الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيد الحزن-قصة قصيرة

سامي الكيلاني

2021 / 11 / 20
الادب والفن


كان قد كتب عن سيدة الحزن المزنرة بفرح عظيم، وكان قد كتب عن سيدة الهمّ المستوطن في النفس لا يغادرها إلاّ لينادي هموماً جديدة. حاول أن يستقصي أعماق الحزن الذي تستطيع السيدة ترويضه لينزوي ساعة تريد مُخلياً الساحة لفرح متقّدٍ يشع أنواراً ساطعة تحجب كل الآلام، فلا يمكن لمخلوق رؤية جبال الحزن التي كانت مستوطنة في العيون المحمرّة من ملح الدموع.

ها هو ذا أصبح سيد حزن مقيم، حزن لاطٍ في حِجْر الفؤاد، يتفحص هذا الحزن المعتّق الذي لا يُعْلَن ولا يُعْلِن نفسه ولا يلعن ولا يشتم رغم كل المراجل التي تغلي في داخله. حدّث نفسه "ها أنت ذا تصبح سيد الحزن المتعالي على جراحه، وصلت المقام المعلّى كمقام سيدة الحزن التي تصنع هدايا للآخرين من درر الدمع وطبقات الهمّ التي تغلف القلب".
استحضر حزناً تعتق، حزناً تعب من التمثيل إذ يعلن نفسه بيدر نقاء وزخات مطر. ينكأ متعمداً جرحاً مندملاً، يجدد حزنه على صينية الشراب الموضوعة أمامه، فيتذكر ألماً لم يرغمه على رفع راية بيضاء منقوعة بسواد الألم القاتم، ولم يضطر معه أن يعلنه ألماً أبيض ممضاً. يومها لم يكن بوسعه أن يخبئ دمّل ألمه أكثر فبكى كلمات دمعية على صفحة الورق "بهذه هزمتني في جولة صغيرة أيها الغادر" ثم واصل منتصب القامة بنصف انتصار ويدٍ ضاغطة على الجرح.
سكب كأساً وارتشف منه رويداً رويداً، ووقف خطيباً بجمهور يملأ الغرفة الخالية: لا تعلن جرحك، لا تلعن حظك، لا تمسح دمعك قسراً، واصل علياءك يا متعال. يا سيد ألمك، عتّق حزنك، ارفع نخبك، واسكب كأساً تسع الأحزان جميعاً، تذوب فيها الأحزان، تنطفئ في برودتها نار الحزن، وزّعها كأساً كأساً على مريدي شيخك فرداً فرداً، وارقص معهم رقصة الدراويش حتى تتعب، ثم اخلد في قيلولة وجْدٍ مستحقة بكل جدارة.
ألقى رأسه على الطاولة، لم يسمع ارتطامه القوي، ولم يشعر بأي ألم فقد كان بئر الآلام مليئاً حتى آخره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال