الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حمّة الهمّامي...و السّياسة غير -راضية-!!

كريمة مكي

2021 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


حمّة الهمّامي...و السياسة غير راضية!!

سألوا مجنون ليلى: أيّهما أحقّ بالخلافة، بنو العبّاس أم بنو هاشم؟ فأجابهم: ليلى!!!
لو سألوا اليوم حمّة الهمّامي : أيّهما أصلح لتونس : نظام الحكم البرلماني أم الرّئاسي لأجاب: راضية،،، نظام راضية،،، حكم راضية!
ʺحمّة الهمّاميʺ الذي خاب سعيه في السّياسة بعد أن كان مناضلا ثوريا يُشار إليه بالبنان، فتح لنفسه نافذة جديدة يتحدّث منها لجمهوره هي علاقته بزوجته و رفيقة دربه ʺراضية النّصراويʺ.
عاد ʺحمّةʺ للكتابة و لكن هذه المرّة ليست كتابة المناشير السرّيّة التي كان يتبادلها الرّفاق أيّام اختباءه عن بوليس السّلطة و لكنّها كتابة أدبية فيها بوح و تصريح بحبّ ʺراضيةʺ و مكانة ʺراضيةʺ في قلبه و في حياته و خاصّة في أيّام وجعها الأخيرة و قد اجتمعت عليها الأمراض.
لم يخشى ʺحمّةʺ عدوى الفيروس الفاتك، و استقرّ في نفس الغرفة التي ترقد فيها ʺراضيةʺ في المستشفى العسكري: يُطبّبها و يُسلّيها و يّخفّف عنها، متحمّلا وضع كمّامة على وجهه بالليل و النّهار كما قال. و هو أمر مقلق و شاق... و لكن في سبيل المحّبّة الحقّة تهون كلّ المشاق.
فاجأني أبي- رحمه الله- يوم قال لي أنّه انتخب حمّة الهمّامي في الرّئاسية الأولى بعد الثورة.
سقط ما في يدي. قلت له: حمّة!!! و الله ما جنى علينا أحد غيره، إنّه هو من أهدى الثورة للإسلاموويين.
قال أبي المناصر الأبدي لليسار: ʺحمّةʺ يحمل مبادىء اليسار العظيمة التي تربيت عليها منذ أربعينات القرن الماضي عندما انخرطت في الحزب الشيوعي التونسي.
قلت له: الحزب الشيوعي حزب رصين ومعتدل و ذو عقل أمّا حزب حمّة و رفاقه فهم يمثلون أقصى اليسار حتى أنهم يطلقون عليهم اسم اليسار الطفولي أي ذلك الذي يحطم كلّ ما في طريقه.
قال في حسرة و مرارة:ʺ أين هو الحزب الشيوعي و أين منه حزب ʺالمسارʺ اليوم... ذهب الرّفاق الكبار: عم حسن السّعداوي و سيمون طهّار و سي محمّد النّافع... و آخرهم، الله يرحمه، سيد أحمد ابراهيم...
لقد وُلدت يتيما و لكنّ الحزب الشيوعي هو الذي ربّاني منذ أن كان عمري 12 عام... فيه تشبّعت بالمبادىء السّامية و بالرّوح الثورية رغم أني في الأصل ʺخوّافʺ... خفت على عائلتي و تجارتي فاكتفيت بالمساندة من بعيد و لم أمضي طويلا في طريق الثائرين.ʺ
قلت: حتى أنّك لم تنقطع يوما عن إرسال مبلغ الاشتراك في جريدة ʺالطريق الجديدʺ حتى بعد الثورة إلى أن انقطعت عن الصّدور.
قال: ذلك أضعف الإيمان... كنت أشعر دائما أنّي مقصّر في حقّ حزبي رغم أنّ الجميع هنا في ʺالكافʺ يعرف انتمائي و يعرف دفاعي المستميت عن المبادىء الشيوعية أمام الجميع: تجمّع و اخوانجية!
قلت: رغم أنهم كانوا أصدقاءك!
قال: طبعا و أوّلهم ʺعبد الرحيم الزواريʺ عن التجمع و ʺعبد الله الزواريʺ -الله يرحمه- عن النّهضة...
كان الجميع يأتي عندي للحانوت في ʺبنعنينʺ لنحكي في أحوال البلاد و العباد فنتناقش و نتنابز و لكن دائما في إطار من المودّة الرّائقة ذلك أني لا أنافسهم في الصّراع على السلطة لذلك كانوا يوقّرونني و لا يغضبون مني !!
أمّا بعد الثورة فتغيّر كلّ شيء و خاصة الأخلاق و ظهرت النفوس على حقيقتها، تصوّري أن واحد من معارفي عيّرني بعد الثورة و قال لي: يا شيوعي... يا كافر!
قلت: لأنّهم يربطون الشيوعية بالتدين من عدمه و لا يعلمون عنها غير ذلك.
قال: أنا روحي يسارية، أُحبّ اليسار و أهل اليسار أهل المبادئ و القيم، لذلك انتخبت ʺحمّةʺ.
قلت مستنكرة: و لكنّ ʺحمّةʺ بعد الثورة...
ردّ أبي مقاطعا: ʺحمّة يمثّل عندي ما بقي في قلبي اليوم من تلك الروح الحيّة التي يبثّها الفكر اليساري في كلّ قلب مكسور يَحلم بالحياة و بالحرّية.ʺ
انتخب أبي ʺحمّةʺ ليكون رئيسا لتونس و لم أكن موافقة أبدا عل اختياره.
اليوم و بعد أن قرأت ما خطّه قلب ʺحمّةʺ عن ʺراضيةʺ تأكّدت أنّ ʺحمّةʺ يحمل فعلا روح اليسار الجميلة و المُلهمة في النضال و خاصّة في المحبّة. أمّا السياسة فهي ميدان بعيد... ليس لِʺحمّةʺ باع فيه.
يكفيه أنّه شكّل مع نصفه الصفيّ نموذج زوجي و نضالي متكامل يُلهم الآخرين و هو ما ليس أبدا بالهيّن و لا بالقليل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج