الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحديات نشر الكتاب وتوزيعه في المملكة الأردنية الهاشمية

أشرف عبدالله الضباعين
كاتب وروائي أردني

(Ashraf Dabain)

2021 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يواجه الكثير من الكُتّاب والأدباء والمتخصصين في الكثير من التخصصات العلمية والأدبية مشكلة في نشر مؤلفاتهم وكتبهم، ما عدا أولئك الذين يوجهون مؤلفاتهم كمادةٍ دراسية ضمن مناهج لطلبة الجامعات والكليات ويفرضونها على هؤلاء المساكين.
المشكلة الأردنية هذه جعلت الكاتب الأردني أو الأديب أو... الخ أقل نشرًا مقارنة بمثيله المصري على سبيل المثال، هذا إذا أردنا إجراء مقارنة على نطاق الوطن العربي، لكن لو أردنا مقارنة النتاج المنشور بين " أردني" و زميله " الأوروبي" أو من دول جنوب شرق آسيا، سنجد هوة شاسعة جدًا، فرق لا يمكن وصفه بسهولة، اختلال شاسع جدًا بين ميزان النشر! فنحن في الأردن لا نعاني فقط من عجز في الميزان التجاري مع معظم من نتعامل معهم تجاريًا من دول العالم، بل نجد عجزًا في الميزان الثقافي وبالنشر مع معظم دول العالم.
الصين تتصدر العالم بعدد الكتب المنشورة تليها أمريكا ثم بريطانيا فاليابان فروسيا فالمانيا ثم الهند في المرتبة السابعة، أما عربيًا فمصر الأولى عربيًا وتحتل المركز 41 عالميًا في عدد الكتب المنشورة، تليها الجزائر في المرتبة 52 عالميًا ثم السعودية 54 فلبنان 56 أما الأردن فأخذت المركز 80، ورغم أن هذه الاحصائية تحتاج لإعادة دراسة بسبب قدمها لكن معظم المؤشرات تتحدث عن أن السعودية تتقدم في هذا المضمار وكذلك مصر والإمارات وتونس.
تقول الدراسات أن هناك أرتفاعًا في عدد الكتب المنشورة عربيًا خلال السنوات الماضية، فارتفعت معدلات إصدار الكتب الدينية على وجه الخصوص. ٦٠٪ من حجم ما ينشر في العالم العربي يتوزع بين ٤٠٪ للكتب الدينية و٢٠ للروايات الأدبية. وقد احتلت الكتب الدينية المرتبة الأولى في مضمون النشر العربي عام ٢٠١٢ (٣٤٪)، وعام ٢٠١٣ (٤٠٪) والعام ٢٠١٤ (٤٤٪) وقد يكون قد وصلت إلى (50%) في عام 2020، بينما كتب الفلسفة وعلم نفس، والعلوم، والعلوم التطبيقية، والعلوم الاجتماعية، والفنون فنسبتها قليلة مقارنة بالكتب الدينية والروايات.
عودة للمشكلة الأردنية، فيكفي أن نقول أن أبسط طبعة أجنبية لكتاب تكون بحدود 5000 نسخة للطبعة الواحدة، بينما الحد الأعلى لمعظم الطبعات الأردنية تكون بحدود 100 نسخة يتقاسمها الكاتب المغلوب على أمره مع دار النشر التي في الأغلب توقّع هذا الكاتب على وثيقة بأن يتنازل كليًا عن حقوقه في الكتاب، في مقابل أن تتحمل دار النشر تكاليف طباعة هذه النسخ القليلة جدًا فيبقى الكتاب مجهولا والكاتب غير معروف إلا اذا عمل هو على نفسه! أما اذا قرر الكاتب أن يدفع بنفسه تكاليف الطباعة والنشر فعليه أن يدفع مبلغًا ضخمًا ليحصل على عدد كبير من النسخ ويترك الباقي لدار النشر لتعمل على تسويق الكتاب... ولكن حتى هذا النوع من التسويق يواجه العديد من المشكلات.
أما المؤسسات التي يفترض بها أو يطلب منها دعم الكاتب أو المؤلف الأردني، فعددها قليل جدًا، بعض المؤسسات الداعمة توقفت لأسباب مالية وبعضها خفض ميزانية الدعم. والمؤسسة الأهم في عملية دعم المؤلف يغلب في قرار دعمها في عملية النشر في أغلب الأحيان الصداقات والمعارف والعلاقات العامة وتدخل متنفذين من هنا وهناك...
ما الحل؟!!!
إلى متى يبقى الكاتب الأردني رهين هذا الحال البائس المزري؟
لماذا لا يوجد في الأردن مراكز أبحاث أو دراسات تتبنى الدراسات الرصينة والأبحاث المُحكّمة والكتب العلمية والمؤلفات الأدبية ،وتتولى هذه المؤسسات أو المراكز البحثية عملية نشر وتسويق وتوزيع هذه المؤلفات لكل دول العالم وترجمتها لبعض اللغات العالمية!
لكن ما نراه فعليًا هو تقليص المخصصات المالية لعمليات النشر، فالتقشف وصل لدرجة "تنشيف" المخصصات المتعلقة بالدعم أو بالشراء.
متى ستدعم الدولة تأسيس وقيام المراكز البحثية ورفدها ماليًا؟
أين دور الجامعات الأردنية بهذا الأمر؟
المراكز البحثية هل ستكون مراكز ربحية فتختار الكتب الأكثر رواجًا وبيعًا لتدر عليها عوائد مالية تضمن استمرارها؟ أم مراكز هدفها علمي معرفي فتختار الكتب الأكثر رصانة وجدية وعلم لتسويق العلوم والأبحاث والمؤلفات الأردنية وكُتّابها في العالم كله؟
نحتاج في الأردن لعملية أكثر مرونة ووضوح في علية دعم النشر العلمي والأدبي وإيصاله على الأقل لمن يقرأ العربية! من المبكر التفكير بترجمة كتابي الأدبي "خوف خلف الأقنعة" لليابانية أو التشيكية أو ترجمة كتابي المتخصص "مواقع التراث الثقافي" للفارسية أو البرتغالية وكليهما لم يصلا للكثير من القراء العرب!
نعم نحتاج لمأسسة عملية النشر والتوزيع والتسويق... الخ
نحتاج لجهة ما تتبنى هذه العمليات والمراحل وأن تكون قراراتها بعيدة كل البعد عن الشخصنة والقرابة والواسطة والمزاجية والمحسوبية والأنانية والأنا العليا.
نحتاج لدور نشر حقيقية وليس دكاكين!
نحتاج لمخصصات مالية تزيد لا تنقص... وتوجه رسمي لدعم وصول 10 كُتّاب من الأردن في عام 2022 للعالمية، ثم 20 في عام 2023 ثم 50 في عام 2024... كُتّاب من تخصصات مختلفة ومعارف متعددة. أين المشكلة في ذلك؟
نحتاج لمن يعرف قيمة الكتاب، وقيمة الكاتب، وقيمة القارئ، وأهمية حفظ حقوق كل منهم.
الكتاب ليس سلعة للربح، بل هو مادة للثقافة والتبادل الفكري والمعرفي والحضاري، فإن حقق الربح المادي لعناصر إصدار الكتاب من مؤلف وطابع وناشر ومترجم ومسوق فهذا عظيم، لكن لا يجب أن يكون التأليف للربح بل للثقافة ثم الربح الذكي.
للأسف الكتاب في الأردن هو المادة التي نسعى من خلالها للوصول إلى الوظيفة، بينما الكتاب في العالم هو مادة للحياة والعلم والمعرفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السنوار ونتنياهو يعيقان سياسات بايدن الخارجية قبيل مناظرة ان


.. خامنئي يضع قيودا على تصريحات مرشحي الرئاسة




.. يقودها سموتريتش.. خطط إسرائيلية للسيطرة الدائمة على الضفة ال


.. قوات الاحتلال تنسحب من حي الجابريات في جنين بعد مواجهات مسلح




.. المدير العام للصحة في محافظة غزة يعلن توقف محطة الأوكسجين ال