الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبوءات باكونين لنعوم تشومسكي

مازن كم الماز

2021 / 11 / 6
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


إنها مأساة و كارثة أن يقبل اليسار فكرة أن البشر ليسوا إلا منتجات تاريخية ، مجرد انعكاس لبيئتهم . لأنه ينتج عن ذلك بالطبع عدم وجود أية حواجز أو موانع أخلاقية أمام محاولة تشكيلهم و قولبتهم ليكونوا أي شيء تريده . إذا لم يكن في طبيعة البشر الداخلية ، أية غريزة داخلية للحرية ، إذا لم يكن من الجوهري في طبيعتهم أن يكونوا أحرارًا و مبدعين ، أن يسعوا ليكون عملهم و إنتاجهم تحت سيطرتهم ، إذا لم يكن ذلك جزءً من طبيعتهم فلن يوجد عندها أي سبب أخلاقي لمنحهم مثل هذه الحرية . يمكنك أن تشكلهم كما تشاء . و قد تكون أنت عندها عضوًا في اللجنة المركزية أو مديرًا لشركة كبرى أو رئيسًا لدولة فاشية أو أيًا يكن . من المثير جدًا هنا كيف أن المثقفين المعاصرين قد انتموا غالبًا لواحدة من هذه التيارات . لقد تنبأ باكونين بهذا في نهاية القرن التاسع عشر . إنها نبوءة عن العلوم الاجتماعية تحققت بالكامل للأسف و كانت واحدة من أدق النبوءات و أصدقها على الإطلاق. كان باكونين يومها يتجادل مع ماركس و كان ذلك قبل ظهور اللينينية بوقت طويل . تنبأ يومها و بدقة شديدة بأن طبقة المثقفين الصاعدة ، التي أصبحت من الممكن تمييزها كطبقة مستقلة في المجتمع الصناعي المعاصر ، ستسير بالضرورة في أحد اتجاهين . سيعتقد بعض المثقفين أن نضالات الطبقة العاملة ستمنحهم الفرصة للصعود و الاستيلاء على سلطة الدولة . و عندها ، كما قال ، سيتحولون إلى بيروقراطية حمراء ستخلق أسوأ طغيان عرفه البشر ، بالطبع ، سيفعلون ذلك كله "لمصلحة العمال أنفسهم" . هذا هو الاتجاه الأول . مثقفون آخرون سيدركون أنهم لن يستطيعوا أبدًا الوصول إلى السلطة بهذه الطريقة . لذلك فإن طريقهم إلى السلطة سيكون بارتباطهم بما نسميه اليوم برأسمالية الدولة و أن يصبحوا خدمًا لطبقتها الحاكمة . هكذا سيصبحون أحد مدراء أو مؤدلجي ( منظري ) نظام رأسمالية الدولة أو ما يعادل ذلك . و كما وصفهم يومذاك أن هؤلاء "سيضربون الشعب بعصا الشعب" . بكلمات أخرى ، سيتحدثون عن الديمقراطية لكنهم في الواقع سيضربون الشعب بعصا الديمقراطية التي سيحولونها إلى آلية للقسر و الإكراه . هكذا سيكون هناك مثقفون يعتقدون أنهم سيصلون إلى السلطة باستغلال النضالات الشعبية و آخرون يعتقدون أنهم سيفعلون ذلك بالتحالف مع من يملك السلطة الاقتصادية بالفعل . و أعتقد أن هذا وصف دقيق جدًا للقرن الذي تلا القرن الذي عاش فيه باكونين . تذكر أنه قال ذلك قبل الثورة البلشفية بخمسين عامًا ، لكنه مع ذلك استطاع أن يتنبأ بكل دقة بنمطها و بخلفيتها الايديولوجية . و تنبأ كذلك بدقة بما سيجري في مجتمعات رأسمالية الدولة الصناعية المعاصرة . و إذا نظرنا إلى الوراء إلى المائة عام الأخيرة فإننا سنرى ذلك التطور بكل وضوح . و أعتقد أن هذا سيشرح أيضًا حقيقة غريبة عن الحياة الثقافية في القرن العشرين ، أقصد تلك السهولة البالغة التي كان فيها المثقفون ينتقلون من موقع لآخر أو السهولة التي كان هؤلاء يغيرون فيها مواقفهم . الشخص الذي كان يدافع بشراسة عن ستالين يصبح وطنيًا اميركيًا متطرفًا بعد سنة فقط ، و يصبح مستعدًا لدعم أية وحشية ، لينتقل للعمل في معهد هوفر ، و يتعامل مع أكثر المؤسسات رجعية . هذا الانتقال الذي سمي بالله العاجز عن صنع التغيير ، الانتقال الذي بدأ أصيلًا في السنوات الأولى مع أشخاص مثل سالوني و غيره سيصبح مجرد نكتة بعد ذلك . إننا نرى ما يشبه ذلك اليوم أيضًا في روسيا . أسوأ القوميسارات أو موظفي النظام الشيوعي السابق هم اليوم أكثر من يتحدث بحماسة شديدة عن حرية السوق و الاستثمار و أن تصبح غنيًا و ما إلى ذلك . إنهم يقومون بذلك الانتقال أو التحول بمنتهى السهولة و هذا يصح أيضًا على الطرف الآخر . لكني أعتقد أنه لا يوجد تحول أو انتقال حقيقي هنا ، إنها مجرد تقييمات مختلفة عن أين تكمن القوة أما الايديولوجية فهي نفسها في الحالتين . و هي أن تضرب الشعب بعصا الشعب . إذا نظرت إلى النظرية الديمقراطية المعاصرة في الغرب ستجدها مشابهة لذلك ، إنها لينينية في الجوهر بشكل ملفت جدًا. إذا نظرت في التيار السائد في الفكر الديمقراطي المعاصر في الغرب على شاكلة كارول لاسويل الذي هو اليوم أحد مؤسسي علم السياسة المعاصر ، و في المجال العام يمكنك أن تجد مثقفين ويلسونيين ( نسبة لويلسون ) ، مثقفين تقدميين والتر ليبمان هو أكبر مثال عنهم في الولايات المتحدة الاميركية و الذي كان مثقفًا تقدميًا في عشرينيات القرن الماضي . كل هؤلاء طوروا نظريات عن الديمقراطية و ملفت جدًا للنظر أنهم جميعًا لينينيون في الصميم . فكرة أنه توجد في الديمقراطية طبقتين من المواطنين : العامة ، الذين يصفهم ليبمان بالجهل و أنهم دخلاء متطفلين و يقول غلاسويل عنهم أنهم اغبى من أن يفعلوا أي شيء ، أنه لا يمكننا تجاوز الدوغما التي تقول بأن الإنسان العادي أغبى من أن يستطيع فعل أي شيء . هكذا يوجد هناك الدخلاء المتطفلين و الجهلة و الذين يشكلون حوالي 90 ٪ من الناس ، و على الجهة الأخرى هناك العقلاء ، الحكماء ، الرائعون ، أصحاب النزاهة و الشرف ، الأرستقراطية المثقفة - أو أيًا كان ما ستسميهم ، و الذين يجب أن يحكموا الآخرين . هم من يجب أن يتخذ القرارات ، هم من يجب أن يفكر ، و ما إلى ذلك . أما دور الجماهير ، الدخلاء المتطفلين و الجهلة ، فهو أن يأتوا كل عدة أعوام "ليقرروا" من من بين أولئك الحكماء سيحكمهم ثم يعودوا بعدها إلى بيوتهم

نقلًا عن
https://theanarchistlibrary.org/library/noam-chomsky-bakunin-s-predictions?v=1623153701








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط شرطة يدخلون كلية مدينة نيويورك لاعتقال وتفريق المتظاهري


.. اقتحام الشرطة الأميركية جامعة كولومبيا واعتقال العشرات من ال




.. شرطة نيويورك تعتقل عددا من الطلاب المتظاهرين في جامعة كولومب


.. الشرطة في جورجيا تشتبك مع متظاهرين خرجوا ضد مشروع قانون -الع




.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطيني