الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتهاء الصلاحية-7-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 11 / 11
الادب والفن


يمرّ شريط الذكريات أمامي ، وأرى صديقتي نهرين ، وكانت تنتمي لأحد الأحزاب قالت لي: عرضت على جميع الرفاق موضوع الزواج ولم يقبلوا ، هذا . قالته نهرين يومها إلى أن عادت من المهجر بزيارة خاطفة ، وجميع الشبان الذين رفضوها عادوا وطلبوا منها الزواج فرفضتهم.
نهرين كانت تعيش ضمن عائلة مكونة من أكثر من 13 شخص حيث أن أخاها تزوج ، و أنجب أولاده الأربعة بينهم .
كنت أمرّ في الصباح أحياناً على بيتهم فأراهم يفطرون سلطة البندورة ، تقول لي: ليس لدينا ثمن الجبن ، نفرم كيلو بندورة وهي رخيصة في الصيف ويشبع الجميع منه . نضع له ملح الليمون .
لم تعد تأتي نهرين ، وفي رسالتها الأخيرة لي قالت: لا أشعر بالانتماء فحذفتها من صداقتي.
هل هناك أحد لا يشعر بالانتماء إلى هذا الوطن؟
-لكنّها ليست من هذا الوطن . اسمها يدل على ذلك.
-لم أكن أعتقد أن هناك من هو غير عربي.
-هؤلاء تعرضوا لمجازر في الماضي ، يقرؤون الخطر.
هل تقصد أننا لم نتعرض لمجازر ؟ لقد مات جدي و أعمامي في الدفاع عن القدس أليست هذه مجزرة . لا . الموضوع برمته أننا نعتقد أن الموت بطولة ، وهم يعتقدون أن الحياة فرصة . ليس فقط صديقتي نهرين ، فقد كان شاب اسمه دلو في حينا يقال أنه مجنون هاجر، وعندما عاد رأيت أنه يحمل بطاقة فنان.
-إذاً أنت موافقة أن نعبر النهر مهما كانت النتيجة.
-في هذا المكان يتوقف الحلم بالحياة
ممنوع أن تحلم، أن تصبح إنساناً ذا قيمة
نحن هنا أشياء
تحت رغبة المعلم
تحت رغبة صاحب شركة
ينتهك جسدك ، حياتك
ذلك الرجل الذي اغتصبني
أسس فرع للنسوية لمحاربة التّحرش. ليس العذر فيه ، بل فينا. نحن نصدّق الإشاعات ، نستسلم لصاحبها،نمجده.
-بالنسبة لي لم أر سوى الوهم في حياتي . كدت أموت و أحصل على الشهادة ، لا أدري ماذا أفعل بها. لماذا تعلّمنا ، فليس في دراستنا علم حقيقي ، بل جمود يجعل عقولنا قاسية كالحجر. الآن لا أهتم سوى باللجوء إلى مكان لا يضطهدني ، حتى لو كان غابة.
-لا ينتهي الليل ، ينتهك جسدي
أرضخ له مرغمة
تطل منه كوابيسي سعيدة
جعلها الليل تمرّ إلي
كم مرة حاولت أن أطردها
نجحت
في غفلة مني أتت
تدور حولي
تذكرني بي
أرفضني
أرغب أن لا أكون تلك الفتاة الخائفة
لكنني هي
أخاف من الحياة
من المجتمع
من العائلة
جميع هؤلاء غير موجودين ، لكنّني أخافهم
سيطروا على حياتي
أهرب منهم ، يتبعونني
أقتلهم، يعودون للحياة
أخافهم رغم عدم جودهم
هم الوهم الذي شكلّ حياتي


. . .
هذا الليل طويل
أستعرض فيه مسيرة حياة
أصبح كورقة تتقلذفها الريح
كأنني أحبّ أمي
اتهمتها وكان اتهامي في مكانه
لم أسأل لماذا أمي لا تحبني
هي لا تحبني لأنني فتاة
لأنني أشبهها
لا ترغب أن أشبهها فأتعرض لما تعرضت له . أختي نغم قتلت ، و أخي في السجن، و أنا سوف أهاجر . من يبقى لها في تلك الدنيا؟
لن أعاتبك يا أمي
سوف أحبك
أحبك كإنسان
سامحتك
هل تسامحينني لأنني لم أتزوج
لآنني أصبحت عانساً
لآنني خاطئة
كنت ترغبين أن نكون بحال جيد
عذرا يا أمي
سوف تكونين وحيدة
لكنني لن أتخلى عنك
. . .
-أطمح في وظيفة متواضعة في حقوق الإنسان
ابن عمي ماجد نجح في مسابقة بسبب ذكائه ، وهو اليوم رئيس منظمة تعنى بخقوق الإنسان رغم أنه ليس لديه شهادة.
بعضهم يقول أنه وصولي ، و انتهازي
ما العيب إذا كان بتظر الفرصة ويسعى لها. أنا أيضاً انتهازي ، لكنني غير معروف .
هل هناك شخص يرفض الوصول إلى فرصة ؟
أليس جميعنا نحارب من أجل فرصة؟
-هذا الكلام لا يعنيني . أصبحت أفكّر كأمي ، لا أحب الآناث
لولم أكن أنثى لحفرت في الصخر
درت في بلاد العالم
أصبحت غنياً
كوني أنثى منعني من ممارسة حياتي .
لماذا خلقت أنثى ؟
يمكنني التغيير
ألبس ثياب رجل
أعيش في مدينة أخر ى
سوف ألبس ثياب رجل كي لا أخاف من الناس، لا أعتقد أن للأنثى قيمة في أي مكان .
-لكن في الغرب هناك مساواة .
-الأنثى هي الأنثى . كائن مسلوب الإرادة -حسب تجربتي-فلو لم أكن أنثى وكنت في نفس مستوى الطموح لحققت الكثير .
لا أعرف الليل خارج حجرتي . في مرة خرجت الساعة الثامنة مساء . ضاع علي الطريق . الأنثى تشبه الصيد الثمين ، يمكن أن يصطادها أحد ما في أي مكان في العالم .
-الأنثى هي نصف الكون ، بدونها لا طعم للحياة.
. . .
في الغد سوف أرحل
من أجل عالم أفضل
هل يستحق الأمر ؟
أليس الموت حلاً ؟
كيف سوف أغادر و أنا لا أجيد أبسط الأمور ؟
لا أعرفني
لا أستطيع التركيز
تمرّ الجموع أماي ولا أراها
قد لا أشعر بالحياة
لا يمكن إعادة الحياة بعد الموت
لم ينته الليل
أنظر إلى اللاشيء
تأتي منه خيالات مرعبة
أمي تغط في نوم عميق
قرينتي تتمسك بي
أرغب أن أصرخ
لا. لن أخافك أيتها القرينة
أنت صديقة المهزومين
أصرخ في داخلي : أمي
أعض على الوسادة كي لا تسمعني وتستيقظ من نومها
أمي لا تحميني حتى من القرينة
تهرب الأمهات من الحماية
. . .
سوف أتسلى بهاتفي ريثما يطلع الفجر ، هو من فضل المعلم عليّ. أبدأ في الفيس بوك . نعوات ، صور أموات ، أشياء تصد النفس. كأنّ الجميع مثلي زاهدون في الحياة ، بل يجب أن يكونوا مثلي. نحن ننتمي إلى نفس المكان . سوف أكمل . لا . لن أكمل. أنا هاربة من نفسي ، من أفكاري، حياتي ، وكل الذي يذّكرني بي.
أقرأ الصحف . ماهدا؟ كأنهم نسخوا المقالات عن بعضهم البعض . نفس المواد في عناوين مختلفة .
سوف أكتب رسائل لنمر
-هل استيقظت ؟
-لم أنم ، ولا أرغب في النوم . سوف أخرج قليلاً ، أدخّن سيجارة علني أسيطر على ذلك الاضطراب .
-التدخين إدمان قد يقضي على حياتك .
-في الحقيقة نعم هو إدمان ، لكنني رأيت الجميع يدخنون ، بل إن السيجارة لديهم هامة أكثر من أبنائهم . إنها عادة . سوف أحاول التخلص منها، لكن ليس الآن بالطبع ، كل الإدمانات في وطني متاحة إلا إدمان الحرية. انظري إلى الفيس : افتحي صفحة جارنا اسماعيل ، وضع صورة لمشروب ، يتباهى أنه مدمن
افتحي على صورة آدم. له فيديو جريء ، يشتم فيه الدولة ، وقد تعاطى الحشيش. هؤلاء قادتنا ، كلماتهم مسموعة . هم ليسوا رؤساء ، بل زعماء . الجميع مدمن لضرب الأعناق ، لذا سوف نهاجر.

-أنا أيضاً لم أنم . أفكّر أن ألبس لباس رجل منذ الغد ولبقية عمري!
-نحن بشر ياعزيزتي ، ويجب أن نكون رجلاً و امرأة .
أحبّك أنثى
أحبّك أنثى في هيئة إنسان
تشبهين نسمة عليلة
اخترقت قلبي
لا تبدّلي صورة الأنثى التي أحببتها
أنت الأمل اوحيد لي
لو تغيرت أفقد الأمل
. .
حل الصباح . لا زال أمامنا متسع من الوقت للرحيل . خمس ساعات سوف تكون بطول عمر . كأننا نمشي إلى قدرنا .
ماذا سوف نجد في ذلك المجهول الذي سوف نذهب إليه؟
المجهول كالعتمة قد تعثر فيه على أشياء لم تكن تتوقعها
-أنا لا أتوقع شيئاً يانمر . لماذا سوف تتغير حياتي ؟ هل يمكن لذلك المجهول أن يقتلع مني حياة النائمة في بئر ، يغرس في حياة أخرى؟
-لن يكون الوضع سيئاً ، أو بالأحرى لن يكون أسوأ مما نحن فيه. لا أصدق كيف سوف تكون البداية . سوف أوثقها كي تبقى ذكرى لأولادنا .
-تتحدث، وكأننا سوف نذهب إلى النعيم ويكون لنا أولاد . مر ثلاثون عاماً بلمح البصر، قد تمر الأعوام ولا يكون لنا أولاد.
-قليلا من التفاؤل أرجوك! أرغب في اجتياز الرّحلة . أرغب في العيسش ، أحب الحياة ، أتمنى أن تحبيها أنت أيضاً . دعي اليوم يمر. قولي لي سوف نكون بخير. كلماتك كالسحر تعطيني الدافع للحياة .
أما عني:
فإنني اليوم أحلم بالجنة
أحلم بك أميرة
أحلم بأرض جميلة تجمعنا
نتخلص من الهموم
تكنين أنت ملكة الزمان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال