الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا عن الميتا مسرح؟! 2

سامي عبد الحميد

2021 / 11 / 7
الادب والفن


2-2
وتدعي (الدكتور نهى) ان (الميتا مسرح) يدعو الى مشاركة المتلقي في الفعل الدرامي وهذا الادعاء لا يختلف عن طروحات عدد من اصحاب (المسرح التجريبي) والتي تقتضي مشاركة الجمهور فعلياً في الحدث المسرحي كما فعلت فرقة (المسرح الحي) الاميركية في مسرحيتها (الجنة الان) وكما فعل (هو زيت شايكن) في مسرحه المفتوح وفي مسرحية (فان ايتالي) (الافعى) حيث يستدعى الجمهور لمشاركة الممثلين في افعالهم. وتعتقد الكاتبة (نهى) ان تنوّع اشكال ومعمار بنايات المسرح باعتماد المسرح الدائري حيث يحيط الجمهور بمنطقة التمثيل والمسرح الاهليلجي والدوّار حيث تدور عليه المناظر المسرحية المتعددة و"المسرح المصمم على شكل حرف (T) المستعار من خشبة عروض الازياء وغيرها، كانت تهدف الى عدم فصل الجمهور عن الممثلين كما هو الحال في مسرح العلبة الايطالي. وهذه الظاهرة ليست جديدة في تاريخ المسرح العالمي وانما هي استعادة لما هو قديم – المسرح الاغريقي والمسرح الأليزابيثي. ونذكر هنا ان المخرجين الانتقائيين امثال (ماكس راينهارت) طبقوا فرضية ان لكل مسرحية مسرحها المناسب لعرضها فالمسرحية الكلاسيكية الاغريقية يناسبها المسرح الدائري والمسرحية الشكسبيرية يناسبها المسرح اللساني، والمسرحية الواقعية يناسبها مسرح العلبة.. وهكذا.
تقول (الدكتورة نهى) ان "الميتا مسرح" يعني بقضية المتلقي – لانسان – الفرد في كينونته بأنساقها الجمعية الانسانية وليس جمهور المتلقين زمكانيا في وجودهم الاني امام العرض المسرحي، ولكي يتحقق هذا فلابد ان يخرج النص المسرحي من اسر الاطر الذاتية والمحلية الى شخصية النموذج الانساني في محدداته الحالية وملامحه المرتقبة. وكأنها لا تدري ان (المسرح) قد اخذ برأيها منذ القدم وحتى اليوم وان اغلب النصوص المسرحية والعروض تاريخيا تنطلق من الخاص الى العام ومن الذاتي الى الشمولي. فعندما يتعرض (بوجين اونيل) في مسرحيته (القرد الكثيف الشعر) الى معاناه بطلها (يانغ) فانما قصد الانسانية جمعاً، عندما تتعرض الى الظلم والقهر. وعندما يتعرض (برتولد بريخت) في مسرحيته (ارتورو اوي) للدكتاتور هتلر فانما قصد التنديد بجميع السلطات الغاشمة المتعصبة، وعندما يتعرض (يوسف العاني في مسرحيته (المفتاح) لايمان الشخصيتين (حيرة وحيران) بالخرافة التي قد يولد عن طريقها لهما وليد فانما اراد ان يكشف عن زيف ذلك الوهم لدى فئات كبيرة من الناس.
كلا ياسيدتي (نهى) لم يبق المسرح كما هو رمزه الان: القناع الضاحك والقناع الباكي بل تجاوزهما الى رموز اخرى اعمق، الى دواخل الانسان والى لاوعيه الذاتي والجمعي والى فكر الانسان وايديولوجياته، لا ياسيدتي لم يعد المسرح هذه الايام يقدم للمتفرجين افكاراً مفضوحة على طبق من ذهب بل راح المسرح يحرك مخيلتهم ويثير ادمغتهم ويجعلهم يتأملون ويفكرون ويبحثون عن بدائل لكل ما هو سلبي في مجتمعاتهم ولكن من دون ان يغلق عليهم كل الابواب للوصول الى الحقيقة وذلك باللجوء الى الغموض والابهام والتشويش ، وحتى هذه يقدمها المسرح المسرح ليدفع المتفرجين لرفعها ولإزالتها والتعرف على المقاصد المختفية خلفها.
واذا اعتقدت يا سيدتي (نهى) ان الكلمة قد فقدت اهميتها في العرض المسرحي ليحل محلها التعبير بالجسد، فان (انطونين ارتو) وبزمن طويل قبل مدعي الميتا مسرح قد اكد على فقدان اللغة المألوفة في المسرح اهميتها وفاعليتها وراح يبحث عن لغة اخرى اكثر تأثيراً في الجمهور، لغة شبيهة بالطاعون الذي يعدي ويدمر ليحل الجديد محل القديم. واذا اعتقدتِ ان ما يسمى (دراما الجسد) او (الرقص الدرامي) هو نموذج للميتا مسرح فإن هذا النموذج ليس جديداً على المسرح المسرح بل انه قديم قدم الطقوس ورقصات جوقة (الديثيرامب) قبل 500 سنة قبل الميلاد.
بعد كل هذا يبقى مصطلح (الميتا مسرح) بحاجة الى تفسير والى تبرير والى كيفية فصله عن (المسرح المسرح) او تفضيله عليه وبحاجة الى اثبات ضرورته والى اجتذابه لجمهور اوسع من جمهور (المسرح المسرح).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي