الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء من الذاكرة - سيرة - 13

ناس حدهوم أحمد

2021 / 11 / 28
الادب والفن


شيء من الذاكرة - سيرة - 13 –

بنت العم البدوية اليتيمة /

على حين غرة وبدون إشعار أو إخبار . كان ذلك أثناء إقامتنا بحي بالينيو وكنت أدرس في القسم الثالث أو الرابع من التعليم الإبتدائي . لما دخلت البيت فوجئت بفتاة بدوية تقبع وحدها في حجرة يلفها الصمت ربما شعرت بأنها في مكان غريب عنها . سألت والدتي من تكون هذه الفتاة . أخبرتني والدتي بأنها بنت عمي جاءت لتعيش معنا لأنها يتيمة وكان ذلك إرادة ورغبة من والدي الذي كان دائما يحب عائلته ويعطف عليها . فعلا أصبحت الفتاة واحدة من أهل البيت لا فرق بينها وبين الأبناء وذلك ما رأيته ولمسته عن كثب من خلال معاملة والدي لها كواحدة من أبنائه . وكان هذا الطبع ليس غريبا عني . لأن والدي كما كنت أدرك جيدا . دمث الأخلاق والمعاملة . ليس مع الأسرة فحسب بل مع الناس جميعا .لا أدري كم عاشت بنت عمي اليتيمة معنا بالضبط ولكن ربما لبعض السنوات القليلة ليحدث الخلاف أو الشقاق بينها وبين والدتي. أذكر كيف حدث التغيير فجأة لما أمرت والدتي بنت عمي بحمل العجين إلى فرن الحي القريب من البيت . وكنت أنا أجلس القرفصاء بزاوية مقعد البيت . فجاء الجواب منها قائلة/ ليحمله أحمد إلى الفرن . فردت والدتي بشكل من القسوة / وأنت ماذا تعمل هنا ؟ أو مادورها في البيت ؟ فردت هي الأخرى على أمي بنوع من التحدي / إنني في دار عمي .



أعجبت أنا بشدة بجواب بنت عمي وأحسست بالسعادة من أجلها وقمت وحملت العجين نحو الفرن . كان ما حدث بداية الصراع إلى أن وصل إلى الطريق المسدود . والغريب في الأمر هو أنني أحسست بالتعاطف مع اليتيمة على حساب والدتي . ووصل الأمر إلى الطريق المسدود / إما أنا أو هي / قالت أمي لوالدي . فوصل الأمر إلى خطر الطلاق . وتدخل أحد الجيران إسمه - الغزاوي - كان رجلا فاضلا سلوكه دائما كان سلوكا خيريا مع الناس جميعا فكان يرافق جنازات كل من توفي من أهل الحي . قال لوالدي / كيف ياأخي " الخمار " تشرد عش الأولاد من أجل واحدة ؟ هذا ليس من حقك . قال أبي / إنها إبنة أخي اليتيمة / فقال الرجل الفاضل / ولكنها واحدة وأفراد أسرتك سبعة أفراد . فهذا لا يجوز . ولنبحث عن حل آخر .
عدت من المدرسة في اليوم الموالي فلم أجد اليتيمة في البيت . سألت عنها فقيل لي بأن والدي نقلها إلى بيت صديقه وشريكه سيدي الغالي إنقادا للموقف وعلاجا للأزمة . وكنت أعرف أنها في البيت الجديد ستكون بخير وتمنيت أن أزورها يوميا للإطمئنان عليها . فقد كنت أحبها كأنها شقيقتي . ولاحظت أن أبي عندما كان يعود من عمله في آخر المساء كان سباقا لزيارتها أولا قبل عودته إلى بيت أسرته . ولا زلت أذكر كم كان يسعدني هذا السلوك فقد كنت راضيا عنه في قرارة نفسي . كنت مثل أبي أقف إلى جانب اليتيمة إبنة عمي .




وقد لاحظت ذلك والدتي وربما هذا كان سببا لقساوتها علي . فوالدي أثناء الخلاف توجه إلي بهذا السؤال / أتذهب معي ياأحمد أم تبقى مع والدتك وإخوتك ؟ قلت له سأذهب معك ولكن بالإشارة من رأسي فقط . لا أدري كيف حصل وعادت اليتيمة إلى مسقط رأسها بعد أن زوجها والدي بإبن عمي الآخر _ علي بن اعمر – الذي باع أرض والدي جميعها في غيبة وليس بأمر من والدي . إنه إبن العم الخائن للأمانة . وربما هذا سبب عدم نجاح الزواج بينه وبين اليتيمة بنت عمي من شقيق آخر لوالدي . لكنها بعد الطلاق حسب ما قيل لي تزوجت رجلا مقعد ولكنه ثري .
وزارتنا هذه اليتيمة مرة واحدة بعد موت والدي بسنين عديدة ورأيتها تنظر إلى صورته على الجدار وتبكي بحرقة شديدة . كما رأيت أيضا سيدي الغالي البقالي صديق والدي وشريكه يبكي بعد موته وقد أسدل قب جلبابه على وجهه كما يفعل الرجال حينما يبكون في صمت . - يتبع - .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر