الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رتقُ الهواء

عفيف إسماعيل

2006 / 8 / 25
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


*مسامرة سودانوية
)**(مثل عصفور ينقد نقدة واحدة ويطير، هكذا كنت أريد حياتي)(
وديع سعادة
الشاعر اللبناني الأصل (وديع سعادة) المهاجر لأستراليا منذ أكثر من عقدين من الزمان، يصنف البعض نصه الغارق في الواقعية المفرطة بالعدمية، وهذا الإلتباس في ظني سببه ظاهر النص الشعري لوديع سعادة في بعده الأول وملمحه الخارجي الذي يتحرك في أغلبه بين / واقع/ حلم/واقع/ وللحلم عنده في ديوانه الشعري الأخير (رتق الهواء) تفريعاته منها: أمنيات بعيدة، آمال عصية،غد مخاتل غير محدد الملامح.

في (رتقُ الهواء) يحتشد نصه بشعرية تعدد الجهات والتداعي المحكم المحدد الأطراف وغير قابل لتهويم التجديف بين تيارات اللامعني، يتشعب بين مغاور المعني يفضي حيناً إلي حلمية جذرها واقع صلد، ثم يعود ويوغل في هذا الواقع متخفياً خلف البعد الفلسفي التأملي الكثيف ، وداخلي هذا السياق يزاوج بروح العشاق المنهك لماهية الحياة بين كل موجودات الكون، وبقلق وجودي كظيم، حيناً، وسافراً في أغلب الأحيان يعطيها لساناً تتحدث به، وتشكو، وتبكي، وتضحك، وتسأل الآخر عنها وعن غيرها وعن حقها في الحياة وفق منطق عادل غير موجود. لذلك النمل، والشجر، والنسور، والكراسي والهواء،والحجارة،والحدائق،والصرخة،الفضاء،والصوت،والحائط،والمفتاح،والنبع،
والطير، ،والفراشات، والصراصير، والبنادق،والذباب، لا تترامز بل تتحدث عن نفسها بنفسها لتعلن عن نبضها الصارخ، وضجيج الحياة فيها.

يستخدم وديع سعادة ادواته الشعرية بإتقان حاذق في ديوانه الشعري (رتقُ الهواء) الصادر في العام 2005م عن دار النهار للنشر بيروت، فهو ينصب لك المتاهة ثم يجعل طريق الخروج ممكناً بلا عثرات، يفخخ الطرقات ثم يجعل الافخاخ تنقلب علي نفسها، يوازن، ثم يخلق الإختلال،يجعل الجزئيات تتشكل و تتخلق حتي تصبح كلاً ينشد الكمال،و يطلق التمني من قممه المكبوت ثم قبل ان يصير مارداً يحاصره بدخان الواقع الخانق فلا يتنفس إلا في حيزه المحدود.
أذن:
الشاعر الفاتن( وديع سعادة) يتخفف من الجماليات المفضوحة للنص الشعر العربي الحديث، يقلل من المجازات والاستعارات وغيرها من المحسنات بكل مسميتها الحديثة القديمة، يتتبع خيط السرد الواعي بمزالقه وغواياتة المفتوحة وخطورتها.

مرجعيته في دايونه الأخير "رتقُ الهواء" التأمل الباطني للاشياء من خلال مجسات الواقع في حيزه الوجودي المكتنز بالغياب ووعورة اللحظة وعبئها علي الكائن، بعد ان تخلصت روح الشاعر المفعمة بالنزوح من كل مشاعر الحنين البدائي البكائي، بل اصبح يحن بكل رحابة لكون محتمل للانسان وما جاوره من موجودات أخري.

((يا حارس الفضاء الشاسع الجهات، كم جهةً يمكنك أن تحرس؟
ستفلت منك بالتأكيد ريشةٌ على الأقلّ
وتذهب على هواها
ستنتصر نثرةٌ عليك.
يا ريشتي الصغيرة دلّيني إلى الممرّ الضيّق السرّيّ
أريد أن أتبعك
يا مُربكةَ الفضاءِ وحارسِه، يا ريشتي التي نفذَتْ
من جهة إرباك الوهم. ))***


(رتقُ الهواء) ديواني شعري يحرض الذائقة المستجيبة علي عدم الركون للإستسهال وجاهزية التلقي الخاملة، بل الديوان في مجمله دعوة للخلخلة الذهنية، وإختبار البديهيات مرة أخري عبر التشكك والتعمق فيها أكثر، له قدرة تحريك ما هو ساكن من أسئلة، وعلي قدر عالٍ من الجمالية البنائية وتراتبية العنونة المنفصلة للنصوص في انفرادها ،أو في قراءة كل الديوان كنص واحد ممتد، ونحو الإنسجام و تنمية وانسنة الكون كله.

تفضلوا معي لتصفح (رتقُ الهواء)علي الرابط ادناه في الشبيكة العنكبوتية الإكترونية تجدون الديوان كاملاً:
http://www.geocities.com/wadih2/
ــــــــــــــــــــــــــــــ
**/***: من ديوان رتق الهواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل التحول الرقمي العالمي.. أي مستقبل للكتب الإلكترونية في


.. صناعة الأزياء.. ما تأثير -الموضة السريعة- على البيئة؟




.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا


.. تصاعد ملحوظ في وتيرة العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل




.. اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة الخليل لتأمين اقتحامات