الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرص الدولة بعد الحرب

موريس عايق

2006 / 8 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يتفق اللبنانيون اليوم على ان مهمتهم الرئيسية الى جانب اعادة الاعمار هي الدولة. لكن معنى الدولة يبقى مسألة خلافية لدى الافرقاء اللبنانيين بالرغم ان الجميع يؤكد على مرجعية الطائف.
تيار 14 آذار يربط بين معنى الدولة وبين امرين
الاول: احتكار الدولة للسلاح وعليه يصبح لزاما نزع سلاح حزب الله كونه سلاح خارج الشرعية. لكنهم بالمقابل يعجزون عن ايضاح الطريق لحماية لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية والوسيلة لتحرير مزارع شبعا والاسرى. الوسائل الدبلوماسية لن تقنع احد وخاصة مع اسرائيل. فضلا عن انهم لا يقدمون ضمانات لحماية حزب الله نفسه من امريكا او اسرائيل بعد تخليه عن سلاحه.
ثانيا: السيادة التامة غيرالمنقوصة وهذا شرط أولي لاية دولة وهنا يقصد طبعا الحد من التدخل السوري والايراني على الساحة الداخلية وهذا مطلب حق. لكن لا احد منهم لا يتحدث عن التدخلات الامريكية او الفرنسية والسيادة التامة تستبعد اي تدخل اجنبي.
بالمقابل فانهم يتجاوزون امور عدة ولا يعطون بصددها اية ايضاحات اوماهو أسوأ مثل دورالطائفة الشيعية في لبنان وهي الاكثر عددا وتهميشا في المحاصصة السياسية والتنمية. وفي الفترة الاخيرة خرجوا علينا بآراء عن حقيقة الهوية الوطنية للشيعة- بانعدام حس مفرط تجاه عذابات هولاء في المواجهة الاخيرة- وهل هم ايرانيون اكثر ام لبنانيون اكثر؟
كذلك مسألة المخيمات الفلسطينية وسحب سلاحها وخاصة مع الموت غير المعلن لمسار السلام على الجهة الفلسطينية مما يعني بقاءهم لأمد طويل في لبنان ودون ان يشكلوا خطرا على اسرائيل او حتى قضية تفاوضية. وهم لن يحظوا بأية حقوق سياسية مما يعني في النهاية عدم حصولهم على أية حقوق أخرى.
كذلك لا يتطرق تيار 14 آذار الى دولة المحاصصة والتي يبدو انها نموذج الدولة الذي يريده ولكنها ستمثل نقطة مقتل فيما بعد. المسيحيون الذين أبعدوا منذ نهاية الحرب الاهلية عادوا أخيرا الى الساحة السياسية لكنهم موزعون على تيارات مختلفة على العكس من الزعامات الاحادية لدى الطوائف الاخرى وهذا الوضع لا يمكنه الاستمرار دون ان يفجر أزمة, ما يمنعها حاليا وجود مسائل اشد حيوية في الوقت الراهن. تعزيز دولة الطائف سيعني قصر السياسة على زعامات الطوائف وابعاد العامة ومن ناحية أخرى سنحتاج الى حكم فصل بين الزعامات وعادة ما يكون من الخارج. المصريون تلاهم السوريون والآن الامريكيون والفرنسيون أو حتى السعوديون.
تيار 14 آذار يراهن وبشكل خاطئ على عدة أمور. استمرار عملية السلام الى مالانهاية دون تغييرات دراماتيكية ودعم خارجي مكثف لعملية اعادة الاعمار مما يحسن من الوضع الاقتصادي بشكل يلهي الناس عن السياسة وتراجع يصيب محور طهران- دمشق مما يضعف حزب الله ويحجمه ويسمح في النهاية ويسمح بادماجه في بنية الدولة بالشروط التي يريدونها.
المشكلة ان هذه الشروط كلها خارجية وامكانية تحققها جميعا ضعيفة واستمرارها بالوجود- في حال تحققها فرضيا- ايضا ضعيف
بمقابل 14آذار لدينا الجنرال وحزب الله.
حقق حزب الله نصرا على اسرائيل وهو يكمن في ابقاء لبنان خارج مشروع الهيمنة الاسرائيلي - الامريكي. لكن ما ينقص حزب الله هو مشروع الدولة بالمقارنة مع مشروع المقاومة الذي يملكه. حزب الله أنجز بالتأكيد عدة أشياء على صعد مختلفة ولا اعتقد اننا سنطلب من حزب الله ما هوأكثر.
1- مصلحة لبنان: أكد الحزب على انه حزب لبناني وانتصاراته هي انتصارات للبنان ونجح في تجاوز الفخاخ الطائفية وتعميق الطرح الوطني. لكن المشكلة في لبنان هي ماالمقصود من المصلحة الوطنية.
هل المصلحة الوطنية هي في مواجهة المشاريع المضادة للهيمنة الامريكية ام المضادة للهيمنة السورية؟
2- بحوار الحزب مع الجنرال نجح في كسر الطوق الذي فرض عليه وعلى الشيعة والتقدم باتجاه شريك مسيحي. لكن التحالف هو تحالف مبادئ مفرطة في العمومية ويجب تطويره لبناء استراتيجية على أساسه.
3- تقدم الحزب باتجاه الشيوعيين والمناداة بالتحالف مع الحركة الاشتراكية العالمية وبهذا التحالف فان حزب الله سينجز اسهاما هاما في الانفتاح على الآخرين والقدرة على التواصل وراء الخلافات الايديولوجية وهذا ما سيضعف الفكرة المقدمة عنه كحزب شيعي راديكالي يسعى الى الدولة الشيعية وتدمير المخالفين. بل سيعزز صورته كحركة مقاومة تحظى باجماع يتجاوز حدود الشيعة بكثير.
على الرغم من اسهامات الحزب فانه يبقة قاصرا على مستوى مشروع الدولة وعدم قدرته في النهاية على ترجمة نضاله بحيث يرى الآخرون أنفسهم فيه.
يملك الجنرال, كما اعتقد 90% من أوراق الحل الداخلي اللبناني, فهو زعيم مسيحي ولكنه صاحب مشروع الدولة العلمانية.
مشروع الدولة لدى عون هو النقيض لمشروع الدولة لدى 14آذار على عدة صعد. فمسألة الاستقلال لديه أصيلة وليست طارئة وايضا واضحة لا لبس فيها, استقلال القرار اللبناني ليس وحسب عن السوريين وانما عن كل تدخل خارجي.
عون يدرك,كما أفهمه, أن استقلال القرار اللبناني يحتاج الى شرط أولي وهو قدرة الدولة على اتخاذ القرار الملزم وهذا ما لا يمكن تحقيقه في دولة المحاصصة الطائفية.
كذلك يرفع عون لواء محاربة الفساد وهو لا يمثل بهذا الطبقات الدنيا انما البرجوازية المسيحية والتي عانت مع هيمنة رأس المال السني الكبير عليها. هذه المفارقة, والتي لاحظها وسام سعادة بطريقة جميلة, برجوازية مسيحية ورأس مال سني وهو رأس مال مالي وامتداده السعودية وليس الاقتصاد الوطني نجح في اقامة نظام فساد على مر السنين بالشراكة مع السوريين. مكافحة الفساد هو مطلب برجوازي قبل ان يكون مطلب الكادحين.
مشكلة عون بالمقابل هي هوية لبنان والتي كثيرا ما ينفجر الصراع حولها بشكل ماساوي بالترابط مع التطورات الاقليمية. لكنه وبعد عودته من المنفى الباريسي أبدى تفهما أكبر للانتماء الاقليمي للبنان. فهل يملك عون فرصة ان يكون السياسي الذي يبني العلاقات العربية على أساس المنفعة عوضا عن العاطفة أو الدم؟
عون يحمل مشروع الدولة-الشعب ولكن الكتلة التي تقف حاليا عقبة هي الطائفة السنية, والتي حملت لزمن طويل قضية النضال القومي والتحرر من حكم النخبة المسيحية ودعم الفلسطينيين فانها تتحول اليوم, وبكل أسف, الى كتلة رجعية. موقفها اليوم طارئ وربما ينجح حزب الله بمقاومته أو سليم الحص أو زعامات أخرى بتحقيق ثغرة في الجدار السني يسمح للجنرال بالتقدم.
بعد نهاية الحرب يتقدم مشروع الدولة على مشروع المقاومة دون أن ينقص من أهميته, ولكنه الآن المشروع الأكثر أهمية. الجنرال يملك هذا المشروع ولهذا عليه أن يتقدم ويأخذ بيد حلفائه أو يهزم مرة أخرى ولكن ليس بالدبابات السورية هذه المرة.
المراهنة على الدولة هي ولحد كبير مراهنة على مشروع الجنرال.

موريس عايق- المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور 1.6 مليون شخص مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرتها


.. هل يُحطم رياضيو أولمبياد باريس كل الأرقام القياسية بفضل بدلا




.. إسرائيل تقرع طبول الحرب في رفح بعد تعثر محادثات التهدئة| #ال


.. نازحون من شرقي رفح يتحدثون عن معاناتهم بعد قرار إسرائيلي ترح




.. أطماع إيران تتوسع لتعبر الحدود نحو السودان| #الظهيرة