الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة الشعبية اليابانية - ثقافة الكاوايي – Kawaii- أنموذجا

مصطفى بحر محمد

2021 / 11 / 20
الادب والفن


تمهيد:
إن اليابان من الدول ذات التأثير الثقافي الكبير على مستوى العالم بدايةً من الرسوم المتحركة وحتى الألعاب واتجاهات الموضة، حيث إنها واحدة من الثقافات الفرعية التي أضحت منتشرة بطريقة متزايدة، والتي تغلغلت في كافة أنحاء العالم بسبب العولمة والعالم التكنولوجي المتقدم، ومن أبرز الثقافات عند اليابانيين نجد ثقافة الكاواي أو كما تسمى ثقافة الجاذبية اليابانية، وكاواي هي أكثر من مجرد كلمة خاصة بالشعب الياباني، فماذا تعني كلمة كاواي وما هي مظاهرها في الحياة اليابانية ؟
أولا: مفهوم الكاوايي Kawaii
كلمة Kawaii وتكتب (可愛い) في اللغة اليابانية تشير إلى “الظرافة” أي السلوك والمظهر والشيء اللطيف بأسلوب طفولي بريء محبب للنفس، مثلما يقابلها في الإنجليزية بشكل متدوال كلمة cute ، وهي كلمة استدلالية في الثقافة اليابانية لها جاذبية اتجاه الموصوف به، ويمكن استخدامها أيضا في وصف الحيوانات والأشخاص وفي بعض الأحيان تستخدم لوصف الأطفال والنساء خصوصا، ونادراً ما تستخدم لوصف الرجال، والكلمة مشتقة من كلمة أخرى والتي تعني الوجه المشع أو البشوش، فأي شيء يرمز للطفولة والبراءة والألوان الزاهية ويكون محبوب للنفس كثيراً في الثقافة اليابانبة يندرج تحت ثقافة الكاواي.
ثانيا: البدايات الأولى لـ:ثقافة الكاوايي
قد بدأت ظاهرة الكاواي في الثقافة اليابانية في فترة السبعينات، فظهرت أولاً كجزء جديد من أسلوب الكتابة، حيث بدأت العديد من الفتيات المراهقات بالكتابة بشكل جانبي (أفقي) باستعمال أقلام الرصاص الميكانيكية وذلك لأن أقلام الرصاص هذه تعطي خطوط رفيعة جداً على عكس الكتابة اليابانية التقليدية التي تختلف في السمك وتُكتب عمودية، بالإضافة إلى ذلك كانت الفتيات يقمن بالكتابة بخط كبير وأحرفٍ مستديرة وإضافة القليل من الصور إلى كتابتهم، مثل القلوب والنجوم ووجوه ذات تعبيرات ظريفة ورسائل من الأبجدية اللاتينية بالإضافة إلى تزيين كتاباتهن بواسطة رموز مثل القلوب والبدايات التي تُعرف باسم (marui-ji)وهي تعني (الكتابة المستديرة).
هذه الصور قد تم إدراجها في الكتابة بشكل عشوائي مما جعلها في ذلك الوقت من الصعب جداً قراءتها، ونتيجة لذلك قد سبّب أسلوب الكتابة هذا الكثير من الجدل وتم منعه في العديد من المدارس، إلا أنه أعتمد في فترة الثمانينات، حيث تم تبني أسلوب الكتابة الظريف والجديد من قبل المجلات والكتب الهزلية (المانجا) وأُستخدم في التغليف والإعلانات.
وفي الفترة 1984 إلى 1986 درس Yamane Kazuma تطوير الكتابة اليدوية الظريفة بتعمق، والتي سماها “خط يد الفتيات المراهقات الشاذ”، وبالرغم من أنّه ظن بشكل عام بأنّ أسلوب الكتابة هذا إلتقطه المراهقون من المجلات الهزلية، إلا أنه وجد لاحقاً بأن المراهقين هم من جاؤوا بهذا الأسلوب من أنفسهم، كجزء من التعبير عندهم.
ثالثا: ثقافة الكاوايي عند اليابانيين
كانت اليابان بعد الحرب مسرحاً للكثير من التغيرات الدرماتيكية في المجتمع ، التي أدت إلى بروز ثقافات فرعية جديدة الغرض منها محاولة العثور على الذات في وسط مجتمع يقدر العمل الجماعي و روح الفريق فوق الفروقات والرغبات الفردية، مما شجع ظهور هذه الثقافة الفرعية واكتسابها سمعة إيجابية في المجتمع الياباني، بدأت أولاً من الفنون والخطوط وانتشرت لتغزو كل ركن من أركان المجتمع بشكل يومي واعتيادي كما هو الحال حالياً.
هناك العديد من التفسيرات التي طُرحت لتناول هذه الظاهرة، ومنها :
- خصوصية مفهوم الحس الجمالي لدي اليابانيين : ثقافة الجمال اليابانية لا تعتمد فقط على الشكل وإنما على التصرفات أيضاً وعلى تطور الحالة التي يمر بها الشخص خلال حياته.
- التمرد على مفهوم الشخصية اليابانية التقليدية وهي تلك الشخصية الجادة الصارمة الفخورة دائماً بعاداتها، والتي تتفانى في خدمة المجتمع وتضع مصلحة الجماعة فوق رغباتها الفردية، فيرى البعض أن تبني هذا المفهوم يجعلهم غرباء اجتماعيا و بالتالي لن تكون هناك حاجة لهم بأن بستوفوا كل الالتزمات التي تلقى على كاهل الشخص الذي يعيش حياة يابانية عادية ملتزمة بالعادات و التقاليد.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد مفهوم الكاوايي عند اليابانيين وحصره إلا أن هدفه الرئيسي هو التعبير عن الفرح وجعل الناس سعداء حيث لم يعد يقتصر الأمر على المراهقين والصغار فقط بل تعدى ذلك إلى الكبار أيضا، ويرى الكثير من اليابانيين أن فكرة الكاوايي تعطي للأجانب صورة أفضل عن اليابان، فقد حاولت الحكومة اليابانية في الفترة الأخيرة جعل كلمة كاوايي ملموسة إلى حد ما وذات معنى، وذلك بتخصيص وزارة أسمتها اليابان كول japon cool ورصدت لها ميزانية قدرت بـ: 800 مليون يورو لنشر ثقافة الكاوايي في أنحاء العالم.
فأعداد الأشخاص الذين ينتمون أو يتبنون هذه الثقافة في تزايد مستمر داخل اليابان وخارجه،ويظهر ذلك عن طريق شراء منتجات تتعلق بالكاوايي فمثلا هناك مركز تسوق في اليابان يضم أكثر من 120 متجر لبيع هذه المنتجات ويزوره سنويا أكثر من 8 ملايين زائر إذا ينفقون فيه أكثر من 320 مليون يورو وهو رقم يسعد مسؤولي اليابان لأنه يساهم في رفع اقتصاد البلاد، وبسبب هذا الانتشار الواسع لهذه الثقافة اتجهت شركات عملاقة في اليابان مثل شركة sanrio ببيع سلع ومنتجات تجارية أشهرها القطة الشهيرة hello ketty حيث حققت هذه الشخصية نجاحا كبيرا داخل اليابان وخارجها، وحاليا تملك هذه الشركة أكثر من 50 شخصية كرتونية تربح من خلال بيعها أكثر من مليار دولار في العام الواحد.
- تواجهه هذه الثقافة العديد من الانتقادات اللاذعة، خاصة عند تناول الصورة التي تُظهر بها المرأة و مدى تأثير وخطورة ذلك على النمو العقلي والنفسي للفتيات المراهقات في ظل هذه الثقافة، حيث تُنتقد على أنها تُشجع على تهميش الفتيات والتقليل من قوتهن وحثهن على تبني دوراً انسحابياً سلبياً في المجتمع للحصول على موافقة الجنس الأخر، وذلك مع غياب القدوة السليمة للفتيات، وبالرغم من ذلك يرى بعض الدارسين لهذه الظاهرة أنه أصبح من شبه المستحيل الفصل بين المجتمع الياباني وهذا النوع من المفهوم حول الجمال، فالأمر لم يعد حصراً على النساء والفتيات ومراكز التجميل وأنواع الزينة والحلوى، بل أنه أيضاً توغل إلى عالم الرجال مع بعض التحفظ، ففي مراكز الشرطة مثلاً قد تجد شخصيات إرشادية تم تصميمها بناء على مفهوم ال" كاوايي" ، وأيضاً قي المستشفيات والمدارس ومحلات الأطعمة السريعة وشركات الطيران.
- ومن الجدير بالذكر أخيراً، أن هذه الثقافة لم تعد حكراً على اليابان فقط، فهناك دول أخرى تبنت هذه الموجة الثقافية بشكل دائم أو عابر، مثل كوريا وتايوان والولايات المتحدة ، ويبدوا أن كل دولة لديها مفهومها الخاص حول ما هو“ كاوايي.
أ. مصطفى بحر محمد – باحث جزائري في علم الاجتماع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال