الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشكيل اللغوي ودوره في بناء جمالية الصورة في (طلاسم العطش ) للشاعرة منوّر ملا حسون

طالب عمران المعموري

2021 / 11 / 11
الادب والفن


منجز شعري يكشف عن ملكة ابداعية وامكانات عالية في تشكيل اللغة ، المجموعة الشعرية (طلاسم العطش) للشاعرة منوّر ملا حسون ، الشاعرة واحدة من كبار شعراء كركوك الذي اغنوا الساحة الادبية والثقافية مزيدا من الاسهامات ، وخصوصية لغتها الشعرية في جميع المستويات (اللغة ، الجمال ، الموضوع) كتب عنها الكثير ، قراءات ودراسات ،ضمت هذه المجموعة ثلاثة وعشرين نصاً شعرياً
نحاول الوقوف عند عنونة المجموعة الشعرية (طلاسم العطش) كأسلوب جديد متفرد كأنه ملخص المجموعة لمعنى او دلالة انزياحيه موحية يبتغيها الشاعر
جاء العنوان مركبا جملة اسمية مكثفاً ومختزلاً ينطوي على ابعاد عميقة يعد اولى العتبات المفضية الى عالم النص بما يحمله من مخزون وطاقة دلالية ويثير في ذهن المتلقي تساؤلات عدة لا يستطيع الاجابة عنها مالم يقتحم اغوار المجموعة
وقبل سبر أغوار نصوص المجموعة لابد من معرفة الكينونة الفكرية وطبيعة توجهها ، تبقى الشاعرة متأثرة بكل ما يحيطها، حياة الاحباط في بلد متعب مثقل بالجراح كفرد في المجتمع المسلم من الفقد ، والفقر والمرض ، كل ذلك له الاثر انعكس في عالمها الشعري.
اختارت عنونة لقصائدها متناغم مع نصوصها تكتب بتلقائية وبلا تكلف ترسل كلماتها فتخترق القلوب، يتجلى ذلك في:
( في عتمة ضياء ارجواني) عنونه تحمل في طياتها ثنائية ضدية ، عتمة / ضياء، التي تستعرض لنا من خلالها ، حبها الكبير لمدينتها (كركوك) ، ومدى انشغالها واهتمامها بواقعها المزري وسط الخراب الذي نعيشه ، وتنقل لنا مكانة هذه المدينة ووقعها في قلبها وروحها ، وهمها الكبير، وبينت مكانة هذه المدينة وتاريخها المجيد العتيد ، ومجموعة الاسماء التي اطلقت عليها ، مثل مدينة الذهب الاسود ، أرابخا/ التبر الاسود / وبينت حبها العميق ، وما آلت اليه ، تضعنا الشاعرة في هذه الفضاء الرحب ، بلغة وانسيابيه تدل على صدق هذه المشاعر الجياشة الملتهبة المتوهجة
لم يكن حزن الشاعرة شخصيا فحسب وإنما لجميع الانسانية, وأن هموم الشاعرة متأثرة بالهم الاجتماعي واحساسها بما موجود كحالة انعكاسية(سيكولوجية النص) لما تعانيه وتعيشه هي والمجتمع الذي تنتمي اليه ولّدت لديها تلك الارهاصات الشعرية التي اضفت صبغتها على النص.
حيث ولدت الشاعرة في اسرة تحب الادب فقد عاشت الأدب منذ طفولتها وهي تستلهم الخيال من مكتبة عامرة في بيتهم ومن حكايات وقصص الانبياء وبصوت والدها وهو يتلو الآيات القرآنية الذي كان غذاء طفولتها الروحي.
اللغة مادتها التي تصوغ بها منتجها الإبداعي .. فلابد لهذه اللغة أن تكون قادرة على احتواء فلسفتها الشعريه فهي لصيقة بالشاعرة ومعبرة عن هوية كتابتها.
ترسم لنا الشاعرة بلغة ابداعية نابعة من هواجسها النفسية ترسم لنا صورة او صور متعددة أمام المتلقي، صورة لغوية تجديدية تعطي للقصيدة دلالاتها بعيدا عن السطحية المملة. ص20

وأنا أحمل الوطنَ المسلوبَ في أحرفي !
لم تزلْ
خُطى (سلطان ساقى)
على صدري ...
تمتصُ هموم ابن الدهر(كوركوربابا*)
ولأن حُب الأرض دينٌ ،
لا زالت عروق (النبي دانيال)
تلتصق بنبض قلعتي الشماء
وهو في صرخة الإباء باقٍ ..
زارني طيف ُ( شحراب)*
وجال في أحشائي !!
وهي تحمل شوقاً.. وصراخا.. وصيحات ..
تظفرُ جدائلَها وهي تتنهد ،
علّها تغسل ُ
ماتبقى من هموم الراحلين ..!
قالت لي :
نصبوا العزاء على أطلالي ،
ولم يدروا ..!
أن جذرتي العنيدة ،
قد تعمقت في أحشاء تربتها !
شفاهي ..
ستورقُ أحرفا خضراء ..

خصائص الاسلوب الشعري، والقيم الجمالية في شعر منوّر التي تجلت وانعكست في نصوصها خصوصية اللغة على مستوى (اللغة الشعرية، الصور، الجمال، الموضوع)
فمن أساليب الشاعرة الاسلوب الانشائي من (النداء ،الاستفهام، التعجب ) وهي من الاساليب الذي يدخل ضمن دائرة علم المعاني وبهذه الاساليب تتنامى حركية النص وتنشط دلالته
يا حسين/ يا سيد الشهداء /يا أنت / ياسنبلة/ يا ابنةالعراق/ يا نورسةً/ يا ساكنةً في ثنايا الروح!/ يا أثمنَ جوهرةٍ// متى تخضرّ جذور الزيتون؟/ أين جنيةُ اللهفة/ أين يحاصرنا الجوع/ أيها الفقراء ؟!/
فالاستفهام الذي يشكل ظاهرة اسلوبية في شعر (منوّر) من خلال أدوات مخصوصة هي ( الهمزة ، مَن، ،كم ،كيف، أين، متى) ، وما له من دور في ابداع النص ومدى اسهام اسلوب الاستفهام في رسالة هذا الفن القولي .
نرى ذلك جليا من خلال فلسفة النص التي تتبناها الشاعرة وطرح قضية تصورية نابعة من ذاتها الشعرية ورؤيتها الفلسفية الأسئلة التي تطلقها بقوة معرفية وتعيد صناعة المعنى والدلالة ومن تساؤلاتها في نصوصها ص 15:
منْ يعيدُ ألوانَ فجري لفجري ؟
من يجمع أوصال خارطتي ؟
وكما في نص ص19 :
مَنْ عرّى زمني ؟
وكيف توارت نداءاتي ..؟
مَنْ غَيّر سِفْرَ أزمنتي ؟
مَنْ زرع الليل .. في زَهو نهاراتي ؟
مَنْ كَفّنَ
بالصمت جراحاتي ؟
حاولت ان تضع بصمتها كشاعرة تجديدية من خلال الايقاع الداخلي للنصوص المتمثلة بسيكولوجية النص الكامنة التي تحدد الحالة الشعورية لكاتبة النص عبر ادراكها واحساسها
و قبل أن يذوب الحلم المؤجل ،
في خارطة الصبر!!
تشابكت في عيون سيد الصبر ( النبي دانيال)
أسئلةٌ .. توقظ كل اللغات :
أخاف أن أصحو ذات صباح
و لا أرى عصفوراً على غصن الصفصاف ..!
أشجارُ القلعة تسألني :
متى تخضرّ جذور الزيتون..؟
(كركوك ).. يا قصيدة الزمان
أسالُكِ :
لعلك .. تجيبين
لعلك تجيبين
المجموعة زاخرة في المعاني والمجاز بما تفيض تجربتها الشعرية على كم معرفي وخلفية ثقافية تعيد انتاجها شعريا يحمل أرثاً عريقاً يمزج الماضي الثقافي مع الحاضر مكثفاً موظفاً الرمز الديني والاسطوري الذي يعد الرمز من الوسائل الفنية المهمة في الشعر التي تعمد الشاعره فيه الى الايحاء والتلميح بدلا من اللجوء الى اللغة المباشرة .
عشتار / تموزي/إنانا/ سيزيف/ النبي دانيال/أيوب/ الحسين/ زينب/ ..
أما على مستوى النصوص ففيها من الجمال والصور الشعرية مليئة بالإنزياحات اللغوية ومفارقات لفظية تبهر المتلقي:
عرّى زمني / توارت نداءاتي / زرع الليل / زَهو نهاراتي/ طلاسم العطش/عروس القصائد/ذاكرة اليقين/كف البحر/يستفيق الصمت/تشتعل الفصول/ ترتدي السراب/جمر الكلمات/ ضفائر التاريخ/ وجع التحليق/ حطام الايام/ شمس الاناشيد/ جدار الصمت/ ثوب التحدي/ همس القمر/ الرماد المحتضر...
أظهرت الشاعرة جماليتها اللغوية في التصوير الشعري في قصيدة ، وللفقراء نصيب في هذه المجموعة ، حيث نجد قصيدة (حلم الفقراء) وهي تطلق صوتها للفقراء .
حلم الفقراء
حين يصدأ العدل..!
أرى
أسرابَ السنونو تهجرني ،
دون أن تحمل معها تعاستي !
فأحلم مع الفقراء
بالقرنفل يناديني ..
وفي جوف الظمأ
أرى سنابلَ القمح ،
في رمال الصحراء تزهو..
إذن..!!
من أين يحاصرنا الجوع
أيها الفقراء ؟!
ما دام لجوعنا.. لونٌ أسمر
كلونِ ثرى وطني..؟!
أما بالنسبة الى قضية الوطن في مجموعتها الشعرية هي القضية الكبرى ، فمفرد الوطن لا تغيب عن نصوصها مثل :
أنا قلبٌ في خارطة الوطن/ همسة للوطن/ في عين وطنٍ/ تُلملم آهاتِ الوطن/ في ذاكرة الوطن أمنية/ أحمل الوطنَ المسلوبَ
همسة للوطن
أُصارعُ الأيام !
كي لا تجف أحلامي ...
أستعيرُ أجنحة
كي أحصد شموساً سخيةً ،
أزرعها في جسد مدينتي ...
ألا .. تبَّ
من أراد نحر َ الشمس
في عين وطنٍ ،
تحرسه تراتيلي ... !!
وفي نصها :
(و . ط . ن ) أحرفٌ
تهمس لي مكابرةً :
قدري ،
أن أكتحل بجرحي
وأن أتوضأ بدم الشهداء..!
كي تلد َ شمسُ الحقيقة
في جيد الزمن الآتي ...
آهٍ من جُرحي
قد يطول اعتصاري ...
لكن
في زهو مداراتي
ستُقبّلُ الأيامُ شمسي ..
ويقتفي أثري ،
كلُّ من غاب عن أمسي !!
ليكتب لي
قصائد حبٍّ من جديد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا