله وقوى الثامن من آذار.
3- ولإنقاذ سمير جعجع من المحكمة التي تنتظره على خلفية دوره في كمين الطيونة.
لقد نجح الحكم السعودي في خلق حالة من الاضطراب لحكومة الميقاتي، بالاعتماد على أدواته في لبنان (نادي رؤساء الوزارة الثلاثة: سعد الحريري، فؤاد السنيورة وتمام سلام + تيار المستقبل + حزب القوات + حزب التقدم الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط + حزب الكتائب) حيث انبرت هذه الأطراف التي كانت تنتمي منذ عام 2005 إلى تحالف (14) آذار الذي لم يعد موجوداً على الأرض، منذ تآمر جعجع على حليفه سعد الحريري قبل أربع سنوات.
وهذه الأطراف – الأدوات ، باتت تردد منذ اللحظة الأولى لوقوع الأزمة، ما يردده الحكم السعودي، دون أن تمنح نفسها هامشاً صغيراً، غير آبهة بمصلحة الوطن والشعب، فالتابع في الحالة اللبنانية لا قرار له، ووظيفته تنفيذ أوامر سيده، فرأيناها تطالب فوراً باستقالة الوزير جورج قرداحي، كما أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي ينتمي لمعسكر "الأدواتية" أقدم على سابقة دبلوماسية غير وطنية، عندما طالب مشاركة القائم بالأعمال الأمريكي "ريتشارد مايكلز" في خلية الأزمة التي يرأسها وزير الخارجية عبد الله حبيب متجاهلاً عن عمد حقيقة أن السفارة الأمريكية هي عراب الأزمة وأنها ليست جزءاً من الحل.
واللافت للنظر أن خلية الأزمة التي ضمت وزراء سابقين من أكثر الموالين لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم تبحث في أي من الخيارات لحل الأزمة، واكتفت فقط بالمطالبة باستقالة وزير الاعلام قرداحي، متساوقة مع بيان رؤساء الوزراء السابقين الموالين للرياض، الذي وصفوا فيه تصريحات وزير الاعلام بأنها ضربة للعلاقات الأخوية والمصالح العربيّة المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربيّة، وتحديداً دول مجلس التعاون الخليجي، ودعوا فيه الوزير قرداحي للاستقالة أيضاً.
قرداحي يستند إلى دعم حزب الله وحلفائه: الوضع في لبنان إلى مزيد من التأزيم
لقد أصبح الوضع في لبنان غاية في الخطورة جراء تساوق بقايا فريق 14 آذار مع المخطط السعودي الخليجي، الذي لا يهمه سيادة لبنان وكرامته، وأمام هذه الصورة كان الموقف الوطني والمبدئي لحزب الله وحلفائه في رفض الاستعلاء السعودي، ورفع راية التحدي في وجهه، إدراكاً منه أن الاستعلاء السعودي هو استعلاء الضعيف المهزوم في مختلف الجبهات، حيث أعلن الحزب على لسان عدد من قادته مثل محمد رعد – رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، وهاشم صفي الدين – رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله - وحسن عز الدين – عضو كتلة الوفاء للمقاومة - عن دعمه لموقف الوزير قرداحي ورفضه تقديم استقالته "لأنه موقف وطني وسيادي، ويعبّر عن شخصية شجاعة لا تخضع للابتزاز" "وأن السعودية اتخذت من الموقف الوطني للوزير قرداحي، ذريعة لتهدّد اللبنانيين وتتدخل في شؤونهم الداخلية".
وفي ذات السياق جاء موقف الوزير السابق - رئيس تيار المردة - سليمان فرنجية الذي أكد وقوفه إلى جانب الوزير قرداحي، ورفضه لأية مطالبه له بتقديم استقالته، ورفضه أن يتعامل لبنان مع السعودية وغيرها من موقع الدونية.
لقد بات واضحاً من خلال تصريحات رئيس الوزراء اللبناني من غلاسكو في بريطانيا أن الأمور ذاهبة للتصعيد، والتي جاء فيها "أن وزير الاعلام لم يستجب لطلبه بإعلاء مصلحة الوطن على أحاسيسه الشخصية "اللهم اشهد أني قد بلغت"، ما يعني أن من المرجح أن يقدم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تقديم استقالته، في حال استمر وزير الاعلام على ذات موقفه برفض تقديم اعتذار عن تصريحاته السابقة، ورفض تقديم استقالته.
وفي حال تقديم رئيس الحكومة استقالته ، فإن التصعيد في لبنان سيكون سيد الموقف، وسيدخل لبنان في حالة الفراغ مجدداً، ومن ثم فإن الانتخابات البرلمانية لن تتم في الموعد المحدد لها، وسيدفع اللبنانيون مجدداً الثمن غالياً جراء عدم الاستقرار والحصار المفروض عليهم أمريكياً وسعودياً، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن مصير الأزمة اللبنانية الراهنة ستقرره معادلة موازين القوى بين محور المقاومة وأطراف التحالف المعادي الصهيو أميركي السعودي، ولا نبالغ إذ نقول أن معركة مأرب والظفر فيها من قبل اللجان الشعبية والجيش اليمني بقيادة حركة أنصار الله، سيقرر مصير الأزمة اللبنانية ومصير مخرجات الحوار السعودي الإيراني الذي بجري حالياً في العاصمة بغداد.
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد