الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليل

حسين هاشم

2006 / 8 / 26
الادب والفن


سأكتبُ شيئاً عن الليلِ
أقرؤهُ نقطةً ، نقطةً ، دونما فاصلهْ
وسأدخلهُ بثيابِ الوليِّ ،
وأسجدُ في جوفهِ لمدى الحبرِ ،
والورقِ البكرِ ،
أشتاقهُ لحظةَ الوجدِ أو لحظاتِ
البكاءِ المزنّرِ
عتماً وخوفاً .
وأشتاقهُ لحظاتِ الفرحْ ، وامتلاءَ
مواويلهِ ، رقصهُ
وأغاني سهادِ المحبّينَ في وقتهِ الثرِّ
هذا :
المحبُّ ، الجميلُ ، الستورُ ، البهيُّ ،
المخيفُ ، المغنّي ، الشفيفُ ، الضعيفُ ،
القويُّ ، القويْ




بهِ تزهرُ الكلماتُ ، وعشاقها
والنجومُ من الشّعرِ
وهو المحبُّ المجلجلُ
بالشوقْ
راياتهُ ... الوارفهْ
تطاولُ زهرَ الأناشيدِ ، دفءَ المشاويرْ
لهُ شجرُ العمرِ
بوح المغني الشجيُُّ
لهُ الجمرُ
قبلَ الرمادِ المهيمنِ
عمرٌ من الخوفِ والعشقِ ، والصورِ الضائعهْ
والبكاءُ المخبأُ في عُبِّهِ
يَلسعُ القلبَ ، يجلوهُ :
حتّى يصيرَ من الدمعِ أنقى ،
وبهِ يأمنُ العاشقونَ
ويطبخُ فيهِ الطّغاةُ ممالكهم
والزنازينُ ترجفُ خوفاً على ساكنيها .







هو الليلُ :
من بدئها تطفئُ الأرضُ أنوارَها
كي ينامَ على حُلمٍ مفعمٍ بالحنينِ
إلى الصبواتِ
وفيهِ يجمّعُ دفءُ الكؤؤسِ الصحابَ
يغنّونَ بوحاً شجيّاً ، ويبكونَ في
لحظاتِ الولوجِ المدمّى
إلى الخوفْ
قاتلٌ ، قادرٌ
وجميلٌ إذا ضمَّ بين جناحيهِ
عشّاقهُ المتعبين
وارفٌ مرّةً
وإذا صدَّ فهو شحيحٌ ضنينْ
وهوَ يعلمُ :
أنَّ الملوكَ إذا دخلوا قريةً
أفسدوا زرعها
نشّفوا ضرعها .







هو الليلُ قلبُ البسيطةِ
عاشقها
ما يكونُ ، وما لا يكونْ
زهرةٌ يقصفُ البردُ أوراقها ،
فيخبئها الليلُ في عبِّهِ
مثقلاً بالندى ، والجنونْ ،
وإذا نهدتْ وردةٌ قطفوها
وداسوا تويجاتها
ثمَّ قالوا : هو الليلُ مفترسٌ
وخؤونْ
وهم يدخلونَ القرى : يفسدون
بها الزرعَ والضرعَ
هم يفسدونْ .
ويعذّبهم سريانُ الأغاني بشريانهِ
يطربون لصوتِ المعذَّبِ فيهِ
وتبهجهم رجفةُ الخوفِ
في أضلعِ الخائفينْ .







هو الليلُ : عتمٌ إذا شاءَ
إن برقت روحه ، يملأُ الكونَ ناراً
ويرسلُ برقيّة الخصبِ للأرضِ
يوقظها من سباتِ المواتِ
الأليمِ
فترسلُ أطيارها ، لونَ أعشابها
عطرَ أزهارها
تملأُ الكون بالضحكاتِ الأليفهْ
يفيضُ بها جَسَدُ الليلِ ، يمضي
بها صوبَ عشّاقهِ الحالمينَ
بضوءِ أمانيهِ
دفءِ أغانيهِ


يرفعُ كأسَ المحبةِ ، يشربُ
في صحةِ الكونِ ، ثمَّ ينامُ
فأصرخُ ... يا ليلْ
لا يا خليلي انتظرني
انتظرني ... قليلاً
فيغفو ، وأسهرُ أسهرُ خوفاً عليهِ
وأحرسُ فيهِ الهدوءَ الجميلا
أقيمُ على روحهِ الصلواتِ الفريدةَ
يرشحُ منها البكاءُ الموشّى ، بأحلامنا
فتنوسُ البلادُ
تلوذُ بأحبابها الخائفينَ
وتدنو ـ على خجلٍ ـ جثثُ الشهداءِ
يصيرُ البكاءُ طويلاً ، طويلاً
طويلا
يصيرُ عويلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07