الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعارات وميدان واحد

عبدالزهرة الركابي

2003 / 5 / 16
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



                                                                         
كل بداية أو مستهل أو برنامج ينطلق ويتشكل برفع شعار أو قل شعارات لها أول وليس لها آخر مثلما عّودتنا التجارب أو بالأحرى مثلما رأينا وسمعنا ذلك دون ان نلمس أثر أوفعل أو تجسيد حقيقي لتلك الشعارات التي مازالت مرفوعة في اليافطات والأهزوجات والمسيرات في الميدان السياسي العراقي سابقا" ولاحقا" ، على صعيد النظام السابق والمعارضة السابقة ، وهو نفس الأمر ينطبق على مرحلة ما بعد الحرب أو ما بعد نظام صدام حسين التي تجري حيثياتها وتداولاتها بسخونة لا تقل حرارة عن جو بغداد القائظ وهي في أواخرالربيع 
   والميدان السياسي العراقي في مجال الشعارات قد استفاد من الحكايات الشعبية ذات المغزى بإبدال المعنى والحفاظ على الشكل – أي الإبقاء على الشعار أو البيت الشعري ما عدا تغيير كلمة واحدة أو كلمتين فقط – ليتحول هذا الشعار أو البيت الشعري من مديح وتمجيد الى قدح وتشويه وشتيمة وبالعكس ، وحتى لا نذهب بعيدا" في التعميم نحصر الأمر في بعض النماذج التي ليس هناك رابط فيما بينها وعلى سبيل المثال ( لقد ضاع شعري على بابكم    كما ضاع عقد على خالصة )  وهذا البيت الشعري كان واضح المعنى الذي حمل في طياته التشويه والشتيمة ، لكن معناه قد تحوّل في وقت آخر الى مديح وثناء وإشادة من خلال إبدال الفعل ( ضاع ) بالفعل ( ضاء ) وفق التالي ( لقد ضاء شعري على بابكم    كما ضاء عقد على خالصة )  
   ومن شعارات النظام السابق كانت اهزوجة ( كل العراق ينادي    صدام عز بلادي ) وهي اهزوجة حملت في مدلولها السمج معادلة تدعو الى السخرية والإشمئزاز بعد ان جعلت من صدام حسين ( العز ) والعراق الوطن في كفة واحدة ، حيث كانت في معناها إشادة وتمجيدا" بصدام حسين مثلما تعكس في نفس الوقت صورة مخجلة للأمعية والخنوع التي كان يتصف بها البعض ضمن جوقة التطبيل والردح والنفاق  
   هذه الاهزوجة أسوة بالنموذج الأول انقلب معناها بعد يوم واحد من سقوط النظام السابق ليتحول الى معنى مزحوم بالكراهية وصب جام الشتيمة على رئيس النظام البائد صدام حسين من خلال إبدال الأسم ( عز ) الى الفعل ( باع ) بعد ان أصبحت الاهزوجة على هذه الصورة ( كل العراق ينادي    صدام باع بلادي ) وشتان ما بين المعنىالأول والثاني  في النموذج المذكور على الرغم من ان الأهزوجة واحدة  
   لذلك فإن الشعارات ستظل مرفوعة بإختلاف الوقت والنظم والآيديولوجيات لكن اللافت في المشهد العراقي الحالي ، هو ان الأغلبية وليس الغالبية في هذا المشهد ، ترفع شعارات الديمقراطية ، وهو أمر بطبيعة الحال يسر ولا يحزن خصوصا" إذا ماتم تجسيد هذه الشعارات على أرض الواقع ، وان كنا في موضع التشاؤم من هذه الناحية ، لكن    تفاؤلوا بالخير تجدوه  
   يبقى ان نقول ان مرد تشاؤمنا الآنف هو اننا لم نتخلص بعد من كارثة أحد شعارات النظام السابق ( وطن تشيده الجماجم والدم ) الذي كان أحد الشعارات التي ترجمها النظام السابق حرفيا" وعمليا" ، وما مشهد القبور الجماعية التي تكتشف كل يوم إلا مثال على هذه الترجمة    والخافي أعظم ، مع عدم المقارنة إطلاقا" بين النظام السابق والنظام الآتي   
 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج