الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار واليمين : تأملات في رؤى عراقية معاصرة.

مظهر محمد صالح

2021 / 11 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


اليسار واليمين : تأملات في رؤى عراقية معاصرة.
د. مظهر محمد صالح

قادتني الصدفة الموضوعية بان اقرأ في غضون يوم واحد كتابات متقاربة لعملاقين فكريين عراقيين طرحا مسالة اليسار واليمين في نزعة حداثوية تحليلية تستحق الوقوف عندها وعبر تاريخ شائك افرزته كماليات عصر النهضة الاوروبية ونهاياته ،وتقدم الفكر السياسي الاوروبي وولوج الثورة الصناعية الاولى ودخولها مراحل نضجها السوسيولوجي وتقدم مؤسساتها الاقتصادية وتنظيماتها الطبقية ، فالاول هو ما كتبه الدكتور فارس كمال نظمي تحت عنوان : اليمين واليسار في العراق .. قراءة مغايرة لثنائية قديمة....
والثانية ماكتبه الاستاذ ابراهيم العبادي تحت عنوان اليسار الاسلامي العراقي . اذ جسدت كتابات العبادي (بانوراما ) نادرة في التصدي لواحدة من اعقد الموضوعات على مسار التاريخ الاسلامي بمدارسه وايديولوجيته ولونت امبراطورياته الكبيرة على مدار ١٤٠٠ عام. وما يمكن قوله من رؤى موضوعية ، يؤكد الى حد بعيد انه لم تفلح كثير من كتابات المجددين في الفكر الاسلامي في تغيير الخطاب الديني عبر كينونة الصراع في محاور طبقية امثال حسن حنفي او احمد عباس صالح وغيرهم ، فنطاق الخطاب بقى متلبسا بالقضايا الخلافية التي رسخها التاريخ العربي الذي كتب بمهارة كما يقال في عهد الدولة الاموية والعهود التي تلتها وان المحاولات التي بذلت لدفع التيار الذي قاده اليسار الاسلامي في مصر تحديدا اصطدمت بضعف تجسيد حجتها وخطابها في التغيير ، اذ كان الخطاب كثيراً ما يصطدم بمسالك اعتقادية لم تحقق الاقتناع به من جمهور المسلمين بسبب نصوص قديمة وضعت بمهارة لخدمة المؤسسة السياسية الاموية لتصبح لها قدسية مطلقه لايسمح لاحد الخوض فيها. لذلك ما اثاره الاستاذ ابراهيم العبادي من ان الفكرة التحليلية لليسار الاسلامي قد سلطت الضوء على محور مهم لم يخرج من مقاربات الصراع الطبقي في حقوق الملكية وربما اقرنت النضال الاسلامي بشي يظل اقرب الى الجدلية التاريخية( لهيغل )او المادية التاريخية (لكارل ماركس )في تحليل التحولات الاجتماعية والتي جاءت كي تجد لنفسها منهجا يحظى بقبول جمهرة المسلمين (بكونها اديولوجيا اجتماعية تقاوم طغيان الملكية والاستغلال تحت يافطة الشرعية الدينية). فما طرحه احمد عباس صالح في كتابه اليسار واليمين في الاسلام على سبيل المثال ظل اكثر تصادما مع الحرس الايديولوجي القديم الذي تمثله مؤسسة الازهر الشريف في موضوع اليسار واليمين في الاسلام مقارنة بكتابات طه حسين في تناول موضوع الفتنة الكبرى او محمود العقاد في تصديه لشخصية ابا ذر الغفاري ونزعته اليسارية او الكاتب على الشرقاوي في مؤلفه الشهير :علي امام المتقين .
شخصيا وجدت فيما كتبه الدكتور فارس كمال نظمي في موضوع اليسار واليمين في العراق اطلالة مهمة في تحليل تاريخ الصراع السوسيوسياسي وبانسيابية عالية ليس من اليسير تصنيفها الى معسكرين واضحين في مثل هذا المزيج التاريخي والموقفي والمعتقدي الشائك وباطواره التاريخية يمينا وشمالاً.اذ تكتشف حقاً وانت تتفحص ذلك البحث التحليلي في طرح ثنائية اليمين واليسار ان ثمة تفسيرا (كلياً Macro )في قصدية اليسار واليمين يظل ملتبساً .
فالمدرسة الهيغلية الجدلية في التطور التاريخي بالاركان الثلاثة لها ربما كانت تعمل على سبيل المثال بكفتي اليمين واليسار دون ذكرهما كاساس في تفسير اليسار واداة ومادة للتطور والتغيير .كذلك مافعلته الماركسية في تحليل المادية التاريخية من توصيف التطور داخل مراحل التاريخ الاجتماعي وعدته تطورا كميا تدريجياً في الصراع بين القوى المستغِلة والقوى المستغَلةevolution لبلوغ الانعطاف الحاد في التطور وهي الثورات revolutions والانتقال الى مرحلة جديدة في الصراع على الملكية مُفسرة ضمناً ظاهرتي اليسار واليمين . فبعد ان تجد في استمرارية الصراع الطبقي اوالصراع على الملكية (تفصيلا ذاتياً او تلقائيا) يغلف طرفي اليسار واليمين كقوى اجتماعية دون فرز الصراع على انه يمينيا او يسارياً لتنتهي الغلبة بحكم التطور التاريخي الى كفة أصحاب القضية في التحول والثروة وهم قوى اليسار الطبقي .
فالمساهمة الفكرية الفذة للدكتور فارس نظمي هي في تناول فكرتي اليسار واليمين من منظور جزئي Micro aspect حقا... وهو جوهر التفسير الدقيق لقضية تعويق حركة التاريخ والتحولات الاجتماعية وديناميكيتها والاخلال بمساراتها او التباطوء في توقيتات انقلاباتها الزمنية حين نضوجها . فلا ادري كم كان (تروتسكي ) يساريا ازاء طغيان الاستالينية اليمينية وكلاهما من مدرسة التطور التاريخي سواء في طرح موضوع الثورة الدائمة او الاشتراكية في بلد واحد عبر حرق المراحل او غيرها من التفسيرات في بلوغ التحول نحو الاشتراكية في روسيا ... !!!! ؟؟ وبالرغم مما تقدم ،ستبقى الفروق صارخة بين مصطلحي (اليسار واليمين ) تجسد صراعات (جزئية ) في مسارات التغيير ( الكلية) ، وستبقى حركة التاريخ محور الصراع الاجتماعي الكامن بين اليسار واليمين ضمناً عند بلوغ نقطة الاتقاد الجمعي وهي الثورة revolution .
ختاماً، ستظل الاختلافات والانقسامات الجزئية ببن اليسار واليمين هي نتاج التطور الكمي في صيرورات التغير ومقدماتها الكمية evolution ضمن محاور التغيير والصراع التاريخي الشامل او الكلي عبر التاريخ الانساني.
(( انتهى))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في افتتاح المهرجان التضا


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ




.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب


.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام




.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ