الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سقط المثقف من حسابات الدولة؟!

محمد القصبي

2021 / 11 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة خطأ شائع..زنزنة مفهوم الدولة..فقط.. في الحكومة ..

ثالوث الدولة طبقا لتنظيرات أساتذة العلوم السياسية والذي يغيب عن العقل الجمعي:
-الشعب
-الحكومة
-الأرض.
وأظن أن المثقف بالفعل سقط من حسابات الحكومة.. ويقينا من حسابات الشعب..
......
في البدء ..راهن الرئيس السيسي على المثقفين ..حيث التقى ب24 من رموزهم في 22 مارس 2016....
لم يكن الهدف بالتعبير " الشيك" احتواءهم أوبالتعبير الشعبي الأكثر دلالة "حتى لو كان فجا" أن يضعهم في " جيبه " !!!
الرئيس السيسي جاء ولديه مشروعه الذي ربما رأه البعض مفرطا في طموحه..
مشروع يفتقد إلى الواقعية مع دولة بندتها مجلة فورين بوليسي الأمريكية عام 2012 في خانة الدول الفاشلة..
لكن الرئيس اتخذ قراره.. بناء مصر الجديدة..دولة تنعم باقتصاد قوي..دولة لايعشش في دهاليزها الفساد..الدولة الدور إقليميا ودوليا..وليست مجرد مقعد في جامعة الدول العربية او الأمم المتحدة..دولة تملك جيشا رادعا يمكنها من تحقيق هذا الدور ..ليس عبر حماقات عسكرية خارج الحدود بل توظف قوته بحكمة كرادع لكل من يحاول أن يعبث بالأمن القومي المصري والعربي..
وما غاب عن الرئيس التحديات الهائلة التي تمترس الطريق أمام مشروعه هذا..بناء مصر الجديدة..
-تنظيمات إرهابية غير مسبوقة في قوتها وانتشارها عبر القارات الست..وماتتلقاه من دعم ممنهج من قبل عواصم في الإقليم وخارج الإقليم ترى في تلك التنظيمات حصان طروادة الذي تتسلل من خلاله إلى غرف صناعة القرار في دول المنطقة..
- شبه انهيار اقتصادي تعاني منه الدولة المصرية حيث انخفض معدل النمو إلى مادون 2% ..
- استشراء الفساد بفعل
مافيا الحزب اللاوطني التي عدلت شعار المفكر الاسكتلندي آدم سميث من " دعه يعمل..دعه يمر"..إلى " دعه يسرق ..دعه يفر"..!!!!!!
- انهيار منظومتي التعليم والصحة..
- انتشار العشوائيات إلى حد اختلاط مقابر الموتى بغرف نوم الأحياء في قلب القاهرة وغير القاهرة..
- غياب التفكير العقلاني والاستنارة عن العقل الجمعي مع تفشي سلفية البترودولار التي هبت علينا أعاصيرها من شرق البحر الأحمر منذ سبعينيات القرن الماضي كبديل للقومية العربية التي هزمت في 5 يونيو 67..تلك السلفية التي سطحت الخطاب الديني وجعلته جلبابا ونقابا والصلاة على النبي الف مرة ..ولاشيء عن الاقتداء بأخلاق الرسول الكريم في حياتنا اليومية..عدله وامانته وصدقه..وتعاطفه مع الفقراء والمحتاجين وصرامته في مواجهة كل فاسد أثيم..
تلك السلفية التي رفعت
شعار سمعا وطاعة وجدت سندا لها في لصوص الانفتاح ومافيا الحزب اللاوطني ..سبحة تتدلى من يد واليد الأخرى تغرف من موارد الدولة
الغلبانة.."أكثر من 16 مليون فدان من أراضي الدولة تم الاستيلاء عليها من قبل تلك المافيا "..!!
........
تلك التحديات الهائلة كانت كفيلة بمترسة الطريق أمام الرئيس السيسي..لكنه لم يتراجع..وقرر المضي في حربه..حروبه نحو بناء مصر الجديدة..
هل قلت حروبا..؟
نعم ..كانت ومازالت حروبا وليست حربا واحدة..ضد الإرهاب.. ضد المتربصين بالدولة المصرية في الداخل والخارج.. حروب لانتشال الاقتصاد من محنته..للنهوض بالتعليم ..بالصحة..لتنظيف مصر من العشوائيات..
وبدا مايفعله السيسي مناقضا لحكمة التاريخ..لحكمة "صن تزو" حكيم الصين الذي قال من 2600 سنة في كتابه " فن الحرب" : الهزيمة مصير أي قائد يخوض الحرب على جبهتين في وقت واحد..
الرئيس السيسي لم يحارب فقط على جبهتين ..بل على العديد من الجبهات..وفي ذات الوقت !
وفي حروبه كان في حاجة إلى دعم قوي..
ممن ؟
من الشعب يقينا ..
من المثقف..ضمير الأمة كما يردد فرسان المنصات ..وكما أضيف دوما إلى مايرددونه ..و"رأس حكمتها".

ألهذا التقى الرئيس برموزهم في مارس 2016؟
فعلها قبله مرارا الرئيس مبارك..
لكن لقاءات مبارك مع المثقفين كانت لمسة ديكور على قصر الاتحادية: النظام يتواصل مع مثقفي الأمة وفي حالة مودة معهم!!
وايضا ليضعهم في "جيبه"..
ولم يتوانى نظام مبارك عما يظنه" رشوة " المثقفين ..جوائز ونشر وسفريات ومؤتمرات يتم اختيار عناوينها على عجل ..فليس مهما ماذا تناقش ..وحتى لو ناقشت أمرا مهما ..فأبحاثها تلقى بعد ذلك في أدراج النسيان..المهم انه من خلال هذه المؤتمرات يتم استقطاب الكتاب..إقامة جيدة ووجبات طعام شهية..
وما كان أبدا في أجندة نظام مبارك توظيف حكمة مثقفي الوطن وعنفوان حضورهم في المشهد المصري لصالح الوطن.!!
"مرة أخبرني أستاذي وصديقي الراحل الجميل صلاح عيسى أنه وعدد من المثقفين كانوا بصدد لقاء الرئيس مبارك ..فإذا بزكريا عزمي يحذرهم قبل اللقاء بألا يتطرق أي منهم مع الرئيس في اي من مشاكل الدولة!!!!!! استجابوا..كبروا دماغهم ..وربما لأن اللقاء مع رئيس الدولة في حد ذاته دبوس ذهبي في رابطة عنق بعضهم "!!
لكن الأمر مع الرئيس السيسي يختلف..رئيس لديه مشروعه ليضع مصر في قلب مركز الحضارة العالمية..إذا من الطبيعي أن يجد في المثقفين عونا له ليرى مشروعه النور..
لكن ..مع ذلك لم يتكرر لقاؤه بهم..؟!
هل شعرت القيادة باللاجدوى من وراء هذه اللقاءات مع المثقفين؟

لاأدري..لكني كمواطن بسيط مهموم بمشاكل الوطن ..محموم بأحلامه..
أرى أن المثقف المصري في ظروفه الحالية لايمكن
الاعتماد عليه!!!
هل ترى الحكومة ماأرى..
أن المثقف فقد أهميته
وتأثيره كخط إنتاج للقوة الناعمة التي تعينها على تحقيق مشروعها الطموح داخل وخارج الجغرافية المصرية؟
هل ترى الحكومة أن المثقف فقد أهم أسلحته..كضمير للأمة ورأس حكمتها..فتجاهلته؟!!
.......
لقد نجحت مافيا الحزب اللاوطني في تكريس الفردية الأنانية تحت جلد المواطن فأصبح لايرى ولايسعى إلا مايعينه على الانفلات من همومه اليومية..الأكل.. الملبس..الدواء.. دروس العيال..وجحر يأويه وأسرته ولو بين المقابر..لتتقزم أماله فيما سيقتنصه في عيد العمال في مطلع مايو من كل عام حيث يصيح: العلاوة ياريس!!
أهذا أصبح عليه حال ملايين المصريين..في ظل حكم مافيا الحزب اللاوطني..؟
وكثيرون اعتادوا أن ينتظروا انتخابات البرلمان ليس بهتافات: لا للفساد..لا للصوص..!!
بل لينضموا إلى زفة اي من أعضاء المافيا الحاكمة ليحصل على بضعة مئات من الجنيهات ..ومنهم من يبيع صوته بخمسين او مئة جنيه..
وما المثقف إلا جينة في جينوم المجتمع..ماتعرضت له جينات الوطن كان المثقف عرضة له..الفقر والمرض والتحول إلى فريسة ينهشها المدرسون الخصوصيون والأطباء وموظفو الجهاز الإداري.. إن كانت له معاملة في أي جهة حكومية عليه أن يدس شيئا في درج الموظف..!!
في مجتمع كل يضع يده في جيب غيره..وجد المثقف نفسه في وضع فريد ..الكل يضع يده في جيبه..وهو لايضع يده في جيب أحد .ليس لديه ما يقدمه لغيره ليحصل على مقابله!

واستفحلت محنة المثقف مع تحول وزارة التعليم من وزارة للمعارف إلى وزارة للتلقين..مدرس يلقن التلميذ إجابات ماهو متوقع من أسئلة في الامتحانات ..حتى موضوعات التعبير يتم تلقينها..والهدف..الحصول على مجموع يقتنص به الطالب في واحدة مما يدعون كذبا انها كليات القمة..الهدف..وظيفة..لقمة العيش..مجتمع هذا حال أبنائه..هل يمكن أن يقرأ..!
يقينا لا..فبارت سلعة المثقف..كتبه..لأننا لسنا بالشعب القروء!
وتتضاعف محنة المثقف مع أعاصير سلفية البترودولار التي هبت علينا من شرق البحر الأحمر.. التي حرم مشايخها القراءة سوى القرآن..!!
جاري ..أحد هؤلاء المشايخ..كان عضوا في جماعة للدعوة بدولة خليجية.. سافر إلى العديد من الدول لنشر الإسلام..
منذ عدة شهور راني اقرأ كتابا لبرنارد لويس فقال لي بحزم : لاتقرأ سوى القرآن..!
وبالطبع ينتظر ان يكون ردي وطبقا لشعارهم : سمعا وطاعة!!!..مصيره جهنم من يناقش ويجادل!!
فماذا ننتظر من المثقف وهذا حاله..الانسحاق بين سندان الفقر ومطرقة انقراض القاريء؟!!!
ويقينا ..ان انقرض القاريء في مجتمع ما.. يصبح المثقف غريبا ..بل مجهولا من منظور شعبه..فكيف يراهن الشعب على فئة مجهولة ..بل وربما ضالة حسب مفاهيم سلفية البترودولار التي استشرت في قاع مصر..؟!!!
.....
فإن كان هذا حال المثقف.. فمن الطبيعي أن يصاب
بالرمد الحبيبي فلا يرى سوى أسفل قدميه..
كتاب ينشر..جائزة يوظف كل سلندراته في طرق الأبواب ليقتنصها..ليتمكن من الوفاء بتكاليف زواج3 ابنه..ابنته..أو مواجهة أمراض الشيخوخة!!..مؤتمر في شرم أو مطروح ينعم خلاله بما لذ وطاب من الطعام..والتقاط الصور التذكارية!!
......
هل يتابع المثقفون مايجري في بيتهم ب11 حسن صبري من مشاكل وأزمات؟!
يقينا.. لكن بسلبية.. ببرود....
وكأن 11 حسن صبري هذا نقابة عمال السكة الحديد..!!وليس اتحاد كتاب مصر!!
والغريب ..كلما اشتدت أوجاع حسن صبري..يتساءل البعض في غضب : أين الدولة ؟ "يقصد الحكومة"..
وأظن أن السؤال في هذه الحالة لاينبغي - بدءا - ان يكون أين الدولة؟ ..بل أين المثقفون؟
جداول الأعضاء العاملين في حسن صبري تضم أكثر من 3 آلاف كاتب..
ساحة الحرب حول مفاتيح حسن صبري لاتضم أكثر من بضعة مئات..وربما مئة هنا ومئة هناك !!

لذا لايبدو السؤال منطقيا : أين الدولة مما يحدث في حسن صبري!!
بل أين كتاب مصر؟!!
نعم ..أزمات المثقف في جانبها الإنساني والمعيشي بالغة القسوة..لكن علينا أن ننتبه..أن معالجة هذه المشاكل لن تتم إلا مع استقامة المشهد الثقافي..الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل الشاقة لتحقيق تلك الاستقامة تبدأ بمعالجة أزمات بيت المثقفين في حسن صبري..
وهذا يستلزم انتفاض ال 3 آلاف كاتب..أعضاء الاتحاد..
انتخابات جديدة..تنتهي باختيار مجلس إدارة قوي ..واع بدور المثقف كضمير الأمة ورأس حكمتها..قادر على التواصل مع الحكومة بما يصب في صالح المثقفين والدولة المصرية..
ان فعل المثقفون ذلك ..سيصبح منصوتا لهم في غرف صناعة القرار..
ويوما..مع تحويل وزارة التلقين إلى وزارة للمعارف طبقا للمشروع الذي يجري تنفيذه بمشقة الآن..وزارة ترقى مناهجها بملكة التذوق لدى أبنائنا..و تستفز شهوة المعرفة لديهم فيمضون العمر مؤرقين بالأسئلة..بالبحث عن إجابات لها..في الكتب وعبر المواقع الاليكتروتية..
حينها ..سيقف ملايين المصريين والعرب أمام منافذ المطابع ليتلقفوا فكر وابداع مثقفينا ..
حينها سيكون المثقف صوتا منصوتا له أيضا في الشارع!!
المهم ان نبدأ..والبداية ينبغي أن تكون من 11 حسن صبري!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب