الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة في العمل المسرحي ومعارضوها

سامي عبد الحميد

2021 / 11 / 4
الادب والفن


يعتبر (الكساندر دين) ان (الوحدة) احد العناصر الاساسية التي يتصف بها العمل الفني والمتفق عليها بالاضافة الى (التماسك) و(التأكيد) و(الاختيار) و(التناسب) و(اعادة التنظيم) و(التكثيف). ولم يكن يقصد بالوحدة وحدة الزمان والمكان والمزاج كما أوضح الفرنسيون في وقت ما، بل يقصد التحامها بالموضوعة. والوحدة كانت ومازالت احدى علامات التقنية المطلوبة. التنقل والتخلخل وجمع ما هو غير مترابط وغير ذي صلة والموضوعات غير المترابطة والتي تتداخل والمتبدلة عبر الزمن عند التعامل مع موضوعة واحدة كل ذلك يكسر عامل الوحدة والذي قد يستخدم تقنياً استخداماً اوسع مما يعتقد البعض منا. ويضرب (دين) مثالا على تلك التقنية بمشهد (البواب) في مسرحية (ماكبث) لشكسبير حيث يعتمد وجود صلة لذلك المشهد بموضوعة المسرحية رغم عدم توافقه مع نوع المسرحية التراجيدية. ولأن المشهد يعزز مبدأ الترقب حول ما اذا كان (ماكبث) سينفذ جريمته بقتل (الملك دانكن) أم لا. ويعقب (دين) قائلاً: "في أي فن من الفنون فان كسر الوحدة تشوش المتفرج وتربكه".
لم اجد في اي معجم من معاجم الفن المسرحي تعريفاً اوضح من تعريف (الكساندر دين) والذي يدعوني الى القول ان تعريفه يشمل شكل العمل الفني ومضمونه، بمعنى ان تكون عناصره الشكلية – والتشكيلية موحدة وان تكون عناصر محتوى العمل الفني، أي ان يتخذ العمل الفني شكلاً موحداً وموضوعاً موحداً واحداً. وتتعرض جميع المعاجم الخاصة بالمسرح والدراما الى مصطلح (الوحدات الثلاث) وهي (وحدة الزمان ووحدة المكان ووحدة الفعل). ففي معجم محمود محمد كحيله) هناك اشارة الى وحدة الحدث ويقصد به ان تشتمل المأساة على حدث واحد له بداية ووسط ونهاية كما اشترط (ارسطو) كما يشير الى وحدة المكان أي ان تقع الأحداث في مكان واحد ويشير الى وحدة الزمان على ان احداث المسرحية تقع في فترة زمنية محددة كما حددها أرسطو. والحق فان (ارسطو) ركز على وحدة الفعل وليس الحدث وكان يقصد بالفعل الدافع الداخلي للشخصية الرئيسة في التراجيديا وهناك فارق بين (الفعل Action) و(الحدث Event) فالحدث هو من نتائج الفعل الدرامي.
لم تقدم لنا معاجم المسرح والدراما تعريفاً للوحدة الفنية مثلما فعل (دين) وركزت جميعها على (الوحدات الثلاث) اي وحدة المكان والزمان والفعل وهناك في (المعجم المسرحي) لكاري الياس حسن اشارة الى ان مبدأ الوحدة قد طرح من قبل الفلاسفة الاغريق القدماء وكانوا يقصدون به تحقيق الترابط الفني بين مكونات العمل. وكان اول من دل الى الوحدات الثلاث كمبادئ اساسية لكتابة التراجيديا هما الايطاليان (سكا لغيرو) و(كستا لفترو) في القرن السادس عشر. وقبل ذلك وفي القرن الرابع قبل الميلاد وفي كتابه (فن الشعر) حدد (ارسطو) ان تحقيق الوحدة الداخلية للعمل هي الشرط الاساس لتحقيق وظيفة العمل الفني وأشار (أرسطو) الى وحدة المكان عندما قارن بين التراجيديا والملحمة من تلك الناحية حيث ان احداث الملحمة تقع في اماكن متعددة في حين ان التراجيديا تتطلب حدوثها في مكان واحد، وعن وحدة الزمان ذكر (ارسطو) تعبر (دورة شمسية والتي تعني 24 ساعة وبما يخص وحدة الفعل فقد حدده (ارسطو) بالموضوع الواحد "له طول محدد وله بداية ووسط ونهاية".
وتذكر (الياس وحسن) ان تطبيق مبدأ الوحدات الثلاث "لم يكن الزامياً إلا في فرنسا وفي القرن السابع عشر والثامن عشر حيث اعتبر (دينيس ديدرو) بان وحدة الفعل هي الضرورية اما بقية الوحدات فمتعلقة بوحدة الفعل وليست ضرورية". اما اصحاب التيارات الفنية الحديثة والمعاصرة فقد رفضوا حتى وحدة الفعل فالفنان السوريالي مثلا لا يكوّن عمله على اساس المنطق. "ولا يهتم بالتسلسل الظاهري القائم على السبب والنتيجة" وهو مبدأ له علاقة بوحدة الفعل بل يقدم بتفتيت العمل الفني الى احداث غير مألوفة تتصف بأشكال وبنى تتعارض مع التقبل العقلي، او يعبر العمل الفني السوريالي عن افرازات اللاوعي والتي تتشابه في صورها مع صور الاحلام والكوابيس التي تنتاب الانسان في نومه حيث يغيب الرقيب على (الأيغو – الهو) وهكذا لا تظهر علامات الوحدة لا في الشكل ولا في المضمون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي