الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هدف الحرب الاسرائيلية تعطيل برنامج الوفاق الوطني

نايف حواتمة

2006 / 8 / 28
القضية الفلسطينية


تنفيذ برنامج وثيقة الوفاق الوطني الرد على الازمات الفلسطينية

تكشف حقائق الحرب الدموية الإسرائيلية المفتوحة على أبناء الشعب الفلسطيني العزل في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة والقدس، أن الهدف المباشر والمعلن لهذه الحرب المبيتة هو إفشال وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، التي تم إقرارها في 27/6/2006، لأن الوثيقة تقطع الطريق أمام مضي حكومة أولمرت في تنفيذ خطط الحلول التوسعية الإسرائيلية أحادية الجانب، كما نص على ذلك برنامج حزب كاديما، الذي نال الأغلبية على أساسه، والذي تأتلف عليه حكومة أولمرت بأقطابها الرئيسية (كاديما، العمل، المتقاعدين، ايهوده هتوراه … الخ)، والماضية في نهج الشارونية الرافض لحلول الشرعية الدولية وقراراتها. وهذا ما يفسر مسارعة حكومة أولمرت في إعلان رفضها لما ورد في وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، واستغلالها العملية الفدائية البطولية والنوعية في معبر كرم أبو سالم، وأسر أحد جنودها، لتعطيل تطبيق وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، باستخدام قوتها الغاشمة، لإرهاب أبناء الشعب الفلسطيني، قتلاً وتجويعاً وحصاراً، وتدمير البنية التحتية الهشة لمناطق السلطة الفلسطينية المحررة، واستهداف القيادات الفلسطينية بالاغتيال وتوسيع دائرة الاعتقالات، في محاولة لإركاع الشعب الفلسطيني، والنيل من إرادته المقاومة.
ورغم ما تشكله السياسات والحرب الدموية الإسرائيلية من مخاطر داهمة ومباشرة على وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، وشق طريقها نحو التطبيق، إلا أن الخطر الرئيسي على هذه الوثيقة يتمثل في بروز اتجاه لدى بعض الأطراف الموقعة عليها، يهدف إلى تعطيلها تحت ذريعة تواصل الحرب الإسرائيلية، بدلاً من أن يُجعل من تطبيقها، كما هو مفترض، سلاحاً في وجه هذه الحرب الإجرامية والدموية الإسرائيلية. لأن مواجهة السياسات الإسرائيلية يتطلب أعلى أشكال الجهوزية والوحدة الوطنية الفلسطينية، وإعادة ترتيب الداخل الفلسطيني، بما يعطيه المنعة، شرط الانتقال من إطار ردود الفعل على جرائم الحرب الإسرائيلية، إلى الفعل المؤثر في مواجهة مقاصد حكومة أولمرت من وراء حربها الدموية المفتوحة على شعبنا الفلسطيني، ويمكن من أجل ذلك البدء بتطبيق بنود الوثيقة، والاستمرار في تأمين الشروط الكفيلة لتطبيق ما يتبقى منها، مع توحيد قوى المقاومة كما قررت الوثيقة لمجابهة العدوان الإسرائيلي على الأرض.
وهنا على سبيل المثال لا الحصر، يجب عدم ربط استمرار الحرب العدوانية الإسرائيلية، بضرورة تحديد موعد اجتماع سريع بدل الاجتماع الذي تعذر انعقاده في التاسع من تموز/ يونيو للجنة الوطنية العليا، المكلفة بوضع أسس تنفيذ إعادة بناء وتفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ( أمناء عامين، لجنة تنفيذية، رئيس المجلس الوطني)، لأنه كلما أسرعنا في الخطوات العملية لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، المرجعية القيادية والتمثيلية الشاملة لعموم أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن وتجمعات اللجوء، نُفوتُ على إسرائيل أحد أهدافها المركزية من وراء حربها الدموية ضد شعبنا، فإسرائيل تدرك تماماً أن أخذ منظمة التحرير لدورها ومكانتها يشكل سداً في وجه مخططاتها التوسعية الاستيطانية، المبنية عليها حلولها الأحادية الجانب، ويشكل في آن مدخلاً لإعادة تقويم المعادلة الرسمية العربية لصالح القضية الفلسطينية، لأن ذلك يضعها أمام ما عُلّق لسنوات من مسؤولياتها في دعم الشعب الفلسطيني، كما ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته، التي تخلى عنها، وواجب دعمه لتطبيق قرارات الشرعية العربية، والدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية . وبداهةً نقول بأنه لا يمكن نقض فك الارتباط الرسمي العربي مع القضية الفلسطينية، وفك ارتباط المجتمع الدولي، الذي تخلى عن دوره لصالح الدور الأمريكي المنحاز لصالح السياسات والأطماع التوسعية الإسرائيلية، بدون إعادة تثبيت دور منظمة التحرير الفلسطينية ببرنامجها الوطني، كعنوان وإطار قيادي وتمثيلي شامل وجامع لكل أبناء الشعب الفلسطيني، وبدون القرار السياسي والنضالي الموحّد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة بناء مؤسسات السلطة والمجتمع المدني بانتخابات ديمقراطية وفق التمثيل النسبي الكامل .
إن ما سبق يُمَكننا من الجمع بين كل أشكال المقاومة في الميدان، لتُسند السياسة بعمقها المقاوم، ولتُعزز المقاومة بسياسة تُثمر إنجازاتها وصمودها، ولقد أثبتت وقائع الأيام الماضية أن على الفلسطينيين، وكذا اللبنانيين، الاعتماد على قواهم الذاتية أولاً، في ظل الواقع المتردي للحالة الرسمية العربية المتهالكة، والتي زاد من تهالكها مجموعة مواقفها من امتداد الحرب الإجرامية الإسرائيلية لتطال الشعب اللبناني الشقيق، وإقفال كل خطوط التماس العربية حول حدود فلسطين المحتلة، وانتقال الحالة الرسمية العربية من حالة غياب رد الفعل على الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، إلى إصدار مواقف تحمل المقاومتين اللبنانية والفلسطينية مسؤولية ما تسميه (مغامرات غير محسوبة توتر الأوضاع في المنطقة)، وهي بذلك تُحمل من يدفعون ضريبة الدم، ويقفون في خندق المواجهة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسؤولية حرجها في غياب إرادة مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، بدل أن تتصالح هذه الرسميات مع شعوبها، وتتلاقى مع إرادتها، وتطلق الحريات، وتنتقل إلى دمقرطة ودسترة الحياة السياسية، وتوقف طوفان الفساد ونهب الثروات الوطنية، وتبديدها، بدلاً عن التنمية المستدامة المترابطة مع شبكة الضمانات الاجتماعية.
لقد بات لزاماً على المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين أن يقرؤوا بروِّيه وعمق المشهدين العربي والدولي، وأن يستخلصوا من ذلك الدروس والعبر. من هنا حريٌ بنا كفلسطينيين التمسك بحل سياسي تفاوضي للحرب الإسرائيلية المفتوحة على غزة، على أساس مبادلة الجندي الإسرائيلي الأسير، بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بإطلاق مبادرة سياسية فلسطينية موحَّدة استناداً إلى الإجماع الوطني الفلسطيني الذي تحقق في وثيقة الوفاق الوطني، بدلاً من استمرار القرار الانفرادي الفئوي، الانقسامي، التناحري، وعدم إغلاق الأبواب في وجه أية مبادرات عربية أو دولية متوازنة تستجيب لصالح شعبنا في إطلاق أسرانا بمن فيهم الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي، ووقف الحرب الإسرائيلية، وإلى حين تحقق ذلك يبقى مطلوباً من كل أجنحة المقاومة والأجهزة الأمنية الفلسطينية أن توحد جهودها وفعلها في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وتسليح المقاومة بسياسة راشدة من اشتقاقات وثيقة الوفاق الوطني، التي حددت المشترك الوطني في هذه المرحلة من النضال "التمسك بخيار مقاومة الاحتلال بمختلف الوسائل، وتركيز المقاومة في الأراضي المحتلة عام 1967، إلى جانب العمل السياسي والتفاوضي والديبلوماسي، والاستمرار في المقاومة الشعبية". و"تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وانضمام كل القوى والفصائل إليها، وفق أسس ديمقراطية ترسـخ مكانة م. ت. ف. الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في أماكن تواجده كافة، تطبيقاً لما تم الاتفـاق عليه في القاهرة (17 آذار/ مارس 2005)" و"انتخاب مجلس وطني جديد في الداخل والخارج وفق التمثيل النسبي"، ليصب كل هذا في أهداف النضال الوطني الفلسطيني من أجل حقه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967 وعاصمتها القدس، وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها وتعويضه، على أساس القرار الدولي 194.
بالمقابل فإن الابتعاد عن وثيقة الوفاق الوطني، سيفتح مجدداً على الانقسامات التي تلحق أضراراً فادحة بالمصالح الوطنية الفلسطينية لشعبنا وأهدافه النضالية، وإلى زيادة معاناة وعذابات شعبنا، ويمنع قيام مواجهة فلسطينية مؤثرة وفاعلة في التصدي لمشاريع وخطط حكومة أولمرت وحلولها أحادية الجانب. ولا يجوز لأي طرف من الأطراف الفلسطينية أن يتعامل مع وثيقة الوفاق الوطني بـ "لا منطق" تصفية الحساب معها، واعتبارها قيداً أجبر على القبول به، وهنا أشير بالتحديد إلى اتجاهين برزا بعد التوقيع على الوثيقة، الأول يسعى للارتداد إلى الخلف بشعارات عامة غامضة، والثاني يعتبرها سقفاً عالياً، وكلا الاتجاهين يخطئان عن عمد في قراءة ما تضمنته الوثيقة، لأن الشيء الرئيسي الذي جاءت به الوثيقة وأكدت عليه، هو ضرورة عودة الجميع إلى القاسم الوطني المشترك، وبرنامج الإجماع الوطني، لأننا نخوض جميعاً مرحلة تحرر وطني مفصلية ستقرر مصير القضية الفلسطينية إلى سنوات طويلة قادمة، فمواجهة خطة أولمرت للحل الأحادي الجانب ليست معركة تفصيلية وثانوية، وإذا استطاعت هذه الخطة أن تشق طريقها ستقوض إمكانية بناء دولة فلسطينية كاملة السيادة وقابلة للحياة، وستلغي بشكل نهائي، وستضع أبناء شعبنا الصامدين في المناطق المحتلة في العام 1948 أمام رياح التهجير والترانسفير مرة أخرى. لذلك على كل القوى والفصائل الفلسطينية أن تدرك أهمية وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني بما هي سلاح المواجهة الأمضى والأفعل في وجه الحرب الإسرائيلية المفتوحة على شعبنا، والحلول الأحادية الجانب، وإسناد أشقائنا في لبنان، الذين يدفعون إلى جانبنا ضريبة الدم، في وقت تعلن فيه الرسميات العربية بشكل متكرر إفلاسها وعجزها، فهي لم تحرك ساكناً في وجه قتل وحصار وتجويع الشعب الفلسطيني المتواصل منذ سنوات، وهي اليوم تقف بشكل مخزي أمام جرائم الحرب الإسرائيلية في لبنان، وإلى حين يبزغ فجر نهوض شعوب العرب، علينا أن نعتمد على قوتنا الذاتية ونحمي وحدتنا، لنعبر هذه المحنة، كما عبرنا ما سبقها من محن.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان