الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حزب الله والأحزاب السياسية العربية

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


أجد المقارنة بين حزب الله وبين الأحزاب السياسية العربية// باستثناء الجانب العسكري// ضرورة تفرض نفسها في زمن قدّم تجربة رائدة للعمل السياسي العربي بكل تفاصيله وشرائحه.
عرض لآلية عمل حزب الله على الأرض التي تعكس ذهنية أعضائه:
- تأسس حزب الله على قاعدة دينية اسلامية في الوسط الشيعي اللبناني استمد فكره الاستشهادي من واقعة كربلاء التي استشهد الحسين بن علي بن أبي طالب بها.
- استمد وعيه العروبي الأصيل من انتمائه لأمته لكن على أساس القراءة والمعرفة المباشرة والتاريخية لكينونة هذه الأمة كجزء من التاريخ الانساني.
- لبنانيته كانت بحكم انتمائه للمجتمع اللبناني فلم يُميز بين إنسان وآخر على أي أساس كان، بل كان بهذا الاتجاه أكثر نسبية من النسبيين الذين يطرحون مقولة الوطن بتنوعاته الثقافية وغيرها من أسس للمجتمع اللبناني.
- قراءة حزب الله للصراع العربي الاسرائيلي كانت تعتمد العلم والمعرفة باليهود كتشكيل تاريخي ديني،وكشكل سياسي قام على أنقاض الآخرين،يُضاف له دراسة أسباب الهزائم المتكررة للأمة العربية في كل حروبها،والخروج من هذه الدراسة بمطلبين أساسيين متشابكين جذريا:
1- صناعة القوة، 2- سرية الصناعة
صناعة القوة:اعتمد حزب الله بهذه الصناعة على إحداث تغيير هادىء في التربة التي تحتضن القوة التي ستأخذ مداها كما هو مرسوم لها أن تكون،فكان أن أنشأ شباب ورجال تمتعوا بالصدق، وبأفضل أشكال التهذيب والحضور الاجتماعي بين الناس وهم على سريتهم التنظيمية، فكان كادر حزب الله أكثر قرباً من الناس لتقديم الخدمات المختلفة،وأسس لقاعدة اقتصادية نوعية استطاعت أن تستقطب من المجتمع اللبناني الكثير من الشرفاء كمناصرين أو أعضاء فاعلين فيه للعمل فيها،واعتمد مؤسسة إعلامية تمكنت من الحضور بشكل لفت انتباه الناس إليها عبر عرض العمليات العسكرية للمقاومة، التي كان المواطنون من المحيط إلى الخليج يراقبونها مذهولين لهذا الانتاج الجديد من العمل النوعي العسكري والاعلامي.
سرية الصناعة:كانت قراءة حزب الله للواقع العربي أنه يعاني من نخر أمني تاريخي بدأ بسايكس بيكو التي أنتجت حكومات مع أجهزتها الأمنية تابعة للمستعمر استمر حتى يومنا هذا،وأكثر ماكانت تجليات هذا النخر ظاهرة في الساحة اللبنانية قبل وبعد الحرب الأهلية التي استقدمت العديد من الأجهزة المخابراتية العالمية،فبنى مؤسسته العسكرية بظل هذا الحال من الخرق،ولم تتمكن كل هذه الأجهزة من معرفة أي شيء يتم بناءه عسكريا، وهذا أحد النقاط التي جعلت الأمريكان والاسرائيليين يغتاظون حقداً على هذا الحزب.
سعى حزب الله لتشكيل جبهة وطنية لتحرير الجنوب اللبناني، لكنه كان حذرا أمنياً وهذا حق لحزب يرسم للبعيد بظل تناقضات اجتماعية يمكن أن تُفشل مخططاته العسكرية في حربه مع عدو همجي حاقد، يُبرّر القتل والتدمير وحرق كل شيء بناء على نصوص تلمودية تدفع به لتبرير كل هذه الاعتداءات.
من الملاحظ أن حزب الله استقطب من الطوائف التي تشكل المجتمع اللبناني الكثير،وربما يستغرب البعض ذلك ومعروفون بالاسم من مسيحيين ومسلمين بكل مذاهبهم وطوائفهم، وليس غريبا عندما يجلس المواطن العربي ليسمع المقابلات التي تتم على محطتي المنار الاسلامية والنيو.ت.ف الماركسية/الاثنتان وجهان لعملة واحدة هي الوطن والمقاومة/مع العديد من رجال الدين والسياسة اللبنانيين على اختلافهم وهم على الأغلب مؤيدين لحزب الله ،وخاصة في حربه الأخيرة مع اسرائيل لما كان لها من أثر إيجابي في حياة الناس لما حققته من كرامة خصت العرب في ساحة وطنهم العربي كله.
حتى هذه اللحظة التي أكتب بها أعتقد أنه لايوجد حزب سياسي عربي في السلطة أو المعارضة استطاع أن يقترب ببنائه ولو تشابهاً بحزب الله.
تأسست الأحزاب السياسية على عقائد مختلفة والهدف الأول لها استلام السلطة لأنها لاتتمكن من التغيير/حسب آراء قيادييها/إلا إذا كانت في السلطة..!! وما أن يصل هذا الحزب أو ذاك إلى السلطة حتى تبدوا مشاريعه بوضوح عن حزب كل عقيدته وفكره السياسي وحراكه في المجتمع كان الغاية منه السلطة والغنائم من وراءها، والأمثلة كثيرة ومعروفة ، وأي مُعترض على هذا البرنامج الجليل يدفع هذا الحزب العظيم بإصدار قراراته التي تقضي بالسجن والتصفية لقائلي الّلأ ،أو أخف العقوبات وهي تسريحهم من العمل لمخالفتهم نظرية الحزب الثورية،فتبدأ رحلة التخوين للرفاق الذين يعترضون على سياسة الحزب بعد استلامه السلطة، حيث تكون المخالفات بالذروة وتهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للوطن.
رحلة من التخوين المتبادل بين الحزب الحاكم والأحزاب المعارضة كل يصف الآخر بما يُبرر استمرار الحاكم في السلطة،وطموح المعارضين إما للسلطة أو للحرية التي تُعتبر الأساس في الابداع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
بالمقارنة بين آلية وجود حزب الله وبين آلية وجود الأحزاب العربية، ومقارنة أخرى بين أداء حزب الله وأداء الأحزاب العربية نخلص إلى نتيجة: أن هم حزب الله المواطن والوطن والاستقلال والحرية،بينما هم الأحزاب العربية التناحر وإثبات الوجود كل على حساب الآخر أيا كان، دون الالتفات إلى القضايا الأساسية وهي هذا الانسان الذي يطمح للكرامة والاستقرار المُنفتح الذي تصنعه الحرية وليس المخابرات ولاكذب المُنظرين.
حزب الله مثّل نبض المواطن العربي البسيط في الكرامة أولاً فأخرجه من غياهب ثقافة الهزيمة وأقنعه أنه يمكن القتال مع اسرائيل ويمكن التوازن معها ويمكن الانتصار عليها أيضا،وذلك عندما يتفرغ الوطنيون في الأحزاب الحاكمة لما تفرغ له حزب الله،وأن تًعيد الأحزاب السياسية المعارضة قراءتها بغاية تحقيق الأولويات ليس على مبدأ لاصوت يعلوا فوق صوت المعركه، بل لاصوت يعلوا فوق صوت الناس الباحثين عن حقوقهم في الاقتصاد والسياسة والكرامة،تلك الأصوات التي تؤسس للانتصار في كل المعارك ومنها العسكرية،هكذا هو إنسان حزب الله..مؤمن بعقيدته..واع لها..يعرف ماذا يريد..وماله وماعليه،بينما إنسان الأحزاب العربية إما مُتماه بالسلطان أو بمعارضه،لايملك حرية القول أو النقد لأنه من المحرمات.
بعد الحرب التي خاضها حزب الله صارت المنطقة العربية قاب قوسين أو أدنى من التهديد بتغيير قادم سيفرضه الأمريكان باسم مجلس الأمن والأمم المتحدة بالقوة،وذلك بنفس طريقة التغيير التي أحدثوها في العراق التي قامت على الموت اليومي للعراقيين، وهذا سيتكرر في ديارنا رغماً عنا لذلك على من بيده القرار أن يبادر إلى المباشرة بالاقتراب الميداني من مجتمعه لتعزيز الاستعداد للمقاومة.
الفارق كبير بين العقل المؤسساتي الذي قاد حركة حزب الله من التأسيس وحتى المواجهة العسكرية،وبين العقل المؤسساتي المُدّعي والمُتوهم التأسيس لمجتمع أعظم ماأنتج له هزيمته الداخلية التي أسست لهزيمته الخارجية،والسبب في ذلك يعود إلى اغتراب المُنظّر والسياسي عن واقعهما فعاشا وهم المؤسسات الشكلانية وابتعدا عن المؤسسات الميدانية التي تُنتج عملاً على الأرض وهو المفقود في ثنايا ثقافتنا السياسية جميعاً دون استثناء.
حزب الله بما قدمه جعلنا كلنا عراة نفتقر لورقة التوت......هل تفيدنا تجربته السياسية بالحدود الدنيا؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يتجه الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على إسرائيل؟| المسائ


.. الأردن.. مخاوف من امتداد نفوذ إيران للمملكة الهاشمية؟




.. الأمريكية نيكي هايلي تكتب عبارة -أقضوا عليهم- على قذائف إسرا


.. اليمن.. غضب في عدن بسبب ارتفاع أسعار الخبز • فرانس 24 / FRAN




.. بدء فعاليات اليوم الثالث من -منتدى الإعلام العربي- في دبي| #