الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون الواسع والعقول الضيّقة 35

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2021 / 11 / 6
الطب , والعلوم


The vast universe and narrow minds 35


ليس من السّهل الحديث عن المادّة المظلمة وهناك العديد من الباحثين لا يستطيع أن يطلق عليها حتى كلمة السّوداء أو المظلمة أو المجهولة. لأنّ إطلاق الإسم ليس عشوائيّاً لغاية ما إلّا لأنّها تعكس سلوك المادّة أو بعضاً من مواصفاتها وأحياناً يعكس الإسم وجهة نظر الباحث لعمليّة إطلاق الإسم المذكور مستنداً على تأريخه في البحث ومن خلال كذلك تأريخ زملائه قدر الإمكان! حيث لا يخلو أيّ بحث بهذا الإتّجاه من حديث عن مجهوليّة المادّة المظلمة. وفي الحقيقة تستحقّ هذه المادّة الكثير من الأبحاث لأنّها تدخل فيها العديد من فروع علوم الطّبيعة مجملاً وعلوم الأشعّة عموماً بالإضافة إلى ما أثرناه في الحلقة السابقة عن الفلسفة والنظريّة الدينية الغيبيّة. رغم أنّ نظريّة الجاذبيّة لا تتّفق مع وضع المادّة المظلمة والتي تغطّي الكمّ الأكبر من الكون. والتي تتواجد في كلّ المجرّات التي تمتلئ كذلك بالعديد من أنواع الطّاقات ومن ضمنها الطّاقة المظلمة. والملاحظ أنّ الكون من ضمن الأشياء التي تشجّع على البحث أنّ هذا الكون يكاد يكون المجهول فيه شيء مهمّ ومكمّل لتشكيل هذا الكون. حيث ترى فيه أو تدرس فيه أشياء من الظلاميّة الكثير الكثير ومن المجهول الكثير الكثير. وهذا لعمري من الأشياء التي تدفع بك إلى الأعلى والأحلى من الإندفاعات المهمّة لسبر أغوار هذه المجاهيل. لقد لوحظ من خلال الأبحاث والمراقبات العلميّة المستمرّة منذ عقود من الزّمن أنّ الأجرام السّماويّة وكلّ المكنونات الكونيّة تكون لها خاصيّة مهمّة وملاحَظة أنّ لها ظاهرة الإنجذاب إلى أشياء أو بإتّجاهات معيّنة. والإشارة إلى المادّة المظلمة كما أتصوّر. والحديث عندما يكون عن المادّة المظلمة توعَز إلى كونها إفتراضيّة وهي في الحقيقة حقيقة الوجود ولها من المميّزات والصّفات، إلّا أنّها غير معروفة بحكم الآثار التي تنتج أو الموجودة بالفعل فيها، إلّا أنّنا لا نعلم بها.
لماذا نتحدّث عن المادّة المظلمة وقد أشرنا إليها سابقاً في حلقات ماضية؟
لا تستغرب من الإشارة المستمرّة أو الإضافة فالموضوع يستحقّ منّا الكثير، ليس لأنّه يرتبط بالزّمن واللازمن فحسب، بل كذلك يمكن أن يكون عنواناً لمستقبلٍ تكون فيه الفيزياء بوضع أفضل ممّا هي عليه. هل تعلم أنّ كميّة الطّاقة التي تصدر من المكوّنات التي تنشأ في الكون وتلك الموجودة فيه منذ نشأته تصل إلى مضاعفات ما متعارف عليه؟ حيث يمكن القول أنّ مثل هذه الطّاقات ربّما تكون نوعاً من أنواع مستجدّة من الطّاقات لا علاقة لها بما هو معروف. وربّما تسأل هل قذف الكلام بهذا الشكلّ يشجّع على نشر علم ما أم يُزيد الجّهل جهلاً؟ وأقول بصريح القول أنّ الطّاقات التي تعرّفنا عليها وهي الأربع المعروفة إنّما هي طاقات نشأت ووجدت من خلال الكون المرئيّ وليس ذلك غير المرئيّ. حيث يكون التعامل مع تلك الطّاقات بعناوين معروفة منها مثلاً الطّاقة الكهرومغناطيسيّة التي تعتمد بشكلّ أساس على خاصيّة المادّة المغناطيسيّة الكهربائيّة. يمكن لك أن تتحدّث ما تشاء كيفما تشاء لكن بالدّليل، على الأقل أن يكون عقليّاً! أقول هذه المجاهيل التي يتكوّن منها الكون هي مجاهيل بالضّرورة لتكوين الكون لا أقلّ من ذلك. فالمجهول كنز ثمين وعظيم لا يدركه إلّا من أوجده. لذلك ما نمتلك من معلومات هو جزء، بل جزء بسيط من الموجودات الكونيّة. لذلك يجب أن يكون السّعي من خلال هذه المجهولات وكأنّها الينبوع الذي ينبغي لي أن أسبر أغوار الكون من خلالها. فمن هذه المادّة مثلا تصدر الإشعاعات الكهرومغناطيسيّة، وهذه الأشعّة الكهرومغناطيسيّة تتدفّق كما نعرف وفق المنطق الكلاسيكيّ بسرعة الضّوء إمّا عبر وسيط ماديّ أو بدونه. وتكون هذه التدفّقات على شكل مجالات كهربائيّة ومغناطيسيّة لتصدر موجات يطلق عليها بالموجات الكهرومغناطيسيّة. أيّ أنّ السّرعة التي قدّرت بها هي سرعة الضّوء فلو كانت السّرعة غير تلك السّرعة لكانت تلك المجالات بمواصفات غير التي نعرفها. وفي النظريّة الكموميّة يكون تدفّق هذه الأشعّة تدفقاً يكون على شكل فوتونات ونطلق عليها بكموم الضّوء. لقد لاحظت من خلال الأبحاث العديدة عند الإقتراب من المادّة المظلمة يبتعد الباحث كثيراً، والسّبب هو هذا اللغز الذي يحول دون الوصول إلى نتيجة جديدة ناصعة تساعدنا في الكشف والسّير فيه أكثر وأكثر. لكنّني أعتقد بوجود تلك الجّسيمات التي ترفد المادّة المظلمة بتلك الطّاقة التي تزداد كلّما تولّدت مثل تلك الجّسيمات من خلال التّفاعلات النوويّة المستمرّة والتي لا يمكن لأيّ وضع أن يحدّدها بسبب الطّاقة الهائلة التي تنتج وتعود إلى ذات الموضع أو لذات المكان. لذلك فأن إشعاعات هوكينغ مثلا ناتج من نواتج التغيير الذي يحصل في الكون وكذلك بالخصوص في المادّة المظلمة والتي تحتوي كما قلنا على العديد من الجّسيمات والتي يمكن أن ندخلها في إطار الجّسيمات الإفتراضيّة كما أشرنا في حلقة سابقة. والتي منها النيوترينوات التي تنتج من تفاعلات ضعيفة هي تفاعلات بيتا التي تنتج هذه الجّسيمات بالإضافة إلى الإنتاج الإفتراضيّ من هذه الجّسيمات وبالتالي القول بالجّسيمات الإفتراضيّة. والتي لوحظ وجودها بالقرب من الثّقوب السّود والتي تساعد على القول بأنّها من مؤثّرات هذه الثّقوب وبالتّالي يمكن إفتراض الطّاقة الهائلة والتي لم تظهر من خلال هذه الجّسيمات والمؤثّرات الإشعاعيّة لإشعاع هوكينغ المتولّدة من هذه الجّسيمات. ولا ننسى تأثير البعد الحراريّ الذي ينتج لنا إشعاع بلانك الذي يكون خاصيّة من خواصّ الجّسم الأسود الذي تمثّله هنا المادّة المظلمة. فلو عبّرنا عن خاصيّة من خواصّ المادّة المظلمة ستظهر بلا شكّ صيغ لها علاقة مباشرة بثابت بلانك الذي يرافق حرارة الجّسم الأسود أو لنقل الجّسم المظلم أو المادّة المظلمة! وحينما نعبّر عن الصّيغة كميّاً ستظهر هذه التقديرات بشكل جليّ، بإعتبار أنّ الصّيغة الرياضيّة هي تعبير عن الصّيغة الكميّة الحقيقيّة للفوتونات وهي التعبير الحقيقيّ كذلك لكلّ ما يتعلّق بتلك السّلوكيّات التي تنتج بفعل الجّسم الأسود أو المادّة المظلمة (راجع الحلقة رقم 26 عن مشروع غران ساسو المهمّ في هذا الإطار). رغم أنّني من المهمّ أن أشير إلى تلك الدّراسات المتعدّدة التي تتطرّق إلى أنّ المحاكاة الحاسوبيّة التي يعمل عليها الباحثون حول العلاقة ما بين المادّة المظلمة والمادّة المرئيّة بحيث يمكن معرفة الكثير من المادّة المظلمة من خلال تلك المنظورة أو المرئيّة أو المنيرة. وأنّ معرفة إحداهما مرتبط بالثّانية أيّ أنّ بالإمكان معرفة الكثير عن المظلمة من خلال ما متوفّر لدينا من معلومات حول المرئيّة. إنّ النّتيجة التي خرجت بها المحاكاة من قبل ماكغو وزملائه غير دقيقة إلى حدّ ما حيث إفترضوا أنّ كميّة المادّة المظلمة في هالة المجرّة كانت ستحدّد بدقة كميّة المادّة المرئيّة التي إنتهى بها المطاف إلى المجرّة حينما تشكّلت. وهنا يلعب في المحاكاة ما يتعلّق بسرعات دوران المجرّات على الرّغم من كونها مضبوطة إلى حدّ ما. حيث ربطوا ما بين المرئيّة والمظلمة بشكل وكأنّهما مركّب واحد في التّأثير المتبادل! وأكّدوا في المحاكاة إلى أنّ السّرع المشار إليها سترتبط بمحتوى المادّة المظلمة أو بمحتوى المادّة المرئيّة بإعتبارهما غير مستقلّين. رغم أنّ الدّراسة ذكرت إلى أنّ محتويات المادّة المظلمة والمرئيّة في المجرّات قيد الدّراسة ستتبع بعضها بعضاً. ومما أثار إعجابي هو قول المعارضين لهذه النّتائج حينما أكّد آرثر موسوفسكي من جامعة بيترسبورغ الروسيّة (أنّه من السّابق لأوانه معرفة ما إذا كانت المحاكاة قادرة على مطابقة جميع الأمثلة الواردة في دراسة ماكغو ومجموعته. وواضح عدم التوفيق في الوصول إلى نتيجة محتويات المادّة المظلمة من خلال ما موجود من المادّة المرئيّة والتي أعتقد أنّ فيها من المميّزات التي تختلف فيها عن المادّة المظلمة لأسباب ذكرتها وأذكرها على أساس إستقلاليّة المواصفات التي تتفرد بها المادّة المظلمة. لأنّ تفاعلاتها كما أعتقد تختلف عن بعض أو كلّ تفاعلات المادّة المرئيّة من خلال ملاحظة مميّزات الإشعاعات التي ظهرت والمتدفّقة أحياناً.
لقد أشارت دراسة من الدّراسات المهمّة عن النيوترينو الشمسيّ الكثير فيما يتعلّق بسلوك هذا الجّسيم الذي يمكن أن نربطه بالمادّة المظلمة وبالتّالي سيتفاعل معها موضوعه فيما يخصّ الزّمن واللازمن. تشير الدّراسة إلى أنّه ( بالرّغم من متانة النّموذج الشمسيّ في الجّانب التجريبيّ كأن يعتقد أنّ شيئاً ما يجب أن يكون خطأ في إحدهما أو في كليهما. وقد كانت قد أطلقت على هذا الوضع بمشكلة النيوترينو الشمسيّ. والتي تمّ فهمها بمجرّد دخول تذبذبات النّيوترينو وقياساتها هذه الأبحاث. حيث يجب أن يتمّ أخذ هذه التذبذبات لتلك الجّسيمات داخل الشّمس بنظر الإعتبار بالإضافة إلى المادّة داخل الشّمس. حيث تكون كثافة الإلكترونات ضخمة داخل قلب الشّمس حيث تصل كثافتها إلى 150 غرام في السّنتمتر المكعّب.وتقلّ هذه الكثافة كلّما توجّهنا إلى السّطح. ويعتقد أنّ النّيوترينوات تتحرّك عبر الشّمس بشكل ثابت حيث تنشأ هذه الجّسيمات النّاشئة من الإلكترونات في قلب الشّمس. حينها تظهر النّيوترينوات الثانية مهتزّة أو متأرجحة من سطح الشّمس وتكون هذه الكتلة وفق تأثيرات مادّة الشّمس) وهنا ما علاقة النّيوترينو الشمسيّ بالمادّة المظلمة الخالية من الشّمس؟ أقول هل بالإمكان أن نتعرّف على نيوترينو من تفاعل بيتا النوويّ الضّعيف في المادّة المظلمة إحتمالاً ام لا؟ إن كان هناك مثل هذا الجّسيم فلِمَ لا يكون لهذا الجّسيم من القدرة على مواصفات قد ذكرناها سابقاً مثل قابليّته أن يكون جسيماً إفتراضيّاً وفق فرضيّة فاينمان (راجع الحلقة 27 من هذه السّلسلة). حيث وجود الجّسيمات الإفتراضيّة وارد جدّاً خاصّة حينما توجد المادّة المظلمة التي يمكن أن تحتوي من ضمن ما تحتوي على الفراغ أو العدم الفيزيائيّ والذي يحتّم وجود الجّسيمات الإفتراضيّة التي من ضمنها هذا النّيوترينو.
لقد ذكرت عن الجّسيمات التي تتغيّر بإستمرار لكنّني أقول أنّ هذا التغيير في تلك الجّسيمات يمكن إعتباره ناتجاً عن التغيّر المستمر في طبيعة المادّة المظلمة وفيما ينتج عنها. وربّما يقول أحدهم هل هذه الألغاز صفة من الصّفات المعيّنة. أقول بلا أيّ شكّ أقول أنّ اللغز في هذه وفي غيرها صفة من صفات هذا الكون وتوسّعه صفة مهمّة وعظيمة من صفات التغيّر المستمرّ الذي يطرأ على الكون وعلى ما ينتج عنه. فلا ثبات كي يمكن القول أنّنا سنصل إلى نتيجة مطلقة في هذا الجّانب. فالتوسّع كما قلنا صفة هذا الكون وبالتّالي ستكون صفة التغيير فيه وجود وتطوّر هذه المادّة المظلمة التي تشكّل النّسبة السّاحقة من هذا الكون والتي تكبر وتتوسّع كلّما توسّع الكون وتطوّرت الجّسيمات في التّكوين والخَلْق وتطوّرت بالتّالي وجودات الجّسيمات الإفتراضيّة التي لن تنتهي ما وجد الكون وتوسّع. وبالتّالي سيكون اللازمن ملازماً للزّمن حين خَلْق الأشياء والمجرّات والتّكوينات الكونيّة عموماً. ولا نستغرب إذا لاحظنا بعض التّناقضات في قول العلماء والباحثين في هذا الإطار لأنّ التغيير صفة الكون لا صفة الباحث ولا يتلوّن في رأيه فهو ليس كسياسيّي العرب هذه الأيّام حيث التلوّن والتّغيير من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وبلا مقدّمات أوليّة أو تمهيديّة! هنا أشير إلى أهميّة التعدّد في مفاهيم الزّمن. حيث ترى أنّ الزّمن في المادّة المظلمة لغز من الألغاز كبقيّة الألغاز وكذلك اللازمن. لكن كلّما إكتشفنا شيئاً جديداً في تلك المادّة نستطيع القول أنّنا في الطّريق الصّحيح لوضع تعريف مهمّ للزّمن وللازمن. لا يمكن أن أبتعد عن القول في أنّ التّناسق الذي ينتج عن كلّ تغيّر معقّد يُدِلّك على حكمة الخالق الذي يخلق ويجعل في التغيير تناسقاً ضمنيّاً لكنّه ضمن تناسق عامّ يشمل الكون كلّه. حيث يشمل التغيير كذلك في الزّمن ومفهومه الدّاخليّ (المتعلّق بالمادّة المظلمة والذي يحمل بعضاً من صفاتها!) ناهيك عن التغيير الذي يحصل في الكون عموماً ويشمل كذلك التغيير في الزّمن الكونيّ (لا الزّمن المطلق الذي نتحدّث عنه بين الحين والآخر فهذا لا يتغيّر كموجود حتميّ لا علاقة له بالمكان ونوع المكان). يعتبر التّناسق الذي يستمرّ في الموجودات هو تناسق قد أشار إليه آينشتاين في بعض المقولات والأبحاث التي ضمّنها قول أنّ الكون يتغيّر كلّما خُلِق جسم ما أو شيء من الأشياء حيث يتغيّر الكون بما يتناسب مع شكل الجّسم المخلوق أو المخلّق وهذا لعمري قول في التّناسق ليس إلّا! بقي لي سؤال أنا الذي أطرحه وأنا سأجيب عليه. إن كانت المادّة المظلمة بهذا القدر من اللغز فهل يمكن أن نعتبرها دليلاً من الأدلّة على العدم أو وجود ذلك العدم؟ الجواب على هكذا سؤال يجب أن نقول أنّ العدم الفيزيائيّ الذي يذكره العلماء غير العدم الفلسفيّ الذي يتطرّق إليه الفلاسفة (راجع الحلقة 8 والحلقة 9)، لذلك فالتّعبير عن العدم الفيزيائيّ غير العدم الفلسفيّ، فهو موجود ولا يمكن أن أنكر أو لا أنكر من وجود الفراغ أو العدم الفيزيائيّ الذي سيغيّر بعضاً من معادلاتنا بلا شكّ.


بين الفراغ والعدم والموت!

إن كان العدم شيئاً ما أو لم يكن؟ إن كان هو الفراغ أو الموت، ما الذي يغيّر في أمر الزّمن أو اللازمن؟ في الحقيقة يكون هذا من الأسئلة التي تثار من قبل القارئ من أوّل وهلة! ولا غرابة من ذلك. لكنّ الشيء الذي ينبغي أن أقوله هنا ليس الأمر فيما يتعلّق بالعلاقة كي يتفرّد بها تعريف ما أو لا، بل الأمر يتعلّق بتعريف عامّ يشمل الفراغ الفيزيائيّ الذي يكون فيه من الجّسيمات الإفتراضيّة واللا واقعيّة من جسيمات بالمطلق! وحينها يكون الفراغ أو العدم هو وجود إفتراضيّ أو مجازيّ يستوعب الجّسيمات الإفتراضيّة التي ترتبط بالزّمن لغرض الدّراسة لا أكثر من ذلك. حيث الزّمن المستقلّ لا علاقة له بجسيمات واقعيّة أو إفتراضيّة لكنّ العلاقة تكون بتعريفه حصراً والإشارة إلى المقارنة التي نجريها لمعرفة الزّمن كمدخل من المداخل التي نستخدمها لمعرفة هذا الزّمن. في الغالب نستخدم في الفيزياء الفراغ وليس العدم بإعتبار أنّ المصطلح الثاني تعبير مجرّد غالباً ما يستخدم في الإطار الفلسفيّ رغم وجود العدم الذي نطلق عليه بالفيزيائيّ ونريد منه جغرافيّة المصطلح أيّ وجوده ومكانه المحدّد(!) لذلك نرى حينما نترجم العبارة تظهر أحياناً بعدّة معان ولكنّ المضمون يختلف من واحد إلى آخر. لقد كتبت العديد من الأبحاث في هذا الجّانب لكنّ الذي أثار في نفسي هو رأيّ قائل: أنّ مستقبل الكون سيكون بحيث يجتمع مرّة أخرى في كلّ أجزائه ومن ثمّ يتوسّع إلى الأبد أيّ إلى العدم البارد المقفر! والغريب في كلمة العدم ما يبرّر لهم تفسيرها هو هذا الذي يؤكّدونه في مقالات عديدة بلا أيّ برهان. وقد خلطوا ما بين العدم والصّفر والفراغ وأشياء أخرى لا داعي لإثارتها لوجود البعد الشّاسع معها، كما أشرنا. وحين الحديث عن الصّفر مثلاً لا يمكن لي إلّا أن أثير موضوع ضرورة وجود الصّفر في الحسابات التقليديّة حيث سنفهم جزءاً من هذه الضّرورة. ولا يخفى ما لوجود المطلق أو الحدّ الذي ننطلق منه من أهميّة كبيرة لأجل القياس بل وفي حياتنا العامّة، نستطيع أن نعبّر عن وجود ذلك الحدّ أو نقطة الإنطلاق أو قل الصّفر. فليس هو النهاية ولا هو البداية ولا هو المطلق العامّ ولا هو العدم. أبداً هو حدّ من الحدود التي ينبغي أن يكون موجوداً للوصول إلى مفهوم ما إن كان في الرياضيّات أو الفيزياء أو في العلوم الأخرى، بل وفي الحياة عموماً. كلّ ما نتطرّق إليه من موت أو موت حراريّ للأجسام أو للكون هو في الحقيقة صفر لبداية أو صفر لنهاية وليس هو العدم الفلسفيّ بل ربّما يكون عدماً فيزيائيّاً لا أكثر. هل تعلم أنّ مفهوم الذرّة الذي ورد في أدبيّات القدماء هو اللامنقسم؟ أيّ أن كلّما وصل العلم إلى حالة جديدة من اللامنقسم فهو الذرّة المقصودة أو هو الصّفر الذي يقبل أن يتزحزح في المفهوم إلى مفهوم جديد ليترك المكان لغيره من المسمّيات المتغيّرة. ولا يمكن أن نصل إلى الذرّة الحقيقيّة إلّا بعد الإنكشاف أو الكشف الكامل لكلّ مجهول في هذا الكون وهو في الحقيقة المتيسّرة غير ممكن إلى الآن، لأنّ ذلك سرّ البحث والسرّ الكبير الذي يجعل الكون مستمرّاً في التوسّع أو حتّى وصوله إلى حالة الإنكماش أو حالة التّجديد القادم. لا تستغرب فالمجهول جزء لذيذ من هذا الوجود، بل وضرورة مهمّة وتكاد تكون حتميّة!
وربّما لنا عودة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمراض الوبائية وسوء التغذية تشكل مصدر قلق صحي كبير لأطفال


.. مناصرو إسرائيل يحتشدون بمحيط الاعتصام المناهض لحرب غزة في مع




.. منظمة الصحة العالمية تحذر: اجتياح رفح يؤدي إلى حمام دم


.. صور بالأقمار الصناعية تكشف بقاء القوات الأميركية في القاعدة




.. الجيش الأوكراني يجند المصابين بالإيدز والسرطان والاضطرابات ا