الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما عن الغيرة واشياء أخرى 1970(ايتوري سكولا):يوم الوحدة

بلال سمير الصدّر

2021 / 11 / 12
الادب والفن


أطلق الفيلم بعدة عناوين أخرى منها مثلث البيتزا،والغيرة،والنمط الايطاليItalian Style
مع النظرة الأولى للفيلم نشعر بانه يحمل صبغة شخصية أي دراما رومانسية كوميدية ذات أبعاد مكررة،فالقصة بمجملها تدور حول (أداليدا)-الممثلة مونيكا فيتي-الواقعة في غرام شخصين أحدهما عامل بناء يدعى أورتسيلو-مارسيلو ماستروياني الحاصل على جأئزة كان عن دوره في هذا الفيلم-والآخر طاهي متخصص بعمل البيتزا-الممثل جيانكارلو جيانيني-والزمن الاشكالي للفيلم هو يوم الوحدة Unit day
لكن دعونا نسترجع القصة من البداية:
هناك،مع بداية الفيلم،اعادة تمثيل لجريمة قتل قام بها أورستو عامل البناء البسيط في أواسط العمر ويتميز أيضا ببعض السذاجة،حيث يعيد تكرار جريمته ضد حبيبته السابقة أداليدا...أداليدا أيضا من الطبقة العاملة والتي كانت تعرفت عليه تلقائيا بوصفه شخصا ظهر في أحلامها كثيرا ومنذ زمن...تعرفه في كل شيء من عمره السابق،بل تدعي ايضا بأن اسمه فرناندو...
ماهو وجه الاهتمام بهذا الشخص الأشعث...لماذا يلفت نظرها دائما...؟
هل نحن نتابع هنا شيئا من عبق ألن رينيه تحديدا العام الماضي في مارينباد...؟
أو حتى كيسلوفسكي من الوجه المزدوج لفرونيكا....؟
ليس من المبكر القول ان الفيلم برمته كناية سياسة عن الواقع السياسي المضطرب لإيطاليا في تلك الفترة،فأداليدا هي ايطاليا ذاتها التي بنت أحلامها المبكرة على الحزب الشيوعي الايطالي...ولكن ما الذي حدث؟
كثير من شخصيات الفيلم خاصة (أوريستو)،تروي حكاية عن الماضي من خلال المشهد الحاصل أمامنا،أي ان السرد الماضي ينقطع بوقفة احدى الشخصيات أمام الكاميرا لتروي انطباعها عن الحدث موضوع السرد،وهو اسلوب مختلف في السرد شئنا أم ابينا،أي انه ابداع من نوع معين قريب جدا من الاسلوب الذي استخدمه وودي الن في آني هال.
في مشهد حب في مكب للنفايات،يقول أوريستو:
أنا رجل بلا ماضي،قبل أن اقابلك كنت رجل يائس،ولكنه ربما يكون رجل المستقبل الذي يشكل التنافس الحزبي القادم
وتدخل بعض الأبعاد الشخصية في الفيلم،فالشيوعية كانت تعاني من بلادة عاطفية اتجاه زوجة بدينة،أو ارملة مجند سابق،وهذه الابعاد سواء أسقطت على الكناية أو لم تسقط،لن تكسب الفيلم أي نزعة فردية خاصة،فوضوح الاشارة الى السياسة أكسب القصة الشخصية اهمالا واضحا،والبعد الفردي الخاص للقصة لايمكن احالته إلى فرويد أو باتاي أوعلى غيرهم،فهذا مهمل من اساسه أمام قصة تشير بوضوح الى التشرذم والفساد السياسي الذي كان يحيط بايطاليا في تلك الفترة...
وعندما تنضم أداليدا الى العشيق الآخر(سفاريني)،فهي تجامعه ومن خلفهما صورة لماوتسي تونغ،وان كانت الخلطة غير واضحة،فنحن نعتقد أن سفاريني يشير الى الحزب الديموقراطي أو التمثيل اليبرالي في ايطاليا...
من الوضح أن أداليدا ستهجر الاثنين،وستتحول الى عاهرة بدوام جزئي،وكأنها غارقة في وعد فردية لحزبين يتصارعان على السلطة،يقول أورستو في المظاهرة المناصرة للحزب الشيوعي:
معاناة الحب،بطريقة ما،من الممكن ان تكون متعلقة بكفاح الطبقات...أنا احاول أن اعطي معاناتي الخاصة دلالة ماركسية:معاناة الانسان هي نتائج تفوق الطبقة الاقتصادية بماان الرجل الذي سرق أداليدا مني ثري مستغل للمجتمع....
نعم،اداليدا هي عاهرة بدوام جزئي للطبقة البرجوازية
ايتوري سكولا يقول صراحة:التشرذم السياسي والوعود الفارغة لم تحقق المرجو منها،فالآمال الليبرالية وحتى الشيوعية مجرد أوهام،مجرد وعود لم تحقق الكثير،وهي التي أوقعت ايطاليا فريسة سهلة لطمع الارستقراطية البرجوازية....
أوريستو هو الشخص الذي ينظر الى الأمور بمثالية،الساذج الراقي في نفس الوقت بأخلاقه وتصرفاته،وهو الذي سيقتل أداليدا بطريقة عرضية غير مقصودة.
كل مايجري في الفيلم-على مايبدو-هو دفاع عن الحزب الشيوعي الايطالي الذي كان ايتوري سكولا نفسه منضما إليه،لكن مايقوله ايتوري سكولا ليس فقط دفاعا مبطنا...
هو-على مايبدو-انتقاد واضح للشيوعية من ناحية أقل حدة....الشيوعية هي الأمل الذي ذبح إيطاليا بالسكين...هي الخيبات المتتالية للشعب وايطاليا نفسها...
هذا الشيء الذي عبر عنه ايتوري سكولا صراحة عندما سينسحب لاحقامن الحزب السيوعي الايطالي.
كما قلنا،فالخلطة غير واضحة،والحبكة السياسية للفيلم أفقدت الحبكة الشخصية رونقها،فنحن لانستطيع النظر الى هذا الثلاثي على نمط مثلث موت،أو علاقة جنسية مضطربة...الاسقاط لايجدي دائما هنا،والكلمة الأخيرة هنا:تحية الى مارسيلو ماستورياني على هذا الأداء الرائع
25/09/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال