الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى جريمة الباتاكلان الباريسية...

غسان صابور

2021 / 11 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


من خمسة سنوات.. من مساء الثالث عشر من نوفمبر ـ تشرين الثاني 2015... إنهالت على هذا المكان Le Bataclan هذا المكان الباريسي الذي تجتمع فيه فرق موسيقيين عالميين.. كل مساء.. تجتذب فيه شبيبة بالآلاف من أذواق مختلفة.. وأعمار مختلفة... هاجمتها عصابة داعشية راديكالية فرنسية وبلجيكية الجنسية والمولد (من أصول شمال إفريقية).. وقتلت مئات النساء والرجال.. وخلفت مئات الجرحى والمعاقين الأبرياء... لم يلتقوا ولم يتقابلوا سوى هذه الأمسية.. بهذا المكان.. وأمكنة أخرى من المطاعم والمقاهي المحيطة بالباتاكلان... إنتقاما من كفار.. ببلد كــافر...
هذه الأمسية.. ولو أنني كنت بمدينتي لـيـونLYON.. والتي تبعد عن باريس ما بين 450 و 500 كيلومتر حسب وسائل النقل والطرق المتبعة... ولكنني لما سمعت هذا الخبر.. والصور المباشرة من عشرات محطات التلفزيون المختلفة.. ومن زوايا مختلفة.. مع مئات وسائل نقل الجرحى...ونقل جثث الأموات ساعات وساعات.. والأخبار حتى الصباح والأيام التالية.. مناظر حرب بشعة.. وعن مداخلات وسائل الأمن الفرنسية... صـعـقـت.. صرخت.. ثرت.. شتمت.. لم أنــم.. دهشت.. ثرت من جديد.. لما أعلنت اسامي بعض القتلى والجرحى.. من جنسيات مختلفة.. ومعتقدات مختلفة... ثبت لي أن هؤلاء القتلة الداعشيين الراديكاليين... ليسوا بشرا طبيعيين.. وأن حقدهم الأرعن ـ غريزي حيواني ـ لا علاقة له بأي دين... ولا بأية طبيعة بشرية متزنة موزونة.. بشرية... وهذه الظواهر.. تطفوا وتتظاهر بشدة وعلنا.. بمحاكمة بعض منهم.. أو من تبقى منهم.. ممن شاركوا بأشكال مباشرة.. او غير مباشر.. أو ساهموا بتحضيرها.. دون أية مشاعر بشرية.. لمن ماتوا أو جرحوا أو أصيبوا بصدمات بسيكولوجية إلى الأبد.. دون اعتذار.. كأنهم ذبحوا عنزة خالتهم.. بعيد من الأعياد.. أو دون أية مناسبة...
وبعد سبعة سنوات.. ورغم مرور سبعة سنوات.. ما زلت أشعر بحزن عميق متصخر.. لا يتغير.. لكل هؤلاء الضحايا.. كأنهم أولادي أو أحفادي... لأنني منذ ستة عقود وأنا أعيش بهذا الوطن.. فـــرنـــسـا الذي فتح لي ولعائلتي قلبه وصدره وتعاليمه وقوانينه وحضارته وسياساته وتناقضاته... وأشعر أنه عشيرتي وعائلتي.. وأفراحي وأحزاني... ولكن مأساة الباتاكلان وما تلاها من جرائم إرهابية داعشية أو قاعدية.. فردية أو جماعية... تركت بقلبي... وخاصة أن لم يتبق بعمري.. أية إمكانيات انتفاضية.. سوى الكتابة والتعبير... آراء وتحليلات وآلاف المقالات المنشورة... ولكنني.. وبعد سنوات.. أن الحياة اليومية.. وجوديا وواقعيا... تشبه لوحة L’Enfer de Dantes وهي مجموعة لوحات تاريخية.. تبعتها مسرحيات وصور عن طبقات جهنم التي تلتهم الخطاة من البشرية.. والتي لن يتبق منها الكثير من البشر... نظرا لما يسود البشر.. وخاصة ببعض المعتقدات المتحجرة الراديكالية.. أن الآخر هو الفاسق.. ويجب إزالته من الحياة... وأنهم ممثلوه على الأرض.. بينما هم أكثر المخربين.. ومفجري أي تــآخ بين الإنسان والإنسان... وأن الآلهة.. كل آلــهــة التاريخ.. لم تدع أبدا للحرب والقتل.. إنما للسلام.. وأشهر قول " الــســلام عــلــيــكــم ".. والذي تحرف وتفجر وتشوه.. بعد جريمة الباتاكلان.. ليصبح صرخة حرب وخراب.. بأيدي الفريسيين والجهلة والقتلة... بكل مكان على ارضنا المقهورة اليابسة المتعبة... والتي أصبحت فيه أعلام الجهلة السوداء... أعلام تحليل القتل والغدر.. باسم الآلهة...
بعد الباتاكلان.. صرخاتي بالآلاف ملأت كتاباتي... ولكنها ـ واأسفي وحزني المرير ـ كانت ضائعة بوديان وصحاري الطرشان... وعالمنا يغرق يوما بعد يوم بجهنم دانت Enfer de Dantes...
أحلم وآمل بثورة يقظة.. بين شعوب العالم... تخلق مبادئ حركات تــاخ وحــب وســلام بين الـبــشــر.. ثــورة عالمية ضد العنف.. وأية راديكالية طائفية أو معتقدية... لحماية الإنسان.. والطبيعة التي تحترق...
***************
عــلــى الـــهـــامـــش :
ــ وعن بسيكولوجية الإرهاب
ــ كم يحزنني قارئاتي وقرائي.. أن هذه المحاكمة لن تغير أي شـيء بعلاج هذه الجريمة الجماعية النكراء... ولن تغير ولن تصلح ولن تداوي أفكار ونوايا أشباه مرتكبيها.. النائمين ببلدان العالم كله... ولن تتمكن مخابرات الدول الديمقراطية... بأساليبها الديمقراطية.. تخفيف أعدادهم... لأن كلمة "ديمقراطية" نفسها.. بشريعتهم وتفاسيرهم لها.. رجس من عمل الشيطان... وأن الموت.. أقصر طريق للجنة وحورياتها... مما يغير جميع قواعد الحرب التقليدية... والتي هي اكتشاف سلاح.. تخيف به عدوك.. من الموت... وهؤلاء.. كما رأينا.. إن هؤلاء الإرهابيين.. بعملياتهم الانتحارية ـ غالبا ـ يفجرون أنفسهم... للقاء الحوريات بالجنة... كما فــســر لهم... وكتب ووعد لهم.. من ينظم غالب عملياتهم... وبعد اغتيال كل صحفيي ورسامي Charlie Hebdo الكاريكاتورية المعروفة.. بشهر كانون الثاني 2015.. تمت عملية شهر نوفمبر تشرين الثاني من نفس السنة.. بأشكال مفجعة أكبر وأكثر... بالباتاكلان وما يحيط بالباتاكلان... مما يعني أن الفكر الحاقد المجرم النائم... يستيقظ بإشارة روبوتية.. من حيث لا ندري...
رجال الأمن بجميع البلدان الأوروبية... يجب أن يعتمدوا من جديد على Profilers.. متخصصين بديانات هؤلاء الإرهابيين... وحتى أيامنا هذه... هذا الأمر.. وهذه الدراسات.. على ما يبدو نادر.. ونادرة جدا... وغير كافية على الإطلاق...
بـــالانـــتـــظـــار...
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فـــرنـــســـا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا