الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يجوز لسيف الإسلام التمتع بالديمقراطية؟

خالد محمد الزنتاني
كاتب

(Khaled M. Zentani)

2021 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


هل يجوز لسيف الأسلام التمتع بالديمقراطية؟

الفشل والإنهيار كان الأمل الوحيد الذي عول عليه جماعة الفاتح لإثبات صحة كلامهم عن فاعلية نظام الجماهيرية ولحسن حظهم جاء هذا الإنهيار مبكرا وكان بمثابة هدية غير متوقعة مكنتهم من إقناع الكثيرين بالطعن في شرعية مطالب الليبيين في الديمقراطية والتغيير ..

طوال السنين الماضية كان جل تركيز هؤلاء ينصب على موضوع واحد فقط هو صدق تنبؤات سيف الإسلام عن مستقبل الأوضاع في ليبيا بعد فبراير دون التذكير ولو مرة واحدة بالمتسبب الأول عن كل هذا الإنهيار وهذا الفشل!

تكرار الحديث عن النبوءات كل هذه المدة وبهذا الشكل الهستيري عند أنصار الجماهيرية كان مقصود ويراد منه تحويل هذه النبوءة في نظر كثير من البسطاء إلى إيمان مطلق بقدرة سيف الأسطورية على تشخيص الأزمات مع أن هناك عديد من الكتاب في الغرب والشرق أشاروا إلى حتمية فشل الثورات العربية في وقتها لأنها وفق التحليل المنطقي والصيرورة التاريخية لم تكن تستند حسب رأيهم على أبسط مقومات النجاح لأي ثورة والتي من ضمنها إختلاف مفهوم (الحرية والمساواة) عند الشعوب العربية عن مفهومها الحقيقي، لكن ضعف الثقافة وقلة الإطلاع عند هذه الشعوب جعلها دائما تقع فريسة للمغالطات والتدليس من قبل حكامها ومن هنا إنطلقت في ليبيا مغالطة كبيرة تقول طالما إستطاع سيف تحليل الوضع الليبي بقدرة فائقة فهو إذن الوحيد القادر على تصحيح الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها وبدأت الخدعة تنتشر تدريجيا ساعدها في ذلك كم كبير من الجهل والتخلف زرعه والد المحروس وهيأ له الظروف على إمتداد فترة حكمه الطويلة للبلاد ..

لم يسأل أحد من هؤلاء السذج المضحوك عليهم نفسه ولا مرة لماذا يركز أنصار الفاتح على صدقية النبوءة دون التطرق إلى ذكر الجهة المسؤولة عن دمار البلد مع أن سيف نفسه كان قد كشف في أول خطاب له عن الجهة التي تتحمل مسؤولية هذه المصائب وحددها في الجماعات المتشددة التي حملت السلاح في الأيام الأولى وأعلنت عن تأسيس ثلاث إمارات إسلامية دفعة واحدة في مناطق متفرقة من البلاد لكن لاحقا جرى تعتيم متعمد على دور هذه الجماعات في إفشال المشروح المدني وإحباط الحلم الليبي وظل التركيز مُنصب فقط على التنبؤات لغرض في نفس يعقوب!

إن المتسبب في الفشل والدمار والخراب بعد 2011 هو سيطرة الأصولية الدينية وأتباع الفكر المنغلق على المجتمع الليبي والسيطرة هنا لا تعني أن الليبيين شعب متزمت بل تعني أن الفكر المتعصب هو الذي يملك الغلبة في الشارع الليبي على الجميع وكذلك على طول الشارع العربي والإسلامي بحيث تجد هذا النوع من الأفكار يحقق النصر الحاسم عند كل مواجهة بدليل ان الأمور كانت في الحالة الليبية تنساب في بداية الأحداث على أحسن ما يرام وكانت مطالب الناس تنحصر في تطبيق العدل ودولة القانون والتقدم وإصلاح التعليم والصحة والإقتصاد والطرق والكهرباء والخدمات ورفع مستوى معيشة الفرد والقضاء على البطالة والفساد والمحسوبية يعني كلها مطالب لها علاقة بالتطور وتحسين الحالة الإقتصادية للمواطن بالدرجة الأولى وإذ بنا مع إنتهاء مهام الأمم المتحدة والإعلان عن التحرير وخروج قوات التحالف بدأنا نسمع أصوات تتحدث عن شعارات غريبة ومطالب شاذة لم نسمعها في بداية الإحتجاجات كالقول أننا ماخرجنا إلا لتطبيق الشريعة! وماخرجنا إلا لقول لا إله إلا الله! وماخرجنا إلا لكي نصلي ونصوم! وما خرجنا إلا لنؤذن في المساجد! وما خرجنا إلا لكي نربي اللحية! وما خرجنا إلا لنسترد الأندلس من الصليبيين! إلى أخر هذا الكلام وكأن القذافي كان يمنع الليبيين من الصلاة والزكاة والصوم والآذان حتى تفاقمت الأزمة وتفاجئنا في أحد الأيام وقد كنت شاهد شخصي وقتها على مظاهرة حاشدة لتنظيم القاعدة وسط بنغازي تهتف بشعارات تأييد لأسامة بن لادن! ثم خروج زعيم هذا التنظيم بعد المظاهرة بيومين في مؤتمر صحفي على الهواء مباشرة لم يجرؤ على القيام به حتى بن لادن نفسه يعلن فيه الإنقلاب على مطالب الليبيين في الحرية ويصف الديمقراطية بدين الغرب الكافر!

من هذا المفترق بالضبط حدث الطلاق بين ليبيا والإستقرار والأمل في المستقبل المشرق وبدأت البلاد تنزلق بسرعة جنونية نحو النفق المظلم وقرع طبول الحرب وبدء التدمير المنهجي لمفهوم الدولة الحديثة إستعدادا لإحلال دولة الخلافة محلها وتزامناً مع هذه الأحداث المأساوية وقعت كثير من المدن تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية في مدة قياسية ودخلت ليبيا عصر الأفغنة والصوملة من أوسع أبوابه

هذا هو بالضبط سبب الإنهيار بعد فبراير وليس بسبب مؤامرات الغرب الصهيوني ضد "الفاتح والقيادة التاريخية"! كما يصورها رأس الأفعى الإعلام الجماهيري وكل من يقول عكس ذلك فهو إما متحامل أو جاهل أو كذاب ملاطعي!

ثم ألا يستحي هذا السيف من الظهور في ذلك الخطاب المشؤوم بعد 40 عام من حكم أبيه الدكتاتوري الفردي المطلق ليتكلم عن دستور وقوانين ونظام حديث؟ أليس هذا إعتراف صريح من أعلى مستوى في النظام بفشل دولة العائلة الكريمة؟ مادرجة صحة هذا الوجه وهو يتكلم عن نظام فاشل ولا يذكر شيء عن المتسبب في الفشل الذي هو بطبيعة الحال أبيه وكأن ليبيا جزء من أرخبيل أندونيسيا أو الفلبين ولم يجثم أبوه على حكمها طوال 4 عقود مسح فيها كل شيء عقلاني وأستبدله بترهات وتخاريف ونظرية سخيفة لا يشتريها عاقل بربع دينار!

دعونا من المجاملات والتمحك بعبارات المصالحة والمسامحة .. التسامح يبدأ بإعتذار سيف لليبيين عن سنوات سوداء غبراء شاحبة قضاها الليبيون في الكذب العلني ينتظرون وصول قطار الإصلاح دون جدوى ووعود تتأجل كل عام إلى عام جديد وخطاب موعود لا يأتي أبدا ..

لا مفيش .. ومش من حق سيف الترشح للإنتخابات ولا من حقه الحصول على فرصة في الديمقراطية الليبرالية التي كفرها أبوه المتخلف في مقولاته وحرم منها الليبيين وحكمهم بمزاج شخصي فرض عليهم نوع الأناشيد والأغاني والمسلسلات وحتى من يقرأ عليهم نشرة الاخبار ووصلت التفاهة ودرجة الإستخفاف منتهاها عندما قطع عن الرسوم الكرتونية الصوت حتى لا يسمع الأطفال كلمة ملكة أو مملكة النحل في رسوم زينة ونحول!

من حق الليبيين التغيير وخوض غمار التجارب مثلهم مثل أي شعب أخر وليبيا ليست مزرعة مكتوبة بإسم عائلة تتوارثها كما تشاء .. خلاص إنتهينا وخلي التاريخ يحكم وأقلب الصفحة ..

خلونا نجتاز الحقبة بكل مافيها من ذكريات سيئة .. الأجيال القادمة ترنوا إلى المستقبل بأمل جديد وفكر جديد يتعاطي مع الحياة بروح العصر مش إجترار لثقافة حروب القبائل كما وصفها في خطابه و"إحني تحالفات"! وزنطيط و"حرب 1936"! ومجاعات وتجريدات قبائل الجاهلية على بعضها ..

حلم الليبيين لا يتوقف على "فرادي الخبزة"! وجمعيات فقرية ودعم مسروق مقابل السكوت عن حق الناس في حرية التعبير والمشاركة في تقرير مصيرهم ..

وبعدين الأوضاع الآن تغيرت والليبيين غير الليبيين والمسائل تعقدت .. هناك وضع متشظي وعشرات السنين من القمع والسكوت والممنوع والمحظور خلاص إنفجرت وطفت على السطح الحزازات والثارات وتصفية الحسابات .. لم يعد يجدي إنتقاء عبارات منمقة وتلاعب بالألفاظ فاللعب أصبح على المكشوف والدم سال وفوق الخراب إنقاض من الدمار والكراهية والأنانية وحب الذات ..

الآن من حق (حاتم الكور) أن يصبح رئيس طالما حاز على القبول وأقنع الناس .. أوكرانيا ثاني أكبر دولة مساحة في أوروبا والهاربة من جحيم الإتحاد الشيوعي أوقعها سياسييها المخضرمين في إتفاقيات مع بوتين أعادت إلى أذهان الأوكرانيين العبودية السوفيتية القديمة وهي بالكاد تخطو خطواتها الاولى نحو الإلتحاق بالإتحاد الاوروبي وبعد طول كر وفر مع من يسحبها جهة الشرق ورغبة الغالبية في الإنطلاق نحو الغرب دخلت البلاد في خضم صراع داخلي نجم في النهاية عن معارك إنتخابية طاحنة فاز فيها نجم كوميدي شاب يدعى (فلوديمير زيلينسكي) بمنصب الرئاسة وأصبح أول رئيس أوكراني يحقق الفوز بأغلبية ساحقة بلغت 73% بعد ان كان إلى وقت قريب يقوم بدور رئيس البلاد عبر التمثيل في كوميديا تلفزيونية مشهورة بعنوان "خادم الشعب" فتحولت الدراما إلى حقيقة وإعجاب الجماهير إلى أصوات إنتخابية مكنته من الوصول إلى سدة الحكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس