الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصداقية في العرض المسرحي 2

سامي عبد الحميد

2021 / 11 / 10
الادب والفن


-2-
وعند التطرق الى الزي الذي يرتديه الممثل ، وهو عنصر آخر من عناصر العرض، فلا بد ان يكون طراز الزي مستعملاً في الحياة ولا بد ان يكون مناسباً للشخصية إلا اذا كان هناك مبرر لخلاف ذلك فليس من المعقول ان يرتدي استاذ جامعة (دشداشة) اللّهم إلا اذا كان هناك مبرر لهذا اللباس. وهنا يدخل مبدأ (الدقة التاريخية) في المسرحيات التي تتناول شخوصاً من الماضي ومن اماكن غير مكان المتفرج او اذا كانت المسرحية تتعرض لأحداث تاريخية، فلا بد عندئذٍ من ان يكون طراز الأزياء المسرحية مشابهاً لطراز الملابس في زمانها ومكانها وليس في زمان ومكان مؤلف النص او في زمان ومكان العرض، إلا اذا اراد المخرج ان يفرض رؤيته الخاصة المبررة.
وهناك عدد من المخرجين يستعملون ما يسمى (الازياء الوظيفية) وهي التي يؤدي الممثلون بواسطتها وظيفتهم من غير التزام بمبدأ المطابقة وهنا فأن التبرير الفني هو التجريد.
ويسري مبدأ (التجريد) على المنظر المسرحي ايضاً فهناك عدد من المخرجين لا يهتمون بان يكون المنظر ممثلاً لمكان وبيئة الاحداث المسرحية بعناصرها المختلفة، وبما فيها العناصر المعمارية ، او ان يمثل المنظر مجرد خلفية يمثل امامها الممثلون ادوارهم فلا يتعاملون مع مفردات هذه الخلفية وكأنها عناصر بيئية بل مجرد عناصر جمالية.
يستطيع المخرج ان يجرّد المنظر المسرحي الواقعي من تفاصيله مبرراً ذلك فنياً ويستطيع المخرج في المسرحية التاريخية التي يخرجها ان يطلب من مصمم المنظر تحقيق الدقة التاريخية أي ان تكون معمارية المكان مطابقة لمعمارية مكان وزمان الأحداث المسرحية وليس معمارية زمان ومكان مؤلف المسرحية او معمارية زمان ومكان المصمم والمخرج، والمهم هنا ان يكون التجريد في المنظر مقنعاً للمتفرج.
ما نلاحظه هذه الأيام ان عدداً من المخرجين ليس في بلدنا وحسب بل في بلاد اخرى لا يهتمون بالصدقية ولا يلتزمون بمطابقة الشكل للمضمون، او تناسبها ولا يفكرون بالتبرير ويحملون العشوائية معتقدين وهماً بأن مخيلتهم قد قادتهم الى مثل تلك العشوائية، وان الفن لا منطق فيه وان وحدة العمل الفني مبدأ اكل الدهر عليه وشرب، وقد يكون ذلك صحيحاً لدى اصحاب التيارات غير الواقعية كالتعبيرية والسوريالية والتي يعتقد اصحابها ان الحقيقة كامنة في العقل الباطن وفي لا وعي الانسان وان المظهر الخارجي لا يمثل الا جزءاً صغيراً من الحقيقة، وبناءً عليه يبررون الاشكال الغريبة والظواهر المتناقضة التي يعتمدونها في مادتهم الفنية ومثل هذا التبرير الفني ليس الا انعكاساً للتبرير الحياتي فاللاوعي والصور الحلمية الغريب جزء من حياة الانسان وعالمه الداخلي.
نعم هناك عدد من الفنانين ومنهم المسرحيون يلجأون الى العشوائية والغموض والفوضى والتشظي كوسائل للتعبير الفني معتقدين انهم بذلك انما يعكسون واقع الحياة في هذا العصر الذي يخلو من المنطق والتبرير احياناً ولكنهم يفعلون ذلك عن خبرة ودراسة لا عن جهل وسذاجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي