الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ردا على إيفيت ليبرمان الفرق الصارخ بين العشبة الرملية وشجرة الزيتون

محمد بركة

2006 / 8 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


(1)
في الوقت الذي تنشغل فيه المؤسسة السياسية في إسرائيل في نتائج الحرب الإجرامية حول إقامة لجنة تحقيق، وحول مسؤولية إيهود أولمرت وعمير بيرتس ودان حلوتس، والعجرفة وسلاح الجو والهجوم البري وجنون العظمة وما إلى ذلك، وجد إيفيت (أفيغدور) ليبرمان، رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" الوقت للتملص من النقاش الجدي، كي يعالج الأجندة الأكثر ربحية في السياسة الإسرائيلية: التهجم على المواطنين العرب وممثليهم في الكنيست.
بالإمكان الافتراض بدرجة عالية من اليقين ان إيفيت ليبرمان ليس مشغولا بتعدد الآراء في أوساط المواطنين العرب بغرض "التحاور" معهم، وإنما هو وأمثاله مسكونون بهاجس في مجرد وجود المواطنين العرب.
إن الحرب التي لم يكن لها مكان، والانتصار المفقود، وما أنتجاه من إحباط كبير، يشكلان الآن فرصة ذهبية للعودة الى التلويح بالأجندة الرابحة دائما في اسرائيل: التحريض ضد الأقلية القومية العربية.
وكي لا نتجنى على إيفيت ليبرمان، نقول ان هذا التحريض ليس من اختراعه، فهناك فاشيون "عريقون" سبقوه في هذا الطريق، وكل ما في الأمر ان ليبرمان يجتهد ليكون "تلميذهم النجيب"، بمجرد تباهيه بمشاريع قوانين عنصرية، يليق بإسرائيل وحدها في القرن الـ 21 التباهي بها.

(2)

رغما عن ذلك نقول لليبرمان في سياق ما ادعاه في مقال كتبه في موقع Ynet ;في 17-8-2006:
لم يتوجه لي احد، كرئيس كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، في موضوع التوقيع على رسالة رئيسة الكنيست، التي بادر إليها رئيس المفدال زبولون أورليف، بشأن الجنود الإسرائيليين الأسرى في لبنان وفي غزة، وبالتالي لم تكن عندي الفرصة لأرفض التوقيع عليها .
في الحقيقة إن لي، كعضو كنيست وكنائب سابق لرئيس الكنيست، ملاحظات قاسية على طريقة عمل رئيسة الكنيست وإدارتها للعمل البرلماني، في فترة الحرب، خاصة حين حاولت فرض خطاب برلماني ذي بعد واحد مؤيد للحرب بشكل فظ، بدلا من صيانة النسيج التعددي الذي يشكل الاساس لوجود برلمان ديمقراطي، الامر الذي يكتسب أهمية استثنائية بالذات في الازمنة المأزومة.
في خضم كل هذا لم يجد أورليف، وحتى رئيسة الكنيست ايتسيك، من المناسب أن يدعوانا للاجتماع مع عائلات الجنود الأسرى الثلاثة، ولم يجدا من المناسب التشاور معنا على صيغة من المفترض أن يوقع عليها رؤساء الكتل، ولم يجدا بالتالي من المناسب أن يطلبا توقيعنا على رسالة محكومة اصلا لحاجات الاجماع القومي الصهيوني.
لقد عبّرنا عن موقفنا من الحرب من على منصة الكنيست، بما في ذلك ضرورة تبادل الأسرى ووقف المعاناة القاسية لعائلاتهم في إسرائيل ولبنان وفلسطين.
وفي المقابل فإن مغسلة اللغة الحكومية (حسب التعبير العبري) تصر على أن تطلق على جنود جرى أسرهم في معركة عسكرية، "مخطوفين", وذلك من أجل التملص من ضرورة إيجاد معادلة تقود إلى تبادل الأسرى.
لا شك انه من حق عائلات الجنود أن يتلقوا إشارة حياة، أو إشارات حول حقيقة أوضاع ابنائهم، ولكن مغسلة اللغة التي تستعملها المؤسسة الاسرائيلية لا تساهم على اقل تعديل في بحث الموضوع وفق المعاهدات الدولية وقوانين الحرب.
أما بالنسبة للسؤال الأوسع، سؤال الحرب بشكل عام؛ فإننا نسأل: هل موقفنا الداعي إلى وقف إطلاق النار فورا هو موقف "عدواني وخياني"؟، بينما الموقف الذي يدفع نحو التصفية والإبادة والتدمير و"تسوية الأرض"، وتهجير الناس، هو الموقف المنطقي والإنساني الصحيح؟
أكثر من ذلك، فلو نظرنا إلى المركّبات السياسية في قرار مجلس الأمن 1701 (المقصود بها : تبادل الأسرى، وقضية مزارع شبعا وانتشار الجيش اللبناني) نجد انه كان بالإمكان التوصل إلى نفس النتائج السياسية من دون الحرب وسفك الدماء والتدمير، والضربات القاسية لمجمل الأجهزة الاجتماعية على جانبي الحدود.
وحول هذه النقطة، وعلى سبيل الاستعارة، قلت في الكنيست في اوج الحرب "إن معاناة المفاوضات أيًا تكن، ومهما طالت، تبقى أفضل من نشوة انتصار لم يتم، وأفضل بالتأكيد من انتصارات ملطخة بالدماء".

(3)

ينهي إيفيت ليبرمان مقاله في موقع "واينت" بالقول حرفيا: "إلى أولئك الذين ربطوا مصيرهم بالشعب الفلسطيني أقول ربما تكون هذه الدولة صغيرة على كلينا"، ولكن ليس قبل أن يرحب بالموالين لطرحه بتحية: أهلاً وسهلاً.
وهنا تنتصب أمام أعيننا فضائل الجهل الذي يمكن جني الأرباح السياسية منه ايضا في اسرائيل:
أولا: كلمة أهلا وسهلا لا يمكنها ان تتفق مع إيفيت ليبرمان.
ثانيا: لا يقولون أهلا وسهلاً لشخص يعيش في بيته.
أما ثالثًا فنحن لسنا بحاجة إلى أن نربط مصيرنا بالشعب الفلسطيني، لأننا أبناؤه وجزء منه.
قد يملك إيفيت ليبرمان شيئا من المعرفة في مجال ما، ولكنه حتما لا يعرف هذه البلاد.
إن حقوق المواطنين العرب في وطنهم ليست مشتقة من طيبة قلبه، ولا من "قيم" إيفيت المدنية، الأمر الذي سيبدو ضربا من ضروب العبث.
إن حقوقنا هي اشتقاق من انتمائنا لهذا الوطن.
نحن لم نأت إلى هذا المكان من أي مكان....
على الرغم مما حلّ بشعبنا في العام 1948، ورغم سلب الأراضي والتمييز والعنصرية والليبرمانيين على أشكالهم، ورغم الصواريخ مؤخرا فلم نرحل إلى أي مكان.
نحن مجدولون في قلب هذا الوطن بقدر ما مجدول في كل مساماتنا....
نحن نعرف جيدا أسماء النباتات البرية في هذا المكان، ونعرف ما يؤكل منها ونعرف السام أيضا، ونفرّق بين اللوز المر واللوز الحلو.
اننا نعرف أسماء الحيوانات البريّة ومعاني اتجاهات الريح ومواعيد المطر، ونستدل على الغيوم التي تسكرنا بالمطر الزلال، من الغيوم التي تكذب علينا بلونها الرقيق.
نحن نعرف البحر وأسماء الأسماك وموسم الصيد وموسم الحصاد، ونعرف كيف يكون التصالح مع عاصفة الصحراء ونعرف كيف نكتب قصيدة للقمر والبدر.
أنا واثق من ان إيفيت لا يعرف هذه البلاد على حقيقتها.
بالإمكان تركيب ناطحات السحاب في كل مكان، كما يمكن بناء مختبرات النانو-تكنولوجيا، ولكن الروح -الريح يصعب تركيبها لأي بلاد، ويصعب تركيبها لأي إنسان.
مثلما يستحيل ان نتخيل هذا الوطن من دون البحر، ومن دون الصحراء، ومن دون الجليل والكرمل، ومن دون حيفا ("وحيفا سلم الكرمل وبسملة الندى" كما وصفها محمود درويش) هكذا لا يمكن ان نتخيل البلاد بدون أبنائها.
من الممكن ان يعاني أبناؤها من التهميش والطعن في الشرعية، ومن التمييز ومن السلب والنهب ولكنهم سيظلون أبناءها.
رغم كل ذلك فإن المعركة ليست معركة على التاريخ، إنما على الحاضر وعلى المستقبل وعلى الحياة.
نلاحظ في إسرائيل منذ العام 1967، أن نجاح المراهنة على القوة آخذ بالاضمحلال، وبالمقابل، ويا للسخرية، فإن منسوب الثمالة بنشوة القوة آخذ بالارتفاع، وهذه هي وصفة الكارثة.
إن الخطوة الأولى والامتحان الأول لتفاديها يكمن في إيقاف الإدمان على الغطرسة ونشوة القوة وفي عدم الطعن في هوية المكان بكل تلاوينه.
من اجل تفادي الكارثة يجب التصالح مع المكان ومواعيد المطر ومع البحر ومع الإنسان أيضا، يجب أن تتنفسوا هواء المكان وأن لا تتنفسوا من رئة خارجية من وراء المحيط.
تقول: "الدولة صغيرة على كلينا"؟
أنا لا أعتقد ذلك..
ولكن إذا كنت تصر على ذلك- إيفيت ليربمان- فإنني أقول لك ما يلي: هناك نباتات في بلادنا تبدو خضرتها نضرة للغاية وهي تنمو على الرمال الرطبة، وهناك أيضا شجرة الزيتون التي قد تجد صعوبة في تمييز لون جذعها الرمادي عن لون الصخرة المحاذية لها.
إنني متأكد من أمر واحد: نحن لا نمثل في هذه المعادلة النبتة الخضراء على رمال رطبة وبالتأكيد ليس على رمال متحركة.
نحن لسنا النبتة الرملية في هذا الوطن...


( النص الكامل لمادة كتبت اصلا باللغة العبرية لموقع صحيفة يديعوت احرونوت على الشبكة-ynet-حيث نشرت يوم 20-8-2006 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد