الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى مفتي الجمهورية السورية.. أحمد بدر حسون...

غسان صابور

2021 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


رسالة مفتوحة.. الى مفتي الجمهورية السورية
أحمد بدر حسون.
قرأت وسمعت على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.. خطبتك الرثائية بتشييع وفاة المطرب السوري المعروف.. باسم صباح فخري.. بعد تخصيص غالب الخطبة.. كالعادة المعروفة.. بالابتداء بمديح السلطان.. فقمت بمديح الرئيس السوري بثلثي الخطبة.. وتبقى ثلث الخطبة لمديح المرحوم المتوفي.. وحبه لسوريا.. ورغبته بأن يدفن بوطن مولده... وهذا حق طبيعي إنساني.. حنيني.. (نــوســتــالــجــي : كلمة فرنسية معروفة)... ثم تابعت بتفسير خاص جدا لآية "التين" على ما أعتقد.. تحدد فيها بأن سوريا أرض خير مباركة... وأن من يموت فيها.. يجد من يصلي عليه... مؤمنا تسفيره مباشرة للجنة... وأن من يموت في الغربة.. لا يصلي عليه أحد... مما أثار على سيادتك.. غضب وزارة الأوقاف السورية.. فأقالتك من منصب مفتي الجمهورية.. مع المحافظة طبعا على العديد من الوظائف الدينية الرسمية التي تؤمن لك.. كبقية كوادر السلطة الرسمية المركزية.. جميع إمكانات العيش الوافر الرغيد...وأكثر من العيش الوافر الرغيد.. في بلد يعيش غالب أهله.. بجميع مدنه وقراه.. ضيق عيش حرب خسيسة وعتمة وجودية.. بلا حدود.. ولا بوصلة.. ولا أي أمل بأي بصبوص أمل إيجابي.. ولا تــدخــل.. ولا أي حل من أية آلهة غادرت هذا الوطن التاريخي المنكوب... من سنوات طويلة بعيدة...
ولكن إسمح لي يا سيادة المفتي السابق... وأنا المواطن السوري المولد.. غير مسلم.. والذي أعيش من سبعة وخمسين سنة.. بوطن غربة اخترته.. والذي أصبح بعد أشهر قليلة من لقائي معه.. وطني.. فرنسا... والذي لا أبدله لقاء الــجــنــة... حيث هنا بفرنسا جميع البشر.. من جميع المعتقدات.. فرنسيين.. أو من مئات الجنسيات وعشرات المعتقدات... أو من غير أي معتقد.. تؤمن لهم المراسم الوداعية المحترمة المنتظرة.. كما تؤمن لهم نفقات الدفن.. والتي هي غالبا باهظة مرتفعة جدا... لمن لا تملك عائلته.. أو لا يملك إن لم تكن له عائلة.. تؤمن نفقات دفنه... ولا أعتقد يا سيادة المفتي السابق... إن كانت الآلهة تميز بمن ولد في سوريا أو في جزر الواق الواق...
وأخيرا أن تحث ملايين المهجرين.. من لاجئين أو مغتربين... حتى يعودوا إلى وطنهم الأم سوريا... بادرتك العاطفية الثورية الخطابية... صالحة... طيبة... مشكورة... ولكن هل تضمن لهم متأكدا.. أو تظن أن وزارة الأوقاف... والتي تمشي بها الأمور.. من غير دفشة أو واسطة أو معلوم.. أبسط حاجاتهم من غذاء وكهرباء وماء وعلاج ودواء؟؟؟... وأن الدولة الشرعية الرسمية.. تؤمن لهم الأمان.. أبسط الأمان.. الحريات الإنسانية.. حيث الملايين منهم في أوروبا... وأستراليا... وكندا... والولايات المتحدة الأمريكية... وحصل غالب غالبياتهم على جنسياتها.. مع أولادهم.. وأولاد أولادهم... حيث حاول بعض العاطفيين الحنينيين.. عدة محاولات عودة.. وتجارب اقتصادية ومشاريع بناءة... ولكنهم ســرعان ما هربوا وعادوا... من غالبية الكركبات والصعوبات والمشاكل التي وأجهوها... لأن الذين يديرون هناك أمور العيش والحياة.. أو كركبة حياة المواطن.. لم تتغير.. كما كانت منذ ما سمي استقلال البلد.. لهذا جمعوا من جديد عائلاتهم.. وعادوا إلى البلد الذي اختاروه وطنا.. بلا ذكريات مقبولة محتملة.. من هــنــاك...
يا سيادة المفتي السابق.. إني أكيد أنك لا تعرف قيمة كيلو البندورة.. أو سعر الفروج اليوم... وأن أحد الخدم لديك هو الذي يتولى هذه المهمة.. وليس لك مشاكل طوابير الانتظار لشراء جرة غاز.. أو شراء ربطتي خبز لعائلتك... إذن لا أعتقد أنك تستطيع ارجاع مهاجر أو لاجئ واحد.. أينما هو اليوم... ودعواتك لهم.. كقراءة جريدة "البعث" أو "الثورة" أو "تشرين"... والتي لم يعد يقرؤها.. حتى الموظفين بمن تبقى بحزب البعث العربي (الاشتراكي)!!!...
كم أتمنى يا سيادة المفتي السابق.. أن تــســع بما تفرغ من وقتك.. لإعادة بعض مبادئ العلمانية الضائعة كليا بهذا البلد... والتي كانت تدعي ـ زيفا ـ بها كل السلطات التي حكمت هذا البلد.. حتى هذه الساعة... حينها قد يعود إليه بعض رونقه.. وجذب أسباب زيارة بعض السواح إليه.. وتعود تبادلاته... مع الإنسانية وإعادة الحياة له.. بعد كل هذه الحرب الخسيسة التي اجتذبت عصابات القتلة الراديكالية... من كل اصقاع الأرض... خلال السنوات العشرة الماضية... وما زالت مع كل أسفي وحزني عليه... لأن ســـوريا وشعبها يستحقان الأمان.. والحياة.. والعزة.. والحرية والكرامة... كما شعوب هذا العالم.........
***************
عـلـى الــهــامــش :
ــ أذكر أنني طيلة إقامتي بفرنسا... وخاصة بعد اهتمامي ودراستي وتمسكي ـ سياسيا ـ بالعلمانية الفرنسية التاريخية... كتبت عدة رسائل للرئيس بشار الأسد طالبا منه إلغاء وزارة الأوقاف السورية... وتوزيع موظفيها على مصالح ومؤسسات الدولة المختلفة.. أما المشايخ وخطباء ورجال الإفتاء.. ربطهم بجوامعهم.. بإدارة رابطات "علمانية" خاصة... تدير الجوامع والرابطات الخيرية... ومن وصل لسن التقاعد منهم... يحال إلى مؤسسة الرواتب التقاعدية... بالإضافة إلى عشرات المقالات.. كتبتها على مواقع عديدة.. ردا وتفسيرا على اتجاهات وزراء ومدراء ومشايخ هذه الوزارة.. البعيدة كل البعد عن مظاهر الدولة والحكومات السورية.. وبياناتها ودعاياتها التي كانت تدعي عالميا.. بالعلمانية... بينما ربطت ـ دوما ـ قوانينها ودساتيرها.. بالشريعة الإسلامية... رغم أن الشعب السوري من آلاف السنين ـ تاريخيا ووجوديا ـ متعدد الطوائف... ووزارة أوقافها دوما رجعية متأخرة.. صخرية التطور... بكل أســف!!!...
ومع هذا... بقيت رسائلي.. وكتاباتي... حتى هذه الساعة.. دون أي انـتـظـار.. بلا أي جواب.
مع أطيب تحية مهذبة علمانية صادقة...
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار