الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاسدون بيئيًا وأخلاقيًّا يديرون وينظّرون في قمة المناخ العالميّة

ليانا خوري

2021 / 11 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


باتريك مارتِن
ترجمة خاصة بـ"الاتحاد": ليانا خوري

مع زحف قمة المناخ العالمية إلى نهايتها البائسة في غلاسكو، اسكتلندا، فشلت القوى الرأسمالية الكبرى، البنوك والشركات التي تتخذ القرارات في السياسة المحلية والعالمية إلى حد كبير، في جهودها لاستغلال القمة لإظهار مظهر من مظاهر "التقدم" في حلّ حالة الطوارئ المناخية العالمية.

لم تتمكن القوى المتنافسة من التوصل إلى أي اتفاق مهم، حتى بشأن نوع التدابير النصفية والترتيبات الطوعية البحتة التي ميزت القمة العالمية الكبرى الأخيرة في باريس في عام 2015. كما انهارت التعهدات والوعود التي قُطعت في القمة إلى حد كبير، بحسب ما أوضحت التقارير الصادرة حول اجتماع غلاسكو.

أعلن موقع "بزنس انسايدر" أنّ الحدث يمثّل "فشلًا تاريخيًّا"، بينما نوّهت افتتاحية في صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أنّ الحدث تخلّلته ترهات عبثية أكثر من دراسة خطوات حقيقة للتقدم، معتبرةً أن قرار الولايات المتحدة بعدم الاشتراك في صفقة للتخلص التدريجي من إنتاج الفحم، هو بمثابة ضربة قاسية لما كان من المفترض أن يكون سياسة رائدة للمؤتمر.

وقال بيان مجموعة الحملات البيئية "جلوبال ويتنس" الذي نشر مؤخّرًا، إنّ السبب الرئيسي لفشل مؤتمر غلاسكو يعود إلى التمثيل الكبير لشركات الوقود الأحفوري في المؤتمر، الذي شكّل النسبة الأكبر من بين الوفود، طاغيًا على تمثيل الدّول.

وأشارت المجموعة إلى أن ما لا يقل عن 503 أشخاص مرتبطين بشركات الفحم والغاز والنفط تواجد في المؤتمر، بينهم ممثلون مباشرون واخرون كجزء من مجموعات تعمل نيابة عن صناعة الوقود الأحفوري. وأكّد ممثل عن المنظمة البيئية أنّ وجود المئات من الذين يتقاضون رواتبهم لدفع المصالح السامة لشركات الوقود الأحفوري الملوثة يؤدي من دون شك الى تحفّظ ناشطي المناخ الذين يرون في المحادثات سببًا لتردد القادة الدوليين وتأخرهم.

وقالت رئيسة وكالة المناخ التابعة للأمم المتحدة، باتريشيا إسبينوزا، إن كل دولة من الدول الـ 190 المشاركة تتمتع بحرية إرسال مندوبين من اختيارها. وذكرت لشبكة "سي أن أن" أنّه يحق لكل حكومة اختيار ممثلي وفودها والأشخاص الذين تراهم مناسبين.

وبينما تمّ فتح الأبواب أمام كبار الملوثين، استثنت القمة إلى حد كبير ممثلي المنظمات غير الحكومية وجماعات النشطاء البيئيين. تم التذرّع بجائحة فيروس كورنا كسبب إما لمنع الدخول إلى بريطانيا تمامًا أو إبقاء هؤلاء النشطاء على الأرض في اسكتلندا بعيدًا عن القمة نفسها.

قمة المناخ كانت قد تأجلت، العام الماضي، بسبب المخاوف الصحية المتعلقة بوباء كورونا، حينها بلغت الحالات اليومية 20 ألف حالة يوميًا في بريطانيا. بينما اليوم، ارتفع عدد الإصابات في بريطانيا إلى 30 ألفًا يوميًا، على الرغم من حملة التطعيم الواسعة، ويعود ذلك إلى سياسة حكومة جونسون في إعادة فتح المدارس والشركات.

وتفاقمت تداعيات الوباء والتغيير المناخي على مدار العام، واشتد التهديد الذي تتعرض له البشرية من كلا الخطرين. وتظاهر نحو 100 ألف شخص، معظمهم من الشباب، في شوارع غلاسكو، احتجاجًا على قمة المناخ العالمية وأدلوا تصويتًا بحجب الثقة عن المسؤولين المجتمعين فيها.

كانت المظاهرة احتجاجًا على القمة أكثر من كونها نداءً لها، على الأقل بناءً على الهتافات والشعارات، والتصفيق الهائل للمتحدثين مثل جريتا ثونبرج، الناشطة السويدية الشابة، البالغة من العمر 18 عامًا، والتي أدانت الإجراءات باعتبارها خدعة.

لا يمكن أن يكون هناك حل حقيقي للكارثة البيئية التي تلوح في الأفق، ووضع نهاية للوباء العالمي، دون اللجوء إلى القوة الاجتماعية الوحيدة التي ترتبط مصالحها بالنضال ضد كليهما وهي الطبقة العاملة العالمية.

إنّ كارثة تغير المناخ، مثل الوباء، هي أزمة أوجدتها الرأسمالية، والبديل الوحيد هو الاشتراكية - وحشد الطبقة العاملة لوضع حد لنظام الاستغلال، إلغاء إطار الدولة القومية الرجعي، وإقامة مجتمع اشتراكي عالمي.

ويذكر أنه في التغطية الإعلامية لقمة غلاسكو، لم يكن هناك أي ذكر تقريبًا لحقيقة أن 100 شركة عالمية مسؤولة عن 71 بالمائة من الانبعاثات في العالم، وتم الكشف عنها في تقرير "كاربون ماجور" لعام 2017.

وقام أحد المدافعين الرئيسيين عن الرأسمالية العالمية، الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، بسلسلة من المظاهر التي استمرت يومًا كاملًا في غلاسكو. ولم يكن خطابه في القمة سوى هراء، حيث تحدّث عن إنجازات مزعومة خلال رئاسته في مكافحة تغيير المناخ، مشيرًا إلى أنه ترعرع في هاواي كدليل على تعاطفه مع الدول الجزرية المحاصرة التي تواجه غمرها ارتفاع مياه المحيط، والترويج للجزيرة.

ولكن الحقيقة أنه خلال السنوات الثماني التي قضاها أوباما في البيت الأبيض، كانت الولايات المتحدة في حالة حرب مستمرة، وهي مساهمة كبيرة في الاحتباس الحراري، وأنشأت الشركات الأمريكية كميات لا تُحصى من الكربون والنفايات السامة.

أوباما وجّه اتهامات ضد روسيا والصين، وهما الهدفان الرئيسيان للإمبريالية الأمريكية تحت إدارة جو بايدن، نائبه السابق، محرّضًا ضد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني، شي، لعدم حضورهما القمة، قائلا إن هذا يدل على "افتقار خطير للإلحاح".

كما استغل المكاسب الوهمية البحتة لاتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، بينما قال إنه منذ ذلك الحين "نحن بعيدون عن المكان الذي نحتاج أن نكون فيه". وأضاف "كل منا لديه دور يلعبه. كل منا لديه عمل للقيام به. لدينا جميعًا تضحيات لنقدمها، لكن أولئك منا الذين يعيشون في دول غنية، أولئك منا الذين ساعدوا في تعجيل المشكلة، لدينا عبء إضافي ".

كما استغل المناسبة لإلقاء "محاضرة نموذجية" أمام المتظاهرين الشباب في الخارج، وأمرهم بشكل أساسي بالعودة إلى بلدانهم الأصلية وأن يصبحوا جنودًا مشاة في السياسة الرأسمالية. ونصحهم بأن لا يكونوا "أصوليين"، وبعبارة أخرى، طالبهم بالانضمام إلى الحملات السياسية للحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة والأحزاب المماثلة الفاسدة.

ويتم دعم أوباما من قبل وفد من الديمقراطيين في الكونجرس، وحتى عدد قليل من الجمهوريين. مع اقتراب قمة المناخ من نهايتها، ظلت تزعم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والديمقراطيون الآخرون أن مشروع قانون البنية التحتية الذي وافقوا عليه للتو ومشروع قانون الإنفاق الاجتماعي والمناخ الذي وافقوا للتو على تأجيله يضيفان التزامًا أمريكيًا ضخمًا لحل أزمة المناخ.

لكن الحقيقة هي عكس ذلك تمامًا، إن كلا من الديمقراطيين والجمهوريين على استعداد لخفض استهلاك العمال الأمريكيين بذريعة تغير المناخ، ولكن ليس لخفض فلس واحد من أرباح الشركات الأمريكية. وتهدف إدارة بايدن إلى استخدام قمة المناخ كجزء من سياستها المناهضة للصين، والتي تهدف، عاجلاً وليس آجلاً، إلى إطلاق العنان للعنف العسكري ضد ثاني أكبر اقتصاد في العالم وثالث أكبر قوة نووية في العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في القدس تطالب بانتخابات مبكرة وصفقة تبادل والشرطة ا


.. Boycotting - To Your Left: Palestine | المقاطعة - على شمالَِ




.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.