الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خبز الفقراء وكعكة الفئة الغاشمة

عماد عبد اللطيف سالم

2021 / 11 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


أغلب الذين شاركوا في الإنتخابات الأخيرة ، هم من الفقراء.
أغلب الذين شاركوا في الإنتخابات الأخيرة،هم من "بسطاء" الناس، وأكثرهم سذاجةً وطيبة.
لم يشارك في الإنتخابات(على العموم) ، لا"أنا" وأمثالي .. ولا "المثقفّون" وأمثالهم، ولا "الشيوعيّون" وأمثالهم .. ولم تشارك فيها "النُخَب" وأشباهها، ولا "الأكاديميّون" وأشباههم(سواء بما تبقّى من نماذجهم "القديمة"، أو بنسخهم "اللبنانيّة"، و"الأرجنتينيّة" ، و "الأوكرانيّة" ، و"الأون لاينيّة" المُستحدَثة).. كما لم يشارك فيها سوى عددٌ قليل من الطلبة.
حتّى أفراد عوائل "المُرشّحين"، لم يُكلّفوا أنفسهم عناء الذهاب إلى مراكز الإقتراع، والتصويت لـ "أرباب" العائلة.
هؤلاء الفقراء صوّتوا لرغيف خبزهم، أو لمن قدّم لهم وعداً بالحصولِ على رغيف خبزٍ"رخيص"، ولمن أقنعهم(بهذه الوسيلة أو تلك)، بأن التصويت لهُ دون غيره، سيجعلُ رغيفَ الخبز هذا، مُمكناً، ومُتاحاً.
وهاهو رغيفُ الخبز يشحُّ، ويصبحُ مُرّاً وصعباً، بينما حبر الأصابع التي أنتخبَتْ"مُمثّليها"، مايزالُ شاخصاً فوق أظافر "النبلاء" المُتعَبين من هذا القهر، الذي لا يُرادُ لهُ أن ينتهي.
وبينما يحتضِرُ رغيف الفقراء على "مائدة" الفقراء .. يجتمعُ "الفائزون" و"الخاسرون" اللئماء، حول مائدة "ميلادهم الخامس" المجيد ، لينفخوا الشموع من جديد، ويتقاسموا "الكعكة" الباذخة.
منذ ثمانية عشر عاماً ، والوجوهُ هي ذاتها.
هل تُريدونَ أن أعرِضَ عليكم أسماءهم ؟
ما الذي حدث .. و ما الذي تغيّر ؟؟
لا شيء.
لا شيء على الإطلاق.
"نحنُ" ما زلنا فقراء الرغيف، ونسكنُ في المزابلِ والعشوائيات(والعراق كلّهُ مزبلة).. و"هُم" ما يزالونَ ملوكَ "الكعكة" الفاحشة، و"نبلاء" القصور المنيفة.
وهاهم الملوكُ "الفائزون" يريدون حصّةً أكبرَ من السلطة والثروة و"قصور الرئاسة" .. بينما الملوكُ "الخاسرون" لا يُريدونَ أن يخسروا "حصصهم" السابقة في السلطة والثروة و"قصور الرئاسة".
ولكي لا تتصارعَ الأفيالُ الكبيرةُ على ما تبقّى من عُشب العراق اليابس، يقترحُ "الخاسرون" على "الفائزين" في الإنتخابات تقاسماً غريباً للمغانم، لم يسبق له مثيل في تجارب الحكم و "التداول السلمي للسلطة"، منذ "نموذج" أفلاطون عن ديموقراطية النبلاء والعبيد، وصولاً إلى نموذجي روسو و جيفرسون حول العدالة والمساواة والحريّة و تقنين "العبوديّة".. وهكذا يقترحُ"أحدهم" حلاًّ مفاده: مراعاة نسب "المشاركة" في الإنتخابات لصالح الأحزاب والتيارات والتحالفات و"القوى" المُشاركة فيها .. أي بمعنى أن يتمّ الغاء نتائج الإنتخابات ، ويتم توزيع مقاعد مجلس النواب حسب نسب المصوتين لكل فئة !!!.
هذا يعني : نحنُ ذاتنا(وليس غيرنا)، سنبقى نحكمكم ، ونتحكّم بكم(براياتنا وأناشيدنا وبنادقنا).. سواء فُزنا أو خسرنا، وسواء أكانت هناك "صناديق" و "أوراق اقتراع" و "ديموقراطيّة" ، وجيش و"عَلَم" ، ونشيد "وطنيّ"، أو لم يكن هناك شيءٌ من ذلك على الإطلاق.
"هُم" يقفونَ حول مائدة الحُكمِ والتحكّم .. ويحرسونها بأنيابهم.
ويُمسكونَ بالسكّين بكفٍّ واحدة .. كأنّها لشخصٍ واحد ..
و يقطعونَ "كيكتهم" ..
التي هي في ذات الوقت ، رغيف خبزنا ، كفاف يومنا ..
وسلامنا الممكن الوحيد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا -غارقة في المجهول-.. لا أغلبية مطلقة في البرلمان، من س


.. هل فرنسا قادرة على تشكيل -ائتلاف حكومي-؟ • فرانس 24




.. -مواجهات محتدمة- وإطلاق الغاز المسيل للدموع في ساحة الجمهوري


.. رفع علم فلسطين على جسر موستار الأثري بالبوسنة والهرسك




.. عاجل| 10 شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي على جباليا النزلة