الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد والإنصاف النقدي

صلاح زنكنه

2021 / 11 / 11
الادب والفن


هل أنصفك النقد ؟ سؤال طالما وجه ويوجه للأدباء والمبدعين، والمبـدع عـادة يحـار في الـجـواب, لأنه وحـده مـن يصنع أدبه ومنجـزه الإبداعي دون مـؤازرة النقـاد ورضـاهـم, ويدرك في الوقت نـفـسـه أهـمـيـة النقـد, في كشف وإضاءة جوانب من إبداعه.
ولقد كتبت شخصياً عشرات المقالات النقدية التي تناولت فيها مجموعات قصصية, عبرت من خلالها عن وجهة نظري, انطلاقا من تجـربتي وثقافتي, وفهمي الخاص للقصة ومقتضياتها واشتراطتها الفنية.

بـيـد إنني لم اعـد نـفـسي ناقدا, لاعتقادي بأن النقـد جـهـد منهجي أكـاديمي, يتطلب خبرة ودراية بأصول مناهـج ونظريات الأدب والفكر والمعرفة، وجـل مـا كتبته خضع للمزاج والانفعال والانطباع.

وهذا النوع من الكتـابة يندرج تحت مـا يسمى بالنقد الصحفي، والذي يعد الوضوح والمبـاشـرة والإيجـاز والعـرض من أهـم خواصه، أما النقد بمفهومه الشمولي والذي يعـتـمـد الـبـحـث والدراسـة والتـقـصي والاستدلال والاستنتاج، فيكاد يكون معدوماً او نادراً في الثقافة العراقية الراهنة، كون معظم الذين يشـتـغـلون في هذا الحـقـل الحـيـوي المهم، هـم من الأدباء والكتـاب والشعراء والصـحـفـيـين والهـواة وغـالبـاً مـا تتـسم كتاباتهم بالنفحة الإخوانية المنافقة, فضلاً عن التكسب والتـقـرب وإرضـاء المتنفـذين وكسب ودهم، وبالنتيجة تجيئ نقـودهـم على هذه الشاكلة الغوغائية المجانية, والتي لا تغني ولا تسمن، كونها تفتقر الى الحس النقدي السليم.

أمـا النقاد الجـادون, فـقـد راح معظمهم في سـبـات طويل الأمـد، أو طمس في التنظيـر والـحـذلـقـة، وبعـضـهـم بات يكتب عن كـتـاب وشعراء عرب أنصاف أدباء وأشباه مبدعين، لأسباب (نقدية) تتعلق بارتفاع قيمة الدولار وانخفاض قيمة الدينار.

ترى من أين يجيء الإنصاف النقدي، إذا كان الناقد المحترف المـحـتـرم يـقـيـم وينصف النصـوص الأدبيـة بالدولار, ولـو اجـتـمـع كـل نـقـاد الأدب ودارسـوه ومـروجـوه ومـسـوقـوه, لما اسـتطـاعـوا أن يصـنعـوا أديبـاً واحـداً ذا شـأن، لأن الأدب الحقيقي لا يصنعه إلا الأديب الحقيقي الذي خاض معترك الحياة واستقى منها مادته، كـمـا النحلة التي تصنع العسل من رحيق الزهور.

وبالرغم من آلاف المقـالات والـدراسـات والبـحـوث والأطاريح, التي كـتـبـت عن أدب شكسبير ودستويفسكي وماركيز وكونديرا, إلا إن ما رسخ نـتـاجـهم الإبداعي هـو عـمـق المواضيع الإنسانية الذي ميز أدبهم, فضلاً عن رصانة وجـودة وجمالية فنهم، حبذا لو أنصف النقـاد أنـفـسـهـم قـبل كل شيء, لينصفوا بعد ذلك الإبداع العراقي ورموزه.
...
جريدة الأنباء 5 / 10 / 2003
عمودي الأسبوعي الثابت (على حافة النقد)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال