الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن كان العراق يتحمل مسؤولية الحرب لمدة سنتين فإيران تتحمل مسؤولية استمرارها السنوات الست الأخرى

جاسم الحلوائي

2021 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


طالب عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ور ناصري، السلطات العراقية بنقل ملكية بعض الآبار النفطية العراقية لطهران، لتكون بمثابة غرامة تدفع لقاء خسائر الحرب الإيرانية العراقية. ونقل موقع "انتخاب" عن ور ناصري قوله إنه "على العراق دفع غرامة الحرب بمقدار 1100 مليار دولار"، مضيفا أن "إيران لم تطالب بالمبلغ في السابق لتثبيت علاقات حسن الجوار بعد سقوط صدام". (تصريحات ناصري مرفقة)
إن إثارة هذه المطالبة الزائفة الآن ليست مصادفة، بل أنها مقصودة فهي تحمل رسالة مفادها: إذا لم تجر أمور تشكيل الحكومة بما ينسجم مع رغبتنا، فهي ليست حريصة على "علاقات حسن الجوار".
يلعب النظام الإيراني هذه الورقة الابتزازية الزائفة عادة في ظل حكومة تصريف أعمال قبيل تشكيل وزارة جديدة قد لا تتوافق مع مراميهم. فقبيل تشكيل حكومة المالكي الثانية وفي 18أيار 2010 انطلقت دعوة مماثلة، فقد نقلت وكالة مهر الإيرانية تصريحاً لعضو لجنة السياسة الخارجية بمجلس الشورى الإسلامي الإيراني عوض حيدر بور، دعا فيها وزارة خارجية بلاده بمتابعة الحصول على تعويضات جراء حربها مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي، التي قال أنها تبلغ ألف مليار دولار. أشك بأن النظام الإيراني لا يعرف بأن هذه الورقة زائفة وإلا لكان بإمكانه طرح هذا الأمر على مجلس الأمن في عهد صدام حسين ليحدد التعويضات.
لا شك بأن نظام صدام حسين الدكتاتوري يتحمل مسؤولية شن الحرب على الجارة إيران، ولكنه لا يتحمل مسؤولية استمرارها ثماني سنوات. لقد مرت الحرب بمرحلتين رئيسيتين مختلفتين جوهريا، ومسؤوليات النظامين العراقي والإيراني تختلفان تبعاً لكل مرحلة. فالمرحلة الأولى لا خلاف عليها بأن نظام صدام حسين الدكتاتوري كان معتديا ويتحمل مسؤوليتها.
أما المرحلة الثانية والتي بدأت من حزيران 1982 حتى انتهاء الحرب فيتحمل مسؤليتها كاملة النظام الإيراني الذي كان يستهدف استقطاع محافظة البصرة الغنية بالنفط. فبعد انسحاب الجيش العراقي من خرمشهر (المحمرة) في حزيران 1982، سحب صدام حسين آخر جندي عراقي من الأراضي الإيرانية، وطلب إيقاف القتال وإجراء مفاوضات لعقد صلح بين الطرفين المتحاربين. ثم لجأ النظام العراقي إلى مجلس الأمن مطالباً بإيقاف القتال. وصدر قرار من المجلس في تموز 1982 يقضي بذلك. إلا أن إيران رفضته وطلبت، ضمن ما طالبت به، إدانة النظام العراقي ومحاكمته لعدوانه على إيران. وكان هذا طلباً تعجيزياً وستاراً تخفي وراءه إيران أهدافها التوسعية و حلمها في إقامة نظام إسلامي في البصرة تابع لإيران، تحت شعار "الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء"، وهو شعار مشابه من حيث ديماغوغيته لشعار الدكتاتور صدام "الطريق إلى فلسطين يمر عبر عبادان". رفضت إيران قرار مجلس الأمن وواصلت الحرب وقامت بتعرض عسكري خطير استهدف اقتطاع البصرة.
لم يهدف شعار "الطريق إلى القدس يمر عبر كربلاء" وغيرها من الشعارات المشابهة التي نادت بها الحكومة الإيرانية إلى رفع المعنويات. ولم يكن هدف تعرضات القوات المسلحة الإيرانية، التي بلغت أكثر من 25 تعرضا كبيرا هدفه تعزيز المواقع الحدودية كما كانت تتظاهر به الحكومة الإيرانية بعد تحرير الأرض الإيرانية. فهذه التعرضات استهدفت بغالبيتها احتلال البصرة من اجل إقامة حكومة إسلامية عراقية موالية لها. إن مذكرات رفسنجاني شاهد على ذلك، حيث يذكر بأن بعض المتسرعين طالب بإقامة مثل هذه الحكومة في محافظة ميسان عند احتلال جزر مجنون وذلك في تشرين الثاني عام 1982. (هاشمي رفسنجاني. مذّكرات وخواطر، كتاب "بعد الأزمة"، ص 302، 2001). وليس عبثاً اعتراض رفسنجاني على الزمان والمكان فقط وليس على الفكرة وهو الذي كان آنذاك بمثابة القائد العام للقوات المسلحة والشخصية الثانية بعد الخميني.
لقد رفضت إيران إيقاف الحرب في بادئ الأمر، إلا أنها عادت وأذعنت للقرار بعد توالي انتصارات الجيش العراقي في شبه جزيرة الفاو والمعارك التالية لتحرير الأراضي المحيطة بميناء البصرة وحقل مجنون في الأهواز شرقي القرنة، والمناطق الواقعة شرقي علي الغربي وشيخ سعد، وضرب إيران بصواريخ سكود.
كان رد العراق على الهجمات الإيرانية في الجبهة بصواريخ أرض ـ أرض مؤثرا جداً. فقد تعرضت الكثير من المدن الإيرانية القريبة من الحدود إلى قصف صاروخي مستمر كمسجد سليمان و بهبهان و دزفول و مهران و انديمشك و خرم آباد و باختران وايلام. وكانت خسائر الإيرانيين جسيمة بالأرواح والممتلكات. وأحرجت السلطات الإيرانية نداءات السكان المطالبة بالحماية من الصواريخ. وضاعفت هجرة سكان تلك المدن إلى أماكن أخرى من مشاكل البلاد. كل هذه العوامل أرغمت الخميني على إصدار الآمر بوقف إطلاق النار و "تجرع السم" على حد قوله بعد ستة أعوام من قرار مجلس الأمن في تموز عام 1982 وبعد عام من صدور قرار مجلس الأمن رقم (589).
وفي النهاية لم تؤد طموحات حكام إيران التوسعية سوى إلى تراجع الخميني عن عناده. ولم تحصل إيران في عام 1988 على أكثر مما كانت ستحصل عليه في عام 1982. إن إيران تتحمل المسؤولية في استمرار الحرب طيلة السنوات الست الأخيرة منها. فإذا كان صدام مسؤولا عن إشعال فتيل الحرب وإلحاق الخسائر بإيران خلال السنتين الأوليين من الحرب، فإن النظام الإيراني هو الآخر مسؤول عن الخسائر التي لحقت بالعراق خلال السنوات الست الأخيرة منها، عندما رفض خلالها حكام إيران قرار مجلس الأمن في تموز 1982، ورفضوا أيضاً جميع الوساطات والمقترحات لإيقاف الحرب.
لقد سقط النظام الدكتاتوري المسؤول عن شن الحرب. وليس من العدل والإنصاف تحميل الشعب العراقي وزر أي من جرائم النظام المقبور. ولقد ذهب الخميني بعناده الذي لم ينفع معه غير السم، على حد تعبيره، ولم يتحمل الشعب الإيراني وزر عناده. ومن مصلحة الشعبين العراقي والإيراني عدم إثارة موضوع خسائر الحرب. أما إذا ما أثار حكام إيران الموضوع بشكل رسمي فليس من حق أي مسؤول عراقي التنازل عن خسائر العراق خلال السنوات الست الأخيرة من الحرب. وإذا كانت خسائر إيران خلال سنتين الرقم الذي يدعيه المسؤلون الإيرانيون، فإن خسائر العراق خلال ست سنوات أضعاف مضاعفة يتحمل مسؤوليتها النظام الإيراني. إن حكومة عراقية وطنية وقوية يجب أن ترفض هذه التهديدات وتوافق على طرح الأمر على مجلس الأمن إن تكررت.
3 تشرين الثاني 2021.

تص تصريح عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ور ناصري كما كان منشوراً قي موقع الأخبار بتاريخ 2 تشرين الثاني 2021
- طالب عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، علي رضا ورناصري، السلطات العراقية بنقل ملكية بعض الآبار النفطية لطهران، لتكون بمثابة غرامة تدفع لقاء خسائر الحرب الإيرانية العراقية
ونقل موقع"انتخاب" عن ورناصري قوله إنه "على العراق دفع غرامة الحرب بمقدار 1100 مليار دولار" مضيفا أن" إيران لم تطالب بالمبلغ في السابق لتثبيت علاقات حسن الجوار بعد سقوط صدام".
وأضاف أن "الكويت حصلت على غرامة الاجتياح العراقي لأراضيها من خلال حصولها على حصة من مبيعات النفط العراقية، وبناء على هذه التجربة يمكن أن يقوم العراق بنقل ملكية عدد من آباره النفطية إلى إيران".
ولفت إلى أن الأمم المتحدة في قرارها رقم 598 اعترفت بمسؤولية العراق ببدء الحرب، وعلى الرغم من عدم إقرار آلية في هذا القرار حول دفع غرامة الحرب، يتوجب على الحكومة الإيرانية متابعة هذا الملف
المصدر: "انتخاب"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قانونية الحرب العراقية الإيرانية
عبد الفادي ( 2021 / 11 / 3 - 06:01 )
لا يزال الشعب العراقي يتحمل لحد الآن اخطاء النظام الدكتاتوري السابق وعنتريات صدام الذي بسبب سياساته الجنونية زرع الغرب وإسرائيل الخميني في إيران لكي ينشغل العراق بحرب وترتاح اسرائيل . لو نظرنا بطريقة محايدة وانا لست مع ابتزاز ايران للحكومة العراقية الضعيفة لجني مكاسب بهذه الخباثة ولكن هل صدام انسحب من ايران بعد سنتين بحسن نية ام انسحب بعد خسائر كبيرة خاصة في معركة المحمرة ؟؟ وهل صدام طلب وقف اطلاق النار وهو في حالة انتصار ام في حالة هزيمة عسكرية ؟ يعني لو طلب هتلر مثلاً ايقاف الحرب بعد شعوره بالضعف هل كان الحلفاء سيوقفون الحرب ويضّيعون حقهم في الدمار الذي لحق بهم ؟ إذن الثمانية سنوات هي سنوات حرب متصلة مع بعضها ولا يمكن تجزئتها وإيران تستغلها قانونيا ويبدو ان اسلوبها لئيم ولا ترحم الشعب العراقي الذي لا ذنب له ويجب على الحكومة العراقية ايقاف استيراد البضائع من ايران إن اصرت الأخيرة على موقفها ، تحياتي استاذ جاسم


2 - هتلر وصدام
آشتي هورامي ( 2021 / 11 / 3 - 12:44 )
هل هناك الماني واحد يعتقد ان الشعب الالماني لا ذنب له وكل الذنب هو لهتلر؟ مجرد تساؤل ؟


3 - عبد الفادي
عبدالجبار ( 2021 / 11 / 4 - 08:37 )
لم تقدم لنا الحلول عن كيفية الخروج من المزاق واقناع الخميني بعدم تصدير ثورته من خلال بغداد واقناعة بالكف عن قصف القصبات و المدن العراقية
يا حبذا يا عبدالفادي ان تكون انت جزءا من الحلول وتطلق لنا ابنائنا الباقيين في الجمهورية السماحية الاسلامية


4 - رد على الأخ عبد الجبار تعليق 4
عبد الفادي ( 2021 / 11 / 4 - 15:49 )
الموضوع يا اخي الفاضل يخص قانونية مطالبة ايران بالتعويض عن خسائر الحرب لمدة ثمانية سنوات ، اما الموضوع الذي انتَ طرحته بخصوص اعتداء الخميني بتصدير ثورته ، المقالة تؤكد ان الذي بدأ الحرب الفعلي على الأقل للسنتين الأولى من الحرب هو النظام الدكتاتوري الصدامي (لا اقصد التراشق الناري على الحدود قبل الحرب) ، اما قولك يا حبذا ان اكون انا جزءا من الحلول ، يا اخي متى سمحت حكومة صدام ان يكون للشعب صوت لأكون انا جزءا من الحلول ؟ ثم من جلب الخميني الى الحكم في إيران ؟ فلولا تصريحات صدام العنترية كقوله (انطوني وصلة كاع على حدود اسرائيل وشوفوا شراح اسوي بإسرائيل) لما فكر الغرب وإسرائيل بزرع الخميني لإلهاء الشعب العراقي بحرب لا يكون فيها منتصر سوى استهلاك الأقتصاد والآلة الحربية للدولتين المتحاربتين ، ثم هل الكويت هي الأخرى ارادت تصدير الثورة الى العراق فلماذا ورط صدام جيشه المنهك بحرب غير متكافئة مع الحلفاء ؟ المثل العراقي يقول (السمچة تخيس من راسها) ، تحياتي

اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية