الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح أزمة المناخ هنا ويطرق بيوتنا بالحرائق

ليانا خوري

2021 / 11 / 20
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر



يتكبّد العالم في السنوات الأخيرة وطأة تداعيات التغيير المناخي التي تزداد خطورتها بوتيرة متصاعدة ومتضاعفة. ومن ضمن تلك التداعيات، الحرائق التي تجتاح العالم في بقاعه المختلفة، غير مستثنية أحدا وطارقة أبوابنا مهددة الإنسان، الحيوان، والغابات وأشجارها التاريخية.

لم تستثن تلك التداعيات بلادَنا، حيث شهدنا في العام الأخير حرائق متفرقة، أدى قسم منها إلى جلاء المئات من بيوتهم، وفي نهاية الأسبوع الماضي أعلنت سلطة الإطفاء والإنقاذ، سيطرتها على 234 حريقا شب في البلاد، 118 منها في مناطق مفتوحة.

سنتطرق في هذا التقرير إلى الأسباب المختلفة لاندلاع الحرائق، وكيف يؤثر التغيير المناخي حاضرًا ومستقبلًا على طرق انتشارها ومدى ضررها، بالإضافة الى هذا سنتناول الضرر التي ألحقته الحرائق بالطبيعة في مختلف انحاء العالم. كما سنتناول حرائق بلادنا في مختلف مناطقها وغاباتها.

تشهد البلاد "موسم" حرائق متوقعة بدءًا من شهر أيّار وحتى تشرين الثّاني، لتبلغ ذروتها من أيّار وحتى تموز. ويأتي ذلك لسببين رئيسيين، الأول هو نمو النباتات بعد نهاية موسم الأمطار المنتهي في أيار، حيث تشكّل "وقودًا"، أي مادة قابلة لإشعال للحرائق، والسبب الثاني هو الظروف الجوية القاسية، أنظمة الرياح المواتية، والتي تنقل الهواء الساخن والجاف إلى البلاد، وهي شائعة خلال المواسم الانتقالية.

وبحسب الدراسات السابقة، يعتمد نشوب وانتشار حرائق الغابات على ثلاثة عوامل رئيسية:

1. حالة "الوقود" (النباتات القابلة للاشتعال)، درجة جفافها وكميتها، إذ تزداد نسبة حدوث الحرائق بعد مواسم الشتاء الممطرة. فكلما زاد هطول الأمطار في الشتاء، زاد عدد الحشائش ونباتات الغابات الأخرى. وفي الربيع عندما تبدأ موجات الحرارة "الحارقة" وموجات الجفاف الحارقة، تجف تلك النباتات والحشائش لتصبح "وقودًا" متاحًا للحرق عند نهاية الربيع والنصف الأول من الصيف.

2. الطوبوغرافيا، تضاريس الأرض، حيث تنتشر حرائق الغابات بشكل أسرع على أعلى المنحدر، باتجاه الرياح، أي عندما تهب الرياح أيضًا باتجاه قمة الجبل. ومع ذلك، يمكن من دون شك، أن تنتشر الحرائق في أسفل المنحدر وبالاتجاه المعاكس للرياح.

3. الأحوال الجوية: الحرارة والجفاف والرياح القوية من كل اتجاه، ولكن بشكل رئيسي من اتجاه قاري. تعتبر الرياح الأرضية أكثر خطورة في نشوب الحرائق من الرياح البحرية (من الجنوب الغربي إلى الشمال الغربي) لأن الرياح القارية الجافة، وقلة الرطوبة تساهم في سرعة تجفيف النباتات.

تتركز معظم المناطق المعرّضة لخطر اندلاع الحرائق في البلاد (حوالي 89%) في أربع مناطق: وسط الجليل، جبال القدس ومداخلها، منطقة الكرمل والناصرة، والمنطقة الواقعة بين السهل الساحلي وجبال القدس.

تستغرق النباتات وقتًا حتى تجف وتصبح مادة قابلة للاشتعال، وبشكل عام تبدأ تلك النباتات بالجفاف بدءًا من أيار، ولهذا تزداد خطورة اندلاع الحرائق بدءًا من أيار وليس خلال شهري آذار ونيسان. إذ تسقط أمطار خلال آذار ونيسان حين لا يزال العشب أخضر ورطبًا، وإمكانية اشتعاله منخفضة.

وبربط منطقي بسيط، ندرك أنّ شبح التغيير المناخي هو أحد العوامل الرئيسية لانتشار الحرائق في جميع أنحاء العالم، إذ تتزامن حرائق الغابات بشكل عام مع ظروف مناخية شديدة خلال فترات الرياح البحرية القوية المتزامنة مع وجود نباتات جافة بشكل غير عادي، بسبب ظروف دافئة بشكل غير عادي وتأخر هطول الأمطار في الخريف، وكما ذكرنا سابقًا، تشكل هذه العوامل "وقودًا" للحرائق، التي تجعل السيطرة عليها صعبة جدًا أو مستحيلة في بعض الأحيان.

تخلّف الحرائق أضرارًا متعددة ومنها:

تقضي الحرائق على الغطاء النباتي الذي يشمل الأعشاب والشجيرات في الغابة، كما تقضي على الطبقة المولدة "الكامبيوم" في الأشجار المعمرة والكبيرة.
تؤثر الحرائق على تماسك التربة وعلى تركيبتها الكيميائية، إذ تقتل الكائنات الحية الدقيقة وتزداد حامضية التربة.
تأثر على مناخ الغابات حيث يؤدي الحريق الى تغيير حركة الهواء وزيادة درجة الحرارة.
بالإضافة الى الخسار الاقتصادية في الممتلكات والبيوت، عدا عن تكلفة عمليـات الإطفـاء المكلفة.


قضية العدل البيئي لم تكن أبدًا ثانوية
ذكر تقرير حديث نشر في صحيفة "الغاريديان" أن الغابات في 10 مواقع على الأقل من مواقع التراث العالمي لليونسكو أصبحت مصادر صافية للكربون منذ مطلع الألفية بسبب حرائق الغابات، إزالة الغابات والاحتباس الحراري.

وتعد المناطق المحمية مثل متنزه يوسمايت الوطني في الولايات المتحدة ومنطقة الجبال الزرقاء الكبرى في أستراليا والغابات الاستوائية المطيرة في سومطرة في إندونيسيا من بين المواقع التي انبعثت من الكربون أكثر مما تم امتصاصه منذ عام 2001 نتيجة للأنشطة البشرية، بحسب للبحث من قبل معهد الموارد العالمية، والاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة واليونسكو. كما وتشير البيانات إلى أنه من المتوقع أن تتحول المزيد من المواقع من إلى مصادر للكربون في العقود القادمة.

وما تزال مواقع اليونسكو بمثابة خزانًا هائلاً للكربون، حيث تتألف من منطقة غابات تبلغ ضعف مساحة ألمانيا، وتخزن ما يعادل الكربون لاحتياطيات النفط القابلة للاستخراج في الكويت. بينما أعرب الباحثون عن قلقهم من النتائج التي توصل إليها التقييم العلمي الأول حول الغازات الدفيئة المنبعثة والممتصة من المواقع.

وقال كارفالو ريزندي، مدير مشروع في اليونسكو ومؤلف مشارك للتقرير: "ما يحدث على مستوى موقع التراث العالمي ليس سوى غيض من فيض. حتى في ما يُفترض أن تكون أفضل المناطق وأكثرها محمية، فإنها تتعرض حاليًا لضغوط من تغير المناخ".

من دومينيكا وحتى ماليزيا، أدت درجات الحرارة العالية وتطهير الأراضي لأغراض الزراعة وحرائق الغابات إلى زيادة الانبعاثات في مواقع اليونسكو العشرة، والتي تشمل محمية "ريو بلاتانو" للمحيط الحيوي في هندوراس، ومنتزه "واترتون" الجليدي الدولي للسلام في كندا، وبحيرة "أوبيس" في روسيا ومنغوليا.

وجد تحليل التغيرات في مخازن الكربون في الغابات في 247 موقعًا أن 166 منها عبارة عن أحواض صافية، في حين أن الـ 81 المتبقية كانت محايدة تقريبًا. بشكل عام، امتصت المواقع وخزنت 190 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي كل عام، أي ما يعادل نصف الانبعاثات السنوية للمملكة المتحدة من الوقود الأحفوري. لكن التحليل وجد أن الضغوط البشرية على المناظر الطبيعية وأزمة المناخ من المرجح أن تستمر في تدهور المواقع، وتفتيت الموائل، مما يجعلها أقل مرونة وتنوعًا بيولوجيًا.

"أحد الأشياء التي لفتت انتباهنا حقًا هو تأثير حرائق الغابات. انقلبت بعض المواقع إلى مصادر بسبب حريق أو اثنين من حرائق الغابات التي كانت شديدة لدرجة أنها مثلت الانبعاثات السنوية للعديد من البلدان في العالم"، قال كارفالهو ريسيندي. "إنها حلقة مفرغة. مع الاحتباس الحراري، لديك المزيد من الحرائق. مع المزيد من الحرائق، هناك المزيد من ثاني أكسيد الكربون. المزيد من ثاني أكسيد الكربون يعني استمرار ارتفاع درجات الحرارة ".

إنّ قضية العدل البيئي لم تكن أبدًا ثانوية على الرغم من أنّ الرأسمالية جعلتنا نعتقد ذلك، ولكن اليوم ندرك أهمية القضية على بقائنا ومصيرنا. إنّ العدل البيئي هو دائرة مغلقة ومترابطة تشمل وتطال الجميع. لا مفر من تداعيات التغيير المناخي، إذ تزداد خطورته على الكوكب يومًا بعد يوم، وأصبحنا نلمس تلك التغييرات في حياتنا اليومية، بدءًا من الحرائق التي تطرق أبوابنا وطبيعتنا وحتى الوباء المنتشر منذ أكثر من عام ونصف العام. يجب على البشرية أن تحمل بشكل صريح الحكومات الرأسمالية والامبريالية مسؤولية تدمير كل ما هو موجود على سطح الكوكب من اجل مصالحها وسيطرتها. وعلى الشعوب أن تتكاتف وتتحد من اجل وضع الحد لمهزلة مسرحيّات المؤتمرات التي تزعم إيجاد الحلول الوهمية للتغيير المناخي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا