الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثامنة والعشرون
خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب
(Khalid Goshan)
2021 / 11 / 27
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
مهد للاحداث المثيرة والخواتيم القوية
أزرع الأدلة المهمة مبكرا
كانت تجربة شبابى المروعة أن قرأت " اليانصيب " لشيرلى جاكسون – قصة قصيرة ، بدؤها البراءة : " كان صباح اليوم السابع والعشرين من يونيو وضاحا مشمسا بتأثيرالدفء المنعش ليوم صيفى تماما ،كانت الأزاهير تفتح فى ترف وكان العشب أخضر بغزارة ".
لابد أننى فكرت على نحو : ما أحسنه من يوم لتنظيم يانصيب القرية السنوى . من سيكون الفائز ؟ بما سيفوز ؟ يتبين بعد ذلك ، بالطبع أن الفائزة هى " تيسى هاتشوتشنسون " التى كانت جائزتها الرجم حتى الموت ، كبش فداء لطاعة أهل القرية العمياء للتقاليد.
" صرخت السيدة هاتشنسون ، هذا ليس عدلا ، هذا ليس صوابا . فانكبوا عليها " . مازالت هذه الكلمات ترقى عمودى الفقرى زاحفة ، وان كانت قد مضت سنوات على مصادفتى اياها .
بيد ان الرجم " المفاجىء " مدلول عليه ، جلى ، فى فقرات القصة الاولى :
" كان بوبى مارتن قد ملا جيوبه بالحصوات ، وفى وقت قصير تبعه فى ذلك الاولاد الاخرون وهم يختارون من الحصوات أملسها وأكثرها استدارة "
قدرت أن تلك الحصوات كانت ، بلا شك ، قطع ألعوبة ما يلعبها الصبيان . لم يخطر فى بالى أنها كانت تنبىء بنهاية للقصة مستحيلة التصور .
شاهدت قبل فترة قصيرة فيلما ذكرنى بقوة الاستباق . وفرت الأدلة المزروعة فى القصة مقدما ما قد يصفه تعريف معجمى ب " إشارات التطور المبهمة " لأحداث مستقبلية مهمة .
نجد أحداثا مريعة تنقلب إلى ضدها فى هارى بوتر وسجين أزكابان عندما تكشف هرميون لهارى قدرتها على السفر عبر الزمن إلى الماضى ، بواسطة تعويذة تقلب الزمن تلبسها فى جيدها .
للوهلة الأولى يبدو انعطاف الحبكة مفاجئا . عند مشاهدتى الفيلم للمرة الثانية ، رأيت كيف أن المخرج يشير الى الزمن ، لا سيما فى الصور المرئية للبندولات العملاقة والاٌليات الساعية الجسيمة .
قد يحتاج تقدير كل تأثيرات الاستباق فى الروايات والأفلام الى مرات عده من القراءات أو المشاهدات . ويصبح الاسلوب الفنى أكثر شفافية فى أعمال أقصر طولا . تأمل هذه القصيدة السردية ، " العم جيم " ، لبيتر مينكة :
ما يذكره الأطفال عن العم جيم
هو أنه على قطار الرحلة الى رينو ليتمم طلاقه
كى يتمكن من الزواج ثانية
قابل امرأة أخرى وأفاق فى كاليفورنيا .
قضى سبع سنوات فى حل ذاك الحلم
لكن رجلا يستطيع أن يغنى مثل العم جيم
مقدرله أن يتورط بين فينة واخرى
كان يتوقع ذلك وكنا نتوقع ذلك .
قالت أمى إن ذاك لأنه كان الأبن الاوسط
وقال أبى ، نعم ، أينما وجدت مشكلة
ستجد جيم فى وسطها .
عندما فقد صوته فقد كل صوته
عند سكين الجراح ورفض الحنجرة
التى حاولوا زرعها . فى الحقيقة رفض
تقريبا كل شيىء . قالوا ، أنظر
الامر فى يدك . كم عاما
تريد أن تحيا ؟ والعم جيم
رفع إصبعا واحدا
إصبعه الأوسط .
يعطينا الشاعر شعرا ذا مغزى قد مهد له بالاستباق فى المقطع الذى يتوسط القصيدة . جيم هو الطفل الأوسط ، ويتوسط المشكلات دوما ؛إذا لم لا يرفع ذاك الإصبع الإوسط فى النهاية ؟
الاستباق فى القصة ؟ نعم . فى الفيلم ؟ نعم . فى القصيدة السردية ؟ نعم . فى الصحافة ؟ دعنا نرى .
فى العام 1980 اصطدمت ناقلة نفط ضخمة بجسر مديد قرب بلدتى ، مدمرة أكثر من ألف قدم من مسافة امتداد الجسر ، ملقية بحافلة وبضع سيارات مسافة مائتى قدم إلى قاع خليج تمبا ، وقتلت أكثر من ثلاثين شخصا .
كان جين ميلر العظيم من صحيفة ميامى هيرالد فى البلدة لمهمة أخرى ، ونجح فى العثور على سائق سيارة انزلقت حتى توقفت على بعد أربعة وعشرين إنشا من الحافة المسننة . هنا مقدمته جديرة بالذكر – على هامش القصة الأساسية :
أوشك ريتشارد هورنبكل – تاجر سيارات ، ولاعب غولف ، ومعمدانى – الجمعة أن يقود سيارته البويك سكار لارك الصفراء خارج جس الشمس المشرقة طريق السماء نحو خليج تامبا لولا أن توقفت قبل مسافة قدمين .
تلك الجملة البسيطة تحوى سبعا وعشرين كلمة ، ولكن كل واحدة منها تعمل على تطوير القصة . فى البداية يستغل ميلر لقب بطل القصة غير المألوف – هورن بوكلى – فى المجاز الخاص بالسيارات .
سينتهى المطاف بالقصة الى ان تصبح حكاية سيارات يسوق سيارة مستعملة ذات مكابح جيدة . وميلر – وهو أستاذ فى التفاصيل يكسب فى عداد المسافات مقدارا لا بأس فيه من خلال " يويك سكاى لارك الصفراء " . تتناسب كلمة " الصفراء " مع الشمس المشرقة ، وتتناسب كلمة سكاى لارك مع " سكاى وارى " أنه يلعب بالكلمات .
بيد أن المتعة الحقيقية تأتى مع تلك الأسماء الثلاثة التى تقع بعد الفاعل ، لأن كلا منها استباق لخط سرد فى القصة .
تجهز عبارة " تاجر سيارات " توصيفا خاصا بجدول اعمال هورنبكل وكيف انتهى به الأمر الى الحضور فى ذلك المكان يومئذ .وتعمل عبارة " لاعب غولف " على اعدادنا لتلك الخطة الجنونية حيث يعود هورنبكل – فى أثناء هروبه من السيارة – لجلب عصى الغولف من الصندوق .
( من المحتمل أن تكون كرته علت هضبة التبت لاحقا يومئذ ). كذا تفسح كلمة " معمدانى " المجال لاقتباس ملتو ، حيث يقسم المؤمن الممانع الذى عاد ناجيا أنه سيحضر الى الكنيسة فى الصباح التالى .
" تاجر سيارات ، ولاعب غولف ، ومعمدانى " . يتوارث هذا الأسلوب فى أدب المسرح اسك " سلاح تشيخوف " . كتب الكاتب المسرحى الروسى أنطون تشيخوف فى رسالة خطها فى العام 1889 : " لا ينبغى للمرء أن يضع بندقية مشحونة على المسرح إن لم يكن هناك من يفكر فى أن يطلقها " .
اختم كلامى بالحديث عن استراتيجية أسميها " فخذ خروف هيتشكوك " تخبر حلقة بتاريخ 1958 من سلسلة ألغاز ألفرد هيتشكوك عن قصة ربة بيت حامل تقتل زوجها الخائن باستخدام فخذ مجمد لخروف ، ثم تطعم المحققين أداة الجريمة .إن الأحاث فى هذه الكوميديا السوداء التى كتبها روالد دال منبأ عنها فى العنوان ، " خروف للمذبحة " .
والى الاداة التاسعة والعشرون فى مقال قادم
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صدمة في طهران.. لماذا يصعب الوصول لطائرة رئيسي؟
.. نديم قطيش: حادث مروحية رئيس إيران خطر جديد على المنطقة
.. البحث مستمر على طائرة رئيسي.. 65 طاقم إنقاذ وكلاب خاصة| #عاج
.. تحديد موقع تحطم طائرة رئيسي -بدقة-.. واجتماع طارئ للمسؤولين
.. مسيرة تركية من طراز- أكنجي- تشارك في عمليات البحث عن مروحية