الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنكبوت خارج الزاوية (قراءة أولى لدستوبيا 13)

عبير حمدي

2021 / 11 / 4
الادب والفن



القراءة الأولى تشبه التحسّس ،إنها المصافحة المُرتبكة الأولى مع الكِتاب و الكاتب ،مطالعة بريئة و حيادية و طفولية الفضول .
قد لا تكون بتلك الحيادية في ما يتعلق بي فقد كان لي مع محمد.بوكوم الانسان لقاء و أعرف علاقته مع ديستوبيا و بما أستنزفه هذا الوضْعُ الأدبي من" دلاات"
الدم والدموع و الداء والديستوبيا .
هذا اللقاء الانساني الذي جمعني بالروائي ليس تمهيدا لتعاطفٍ بقدر ما أتاحه لي من معايشة اكثر حقيقية لهذا الانهيار .
إنّها الحقيقة التي لم تجرؤ على سرِقة عالم بوكوم الإبداعي و صيّرت له من الحديد الصدأ في الأبواب المقفلة محملاً لتذويب وعيه المعيشي و تصوّراته لتكون "ديستوبيا 13"
بإيقاعها الموسيقي و دلالاتها المشبعة بالخراب
" ديستوبيا 13 " عنوان مستفز و دامٍ توسط الغلاف المشبّع بسوداوية عاينناها في عدة لوحات بالرواية .
و بذكر اللوحات يمكننا ملاحظة العين السينمائية لمحمد

بوكوم المخرج التي ظلت ترافق محمد الروائي
ففكرة الكتابة بإعتماد أسلوب تشكيل اللوحات تُحيلنا على الانتقالية الخاصة بالمشاهد السينمائية وهذا القالب أو التركيب يحمل نوعا من السلاسة . سلاسة لاحظناها مجددا في اللغة المستعملة و في عمليات الربط بين الأحداث و خاصة في النهايات التي لم تخلُ من حوصلة الباب وفتح الأفق أو التمهيد للشخصية او للفكرة القادمة بحركة ذكية نلاحظها في اغلب الابواب بالرواية.
إنها انسيابية و انتقالية رشيقة و ذكية تجعل من ديستوبيا 13 رواية مستساغة و ديناميكية.
يفاجئنا محمد .بوكوم في ما بعد بربط بين شخصيات كنا قد ظننا بأنها لقطات عابرة لتعاود الظهور في شكل مفاجئ لنتحسس هنا أننا قد وقعنا في لعبة كتابية لا تقِلّ في صدمتها عن اللعبة التي وقع فيها وليد .
إنه كاتب مُتلاعب و متحرّك يعتمد على الايقاعية و المفاجأة و بدا هذا في توظيفه لتأشيرات تلميحية " لا أحد سأل عن ..الكل إهتمّ.." ليترك للقارئ هنا مساحة المراجعة دون أن يتعمّق فيما يُشبه وخزة إبرة أو لسعة " فرززو".
يتحرّك الايقاع مجددا بتصاعد و لُهاث يرافق القارئ

الذي أتاح له الكاتب ان يتسلّل إلى نفسية الشخصية و أن يتعرق من مسام مخاوفها .
مشاهد مريعة و سريعة تبتلعنا كأفعوانية تجعلنا نقف على مدى الأذى الذي أقحمته فينا ديستوبيا الواقع .
هذا الواقع الذي جمّله الكتّاب عادة ومزّق عنه محمّد بوكوم "ثوبه الأحمر" ليعرّي دمويته و يخرجه من" هالته " المزيفة كما لم يفعل روائي من قبل .
وقف محمد.بوكوم على الاستنزاف الانساني في تدفقه و استباحته ،على تشريع الموت و سخر من تحويله لظاهرة إحتفاء و تطهير ، على الانتهاك البشري و إستخدام الانسان ثورا كان ام ثائرا من قبل السلطة، على الفساد البوليسي والسياسي بألوانه ، على فوضى الإدارة ، على البشاعة الطبقية و على أجساد النساء الممزّقة و أثواب أحلامهنّ الملطّخة بالدماء و على جرائم الجسد المسلطة على الجنسين.
إصطحبنا إلى دواخل الاُمهات الحميمة و المائية
إلى أصواتهنّ المعقودة و أياديهنّ الممدودة للحبّ و
الثأر .
إن التناول النفسي والرمزي للشخصيات انطلاقا من الدلالات التي يحيلنا عليها انتقاء أسماء الشخصيات في مواقعهم تلك ، إلى تخبطاتهم مع ذواتهم أمام زجاج

المرايا و الكؤوس ،ثم في الحوادث التي عايشوها حِيك بدقة روائي" عنكبوت لم يشئ ان يكون بطلا أو ان يهتم الناس بوجوده" حتّى انه لم يرفق روايته بصورته أو هويّته لكنّه نجح في أن يُوقعنا في شرك ديستوبيا جريئة تتموقع خارج الزاوية .

عبيرحمدي .3 نوفمبر.2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب