الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة قانونية للقواعد الإجرائية في ضوء قرار الهيئة القضائية للانتخابات العدد 1631/2021

سالم روضان الموسوي

2021 / 11 / 27
دراسات وابحاث قانونية


قراءة قانونية للقواعد الإجرائية
في ضوء قرار الهيئة القضائية للانتخابات العدد 1631/2021

أصدرت الهيئة القضائية للانتخابات في محكمة التمييز الاتحادية الموقرة قرارها العدد 1631/الهيئة القضائية للانتخابات/2021 في 25/11/2021 والذي قضت فيه برد احد الطعون بنتائج انتخابات تشرين الأخيرة، والقرار أعلاه قد وردت فيه بعض الإجراءات التي لم نكن نعهدها في السابق ولأن محكمة التمييز الاتحادية هي الهيئة الأعلى في القضاء الاعتيادي، وان مبادئها تعد سوابق قضائية، أما عن الموضوع الذي كان محل الطعن فهو قرار ملزم للجميع ويحترم من الجميع ولا غبار على ذلك، لأنه من صلاحية الهيئة القضائية التي نصت عليها المادة (19) من قانون مفوضية الانتخابات رقم 31 لسنة 2019 ، لكن لابد من الوقوف على تلك القواعد الإجرائية الجديدة على العرف القضائي بقراءة قانونية فقهية تحليلية لأنها من المستجدات في فقه المرافعات الذي يمثل العمود الفقري للقواعد الإجرائية، والأصل الذي تتفرع منه سائر النصوص الإجرائية، وسيكون العرض على وفق الاتي:
أولا: طبيعة الهيئة القضائية للانتخابات والإجراءات التي تتخذها:
1. ان تلك الهيئة تعد احدى هيئات محكمة التمييز الاتحادية الموقرة وانها جهة طعن وليس محكمة موضوع بمعنى إنها تتولى تدقيق قرارات مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات وعلى وفق ما ورد في المادة (19/أولاً) من قانون المفوضية وعلى وفق النص الاتي (يشكل القضاء الأعلى هيئة قضائية للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرعين لا يقل صنف أي منهم عن الصنف الأول للنظر في الطعون المحالة إليها من مجلس المفوضين أو المقدمة من المتضرر من قرارات المجلس مباشرة إلى الهيئة القضائية) وقراراتها باتة ونهائية على وفق ما ورد في المادة ذاتها.
2. في قانون المرافعات المدنية إشارة واضحة إلى إن مصطلح قرار يفيد الحكم النهائي أحياناً حيث جاء في نص المادة (210) مرافعات الآتي (بعد إكمال التدقيقات التمييزية تصدر المحكمة المختصة بنظر الطعن قرارها على احد الوجوه التالية) بمعنى إن محكمة التمييز تصدر قراراً في الطعن المقدم إليها ولا تصدر فيه حكماً لكن من حيث النتيجة هذا القرار حاسم ونهائي ولا يمكن الرجوع عنه إلا عن طريق الطعن فيه بالتصحيح على وفق حكم المادة (219) مرافعات اذا كان قابلا للتصحيح أما قرار الهيئة القضائية للانتخابات بات ونهائي ولا يقبل التصحيح وهذا ما أقرته الهيئة الموسعة المدنية في قرارها العدد 1631/الهيئة الموسعة المدنية/2020 في 16/2/2020، ثم يصدر القرار بعد المداولة والتدقيق في المستندات والطلبات المرسلة طي الطلب دون مرافعة ودون جلسة علنية وليس بمخاصمة بين طرفي النزاع وهذا ما أشارت إليه الفقرة (1) من المادة (209) مرافعات التي جاء فيها الآتي (تنظر المحكمة المختصة بنظر الطعن في الطعن بإجراء التدقيق على أوراق الدعوى دون ان تجمع بين الطرفين ولها ان تتخذ أي اجراء يعينها على البت في القضية.).
3. ان الهيئة القضائية الموقرة قد تصدت لطعن مقدم من احد المرشحين للانتخابات يخاصم فيه قرار مجلس المفوضين لعدم قناعته بما جاء فيه وقد أشار قرار الهيئة أعلاه إلى ذلك عندما كتب اسم الطاعن وهو المرشح واسم المطعون ضده وهو قرار مجلس المفوضين المؤرخ في 10/10/2021 ونتيجة ذلك الطعن أصدرت قرارها العدد 1631/الهيئة القضائية للانتخابات/2021 في 15/11/2021 الذي قضت فيه بنقض قرار مجلس المفوضين أعلاه، وكان النقض قد قضى بإلغاء نتائج محطتين من محطات الاقتراع وعدم احتساب نتائجها لأنها أغلقت بعد انتهاء الوقت المحدد، وهذا النقض كان يتعلق بأصل الطعن ولم يتعلق باي إجراء من الإجراءات التي اتخذتها المفوضية كما لم يرد في أي توجيه للمفوضية بالتحري او التحقيق في نقطة معينة وإنما كان حاسم بإلغاء محطتين وعدم احتساب الأصوات التي فيها.
4. ثم أصدرت الهيئة الموقرة ذاتها قرار اخر بذات العدد السابق 1631/الهيئة القضائية للانتخابات/2021 ولكن بتاريخ اخر وهو 25/11/2021 وقضت فيه برد الطعن الوارد في القرار السابق وعلى النقيض مما ورد فيه حيث اعتبرت عملية التصويت صحيحة ولا موجب لإلغاء تلك المحطات وعلى وفق ما جاء فيه (إذ أوضح مجلس المفوضين بأن جميع أجهزة الاقتراع في محطات الاقتراع في المحافظات كافة مبرمجة للغلق ذاتيا في الساعة السادسة مساء، ولا يمكن التصويت بعد هذا الوقت، ولا وجود لأي تأخير فيها حسب تقرير غلق يطبع آنيا بوساطة جهاز التحقق ويوقع من مدير موظفي محطة الاقتراع المرفقة صورة منه بكتاب الإيضاح، ولم يسبق للمفوضية ربط هذا التقرير باضبارة الطعن، وإما طباعة تقرير النتائج في جهاز العد والفرز الإلكتروني، فيكون بوقت وتاريخ لاحق على وقت وتاريخ غلق المحطة ويختلف من جهاز إلى آخر وسبب ذلك أنه يتم تزويد الجهاز باستمارة التسوية والمطابقة وعدد الأوراق غير المستخدمة)
ثانياً: الملاحظات الفقهية على الإجراءات القضائية:
ان المتعارف عليه في عمل هيئات محكمة التمييز عندما تصدر قرار معين فانه يسجل برقم محدد في سجلات الهيئة القضائية ومن ثم وتعاد إضبارة القضية او الدعوى محل الطعن إلى محكمتها او الجهة التي ارسلتها ابتدأً مشفوعة بقرار الهيئة التميزية، فاذا كان قضى بالتصديق ينتهي الحال وتودع الاضبارة في مخزن تلك الجهة إما اذا كان بالنقض فيفتح الباب مجدداً وتتخذ المحكمة الجهة المطعون بقرارها إجراءاتها من جديد في ضوء قرار النقض، ومن ثم تصدر قرار جديد ويكون خاضع للطعن مرة أخرى وعندما ترسل الاضبارة الى في المرة الثانية فان الهيئة التمييزية تسجله برقم جديد ويصدر فيه قرار جديد يحمل رقم اخر ولا علاقة له باي قرار سابق، حتى لو كان الذي قضى بالنقض، لكن الذي حصل في قرار الهيئة القضائية للانتخابات يختلف عن أي إجراء متعارف عليها والذي اصبح من الثوابت القضائية، وللأسباب الاتي :
1. إنها تصدت لموضوع لم يكن محل طعن في المرة الثانية ، حيث ان المفوضية لم تصدر أي قرار جديد ولم يتم الطعن فيه من الطاعن وإنما المفوضية ربطت الاضبارة بتقرير جديد وأرسلته الى الهيئة القضائية توضح فيه إجراءاتها تجاه المحطات الملغاة، ثم نظرت الهيئة القضائية بالموضوع من جديد، دون وجود طاعن جديد وعلى وفق ما ورد في قرارها المؤرخ في 25/11/2021، حتى انها لم تكتب القرار اسم الجهوة المطعون فيها وإنما دخلت في الموضوع مباشرةً وتطرقت الى كتاب المفوضية، وهذا لا يجوز.
2. ان القرار الأول المؤرخ في 15/11/2021 اصبح ذو حجة على الكافة عملاً بأحكام المادة (105) من قانون الإثبات وانه ملزم للجميع وتبقى أحكامه مرعية ما لم ينقض أو يبطل وعلى وفق ما جاء في المادة (160/3) مرافعات التي جاء فيها الاتي (الحكم الذي صدر من المحكمة يبقى مرعياً ومعتبراً مالم يبطل أو يعدل من قبل المحكمة نفسها او يفسخ أو ينقض من محكمة أعلى فأنها وفق الطرق القانونية)، والقرار اللاحق المؤرخ في 25/11/2021 والمنشور في وسائل الإعلام لم ترد فيه أي إشارة إلى إبطال أو الغاء القرار السابق إطلاقاً. فضلاً عن استقرار الهيئة الموسعة في محكمة التمييز ذاتها التي اعتبرت قرار الهيئة القضائية بات ولا يجوز إعدامه أو الغائه إطلاقاً وعلى وفق ما جاء في قرارها العدد 61/الهيئة الموسعة المدنية/2020 في 16/2/2020 الذي اعتبر قرارات الهيئة القضائية للانتخابات نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأي شكل من الأشكال (القرار منشور في الموقع الإلكتروني لمجلس القضاء الاعلى على الرابط الاتي (https://www.hjc.iq/qview.2546/) .
3. لا يوجد اي طعن جديد يعرض بموجبه الموضوع مرة أخرى على الهيئة القضائية، وإنما عرض الموضوع بناء على كتاب من المفوضية وليس طعن وعلى وفق ما ورد في قرار الهيئة القضائية المؤرخ في 25/11/2021 ، وهذا لا يجوز بموجب الأعراف القضائية التي رسمتها محكمة التمييز الاتحادية ذاتها منذ ان تأسست ولغاية الآن، لان الهيئة القضائية هي محكمة قانون تتولى تدقيق القرارات والأحكام المطعون فيها، ولا يكون إلا اذا تم الطعن من احد الأطراف أو اذا كانت الهيئة القضائية لها صلاحية طلب اي إضبارة من تلقاء نفسها وهذا الحال لا يكون الا بوجود نص قانوني صريح، ومثال ذلك صلاحية محكمة التمييز الاتحادية في طلب أي إضبارة تتعلق بالقضائية الجزائية حصراً وعلى وفق ما ورد في المادة (264/1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 التي جاء فيها الاتي (إضافة إلى الأحكام المتقدمة يجوز لمحكمة التمييز ان تطلب أية دعوى جزائية لتدقيق ما صدر فيها من أحكام وقرارات وتدابير وأوامر من تلقاء نفسها او بناء على طلب الادعاء العام او أي ذي علاقة ويكون لها في هذه الحالة السلطات التمييزية المنصوص عليها في هذا الفصل، غير انه ليس لها ان تقرر اعادة اوراق الدعوى لادانة المتهم او تشديد عقوبته الا اذا طلبتها خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور القرار او الحكم) وموضوع الطعن في قرارات مفوضية الانتخابات لا يعتبر من القضايا الجزائية إطلاقاً، وإنما يكون على وفق قواعد المرافعات الواردة في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل وقانون مفوضية الانتخابات رقم 31 لسنة 2019، وتلك القوانين ليس فيها ما يجيز للهيئة القضائية ان تطلب النظر في قرار المفوضية من تلقاء نفسها، كما لا يوجد أي نص في قانون المفوضية يتيح لها ان ترسل أي قرار إلى الهيئة القضائية، إلا بموجب طعن في قرار من قراراتها، بينما لاحظنا في قرار الهيئة القضائية المؤرخ في 25/11/2021 ان الأمر عرض بموجب تكليف مجلس المفوضين لرئيسه بإرسال توضيح إلى الهيئة القضائية حول قرارها المؤرخ في 15/11/2021 ويذكر ان قرار التكليف لم يصدر بالإجماع وإنما بالأكثرية بمعنى ان بعض الأعضاء لم يوافق على هذا الإجراء، ولا يوجد في قانون المفوضية أي نص يمنح مجلس المفوضين إرسال توضيح للهيئة القضائية حول قرار صدر عنها، فضلا عن ذلك فان المفوضية جهة ملزمة بتنفيذ قرارات الهيئة القضائية وليس لها ان تناقش ما ورد فيها.
4. ان الهيئة القضائية للانتخابات عندما أصدرت قرارها الأول المؤرخ في 15/11/2021 والذي قضى بإلغاء محطتين من محطات الاقتراع بناء على قناعاتها وليس بموجب تقرير فني من جهة فنية مختصة، بينما موضوع برمجة صناديق الاقتراع أمور فنية بحتة يجب اللجوء إلى الخبراء المختصين عند التطرق اليها وهذا ما رسمته المادة (132) من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل التي جاء فيها الاتي (تتناول الخبرة الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى دون المسائل القانونية.) كما وجد ان الهيئة القضائية قد اعتمدت في قرارها اللاحق المؤرخ في 25/11/2021 على توضيح مفوضية الانتخابات في ما يتعلق بالجوانب الفنية لبرمجة صناديق الاقتراع، وهذا خلاف ما ورد في قانون الإثبات لان المفوضية هي جهة خصم في الطعن الذي تنظره الهيئة القضائية، فكيف يتم الاعتماد على قولها والطاعن يطعن فيه، وإنما لابد من اختيار خبراء مختصين من جهة حيادية وعلى وفق ما رسمته المادة (133) من قانون الإثبات التي جاء فيها الاتي (اذا اقتضى موضوع الدعوى الاستعانة براي الخبراء كلفت المحكمة الطرفين بالاتفاق على خبير او اكثر على ان يكون عددهم وترا ممن ورد اسمه في جدول الخبراء او ممن لم يرد اسمه في هذا الجدول، وعند عدم اتفاق الطرفين على خبير معين تتولى المحكمة تعيين الخبير) والهيئة القضائية لها الصلاحية في دعوة طرفي الطعن والاستماع اليهم والاستيضاح منهم عن أي نقطة ولها ان تتخذ أي أجراء يعينها على البت في القضية وعلى وفق ما ورد في المادة (209) مرافعات التي جاء فيها الاتي (1 - تنظر المحكمة المختصة بنظر الطعن في الطعن بإجراء التدقيق على اوراق الدعوى دون ان تجمع بين الطرفين ولها ان تتخذ أي اجراء يعينها على البت في القضية. 2 - للمحكمة المختصة بنظر الطعن عند الاقتضاء ان تدعو الخصوم للاستيضاح منهم عن بعض النقاط التي ترى لزوم الاستيضاح عنها، ولها ان تأذن بتقديم بيانات او لوائح جديدة)
الخلاصة: ان خلاصة تلك القراءة الفقهية والقانونية لقرارات الهيئة القضائية للانتخابات يتمثل في مواكبة مستجدات الفقه القانوني في ضوء الاجتهاد القضائي لأعلى محكمة في سلم محاكم القضاء الاعتيادي والتي تعتبر الحارس الأمين على الحقوق والمكلفة بتوضيح الغامض من الأمور وعلى وفق ما ذكره القاضي الدكتور عبدالرزاق عبدالوهاب رئيس محكمة التمييز الاتحادية الأسبق في كتابه الموسوم (الطعن في الاحكام بالتميز في قانون المرافعات المدنية) ومحاولة معرفة الاتجاهات التي تعتمدها في التعامل مع الأمور المستحدثة في المنظومة القانونية العراقية ويبقى الأمر المعروض وجهة نظر قابلة للنقض ولإثبات العكس وأتمنى على كل الأفاضل من المختصين ان يبينوا أي وجهة نظر أخرى مخالفة لما عرضته وبيان السند القانوني أو الدستوري والله ولي التوفيق.
قاضٍ متقاعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال متضامنين وفض مخيم داعم لفلسطين أمام البرلمان الألماني


.. الحكم بإعدام مغني إيراني بتهمة «الإفساد في الأرض»




.. Students in the USA are protesting in support of Palestinia


.. إسرائيليون يتظاهرون قرب منزل بيني غانتس لعقد صفقة تبادل أسرى




.. برنامج الغذاء العالمي يحذر من المجاعة في شمال قطاع غزة... فك