الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرئيس الحافي

نزار جاف

2006 / 8 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


تضاربت الانباء و التقارير بخصوص حالات الفساد و الإحتيال التي جرت في الآونة اخيرة في دولة إسرائيل، سيما المتعلقة منها بالقادة العسکريين و السياسيين والتي کانت بمثابة فضائح من عيار ثقيل، وقد جاء نبأ عزم مفتش الدولة ميشا لندن شتراوس، الذي هو بمنصب قاض على البحث في الحرب الاخيرة التي شنها الجيش و نشره تقريرا"غير ملزم"قانونيا لکنه"مزلزل"سياسيا"، ليضيف بعدا جديا لمسلسل الفضائح الدائرة في الدولة العبرية و يميط الثام عن خبايا مهمة دارت خلف الکواليس بعيدا عن أعين أجهزة الاعلام.
رئيس الدولة تلاحقه تهمة علاقة جنسية، رئيس الارکان تلاحقه شبهات إستغلال منصبه و ظروف الحرب لمآرب شخصية، رئيس الوزراء تطارده تهمة الفساد المالي و تطول القائمة التي هي ليست بيت القصيد في هذه الاسطر، ولا الظرف الذي يرافق إفتضاح هذه الاسرار مع ملاحظة حساسية و خطورة الشخصيات التي تخيم عليها، بل أن بيت القصيد هو أن هناک دوما في إسرائيل عين أخرى تراقب الاحداث عن کثب، عين هي خير من عيون الاعلام و الدوائر الاسخبارية، وعلى الرغم من أن الکثيرين سوف تنتابهم حالات الغضب و الإنفعال وهم يجدونني أصف هذه العين بعين"التقدم الحضاري"التي تعکس روح و ماهية هذه الدولة و شعبها.
إنها ليست المرة الاولى و قطعا ليست الاخيرة التي تطال فيها هذه العين أهم شخصيات ورموز الدولة، بل أن من مزايا هذه العين إنها مستمرة و دؤوبة في بحثها عن الفضائح المحيطة بأکبر "الرؤوس" بحيث لا تشعر بشئ من الکلل و لايرف لها جفن بل و لاينتابها حتى مجرد ما يشبه "الوسن"، لکن الشئ الذي يثير التهکم و يبعث على الإحساس بالقرف هو أن وسائل إعلام بلداننا تتناقل هذه الانباء وکأنها إنتصارات لأنظمتها على الجبهة الداخلية للدولة العبرية! بل أن ما أضحکني و دعاني أشعر بالإشفاق على البؤس"الفکري و الحضاري"للبعض الذين يصورون الامر على إنه يعکس حالة"التحلل الاخلاقي"للمجتمع الاسرائيلي، وکما يقول المثل العراقي الدارج"شجاب عمشة على جيمس"، أقول لو کان رأي أولئک البعض سديدا فإن أکبر المجتمعات المتحللة إخلاقيا في العالم هي مجتمعاتنا، ذلک إن الفساد بأبشع صور‌ه و أجلى حالاته يعشعش في کل رکن و زاوية منها والکل يعلم به علم اليقين، من دون أن يفضح ولو شئ يسير منه لوسائل الاعلام و الشعوب المتعطشة لأنباء تلک الفضائح التي تطال أعلى المناصب کعبا في الدولة.
بالامس، خرج علينا السيد سيف الاسلام القذافي ليخبرنا بأن ليس في ليبيا صحافة حرة! ولعمري إنها نکتة الموسـم و صرعة ليبية خاصة تکاد تصل في قوتها الى صرعات والده صاحب النظرية العالمية الثالثة، المضحک في الامر، أن إبن"الزعيم"يريدنا أن نتعجب لأنه أماط اللثام عن هکذا سر خطير من دون أن يدري أنه مثلما ليس بوسع الحافي القدمين أن يمنح الحذاء لغيره، فکذلک أن الاستبداد و القمع ليس بإمکانهما أبدا أن يوفرا شيئا من الحرية، بل أنهما نقيضان لا يجتمعان کالخير و الشر، القبح و الجمال.
في إسرائيل حالها حال أية دولة ديمقراطية حقيقية، لا شئ يعلو على الحقيقة حينما تکون هذه الحقيقة في خدمة الصالح العام، ولأجل ذلک ليس هناک ضحک على الذقون تحت مسميات وهمية من قبيل"الامن القومي"أو"أسرار خطيرة جدا" أو حتى"مقدسـة"کما هو الحال لدينا، حين ينبري رئيس جمهورية تغرق دولته في برکة من الفساد المشاکل و الازمات، وهو يسدي نصح الخلاص و التحرير و الاخلاق الحميدة لا لشعبه فقط وإنما لعموم أمته، والمصيبة أنه لايزال هناک من يصفق لهکذا رئيس حافي بإنتظار أن يوزع الاحذية على الجميع!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. تقارير: الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت ربع الأراضي الزراعية




.. مصادر لبنانية: الرد اللبناني على المبادرة الفرنسية المعدّلة


.. مقررة أممية: هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ البداية ت




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على خان يونس