الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستعمار الإلهي والاستعمار الانساني (2)

طارق الهوا

2021 / 11 / 16
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


ساهمت أوروبا وبقية العالم الغربي في تضخيم تسونامي الهجرة، بسبب عدم الوقوف في وجه الحروب الاميركية المُكلفة العبثية، والمشاركة فيها كما حدث في الحرب ضد العراق وغيرها. ساروا بدون إرادة وراء قيادة أميركا.
تلك الحروب صبت في مصلحة صناعة الأسلحة وانتفاع بعض السياسيين منها، ونتج عنها تسونامي هجرة أسوأ الإرهابيين من دولهم ضمن أناس هربوا بسبب الويلات التي أوجدها سقوط العراق وليبيا وسورية وأخيرا أفغانستان، إضافة إلى ربوتات مُسيّرة عقائدياً خطرة على المجتمعات ترفض دولهم استعادتهم مرة ثانية، مثل القنابل البشرية الموقوتة الموجودة في معسكر "الهول".
كان أفضل من هذه الحروب الحمقاء تبني مشروع هائل بربع تكاليفها يرفع مستوى العلم والوعي ويخلق فرص عمل في هذه الدول ودول أفريقيا، ليبقى كل شعب في بيئته وثقافته وتحت الحكم الذي يختاره سواء كان عسكرياً أو مدنياً أو دينياً. وهذا المشروع الهائل كان سيدير المصانع الغربية وينعش اقتصادات دولها ويصون ثقافاتها، بدلا من إنفاق أميركا 822 مليار دولار على الحرب وتبعاتها في أفغانستان فقط، وإذا أضفنا كلفة باكستان التي تستخدمها واشنطن كقاعدة لعملياتها في أفغانستان، ووفقا لدراسة أجرتها جامعة براون في عام 2019، فإن الولايات المتحدة أنفقت ما يقرب من 978 مليار دولار، كانت كافية لإزالة البؤس من ثلث دول العالم المتخلف.
كانت نتيجة هذه الحروب الفاشلة ضعضعة اقتصاد أميركا نفسها وسقوطها تحت وطأة ديون رهيبة، ولم تؤد إلى ازالة الإرهاب بل أدت لعودة من حاربتهم أميركا للحكم مرة ثانية أو الفوضى الشاملة، وتسونامي هجرة غير شرعية أصبح يهدد حضارات الغرب كلها بتلاشي ثقافاتها خطوة بخطوة.
وإذا تأملنا تصريح رئيس الوزراء السلوفيني، يانيز يانشا، في المنتدى الاستراتيجي الدولي في بليد، "الاتحاد الأوروبي ليس مستعداً لتكرار أزمة الهجرة في سنة 2015 على خلفية الحرب في سوريا"، يمكننا فهم مخاوف مجلس الاتحاد الأوروبي، الذي يعتزم منع الهجرة الجماعية من أفغانستان إلى أوروبا، وإعفاء القارة من مسؤولية الأزمة في أفغانستان التي أعقبت نهاية مهمة فاشلة طويلة المدى للتحالف الغربي، كلفت مليارات الدولارات وانتهت بعودة من يتبنون ويحمون أصحاب هجمات نيويورك إلى الحكم!
كما عبّر رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، بوضوح أكبر عن حجم كارثة الهجرة بقوله:"لا نحتاج إلى الوافدين الجدد ليحلوا محل مواطنينا الذين يعيشون هنا بالفعل، فقط من وجهة نظر رياضية. إذا قمت بدعوة أشخاص من خارج أوروبا، فستتغير الهوية الثقافية لأوروبا. بعض الدول موافقة على ذلك، لكن المجر ليست من بينها. لا نريد تغيير الهوية الثقافية لبلدنا".
وفي السياق نفسه قال الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند عن تنظيم داعش، "لم يضربنا بسبب طريقة عملنا في الخارج، بل بسبب أسلوب حياتنا هنا"، أثناء شهادته في محاكمة المتهمين في هجمات تشرين الثاني في فرنسا، الذين برروا هجومهم على مدنيين في باريس بشراكة فرنسا في الحروب في سوريا، وحاولوا مع محاميي الدفاع دفع مسار المحاكمة إلى محاكمة سياسية لفرنسا وليس محاكمة جريمتهم في باريس.
بالنظر إلى الجانب الآخر على المحيط الأطلنطي سنجد المشكلة نفسها في كندا، لكن رئيس وزرائها وجوقته يستعيدون من القبور ما فعلته الكنيسة الكاثوليكية بحق السكان الأصليين من تغيير لأسمائهم وتعليمهم لغات أوروبية واحتجازهم في معسكرات، الأمر الذي تسبب في موت بعضهم أحياناً بسبب ظروف معيشية صعبة (وهو أمر يستحيل تبرئة الحكومة الكندية من التواطؤ أو اصدار الأوامر فيه) ويتغاضون عن مخاطر الحاضر والمستقبل بتآكل ثقافة بلادهم بواسطة متجنسين يتبنون خطاب الكراهية ضد أي ثقافة تخالف ثقافتهم، ويقفون بالمرصاد لمن يحذّر أو يشير إلى خطاب كراهيتهم ويتهمونه بالعنصرية!
في الولايات المتحدة، انتشار وتعاون اليسار والاسلامويين واضح تماماً لمن يريد أن يبصر، وكلاهما يسعى لوراثة جزء من الامبراطورية بعد انهيارها وفق مخطط كبير على ما يبدو، بالعديد من القضايا التي يتقاتل عليها اليسار واليمين لدرجة أنهما لا يستطيعان إيجاد حل وسط في قضايا الإجهاض والسلاح الشخصي والمتحولين جنسياً، وهي قضايا فرعية يستحيل أن تهدم بلد قوي، لكنها مؤثرة جدا على بلد ينوء بالديون وبدأ قسم كبير من سكانه يتنكرون لماضيهم ويجرّموه، ويقول بعض طلبته أن علم بلادهم لا يمثلهم ولا يعني لهم أي شيء، وسط موجة نشر التفاهات والنظريات الهدّامة في دور العلم والمطالبة بوقف الاموال وتقليص جهاز الشرطة.
وإذا كانت أوروبا قد إبتُليت بالمهاجرين، فإن جو بايدن جمّد عمل شرطة الحدود وفتح الحدود للمهاجرين غير الشرعيين وطلب معاملتهم كمواطنين شرعيين حتى ينالوا الجنسية، والجيش الأميركي يبني وحدات سكنية للمهاجرين الأفغان، وكهنة الكنيسة الكاثوليكية وغيرها يطلبون الصلاة من أجل أن يعطي الله الصحة والرزق لهم، ويطلبون من المؤمنين قبول الوافدين الجدد الباحثين عن السلام والمحبة في الوطن الأميركي، بينما في الكونغرس الأميركي، يقف العضو تيد كروز ويسأل منذ أيام: ما المقصود بفتح باب الهجرة غير الشرعية عبر حدودنا الجنوبية؟ من الذي يقف وراء السماح لأعضاء بارزين في جماعة تعتبرها دولهم إرهابية هي الإخوان المسلمين بالحضور إلى أميركا تحت بند لجوء سياسي؟
وسؤالي الذي أختم به هو: هل يتجه الغرب تدريجياً بفضل تعدديته وديمقراطيته وغياب أي عقيدة فيه بما فيها الايمان بالقومية إلى مفترق طرق يمكن أن نطلق عليه : بدء حكم الأقليات ومطالبة الأكثرية بحقوقهم حتى يتلاشوا أو يخضعوا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم