الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلاّ مخططنا ومصارفنا!

عادل صوما

2021 / 11 / 27
الصحافة والاعلام


بدأ المسلمون الذين لا ينتمون لإيديولوجية أصحاب "الصحوة الإسلامية" الهادفين إلى أستاذية الكوكب وإقامة الخلافة الاسلامية، يدركون لامعقولية هذه الإيديولوجية التي لا علاقة لها بالايمان، وتناقضها مع وقائع الدنيا ونسبة عدد المسلمين وقوتهم فيها، ناهيك عن فشل أصحابها عندما وصلوا للحكم.
الامر واضح منذ عشرة سنوات، والهجوم الجسدي واللفظي على من ينتمون للإخوان المسلمين، والنساء اللاتي يخلعن الحجاب، وزيادة نسبة المرتدين عن الاسلام والملحدين، والمتعاطفون مع المناهضين لهذه الصحوة، يزدادون ويعلو صوتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. وما حدث في مصر ويحدث على مستوى الشارع في تونس والسودان يشير بوضوح إلى رفض الناس لمنتوجات الصحوة ورجالها.
على مستوى الحكام المسلمين ما زال إردوغان ينكر سكرات موت اقتصاده، ويعيش أضغاث أحلام عودة الخلافة العثمنلية، لكن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان رضخ جزئياً لهذه الحركة المناهضة لتعيش السعودية في عصر الواقع، ففتح المملكة للعديد من الأساليب الحديثة، وأصدر لوائح مكافحة الإرهاب التي تعاقب "الدعوة إلى الفكر الإلحادي بأي شكل من الأشكال، أو التشكيك في أصول الدين الإسلامي الذي يقوم عليه هذا البلد"، ما يعني أن بن سلمان يحارب الإلحاد بقانون مكافحة الإرهاب. حتى الرئيس عبد الفتاح السيسي أبدى تعاطفاً مع هذه الحركة، رغم ما يُقال عن "سلفيته".
المثير في الاتجاه الإسلامي المناهض للمستفيدين من الإسلام سياسياً أنه يقتصر على البلدان ذات الأغلبية المسلمة، أما بين الأقليات المسلمة في الغرب، فالمستفيدون من الاسلام سياسياً يستمرون في النمو، وأصبح لديهم القوة السياسية أو المالية التي تتيح لهم التضييق على أي برنامج تلفزيوني أو على السوشيال ميديا، أو أي اتجاه تنويري أو شخص عَلماني يناهضهم، لأن قوانين الغرب نفسه تعطي لهم هذا الحق والقوة.
يهادن المستفيدون من الإسلام أحياناً لأن المعرفة والاتصالات ونجوم التواصل الاجتماعي يستحيل تكفيرهم على الطريقة القديمة، خصوصاً أن العلم بدأ يكشف عن معلومات تشكك في الروايات الدينية الأساسية مثل خلق الكون الذي لم يزل في حالة خلق لنفسه بنفسه، ومرويات الأساطير التي تبنتها الأديان لخلق الانسان التي تتهاوى أمام ما تؤكده الحفريات، ناهيك عن التنقيب وقراءات المخطوطات التي كُشفت، وبدأت تشير إلى زيف معظم الادبيات الإبراهيمية كافة، وتكشف أن كتابها ألفوا تاريخاً آخر غير التاريخ الحقيقي، واخترعوا أنبياء لا وجود لهم أحياناً، وأضافوا زمناً شبحياً لمروياتهم، لم يكن موجوداً في أزمنة الحضارات الحقيقية.
الصيحة الأولى
جنّد المستفيدون من الاسلام سياسياً أبواقاً تتحدث العربية لتشكك في ما يقوله العلم والتاريخ والفلك والبيولوجيا والمخطوطات، بدعوى المؤامرة على الإسلام، أو "ازدراء الأديان" أو "التطاول على الذات الإلهية"، وجندوا غربيين يتحدثون اللغات بدون لكنة للدعوة، واشتروا أقساماً في جامعات أو جامعات بأكملها لتدرّيس أدبياتهم، وحاربوا الفن والفكر الحر بتجنيد الشارع الاسلامي نفسه للقيام بمظاهرات تحت صيحة "إلاّ رسول الله".
لكنهم، على طريقة أحبار اليهود الذين تآمروا لصلب المسيح خوفاً من غروب نفوذهم بعد اسبوع واحد فقط على حادثة قلبه لموائد الصيارفة الشهيرة وطردهم من المعبد، يحاربون من يقف أمام تمدد مخططاتهم السياسية، خصوصاً في الغرب، أو إمبراطورتيهم المالية العالمية، لكن ليس بالتآمر عليه بالصلب أو الاغتيال حتى لا ترتفع الأصوات ضدهم، لكن بالتبليغات عن معلومات غير صحيحة لأصحاب وسائل التواصل الاجتماعي، وهم أصحاب أسهم فيها، لوقف أي برنامج يهدد نفوذهم السياسي أو إمبراطوريتهم المالية.
حسب رأيي الشخصي حدث هذا الامر مع حامد عبد الصمد، الذي تركوه يقول ما يشاء عن العقيدة وصاحبها وأخلاقه، لكنهم خططوا أثناء آخر عشرين حلقة في برنامجه "صندوق الإسلام"، التي كُشف فيها تفاصيل مخطط المستفيدين من الإسلام سياسياً للسيطرة على أوروبا وكندا واستراليا، من خلال ضيوف مسلمين عَلمانيين يعيشون في هذه الدول، كما قال عبد الصمد بوضوح أن هناك عشوائيات متشددة مغلقة في أوروبا تتاجر في المخدرات والسلاح والدعارة ويخشى حتى البوليس الدخول إليها، وهذه العشوائيات تتمدد وتتكاثر، علاوة على ما قاله عن سكان أشباه تلك المدن المُغلقة واستفادتهم من المخصصات الاجتماعية ومراوغة ديموقراطيات الغرب، وانتبه بعض متابعي برنامجه من المغزى السياسي الواضح، لدرجة أنهم كتبوا تعليقات مطالبين ترجمة بعض الحلقات، ربما حتى يفيق بعض زعماء الغرب من حلم يقظة قوة التعددية في مجتمعاتهم.
توقف "الصندوق" بعد هذه الحلقات وأبدله عبد الصمد بصندوق ثانٍ لم يُكتب له نجاح الصندوق الأول. ورأيي الشخصي هو أن حامد عبد الصمد دخل في دائرة مخططات الأخوان السياسية في الغرب، فحدثت تدخلات أو تبليغات وتوقف البرنامج، لكن حامد عبد الصمد الذي يعيش في ألمانيا ويسافر تحت حراسة مشددة، لم يقل أي شيء لأن ديموقراطية ألمانيا قد تؤذيه أو تصمته بدعوى العنصرية!
الصيحة الثانية
صاحب قناة "آخر اسطورة" كان أكثر صراحة، فسجل آخر حلقة للبرنامج بعدما أخبره المسؤولون على أكبر الشركات العالمية للبث أن حسابه سوف يتم إغلاقه، بسبب تبليغات زعمت أن ما يقدمه على قناته "إحتيالي".
تركوه أيضاً يقول ما شاء عن المقدسات والمحرمات والاديان والشخصيات الدينية والعصور الإسلامية، ثم بدأت التبليغات من أبواق ومتنفذين مستفيدين من الاسلام سياسياً، بعد حلقاته عن "البنوك الإسلامية" التي بيّن فيها بالأدلة المادية الملموسة زيف ما تدعيه، لأنها، حسب ما شرح، تتعامل بالربا لكن بطريقة مختلفة، وتستغل الناس بنكهة دينية احتيالية مستغلة الدين من أجل مراكمة رأسم المال والأرباح وخداع البسطاء.
كشف صاحب برنامج "آخر اسطورة" المستور عن الإمبراطورية المالية للمستفيدين من الإسلام سياسياً، التي تدل مضابط الشرطة الدولية والمحلية على تورط ميليشيات عقائدية وحكام دول إسلامية يتاجرون بالحبوب المخدرة والأفيون والسلاح وتهريب المهاجريين غير الشرعيين والمضاربة على العملات، وكلها لا علاقة لها بأخلاق أو صلوات أو روحانيات المؤمنين العاديين، فحورب تحت صيحة الصفوة الرأسمالية المتنفذة "إلاّ البنوك الإسلامية".
وماذا بعد؟
الغرب يتدهور رغم كل مظاهر قوته ورفاهه، لأنه يُحكم برؤساء لا كاريزما أو رؤية وطنية أو اجتماعية لديهم، علاوة على تفريغه من أي عقيدة فكرية تعيش من أجلها مجتمعاته الاستهلاكية المترهلة، التي ظهر عوضاً عنها تفاهات فكرية عقيمة، وترف نفايات السفسطة الذي يؤدي إلى تفريغ النفس من أي معنى أو قيمة أو ايمان، أو حتى بأهمية بناء أسرة، وسط سونامي حريات منفلتة ستكون نتيجتها المؤكدة لامبالاة بكل شيء حتى بالحياة والخطر الذي يحدق بالأوطان التي تحولت إلى سوبر ماركت كبير.
هناك قوتان هما الصين والمستفيدين من الإسلام سياسياً تعلمان حقيقة "رجل القرن الواحد والعشرين المريض اللامبالي"، وتخططان للسيطرة على أشلاء ثقافته الغاربة وأصوله وممتلكاته، وهو أمر حدث مرات كثيرة في التاريخ.
الصين تعلم مَن ينافسهاً تماماً، وهي تملك صناعات المستقبل ويملك غيرها عبادة الماضي، ناهيك عن ضعضعة المرويات السماوية في عصر الحقائق العلمية والتاريخة والفلكية، واستحالة حشد الناس والمقاتلين حولها كما حدث في أزمنة سابقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النموذج الأولي لأودي -إي ترون جي تي- تحت المجهر | عالم السرع


.. صانعة المحتوى إيمان صبحي: أنا استخدم قناتي للتوعية الاجتماعي




.. #متداول ..للحظة فقدان سائقة السيطرة على شاحنة بعد نشر لقطات


.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال الإسرائيلي تكثف غاراتها على مخي




.. -راحوا الغوالي يما-.. أم مصابة تودع نجليها الشهيدين في قطاع