الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة غير المرئية او الممحية !

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2021 / 11 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كان حضور الدولة في ضيعتنا الواقعة في جبل عامل أو " جبل الشيعية " ، يقتصر تقريبا على المدرسة الرسمية التي وضع اسسها السكان ، بدءا بمطالبة الزعيم ـ الممثل عنهم في المجلس النيابي ، بالعمل لدى وزارة التربية على ارسال معلم لكي يلقن أبناءهم القراءة و الكتابة . حيث تكفلوا في ما بعد بتقديم بناء للمدرسة على نفقتهم ، مؤلف من أربع غرف ، تشاركوا في تشييده .

كان المعلم الأول مسيحيا ، يقصد للصلاة في أيام الأحد ، مثله مثل مسيحيي القرى المحيطة ، قرية محاذية للضيعة . أما الزعيم فكان مثل غيره من الزعماء في البلاد ، سليل مقاطعجي في جبل عامل ، ممثلا للأمير الحاكم باسم السلطان العثماني ، تحت إشراف و مراقبة ولاته ، في صيدا و دمشق و طرابلس و عكا احيانا . من المعروف أن المقاطعجي كان مكلفا بجمع الضرائب من الفلاحين ، استنادا إلى أن الأرض هي ملكية " اميرية " ، أي للدولة العثمانية و ان الفلاح يتمتع باستغلالها بإذن من الدولة مقابل ضريبة يفرضها المقاطعجي الذي يأخد منها نصيبه ، ثم ينقل الحصيلة المتبقية إلى الأمير و إلى الوالي قبل أن تصب في خزائن الدولة .ومن البديهي أن جميع هذه المناصب من مقاطعجي و صعودا إلى أمير البلاد كانت في لب البنية السياسة للسلطنة التي تبتغي منها أكبر قدرمن المال و أكثر عدد من العسكر لضمان ديمومتها .

يلاحظ المرء من خلال مراجعة تاريخية أن السكان في جبل عامل " جبل الشيعية " كانوا خليطا بنسبة ما ن بين شيعة و مسيحيين ، في العديد من القرى و البلدات حيث كانوا فيها يتشابهون ليس فقط باللباس والملامح و لكن بالشُهرة أيضا ، دليلا على أن فروع بعض العائلات في هذا الجبل ، تشيعت أو تنصرت ، في أغلب الظن لاسباب معيشية .

يحسن القول في هذا الصدد أن ظاهرة انضمام فرع من فروع العائلة إلى ديانة غير ديانتها الأصلية ، خاصة في البلدات المختلطة ، واضحة جدا ، و للتذكير ألمح إليها الكاتب أمين معلوف في روايته الشهيرة " صخرة طانيوس " . وهي تتبدى أيضا في فترة إمارة المعنيين و الشهابيين ، من خلال انتقال الحكم من المعنيين و هم من الدروز إلى الشهابيين و هؤلاء من السنة عن طريق المصاهرة ، علما أن بعض قادة العائلة الشهابية تنصروا في و قت لاحق .

تجدر الملاحظة هنا إلى أن الصراعات كان يقع في تلك الفترة في داخل العائلة و بين أبناء الطائفة حيث كان الدافع اليها في أغلب الأحيان ، السباق نحو الأمارة كما جرى في العائلة الشهابية نفسها ، أو التودد للأمير أو الوالي أملا بالحصول منه على إقطاعة أو على لقب مشيخة أو باشوية أو أمير ، أو التنافس على الفوز بالتكليف بالمقاطعجية ، و لم يكن ذو طابع طائفي ديني بارز في في دولة عثمانية أسلامية سنية .

الرأي عندي أن المسألة الطائفية اكتسبت أهمية في ما بعد كونها اتُّخذت من قبل القوى الكبرى أداة لتجزئة و اقتسام تركة الدولة العثمانية في فترة تراجعها و انحطاطها ، في البلاد السورية عموما و في لبنان خصوصا ، عن طريق إقناع المقاطعجية في " جبال الطوائف " بتغليب هوية الطائفة على الإنتماء إلى الجماعة الوطنية. بكلام أكثر صراحة أقنعوا المقاطعجي بتغليب مصلحته الشخصية و العائلية من خلال الاستمرار في ممارسة دوره كمقاطعجي طائفي ، على مصلحة المقيدة اسمائهم في سجل الطائفة التي تتحقق في أندماجهم في مجتمع وطني خال من " جدران الفصل " و من خلال شراكة في العيش قائمة على أساس المساواة و العدل و التضامن . لقد أفلس المقاطعجيون في لبنان الدولة و المصرف و الغوا المثالية الوطنية ، فصارت البلاد مثل الغابة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد