الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين اللغز (2/1)

فؤاد النمري

2021 / 11 / 13
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الصين اللغز (1/2)

عندما نقول أن عالم اليوم إنما هو في فوضى الهروب من استحقاق الإشتراكية يغمز من قناتنا الليبراليون والشيوعون من أيتام خروشتشوف وعامة المتخلفين سياسياً على اعتبار أن ما نقول إنما هو استغراق في الأدلجة . لكن افتراضهم هذا يقتضيهم أن يفككوا اللغز الصيني بدل كل حديث في الإيديولوجيا ؛ كيف لدولة رأسمالية، كما يفترضون الصين، يقودها حزب شيوعي !؟
لئن نجح هؤلاء الأقوام في تفكيك اللغز الصيني فسنكون عندئذٍ كما يفترضوننا، من المغرقين في الأدلجة ، أما إن فشلوا، وهم حقاً سيفشلون، فعليهم ساعتئذٍ أن يتفكروا بأن في الصين أيضاً كما في في أميركا وسائر بلدان العالم الأخرى فوضى الهروب من استحقاق الإشتراكية .

في العام 1961، وقد ألغى الإتحاد السوفياتي آخر معالم الإشتراكية وهي دكتاتورية البروليتاريا، تحقق ماوتسي تونج من هول الهزيمة التي لحقت بالثورة الإشتراكية العالمية متمثلة بفقدان مركزها في الإتحاد السوفياتي الذي بات يسعى للإلتقاء مع الإمبريالية في منتصف الطريق كما طالب الرئيس السوفياتي ليونيد بريجينيف بذلك دون حياء أو خجل في مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي في هلسنكي 1975 "كي لا يخسر كلانا" أي أن بريجينيف عند الإلتقاء سيتكفل بأمن الإمبريالية وامتيازاتها !! . إذاك وقد بات ماونسي تونج الوريث الرئيس لقائدي الثورة الإشتراكية العالمية لينين وستالين وعليه تبعاً لذلك أن يجعل من الصين مركزاً للثورة عوضاً عن الإتحاد السوفياتي فالثورة لا تحيا دون أن يكون لها مركز ينبض بالقوة على صعيد العالم كما في سيناريو الثورة الماركسية، فكان أن شرع ماوتسي تونج بثورة ثقافية في عموم الصين في العام 66 من أجل تطهير الحزب وسائر مؤسسات الدولة من العناصر المشتبه بسويتها الثورية ومن بينهم قادة بارزون في الحزب مثل دنغ هيساوينغ المعارض الأول لمشروع ماو المستجد، وقد تم طرده من الحزب بصفته عدو الإشتراكية "خروشتشوف الصين" .
الظروف الخاصة التي توفرت لستالين، بتوجيه من لينين، لأن يصنع من روسيا القيصرية المتخلفة مركزاً للثورة الإشتراكية العالمية ذا جبروت هائل لم تتوفر لماوتسي تونج إذ كان أن أعلن الثورة الثقافية وهو محدود النشاط في منتصف العقد الثامن من العمر وتواجد قادة في الحزب يعارضون توجهاته، ومعاداة عصابة خروشتشوف للثورة حتى وصل بها الأمر إلى تحشيد الجيوش السوفياتية على الحدود مع الصين .
قي العام 69 فشلت الثورة وفشل مشروع ماو في أن بجعل من الصين مركزاً للثورة الإشتراكية العالمية بدل الإتحاد السوفياتي، فانزوى ماو وهو في الثمانين من العمر وعاد عدوه اللدود دنج بنج الذي لا يؤمن بالإشتراكية على طريقة لينين وماو لقيادة الحزب وليتمتع بنفوذ القائد الفعلي للحزب وللدولة .

تزامن ذلك مع وصول ريتشارد نكسون لكرسي الرئاسة في أميركا وقد فوجئ بخزائن الدولة فارغة وكان ذلك أولى إرهاصات انهيار النظام الرأسالي، فتعلم نكسون درساً كان له الأثر الحاسم في تقرير مصائر العالم، تعلم أن السياسة التي أسس لها هاري ترومان منذ أن خلف روزفلت إثر رحيله المبكر في ابريل 45 والتي قضت بتكريس كل موارد الأمة لمقاومة الشيوعية، أتت تلك السياسة الشبيهة بالنازية على إفلاس النظام الرأسمالي وانهياره .
لذلك انتهح نكسون نهجاً مغايراً، نهج الإنفتاح على معسكر الشيوعية، فزار موسكو ثلاث مرات في عامي 72 و 73 على غير المعتاد في العلاقات الدولية وكان يحمل في طائرته بكل زيارة سيارة فاخرة هدية لصديقه الحميم بريجينيف، وقامت الولايات المتحدة ببناء أكثر من مصنع في الإتحاد السوفياتي . واعترف بالصين بعد مقاطعة طويلة وزارها في العام 72 مع زوجته ومستشاره كيسنجر زيارة طويلة استمرت لآسبوع كامل عقد خلالها اتفاق مع دنغ هيساو بنغ قضى باستيراد الولايات المتحدة كل ما تنتجه الصين من بضائع بأسعار تفضيلية بالدولار، وهو ما وفر غطاءً للدولار بعد إعلانه مكشوفاً في العام 71، والتقى من ناحية أخرى مع مخطط دنغ بنغ في التنمية الرأسمالية التي وحدها تؤسس للإنتقال إلى الإشتراكية بغياب مركز الثورة وهو الإنحاد السوفياتي . اتفاق نكسون – دنغ بنغ أسس للفوضى السائدة اليوم وتحبس قوى الإنتاج في مختلف بلدان العالم وهو ما يؤسس للتراجع الإجتماعي وينفي كل فرصة للتطور .

تُستذكر عبر التاريخ وقائع كبرى أساءت لليشرية جمعاء مثل ظهور النازية في ألمانيا برعاية المخابرات الإنجليزية وتعطيلها بالتالي لمشروع لينين في الثورة الإشتراكية العالمية، إلا أن إتفاق نكسون – دنج بنج هو الأسوأ بين كل وقائع التاريخ السيئة . ذلك، وهو تبادل الخطيئة بالخطبئة، أقام سداً مانعاً على طريق التطور الإجتماعي منذ توقيعه في العام 1972 وحتى اليوم، إذ أن "النظام" الدولي الماثل حتى اليوم يقوم على عمودين لا ثالث لهما وهما الدولار الأميركي غير المليء والبضائع الصينية غير الرأسمالية طالما أنها لا تستبدل في سوق حرة . عامة الإقتصاديين والسياسيين لا يرون في هذا النظام أدنى اعتوار يستوقفهم رغم أنه في حقيقة الأمر تبادل الخطيئة بالخطيئة . كان هدف دنج بنج أن تنتج الصين كل البضائع التي تحتاجها السوق الأمريكية تهرباً من استحقاق الإشتراكية وفق أجندة ماو، وهذا هو لب الخطيئة ؛ وهدف ريتشارد نكسون هو الهروب من حقيقة انهيار النظام الرأسمالي حتى أنه لم يعد قادراً على توفير غطاء للدولار الذي فقد خلال السنوات الأولى من السبعبنبات حوالي 40% من قيمته، فلا يتعرف العالم على انهيار النظام الرأسمالي وقد نجح في ذلك أيّما نجاحاً فالعالم حتى اليوم ما زال يعتقد بأن النظام الرأسمالي ما زال يعمل في العالم على الرغم من أن عنواناً واحداً من عناوين الرأسمالية لم يعد موجوداً .

تبعاً لاتفاقية نكسون – دنغ بنغ أخذت الصين تنتج مختلف احتياجات السوق الأميركية وهو ما يتعارض تماماً مع كل شروط الإقتصاد الإشتراكي ؛ وكانت الولايات المتحدة تستقبل كل الإنتاج الصيني الكثيف وتدفع مقابله دولارات مكشوفة غير مليئة . دورة الإنتاج الصيني ليست دورة رأسمالية بحال من الأحوال (نقد – بضاعة – نقد) فاليوانات التي يقبضها العامل الصيني أجراً له تغطي كامل إنتاج ساعات العمل المبذولة وليس ساعات العمل فقط كما في النظام الرأسمالي، أي أن هذا النظام لا يوفر فائضاً للقيمة وهو الشرط الأساس للنظام الرأسمالي . معدل الأجور في الصين هو ما يساوي 250 دولاراً شهرياً وهو ما يغطي إنتاج العامل وليس قوة عمله فقط، غير أن صاحب العمل يصدر هذا الإنتاج للولايات المتحدة ويبيعه هناك بعشرة أضعاف قيمته أي بـ (2500) دولارا . الفرق وهو 2250 دولارا ليس فضل الفيمة بل هو سرقة بالإكراه بتشارك فيها لصاد دوليان هما الولايات المتحدة التي تصدر نقودا مكشوفة غير مليئة والصين التي تنتج بضائع غير رأسمالية وغير وطنية أيضاً . العالم بأجمعه باستثناء الصين هو الذي عليه أن يوفر القيمة التبادلية للدولار الزائف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مليار و نصف
سلام ابراهيم محمد ( 2021 / 11 / 13 - 15:31 )
تحياتي أستاذ
ابتداءا
المنظومة الفكرية السائدة بعد الثورة الصناعية باولوياتها الخادعة و المزيفة بمعية الانفجار السكاني الطاعوني ستدمر ما يطلق عليها -الحضارة- البشرية
لكن ما قيمة الاشتراكية إن لم يكن الإنسان هو الأساس و المقياس
على عاتق النخبة في الصين مسؤولية جبارة الا و هي ادارة حياة مليار و نصف من البشر؛ ياحبذا لو تذكر لنا بعضا من إقتراحاتك و حلولك لتحسين ظروف معيشتهم.مع كل التقدير لوجهة نظرك
للمزيد مقاليي صين، زفييير
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=656292
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=702567


2 - وهل اطلاق اسم الشيوعيه على حزب كافي ودولة العبودية
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 11 / 13 - 16:52 )
والقتل الروسية الاستبداديه هل تسميتها بالسوفيتيه والجمهوريه والاشتراكية يغير من حقيتها انهكانت دولة العبودية الاسيويه دولة قتل الملايين من قبل لنين منذ 1918 وقتل الملايين من قبل البلطجي ستالين في الثلاينات والجوع التي عاشته مئات الملايين وحسرة اكل الفواكه وطوابيرها واهانة الناس اليوميه من قبل البوليس-ولماذا حاللا سقوط دولة الشر هذه عاش مدن العالم ولازالت هجوم ملايين المسكينات الروسيات على دور الدعارة في العالم وصولا الة ام الدنيا مصر وازمة راقصاتها وليس فقد-هل كنت يا ف ن في روسيا ولماذا وبعد اكثر من 40سنه على السقود روسيا لازالت مقاطعه يملكها الاستخباراتي بوتين ولازالت روسيا من دول العالم الثالث-افتح عيونك وضميركوتكلم عن الامور في واقعها وليس في تضليلها


3 - السيد سلام ابراهيم
ففؤاد النمري ( 2021 / 11 / 13 - 18:03 )
الثورة الشيوعية في الإتحاد السوفياتي قامت لتفكك النظام الرأسمالي العالمي وتبني حيات شيوعية تلبي كختلف احتياجات الإنسام في التكامل والتطور إلى حدود لم يكن الإنسان الحالي ليتصورها
العدوان الهتلري الواسع والخسائر الهائلة التي تحملها الاتحاد السوفياتي سمح للبورجوازية الوضبعة السوفياتية أن تنقلب على الإشتراكية وتحول الاتحاد السوفياتي الكلي القدرات إلى مصنع للأسلحة
حاول ماونسي تونغ أن يستمر بالثورة الإسشتراكية ولم ينجح فيرز دنغ بنغيت’مر مع الأمريكان لنهب العالم وصار العالم كله في فوضى الهروب من استحقاق الإشتراكية
إن تمادت هذه الفوضى قبل أن يدرك العالم خطورتها ويستعيد نمط التطور الإشتراكي فسوف يقضى على الحياة البشرية المتحضرة

تحياتي


4 - إلى صاحب التعليق رقفم 2
ففؤاد النمري ( 2021 / 11 / 13 - 18:07 )
آسف فالمقال يخاطب ذوي العقول الراجحة فقط


5 - تعويم العملة
عبدالرحمن مصطفى ( 2021 / 11 / 13 - 23:13 )
تحياتي..
تجربة تعويم العملة لم تكن كمرة أولى في السبعينيات ،بل سبق هذه ما حدث قبيل الحرب العالمية الأولى عندما تجاوزت الدول الكبرى قاعدة الذهب مع تصاعد الإنفاق العسكري وانخراط الدولة أكثر في الإنفاق على الخدمات المدنية ،واستمرت هذه الحالة حتى اتفاقية بريتون وودز في الأربعينيات
في هذا العصر لايمكن تجاوز حقيقة الهيمنة السياسية الأمريكية في اعتبار الدولار كعملة أقوى في قبالة العملات الأخرى ،فالطلب على الدولار الأمريكي يبقى في الصدارة بسبب ما تملكه أمريكا من سطوة ونفوذ سياسي وعسكري واقتصادي على العالم

أما الرأسمالية ،فمعالمها من استغلال واستعباد للبشر لازالت موجودة وكذلك الاستغلال الاقتصادي من (دول) لدول أخرى لازال موجودا وحاضرا بقوة ،


6 - ألا يوجد أمل في المستقبل ؟
وليد مهدي ( 2021 / 11 / 13 - 23:26 )
تحية بولشيفية
معلمنا الغالي

لم اعرف من خلال مقالكم المهم جدا , هل ثمة امل في انتقال الصين الى اشتراكية تامة ؟

هل تعتقد ان ليس ثمة تخطيط نحو الاشتراكية يمضي به قادة الحزب هناك ؟


7 - عزيزي عبد الرحمن مصطفى
ففؤاد النمري ( 2021 / 11 / 14 - 06:26 )
تذكرت اسمك فقد كنت أرسلت احتجاجاً لإدارة الحوار المتمدن لأن مقالاً في غاية الأهمية للسيد عبدالرحمن مصطفى لم يظهر في مربع الكتاب سوى ساعتين

عزيزي عبد الرحمن
أنت تطرح أطروحة تنفي أطروحتي بكل تفاصيلها
أطروحتك تقول أن الدولار قوي لأن أميركا قوية عسكرياً وسياسياً
وأطروحتي تقول العكس أن أميركا قوية لأنها تمتلك الدولار الضعيف
القانون الدولي للنقد يقول أن قوة العملة الوطنية مستمدة من قوة غطائها وهو الإنتاج المادي الوطني ممثلا بالذهب
لكن الدولار فقد غطاءه الوطني عندما أعلنت إدارة نكسون الخروج من معاهدة بريتونود في العام 71
في العام 70 كان قيمة الدولار.0.5 غم من الذهب وهي اليوم 0.02 غم فهل هبطت قوة أميركا ثلاثين ضعفا
غطاء الدولار اليوم هو البضاعة الصينية فهي تستبدل بـ 3000 مليار دولار سنويا
الصين توظف في أميركا 2.4 ترليون دولار
الرئيس الأميركي والجيش الأميركي يقبضون رواتبهم مت الأموال الصينية
66% من الأموال في بنوك أميركا هي أموال صينية كما أكد مؤخراً البروفيسور فرانسس فوكوياما

تحياتي ودعنا في تواصل


8 - الرفيق العزيز وليد مهدي
ففؤاد النمري ( 2021 / 11 / 14 - 08:09 )
سعدنا جداً بإطلالة رفيقنا في التنوير وليد مهدي

نظرية دنغ بنغ في معارضة ماو لا تعود لدنغ نفسه كان زعماء الأممية الثانية كاوتسكي وبليخانوف قد
عارضوا لينين بقوة لأنه يقيم اشتراكية في روسيا القيصرية المتخلفة غير الرأسمالية قالماركسية قالت تقوم الثورة الإشتراكية في بلد رأسمالي متثدم
رجع دنغ بنغ ليتبنى نفس النظرية وأن الإشتراكية لن تقوم في الصين قبل أن يكون هناك نظام رأسمالي متطوراً وهو ما أغراه للإتفاق مع نكسون
لكن هل هناك نظام رأسمالي في الصين ؟
ساعة العمل في الصين قيمتها التبادلية 1.5 دولار لكنها تباع خارج الصين في أمركا بعشرة أمثال فيمتها وهذا ليس له علاقة بالنظام الرأسمالي

أميركا تطبع سنوياً أكثر من 10 ترليون دولارمكشوفة لا قيمة لها تبيعها للعالم الصين تأخذ منها 3 ترليون بدل بضائع وهي بذلك تشارك اميركا في سرقة العالم
الموسى في حلق الحزب الشيوعي الصيني هو حوالي 6 ترليون دولار في خزينتها وكيف تبلعها
تشرع في استعادة يق الحريرولن تنجح في ذلك فأن تطرح الصين ترليون واحد في الأسواف لسقط الدولار حتى الصفر
قتصاد الصين ليس اقنصاداً وطنيا انه اقتصاد الأسواق خارج الصين وليس فيه حرفا من الاشتراكي

اخر الافلام

.. فرنسا.. اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي| #مراسلو_سكاي


.. الفريق الرئاسي قبيل الانتخابات التشريعية: هجوم مزدوج على أقص




.. حظوظ تحالف ماكرون تنهار أمام تيار لوبان.. اليسار يعد بزيادة


.. طرد المسلمين والأقليات.. خطاب اليمين المتطرف في الانتخابات ا




.. فرنسا.. اليمين المتطرف يتصدر استطلاعات الرأي في الانتخابات ا