الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحتفالا بذكرى ميلاد إمبراطور القلوب أحمد زكي

علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)

2021 / 11 / 17
الادب والفن


إذا كان الإبداع يولد من رحم المعاناة ، فهو الأجدر بأن يكون أكثر ممثلي السينما المصرية إبداعاً ، وإن كانت الفنون جنون كما يقول البعض فهو أكثرهم جنوناً وحزناً وإختلافاً .

قال عنه الإعلامي محمود سعد في أحد اللقاءات :
(هو مهيبر وبوهيمي طول الوقت، هو كان شوية شخبطة على الحيط، لكنه حين يُمثل يكتمل كالبدر)

أطلق عليه “صائد الجوائز” لدرجة أنه من كثرتها ينساها لدى أصدقائه أو في سيارات التاكسي، بينما يحتفظ بالجزء اليسير منها في منزله ، هو البرنس سواق الهانم والإمبراطور  والبطل و البيه البواب والنمر الاسود ، هو الفتى الأسمر ، هو السادات حرفياً بشهادة الراحلة جيهان السادات ، يكتمل كالبدر أمام الكاميرا ويلاعبنا بالبيضة والحجر فنصدقه ونآمن به ونرى فيه أنفسنا ، ننسى أنه يمثل فنتعاطف معه طيباً ، ونغدو مجرمين نعينه على الأذي شريراً .
و كم بحثنا له عن مخرج ينقذه في فيلم الهروب ، يضحك فيضحكنا ، يبكي فتظلم الدنيا من حولنا
ولست هنا بصدد الحديث عنه كفنان يعرف الجميع قيمته ولكنني أكتب عنه كإنسان فريد حوله الألم إلى كتلة  متفجرة من المشاعر.

إنه الفريد المتفرد الغريب المألوف أحمد زكي
  اسمه أحمد زكي متولي بدوي في ١٨ نوفمبر من العام ١٩٤٩ بالحسينية ، يعتبر الابن الوحيد لأبيه الذي توفى بعد ولادته فتزوجت أمه بعد وفاته ليتربى مع جده.
وقد ذكرها أحمد زكي في أحدى اللقاءات "رأيت أمي للمرة الأولى وأنا في السابعة، ذات يوم جاءت إلى البيت إمرأة حزينة جداً، ورأيتها تنظر لي بعينين حزينتين، ثم قبلتني دون أن تتكلم ورحلت، شعرت باحتواء غريب، هذه النظرة إلى الآن تصحبني، في السابعة من عمري أدركت أنني لا أعرف كلمة أب وأم، وإلى اليوم عندما تمر في حوار مسلسل أو فيلم كلمة بابا أو ماما، أشعر بحرج ويستعصي عليّ نطق الكلمة".

وقد نشر موقع اليوم السابع رسالة بخط يد النجم أحمد زكي يقول بها "لست أجيد شيئاً في حياتي سوى الوقوف أمام الكاميرا، ولا أرغب في شئ في الوجود إلا العمل من أجل تقديم فن جيد، ولست أطلب شيئاً من جميع البشر سوى معاملتي بإنصاف وإتاحة الفرصة لي لكي أعمل، فقط لكي أعمل".

يكمل : «الإنسان في هذا العصر يعيش وسط عواصف من الماديات الجنونية، والسينما في بلادنا تظل تتطرق إليه بسطحية، هدفي هو ابن آدم، تشريحه، السير وراءه، ملاحقته، الكشف عما وراء الكلمات، ما هو خلف الحوار المباشر، الإنسان ومتناقضاته، أي إنسان، إذا حلل بعمق يشبهني ويشبهك ويشبه غيرنا.. المعاناة هي واحدة.. الطبقات والثقافات عناصر مهمة، لكن الجوهر واحد».


عزة نفس


كان  أحمد زكي شخص شديد الاعتزاز بنفسه الأمر الذى ظهر فى رده على محمد صبحي قبل فيلم «الكرنك» حينما قال له: أنا مش بقبل هبة من حد، حسب رواية صبحى فى أحد البرامج التليفزيونية الذى تعرض فيها لكواليس الأمر بتأكيده على تلقيه مكالمة من المنتج ممدوح الليثي يخبره فيها بعدم إمكانية تمثيله في الفيلم لوجود مشكلة
وهي أنه كان من المقرر أن يقوم بدور البطولة الفنان أحمد زكي غير أن جهة التوزيع رفضت حصوله على الدور ليرشح الفنان نور الشريف بدلا منه، مما دفع المنتج لترشيح أحمد زكي لدور صبحي في الفيلم لحل هذا الموقف الصعب، وما أن عرض صبحى الدور على أحمد حتى ثار وقال له تلك الجملة، على الرغم من أنه حاول الانتحار حزناً على ضياع الدور منه .


مواجهة التعنت بالنجاح

  وفي يوليو 1969، قررت القاهرة الاحتفال بذكرى مرور 1000 عام على تأسيسها، وتكشف صفحات مجلة “سينما الفنون” المنشورة بالموقع الإلكتروني لذاكرة مصر المعاصرة، التابع لمكتبة الإسكندرية، أنه تم الاستعداد لإقامة احتفالية على شكل أوبريت كتبه “جاهين”.
وكان “زكي” ضمن الكومبارس لكن نجوم الصف الأول اعتذروا لانشغالهم بأعمال أخرى أو بسبب السفر أو المرض، وهو ما دفع المخرج الألماني للأوبريت، إيرفن لابستر، يرشح “زكي” لأداء البطولة، لكن الرفض كان مصيره بسبب مدير المسرح، سعد أبو بكر، وكان مبرره وقتها: “كيف يؤدي طالب بالفنون المسرحية بطولة أوبريت كبير؟”.
كتم “زكي” مرارة الرفض وكان عزاؤه اهتمام المخرج الألماني به، الذي طالبه بالسفر إلى أوروبا لإكمال دراسته بدلا من الدفن وسط أناس لا تقدر الموهبة، لكن القدر جعل “جاهين”، الأب الروحي للفتى الأسمر يتدخل، ليمنحه اهتمامه في رحلته الفنية، وقد كان أسمى نجاحاتها في  مسلسل (هو وهي).

كما كشف المؤلف مصطفى محرم أنه فرض أحمد زكي على المنتج محمد مختار ونادية الجندي ليشارك في فيلم «الباطنية»، إلا أن عرضه قوبل برفض شديد من قِبل مختار والجندي.

وذكر محرم أن نادية الجندي قالت له: إزاي ده يعمل الدور.. ده شكله واحد مبيستحماش. إلا أنه تم الرضوخ لإصرار محرم في النهاية، و انهالت الجوائز على أحمد زكي عن فيلم الباطنية، رغم أن دوره كان ثانويا، وكان من بطولة فريد شوقي ومحمود ياسين، وهو ما أثار عاصفة من الجدل.

بلا منزل
رفض  زكي الاستقرار في منزل يعيش فيه، البعض يربط الأمر بحزنه لانتهاء علاقته بهالة فؤاد، والدة “هيثم” نجله الوحيد، بينما يشير البعض إلى أن سبب الأمر يعود إلى زلزال 1992، الذي جعله يغادر بيته للبقاء في أحد الفنادق المطلة على النيل، واختار الغرفتين “2006 – 2007” بالدور الـ20، في نفس المكان الذي فضله الموسيقار الراحل، بليغ حمدي، للجلوس بين أرجائه لتلحين إبداعاته.


إبداع الإمبراطور في مواجهة أرقام الزعيم !!

الغيرة الفنية كانت من أهم دوافع الخلاف بين النجمين ، فطبقا للناقد طارق الشناوي كان النجم عادل إمام يتمنى أن يكون في موهبة أحمد زكي، فيما كان النجم أحمد زكي يحلم بتحقيق الأرقام التي تحقهها إيرادات أفلام عادل إمام ، انطلاقًا من كواليس مسرحية “مدرسة المشاغبين” عندما انسحب زكي اعتراضًا على هامشية دوره، فاستعانوا بمحمود الجندي.

ومن الغريب أن عدد من الأدوار التي قام بها عادل إمام كان أحمد زكي قد رُشِّح لها من قبل والعكس صحيح، ومن بين هذه الأدوار:
فيلم "طيور الظلام": عرض الكاتب الكبير وحيد حامد فيلم "طيور الظلام" على أحمد زكي في البداية فاختار أحمد زكي شخصية "علي الزناتي" والتي قدمها الفنان رياض الخولي، ثم عرض الفيلم على عادل إمام الذي وافق على الفور. وعلى الرغم من سعادة أحمد زكي بموافقة عادل إمام على بطولة العمل إلا أنه عاد ليطلب من وحيد حامد أن يجسد هو شخصية "فتحي نوفل" فرفض وحيد حامد، وبعدها رفض أحمد زكي استكمال الفيلم.

فيلم الإرهابي: كان من المقرر أن يقوم أحمد زكي ببطولته، لكنه فوجيء بأخبار توقيع عادل إمام لعقد بطولة الفيلم في الجرائد.

 فيلم "البيه البواب": عُرِض في البداية على عادل إمام وبالفعل صوَّر عدداً من المشاهد حتى اختلف مع الجهة المنتجة لتذهب بطولة الفيلم إلى عادل إمام.

فيلم الحريف: كان من المقرر أن يقوم ببطولته أحمد زكي، وبالفعل احتفظ المخرج بالمقدمة التي سجلها أحمد زكي بصوته من أبيات صلاح جاهين. لكن بسبب خلاف أحمد زكي مع المخرج محمد خان ذهب الدور إلى عادل إمام.

مات أحمد زكي، لكن المنافسة استمرت. ربما تكون الوحيدة التي لم تنته بوفاة أحد طرفيها.
فأثناء التجهيز لمسلسل “أستاذ ورئيس قسم” انسحب هيثم أحمد زكي – رغم صداقته القوية بنجل الزعيم محمد إمام – بسبب سخرية عادل إمام المستمرة من والده الراحل. حينها، تناقل طاقم المسلسل جملة كررها عادل إمام أثناء التحضيرات الأولى :”يا جدع أبوك ده كان دمه تقيل بشكل”.

لم تكن الواقعة الوحيدة لهجوم عادل إمام على أحمد زكي بعد وفاته. في لقاء تليفزيوني، حكى عادل إمام قصة انسحاب أحمد زكي من “مدرسة المشاغبين” قائلًا إنه “تعالى على الدور”.


التمثيل مع ملك الموت !!!

كشف طبيب الفنّان الراحل أحمد زكي اللحظات الأخيرة في حياة النجم المصري الذي أدّى “مشهدا تمثيليا مع ملك الموت” ، وقال الطبيب ياسر عبد القادر على شاشة قناة  CBCالمصرية، إنه كان جالسا مع زكي قبل وفاته، قبل أن يجسّد مشهد الوفاة مع ملك الموت ، في محاولة تقبل فكرة إنتهاء اجله . 


تركة من ١٣٠ جنية وملايين القلوب المحبة

حياة “زكي” في الفنادق انتهت على سرير داخل مستشفى دار الفؤاد، ٢٧مارس ٢٠٠٥، بسبب السرطان، الذي طال رئته لشراهته في التدخين، بعدما بدأ في تصوير مشاهد ابن بلده العندليب الأسمر، عبد الحليم حافظ، وقتها كان الاندهاش يصيب الجميع لحرصه على إكمال مشاهد الفيلم دون النظر لآلامه، التي تتبدد بتقمص أي شخصية أمام الكاميرا.

و تلقى على مدار ثلاثة أشهر “أثناء فترة مرضه” حوالي مليون رسالة في مقر إقامته بأحد فنادق القاهرة وقد شملت الرسائل خليطاً من الدعوات بالشفاء ووصفات علاج بالطب التقليدي والشعبي وقصائد شعر واطمئنان على صحته وغيرها.

كما استلم ٣٢٥٠ طرداً من جميع أنحاء العالم، يحمل بعضها “حبة البركة” من اليمن، ومياه زمزم من السعودية، وأعشابا طبية من الصين والسودان، ونباتات برية للعلاج من موريتانيا، وغذاء ملكات النحل، بالإضافة إلى آلاف المصاحف ، و رحل وهو لا يمتلك إلا ١٣٠ جنيها، بحسب ما أكد أصدقائه بعدما تصدق بمعظم أجره عن فيلم” العندليب” لعلاج فنان شاب أصيب بنفس المرض، كما دفع نفقات “العمرة” لثلاثة موظفين في مستشفى “دار الفؤاد”، وأوصى ابنه “هيثم” بأن يعتمد على نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟